المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ووصفهم سبحانه بتسع صفات كما ذكر الرازي، وقال القرطبي: وصف - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ١٩

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الفرقان

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌إنزال القرآن ووحدانية الله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مطاعن المشركين في القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الشبهة الأولى:

- ‌الشبهة الثانية:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طعن المشركين في النبي المنزل عليه القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إنكار المشركين يوم القيامة وحالهم فيه ومقارنتهم بأهل الجنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الصفة الأولى:

- ‌الصفة الثانية:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال الكفار مع معبوداتهم يوم القيامة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بشرية الرسل

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طلب المشركين إنزال الملائكة عليهم أو رؤية اللهوالإخبار بإحباط أعمالهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رهبة يوم القيامة وهوله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌هجر الكفار القرآن ومطالبتهم بإنزاله جملة واحدة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الشبهة الخامسة لمنكري نبوة محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصص بعض الأنبياء وعقوبات مكذبيهم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌القصة الأولى-قصة موسى وهارون عليهما السلام:

- ‌القصة الثانية-قصة نوح عليه السلام:

- ‌القصة الثالثة-قصة عاد وثمود وأصحاب الرّس:

- ‌القصة الرابعة-قصة لوط عليه السلام:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌استهزاء المشركين بالنبي صلى الله عليه وسلم وتسمية دعوته إضلالا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أولها:

- ‌ثانيها:

- ‌ثالثها:

- ‌أدلة خمسة على وجود الله وتوحيده

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جهل المشركين في عبادة الأوثان وتوجيه النبيوسبب جعل العبادة للرحمن

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفات عباد الرحمن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (68):

- ‌سبب نزول الآية (70):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الصفة الأولى:

- ‌الصفة الثانية:

- ‌الصفة الثالثة:

- ‌الصفة الرابعة:

- ‌الصفة الخامسة:

- ‌الصفة السادسة:

- ‌الصفة السابعة:

- ‌الصفة الثامنة:

- ‌الصفة التاسعة:

- ‌الصفة العاشرة:

- ‌الصفة الحادية عشرة:

- ‌سورة الشعراء

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مشتملاتها:

- ‌فضلها:

- ‌تكذيب المشركين بالقرآن وإنذارهم وإثبات وحدانية الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الأولىقصة موسى وهارون عليهما السلام مع فرعون وقومه

- ‌1 -امتنان فرعون على موسى بتربيته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -الجدل بين موسى وفرعون في إثبات وجود الله

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -معجزة موسى عليه السلام ووصف فرعون لها بالسحر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌4 -إيمان السحرة بالله في المبارزة الحاسمة في مشهد عظيم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌5 -نجاة موسى وقومه وإغراق فرعون وجنده

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌مقدمة لخروج بني إسرائيل من مصر:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الثانيةقصة إبراهيم عليه السلام

- ‌1 -التنديد بعبادة الأصنام وبيان صفات الرّب المستحق للعبادة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -دعاء إبراهيم عليه السلام دعاء المخلصين الأوّابين

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -أوصاف يوم القيامة وثواب الله وعقابه وندم المشركين على ضلالهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الثالثةقصة نوح عليه السلام مع قومه

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الرابعةقصة هود عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الخامسةقصة صالح عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة السادسةقصة لوط عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة السابعةقصة شعيب عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إنزال القرآن من عند الله لإنذار المشركين وبشارة المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني على نبوته صلى الله عليه وسلم وصدقه:

- ‌أحدها:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌آداب الداعية وواجباته

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌سيرته صلى الله عليه وسلم في التبليغ:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الرد على افتراء المشركين بأن النبي كاهن أو شاعر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌موقف الإسلام من الشعر:

- ‌سورة النمل

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مشتملاتها:

- ‌رسالة القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الأولىقصة موسى عليه السلام بالوادي المقدس

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌ثم أراه قدرته وأيده بالمعجزات، فقال تعالى:

- ‌المعجزة الأولى:

- ‌المعجزة الثانية:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الثانيةقصة داود وسليمان عليهما السلام

- ‌1 -نعم الله الجليلة عليهما

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌1 - تعليمه منطق الطير:

- ‌2 - جنود سليمان:

- ‌3 - قصة النملة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -قصة الهدهد مع سليمان عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -جواب بلقيس على كتاب سليمان عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌4 -إسلام بلقيس وولاؤها وزيارتها لسليمان عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خلاصة نعم الله تعالى على سليمان عليه السلام

- ‌القصة الثالثةقصة صالح عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الرابعةقصة لوط عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

الفصل: ووصفهم سبحانه بتسع صفات كما ذكر الرازي، وقال القرطبي: وصف

ووصفهم سبحانه بتسع صفات كما ذكر الرازي، وقال القرطبي: وصف تعالى عباد الرحمن بإحدى عشرة صفة حميدة من التحلّي والتخلّي، وهي:(التواضع، والحلم، والتهجد، والخوف، وترك الإسراف والإقتار، والنزاهة عن الشرك، والبعد عن الزنى والقتل، والتوبة وتجنب الكذب، والعفو عن المسيء، وقبول المواعظ، والابتهال إلى الله).

ثم بيّن الله تعالى جزاءهم الكريم وهو نيل الغرفة التي هي الدرجة الرفيعة، وهي أعلى منازل الجنة وأفضلها، كما أن الغرفة أعلى مساكن الدنيا

(1)

.

‌التفسير والبيان:

هذه صفات عباد الله المؤمنين عباد الرحمن الذين استحقوا أعلى الدرجات في الجنة، وهي في الجملة تسع صفات:

1 -

التواضع: {وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} أي وعباد الله المخلصين الربانيين الذين لهم الجزاء الحسن من ربهم هم الذين يمشون في سكينة ووقار، من غير تجبر ولا استكبار، يطؤون الأرض برفق، ويعاملون الناس بلين، لا يريدون علوّا في الأرض ولا فسادا، كما قال تعالى حاكيا وصية لقمان لابنه:{وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً، إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ} [لقمان 18/ 31].

وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا ورياء، وإنما بعزة وأنفة هي عزة المؤمن المتواضع لله وحده، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم إذا مشى كأنما ينحطّ من صبب

(2)

، وكأنما الأرض تطوى له.

(1)

تفسير القرطبي: 83/ 13.

(2)

أي كأنما ينحدر من مكان عال مرتفع.

ص: 105

وقد كره بعض السلف المشي بتضعف وتصنع، حتى روي عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا، فقال: مالك أأنت مريض؟ قال: لا، يا أمير المؤمنين، فعلاه بالدّرة، وأمره أن يمشي بقوة.

وإنما المراد بالهون هنا: السكينة والوقار، كما

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن أبي هريرة: «إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها، وعليكم السكينة، فما أدركتم منها فصلوا، وما فاتكم فأتموا» .

وروي أيضا أن عمر رضي الله عنه رأى غلاما يتبختر في مشيته، فقال: إن البخترة مشية تكره إلا في سبيل الله، وقد مدح الله أقواما فقال:{وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} فاقصد في مشيتك.

ونظير الآية قوله تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً، إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ، وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً} [الإسراء 37/ 17].

2 -

الحلم أو الكلام الطيب: {وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا: سَلاماً} أي إذا سفه عليهم الجهال بالقول السيء، لم يقابلوهم بمثله، بل يعفون ويصفحون، ولا يقولون إلا خيرا، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيده شدة الجاهل عليه إلا حلما، وكما قال تعالى:{وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص 55/ 28].

قال النحاس: ليس {سَلاماً} من التسليم، إنما هو من التسلّم، تقول العرب:

سلاما، أي تسلّما منك، أي براءة منك.

وروى الإمام أحمد عن النعمان بن مقرّن المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبّ رجل رجلا عنده، فجعل المسبوب يقول: عليك السلام-: «أما إن ملكا بينكما يذبّ عنك، كلما شتمك هذا، قال له: بل أنت، وأنت أحقّ به، وإذا قلت له: وعليك السلام قال: لا، بل عليك، وأنت أحق به» .

ص: 106

وقوله: {قالُوا: سَلاماً} يعني قالوا سدادا، أو ردوا معروفا من القول.

وقال الحسن البصري: قالوا: سلام عليكم: إن جهل عليهم حلموا، يصاحبون عباد الله نهارهم بما يسمعون.

هاتان صفتان بينهم وبين الناس وهما ترك الإيذاء وتحمل الأذى، ثم ذكر الله تعالى صفاتهم فيما بينه وبينهم فقال:

3 -

التهجد ليلا: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً} أي أن سيرتهم في الليل كسيرتهم في النهار، فنهارهم خير نهار، وليلهم خير ليل، فإذا أمسوا أو أدركوا الليل باتوا ساجدين قائمين لربهم، يصلّون بعض الليل أو أكثره، طائعين عابدين، كما قال تعالى:{كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات 17/ 51 - 18]، وقال سبحانه:{تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ} [السجدة 16/ 32]، وقال عز وجل:{أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً، يَحْذَرُ الْآخِرَةَ، وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر 9/ 39].

قال ابن عباس: من صلّى ركعتين أو أكثر بعد العشاء، فقد بات لله ساجدا وقائما.

4 -

الخوف من عذاب الله: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ: رَبَّنَا اصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ} أي والذين يخافون ربّهم ويدعونه في وجل، ويقولون في حذر: ربّنا أبعد عنا عذاب جهنّم وشدته، كما قال سبحانه:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا، وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ} [المؤمنون 60/ 23]. ثم ذكر تعالى أن علة سؤالهم ودعائهم شيئان:

الأول- {إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً} أي إن عذابا كان ملازما دائما للإنسان العاصي، لزوم الدائن الغريم لمدينه، أو هلاكا وخسرانا لازما.

ص: 107

الثاني- {إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً} أي إن جهنم بئس المنزل مستقرا ومنظرا يستقر فيه، وبئس المقيل مقاما. وهذا أمر لا شك فيه يعلمه كل من اكتوى بشيء من نار الدنيا.

5 -

الاعتدال في الإنفاق: {وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً} أي والذين إذا أنفقوا على أنفسهم أو عيالهم ليسوا بالمبذّرين في إنفاقهم، فلا ينفقون فوق الحاجة، ولا بالبخلاء، فيقصرون في حقهم وفيما يجب عليهم، بل ينفقون عدلا وسطا خيارا، بقدر الحاجة، وخير الأمور أوسطها، كما قال تعالى:{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ، وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} [الإسراء 29/ 17] أي الوسطية في الاعتدال، وترك الإسراف والتقتير.

وهذا أساس الاقتصاد وعماد الإنفاق في الإسلام،

روى الإمام أحمد عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من فقه الرجل قصده في معيشته» .

وروى الإمام أحمد أيضا عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عال من اقتصد» .

وروى الحافظ أبو بكر البزّار عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أحسن القصد في الغنى، وما أحسن القصد في الفقر، وما أحسن القصد في العبادة» .

فالتبذير سبب في ضياع مال الشخص ومال الأمة: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ} [الإسراء 27/ 17] ومن المعلوم أنه لا سرف في الخير، ولا خير في السرف، قال الحسن البصري: ليس في النفقة في سبيل الله سرف. وقال إياس بن معاوية: ما جاوزت به أمر الله تعالى فهو سرف. وقال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز حين زوّجه ابنته فاطمة: ما نفقتك؟ فقال له عمر:

الحسنة بين سيئتين، ثم تلا هذه الآية. وقال عمر بن الخطاب: كفى بالمرء سرفا

ص: 108

ألا يشتهي شيئا إلا اشتراه فأكله.

وفي سنن ابن ماجه عن أنس بن مالك قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من السّرف أن تأكل كل ما اشتهيت» .

ثم ذكر الله تعالى صفات سلبية بعيدة عن المؤمنين، وإنما هي من صفات المشركين والفاسقين فقال:

6 -

البعد عن الشرك والقتل والزنى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ، وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ} أي والذين لا يعبدون مع الله إلها آخر، فيجعلون مع الله في عبادتهم شريكا آخر، وإنما يخلصون له الطاعة والعبادة، ولا يقتلون النفس عمدا إلا بحق، كالكفر بعد الإيمان، والزنى بعد الإحصان، وقتل النفس بغير حق، ويكون القتل بحكم الحاكم أو القاضي لا برأي شخصي، ولا يزنون، وهذه أعظم الجرائم: الشرك، والقتل العمد العدوان، والزنى، والجريمة الأولى عدوان على الله، والثانية عدوان على الإنسانية، والثانية عدوان على الحقوق وانتهاك للأعراض.

فإذا جعلنا هذه الصفات ثلاثا، صارت إحدى عشرة، كما ذكر القرطبي. ثم توعد الله تعالى مرتكب هذه الجرائم فقال:

{وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً، يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً} أي ومن يفعل واحدة من تلك الجرائم الثلاث، يلق في الآخرة عقابا شديدا وجزاء إثمه وذنبه الذي ارتكبه، بل يضاعف له العذاب ضعفين بسبب انضمام المعصية إلى الكفر، ويخلد في نار جهنم أبدا مع الإهانة والإذلال والاحتقار، وذلك عذابان: حسي ومعنوي.

ثم فتح الله تعالى باب التوبة للترغيب في الإصلاح والعودة إلى الاستقامة فقال:

{إِلاّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً، فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ، وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} أي لكن من تاب في الدنيا إلى الله عز وجل عن جميع ذلك بأن أقلع عن

ص: 109

الذنب، وندم على المعصية، وكان مؤمنا مصدقا بالله ورسله واليوم الآخر، وعمل الصالحات، فأولئك يمحو الله عنهم بالتوبة السيئات، ويبدلهم مكانها حسنات بإثبات لواحق الطاعة، أو تنقلب تلك السيئات الماضية بنفس التوبة حسنات.

روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن السيئات تبدل بحسنات»

وروى أحمد والترمذي والبيهقي عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» وهذا الحديث مؤكد لقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} [هود 114/ 11].

والخلاصة: في معنى قوله {يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ} قولان

(1)

:

القول الأول-أنهم بدّلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات. قال الحسن البصري: أبدلهم الله بالعمل السيء العمل الصالح، وأبدلهم بالشرك إخلاصا، وأبدلهم بالفجور إحصانا، وبالكفر إسلاما. أي أن التبديل يكون في الدنيا، وأثره في الآخرة.

والقول الثاني-أن تلك السيئات تنقلب بالتوبة النصوح نفسها حسنات، وما ذاك إلا لأنه كلما تذكر ما مضى ندم، واسترجع واستغفر، فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار، أي أن التبديل يكون في الآخرة.

والظاهر القول الأول، وأن التوبة تجبّ ما قبلها، وتفتح للتائب صفحة جديدة، فيثاب على الأعمال الصالحة، ويعاقب على السيئات، كغيره من المؤمنين.

{وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً، فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً} أي ومن تاب عن معاصيه، وعمل الأعمال الصالحة، فإن الله يقبل توبته، لأنه رجع إلى الله رجوعا مرضيا عند الله، فيمحو عنه العقاب، ويجزل له الثواب.

(1)

تفسير الرازي: 112/ 24، تفسير ابن كثير: 327/ 3.

ص: 110

وهذا تعميم لقبول التوبة عن جميع المعاصي، بعد تخصيص قبولها ممن تاب عن كبائر المعاصي السابقة التي هي الشرك والقتل العمد والزنى.

وللآية نظائر كثيرة، مثل قوله تعالى:{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ} [التوبة 104/ 9] وقوله سبحانه: {قُلْ: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر 53/ 39].

7 -

البعد عن شهادة الزور أو تجنب الكذب: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ، وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً} أي الذين لا يشهدون شهادة الزور وهي الكذب متعمدا على غيره، أو لا يحضرون مواضع الكذب، قال ابن كثير:

والأظهر من السياق أن المراد لا يحضرون الزور، ولهذا قال تعالى:{وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً} أي لا يحضرون الزور، وإذا اتفق مرورهم به مرّوا، ولم يتدنسوا منه بشيء. ونظير الآية:{وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ، وَقالُوا:}

{لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ} [القصص 55/ 28].

والواقع أن الآية تدل على أمرين: تحريم شهادة الزور وتجنب مجالس اللغو أو العفو عن المسيء، ويستدل بها الفقهاء على الأمر الأول، كما

ورد في الصحيحين عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثا، قلنا: بلى، يا رسول الله، قال:«الشرك بالله، وعقوق الوالدين» وكان متكئا فجلس فقال: «ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور» فما يزال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. وكان عمر بن الخطاب يجلد شاهد الزور أربعين جلدة، ويسخّم وجهه (يطليه بالسواد) ويحلق رأسه، ويطوّف به السوق.

8 -

قبول المواعظ: {وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً} أي والذين إذا ذكّروا بالآيات، أكبّوا عليها حرصا على استماعها،

ص: 111

وأقبلوا على من ذكّرهم بها بآذان صاغية واعية، وعيون مبصرة متفتحة، وقلوب مستوعبة، لا كالكفار والمنافقين والعصاة من المؤمنين إذا سمعوا كلام الله لم يتأثروا به، ولم يغيروا ما هم عليه، بل يستمرون على كفرهم وعصيانهم، وجهلهم وطغيانهم، كأنهم صمّ عمي، كما قال تعالى:{وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً، وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} .

{وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ، وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ} [التوبة 124/ 9 - 125].

9 -

الابتهال إلى الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ: رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ، وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً} أي والذين يبتهلون إلى ربّهم داعين الله أن يرزقهم زوجات صالحات وأولادا مؤمنين صالحين مهديين للإسلام يعملون الخير، ويبتعدون عن الشر، تقرّ بهم أعينهم، وتسرّ بهم نفوسهم، فإن المؤمن إذا رأى من يعمل بطاعة الله قرّت عينه، وسرّ قلبه في الدنيا والآخرة. ويدعونه أيضا أن يجعلهم أئمة يقتدى بهم في الخير واتباع أوامر الدين.

وبذلك أحبوا أن تتصل عبادتهم بعبادة زوجاتهم وذرياتهم، وأن يكون هداهم متعديا إلى غيرهم بالنفع فهم دعاة خير وبر، وذلك أكثر ثوابا، وأحسن مآبا.

روى مسلم في صحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» .

قال بعضهم: في الآية ما يدل على أن الرياسة في الدين يجب أن تطلب ويرغب فيها، قال إبراهيم الخليل عليه السلام:{وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} .

ثم ذكر الله تعالى جزاء المتصفين بتلك الصفات الإحدى عشرة فقال:

ص: 112

{أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا، وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً} أي أولئك المتصفون بتلك الصفات الجليلة، والأقوال والأفعال الحميدة يجزون يوم القيامة الغرفة أي الغرفات لقوله تعالى:{وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ} [سبأ 37/ 34] وهي المنازل العالية، والدرجات الرفيعة في الجنان، بصبرهم على القيام بها، ويلقّون في الجنة تحية وسلاما، أي يبتدرون فيها بالتحية والإكرام، ويعاملون بالتوقير والاحترام، فلهم السلام وعليهم السلام، كما قال تعالى:

{وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ} [الرعد 23/ 13 - 24]. ودلّ قوله: {بِما صَبَرْتُمْ} على أن الجنة بالاستحقاق.

ومفاد الآية أن الطائعين في نعيم الجنة مع التعظيم والاحترام، على عكس العصاة الذين يضاعف لهم العذاب، مع الإهانة والاحتقار.

{خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً} أي إن نعيمهم دائم لا ينقطع، فهم مقيمون في الجنان، إقامة مستمرة لا يحوّلون، ولا يموتون ولا يزولون عنها، ولا يبغون عنها حولا، حسنت منظرا، وطابت مقيلا ومنزلا، كما قال تعالى:

{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ، إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود 108/ 11].

والخلاصة: أن الله وعد عباد الرحمن بالمنافع الجلي في الجنة أولا، وبالتعظيم ثانيا، ثم بيّن أن صفتهما الدوام:{خالِدِينَ فِيها} ، والخلوص أيضا {حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً} .

{قُلْ: ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ} أي إن الله غني عن عباده، وإنما كلفهم لينتفعوا، وعذبهم لعصيانهم، فلا يبالي بهم ولا يكترث إذا لم يؤمنوا به ولم يعبدوه، فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرة وأصيلا، كما قال سبحانه:{وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات 56/ 51].

ص: 113