الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انتقل سليمان العبد الله الصبيحي من بريدة إلى المدينة المنورة وتوفي فيها وأنا لا أعرفه وكانت وفاته في عام 1390 هـ، وتوفي محمد العبد الله الصبيحي في بيروت عام 1370 هـ ولهما أخٌ اسمه فهد توفي في الجوف وهو قادم من الأردن قبل وفاة أخويه في وقت لم أعرفه، وموت الإخوان الثلاثة كل واحد في بلد بعيد عن مكان موت الآخر يعطينا دليلًا على ما يقاسيه أهل بريدة في طلب العيش في هذه الأرض الفسيحة (1). انتهى.
أقول: عرفت سليمان بن عبد الله الصبيحي هذا عندما جاء مع أخ له وولد شاب معهما أظنه ابنًا لأحدهما وسكنوا المدينة المنورة وفتحوا لهم حوانيت يبيعون الملابس والأقمشة، وكنت آنذاك أسكن في المدينة المنورة.
الصَّطَّامي:
أسرة صغيرة جدًّا من أهل الشقة جاءوا إليها من حائل.
وأسرتهم معروفة هناك منهم، محمد الصطامي الذي قتله محمد بن هندي في وقعة عروى التي جرت بين محمد بن عبد الله بن رشيد ومن معه من أهل حائل وبين قبائل عتيبة التي فيها الفارس المشهور محمد بن هندي - وذلك في عام 130 هـ وكان مع ابن رشيد حسن المهنا أبا الخيل أمير القصيم، وجيش من أهل القصيم عندما كانت العلاقات جيدة بين الطرفين، وذلك قبل وقعة المليدا التي هزم فيها أهل القصيم وأنهت حكم حسن المهنا.
وكان جدي الأقرب عبد الرحمن بن عبد الكريم العبودي حاضرًا في تلك الوقعة وقال جدي فيما حدثني أبي عنه:
(1) ملامح عربية، ص 18 - 22.
بينما كنا جالسين في الدير أو الحلقة مع محمد بن رشيد وحسن المهنا وكبار قومهم والدير الحلقة التي يجلس عليها القوم في الصحراء من عادتهم أن لا يكون احد منهم خلف صاحبه في الجلوس بل يصيرون حلقة واحدة على هيئة هلال بين رأسه كبير القوم، وكبرائهم.
قال: وذلك خلال المعارك التي كانت تجري بين عتيبة وبين محمد بن رشيد ومن معه من أهل القصيم قبل المعركة الفاصلة التي انتهت بهزيمة عتيبة بسبب وجود جيش أهل القصيم معه كما قال شاعر عتيبة:
ما قلَّ دلَّ، وزبدة الهرج فيشان
…
والهرج يكفي صامله عن كثيره
لولا حسن اقبل بذربين الايمان
…
صارت عليكم يا ابوماجد كسيره
يريد حسن المهنا وذربين الإيمان: الذين معه من أهل القصم.
قال: فلما صار صاحب القهوة يريد صب القهوة أخذ ابن رشيد في يده فنجالًا من القهوة، ورفعه قائلًا: من يشرب فنجال محمد بن هندي؟ يريد من يتحدى الفارس المشهور محمد بن هندي شيخ قبيلة عتيبة؟
قال: فسكت الناس، فقال: ابن رشيد من يشرب فنجال محمد بن هندي؟ يريد بذلك ما هو معروف عندهم من أن شرب فنجال الرجل معناه تحديه والاستعداد لمبارزته في القتال.
فسكتوا، وفي المرة الثالثة قال (الصطامي): أنا، فأعطاه ابن رشيد الفنجال قائلًا: الله يعينك عليه، فشرب الفنجال.
قال وكان في الجيش بعض الأوباش الذين لا يؤبه لهم من أهل المنطقة من الأعراب المحايدين فابلغوا ابن هندي بأن (الصطامي) شرب فنجاله.
وفي صباح اليوم التالي وكان القوم متصافين: ابن رشيد ومن معه في جهة وقبائل عتيبة في جهة مقابلة فركب الصطامي حصانًا له وهو فارس معروف.
ودخل الميدان قائلًا بأعلى صوته:
وين محمد بن هندي؟
من شاف محمد بن هندي؟
قال جدي: فبرز محمد بن هندي من جهة جيش عتيبة لأنه كان عارفًا بالموضوع مستعدة، وكان ابن هندي على فرس: أنثى من الخيل - وهي أصغر قليلًا في الحجم من حصان الصطامي، ولكن المعروف أن الفرسان من الأعراب يدربون خيولهم على الكر والفر حتى تعرف الخيل مضامين كلامهم.
قال: فأقبل ابن هندي على فرسه، فلما رآه الصطامي قصده وهو بحصانه بأقصي ما يستطيع من الطرد ليصل إليه، ولكن ابن هندي انهزم بفرسه، فقال العارفون بالأمر منا: إنه يستطرد له أي يريد أن يبعده عن الميدان القريب من قومه.
فتبعه الصطامي ولا يزال ابن هندي يبتعد عن المنطقة القريبة من جيش ابن رشيد.
فلما رأى الصطامي أنه قد أبعد عن جماعته وأنه إذا استمر في ذلك سوف يصل إلى جيش عتيبة، وربما رماه بعضهم ببندق أو نحوها مع أن مبارزة الفرسان في العادة لا يكون فيها ذلك.
فانصرف الصطامي بحصانه بأقصى جريه عائدًا إلى مكانه الأول، فانحرف إليه ابن هندي بسرعة قال جدي: ولم أشبه فرس ابن هندي إلا بالعقاب وهو نوع من الصقور لشدة جريها فلحق به بسرعة وقد انحنى الصطامي إلى عنق الفرس شأن من يريد من الفرس أن تركض به.
قال: فوقف ابن هندي على الركابات وهي التي يضع من يريد أن يركب على الحصان قدميه عليها والفرس في أقصى جريها، وكان معه سيف فضرب الصطامي به مع ظهره لأنه الذي كان يليه ضربة جعلت النصف الأعلى من جسمه يميل عن الأسفل لشدتها، إذ قطعت ظهره.
قال: وأسرع حصان الصطامي يجري به يريد أن يلحق بالخيل التي ألفها، مع أن الصطامي قد مات بسرعة من هذه الضربة فقال ابن رشيد: غطوه، غطوه، والله يا من شاف صوابه هذا، أي الإصابة التي لحقت به، إنه ما يهوش الخيل في حياته! ! !
قال جدي: وكان الصطامي فارسًا معروفًا ولكن (ما مع الما مويهات) ماهوب مثل محمد بن هندي في الفروسية، وبخاصة أنه خدعه (والحرب خدعة).
ومن أسرة (الصطامي) المتأخرين فهد بن محمد الصطامي له شعر عامي نشرت الصحف بعضه، منه ما نشرته جريدة الرياض بعددها الصادر في 20 ربيع الأول عام 1415 هـ:
ما جيت اسولف جيت انا طالب الثار
…
هذي جروحك وانت عطني حناني
غلطان من يزرع وفا داخل النار
…
واكبر غلط رسمك بداخل كياني
غنيت باسمك يوم دمعي لك أوتار
…
واليوم ابنسى معك ذاك المكان
واشعل حروفي والتحف في ذرا الغار
…
ما دام حرفي جاه منك امتهان
لا تندهش لو سقت لي احلى الاعذار
…
عندي مناعة ما أقدر أرجع واعاني