الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرة في غزوة الفتح. اهـ.
160 -
الجواب عما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يتوهم منه أنه أول من حرم المتعة:
أما ما ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه قال: «متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنا أنهى عنهما متعة النساء ومتعة الحج (1) » . فقد رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 7 ص 206 من حديث همام عن قتادة عن ابن نضرة عن جابر رضي الله عنه، قال:«قلت: إن ابن الزبير ينهى عن المتعة وإن ابن عباس يأمر بها، قال: على يدي جرى الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر رضي الله عنه فلما ولي عمر خطب الناس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرسول وإن هذا القرآن هذا القرآن، وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما؛ إحداهما: متعة النساء ولا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته بالحجارة، والأخرى متعة الحج افصلوا حجكم من عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم (2) » رواه البيهقي هكذا، وقال: أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن همام، ثم أجاب عنه البيهقي بقوله: نحن لا نشك في كونها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنا وجدناه نهى عن نكاح المتعة عام الفتح بعد
(1) مسند أحمد بن حنبل (1/52) .
(2)
مسند أحمد بن حنبل (1/52) .
الإذن فيه، ثم لم نجده أذن فيه بعد النهي عنه حتى مضى لسبيله صلى الله عليه وسلم، فكان نهي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن نكاح المتعة، موافقا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذنا به، ولم نجده صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة الحج في رواية صحيحة عنه، ووجدنا في قول عمر رضي الله عنه ما دل على أنه أوجب أن يفصل بين الحج والعمرة ليكون أتم لهما فحملنا نهيه عن متعة الحج على التنزيه وعلى
اختيار الإفراد على غيره لا على التحريم، وبالله التوفيق. اهـ.
وأجاب شيخ الإسلام ابن تيمية في ج 2 في منهاج السنة ص 156 عما يتعلق من الحديث المذكور بنهي عمر عن متعة النساء بقوله: " وأما ما ذكره الرافضي من نهي عمر عن متعة النساء، حيث قال الرافضي: استمرت - أي المتعة - زمن النبي صلى الله عليه وسلم ومدة خلافة أبي بكر وبعض خلافة عمر إلى أنه صعد المنبر وقال: متعتان كانتا محللتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنهما، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه حرم متعة النساء بعد الإحلال (1) » . هكذا رواه الثقات في الصحيحين وغيرهما عن الزهري عن عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما محمد بن الحنفية «عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لابن عباس رضي الله عنه لما أباح المتعة: إنك امرؤ تائه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم المتعة ولحوم الحمر الأهلية عام خيبر (2) » رواه عن الزهري أعلم أهل زمانه بالسنة وأحفظهم لها أئمة الإسلام في زمنهم مثل مالك بن أنس وسفيان بن عيينة، وغيرهما ممن اتفق على علمهم وعدلهم وحفظهم، ولم يختلف أهل العلم بالحديث في أن هذا حديث صحيح متلقى بالقبول، ليس في أهل العلم من طعن فيه. وكذلك ثبت في الصحيح أنه حرمها في غزوة الفتح إلى يوم القيامة " واستمر
(1) صحيح البخاري الحيل (6961) ، صحيح مسلم النكاح (1407) ، سنن الترمذي النكاح (1121) ، سنن النسائي النكاح (3366) ، سنن ابن ماجه النكاح (1961) ، مسند أحمد بن حنبل (1/142) ، موطأ مالك النكاح (1151) ، سنن الدارمي النكاح (2197) .
(2)
صحيح البخاري المغازي (4216) ، صحيح مسلم النكاح (1407) ، سنن الترمذي النكاح (1121) ، سنن النسائي النكاح (3365) ، سنن ابن ماجه النكاح (1961) ، مسند أحمد بن حنبل (1/142) ، موطأ مالك النكاح (1151) ، سنن الدارمي النكاح (2197) .
شيخ الإسلام إلى أن قال: " فأهل السنة يتبعون عمر وعليا رضي الله عنهما وغيرهما من الخلفاء الراشدين فيما رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم. والشيعة خالفوا عليا فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم واتبعوا قول من خالفه " اهـ.
أما ما رواه مسلم في صحيحه قال: " حدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: «كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (1) » . فقد أجاب ابن القيم: وعما ثبت من قول عمر: «متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهى عنهما: متعة النساء ومتعة الحج (2) » أجاب عنهما في زاد المعاد في هدي خير العباد. بقوله في فوائد
(1) قصة عمرو بن حريث المشار إليها في هذا الحديث قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ج 9 ص 172: أخرجها عبد الرزاق في مصنفه بهذا الإسناد عن جابر قال: قدم عمرو بن حريث الكوفة فاستمتع بمولاة، فأتى بها عمر وهي حبلى فسأله فاعترف، قال: فذلك حين نهى عنها
(2)
مسند أحمد بن حنبل (1/52) .
صفحة فارغة
فتح مكة: " الناس في هذا طائفتان، طائفة تقول: إن عمر هو الذي حرمها ونهى عنها، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع ما سنه الخلفاء الراشدون، ولم تر هذه الطائفة تصحيح حديث سبرة بن معبد في تحريم المتعة عام الفتح، فإنه من رواية عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده، وقد تكلم فيه ابن معين، ولم ير البخاري إخراج حديثه في صحيحه مع شدة الحاجة إليه، وكونه أصلا من أصول الإسلام، ولو صح عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به، قالوا: ولو صح حديث سبرة لم يخف على ابن مسعود حتى يروي أنهم فعلوها، ويحتج بالآية
أي قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (1) وأيضا لو صح لم يقل عمر: إنها كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنها وأعاقب عليها، بل كان يقول: إنه صلى الله عليه وسلم حرمها ونهى عنها، قالوا: ولو صح لم تفعل على عهد الصديق وهو عهد خلافة النبوة حقا. والطائفة الثانية رأت صحة حديث سبرة ولو لم يصح، فقد صح حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «حرم متعة النساء (2) » فوجب حمل حديث جابر على أن الذي أخبر عنها بفعلها لم يبلغه التحريم، ولم يكن قد اشتهر حتى كان زمن عمر رضي الله عنه، فلما وقع النزاع ظهر تحريمها واشتهر وبهذا تأتلف الأحاديث الواردة فيها، وبالله التوفيق. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في ج 9 من فتح الباري ص 172 نقلا عن البيهقي: " ثبت نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها - أي متعة النساء - في حديث الربيع بن سبرة بن معبد عن أبيه بعد الإذن فيه ولم نجد عنه الإذن فيه بعد النهي عنه، فنهي عمر موافق لنهيه صلى الله عليه وسلم، ثم قال الحافظ: " قلت: وتمامه أن يقال: لعل جابرا ومن نقل عنه استمرارهم
(1) سورة المائدة الآية 87
(2)
صحيح البخاري المغازي (4216) ، صحيح مسلم النكاح (1407) ، سنن الترمذي النكاح (1121) ، سنن النسائي النكاح (3365) ، سنن ابن ماجه النكاح (1961) ، مسند أحمد بن حنبل (1/79) ، موطأ مالك النكاح (1151) ، سنن الدارمي النكاح (2197) .