الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} {غَيْرَ} إما صفة مصدر محذوف، أي فمكث مكثا غير بعيد، أو وصف لظرف محذوف، أي فمكث وقتا غير بعيد.
{مِنْ سَبَإٍ} اسم مصروف للحي أو للأب، ومن قرأ بترك الصرف جعله اسما لقبيلة أو بلدة، فلم يصرف للتعريف والتأنيث. والصحيح أن {سَبَإٍ} اسم رجل، كما في كتاب الترمذي.
{أَلاّ يَسْجُدُوا} {أَلاّ} بالتشديد، أصلها «أن لا» وأن: في موضع نصب، لتعلقه ب {يَهْتَدُونَ} و (لا): زائدة. ومن قرأ بالتخفيف، جعل {أَلاّ} للتنبيه، وجعل (يا) حرف نداء، والمنادي محذوف، وتقديره: يا هؤلاء اسجدوا، فحذف المنادي لدلالة حرف النداء عليه.
البلاغة:
{أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ} {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ} {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} فيها مراعاة فواصل الآيات. {ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ} تعجب.
{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي} التأكيد المكرر للدلالة على العزم المشدد على الفعل.
{أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ} بينهما طباق السلب.
{مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ} جناس ناقص.
{تُخْفُونَ} {تُعْلِنُونَ} بينهما طباق.
{أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ} طباق بالمعنى، وهو أبلغ من المطابقة باللفظ؛ لأن الجملة الثانية اسمية، وهي تفيد الثبوت.
المفردات اللغوية:
{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} بحث عنه، والتفقد: طلب ما فقد، والطير: اسم جنس لكل طائر {ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ} تعجب من عدم رؤيته الهدهد، ظنا منه أنه حاضر محجوب عنه لساتر أو غيره. وأم منقطعة للإضراب، أي فلما لاح له أنه غائب، أضرب عن ذلك وقال: بل أهو غائب، كأنه يسأل عن صحة ما لاح له. {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً} أي تعذيبا شديدا كنتف ريشه وإلقائه في الشمس، فلا يمتنع من هوام الأرض لعجزه عن الطيران، أو كجعله في قفص {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} بقطع حلقومه، ليعتبر به غيره {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ} ببرهان بين ظاهر أو بحجة بينة على عذره.
{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} أي ظل الهدهد غائبا زمانا يسيرا ثم عاد، والمراد الدلالة على سرعة رجوعه خوفا منه {أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ} اطلعت على ما لم تطلع عليه، والإحاطة: العلم بالشيء من جميع جهاته، أي اطلع على حال سبأ. وفي هذا الخطاب تنبيه له على أن في أدنى خلق الله تعالى من أحاط علما بما لم يحط به، للدلالة على محدودية العلم عند سليمان {مِنْ سَبَإٍ} اسم مدينة في اليمن، والمراد أهلها، سميت باسم جد لهم وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان أبو قبيلة باليمن، فمن جعله اسما للقبيلة منعه من الصرف، ومن جعله اسما للحي أو الأب الأكبر، جعله مصروفا، ثم سميت مدينة مأرب بسبإ، وبينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث مراحل {بِنَبَإٍ يَقِينٍ} خبر مهم محقق.
{اِمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} اسمها بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن الريان، وضمير {تَمْلِكُهُمْ} لسبأ أو لأهلها {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} المراد كثرة ما أوتيت مما يحتاج إليه الملوك من الآلة والعدّة {وَلَها عَرْشٌ} هو سرير الملك {عَظِيمٌ} عظمه بالنسبة إليها أو إلى عروش أمثالها {يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ} أي كأنهم كانوا يعبدونها {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ} أي عبادة الشمس وغيرها من مقابيح أفعالهم {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} سبيل الحق والصواب {فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} إليه.
{أَلاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ} أي: أن يسجدوا له، فزيدت (لا) وأدغم فيها نون «أن» كما في آية {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ} [الحديد 29/ 57] أي ليعلم {الْخَبْءَ} المخبوء من كل شيء كالمطر والنبات وغيره من المغيبات، و {يُخْرِجُ الْخَبْءَ} يظهره، وهو يشمل إشراق الكواكب وإنزال الأمطار وإنبات النبات وإنشاء الأشياء وإبداعها {وَيَعْلَمُ} ما يخفون في قلوبهم {وَما تُعْلِنُونَ} بألسنتهم.
{اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} هو استئناف جملة ثناء، مشتمل على عرش الرحمن، في مقابلة عرش بلقيس، وبينهما بون عظيم {قالَ: سَنَنْظُرُ} أي قال سليمان للهدهد: سنتعرف {أَصَدَقْتَ} فيما أخبرتنا به {أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ} أي من هذا النوع، والتغيير من الجملة الفعلية إلى الاسمية للمبالغة، فالجملة الاسمية أبلغ من:«أم كذبت فيه» ولمراعاة الفواصل.
{اِذْهَبْ بِكِتابِي هذا} صورة الكتاب: من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ:
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين {فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} أي إلى بلقيس وقومها {ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ} انصرف أو تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه {فَانْظُرْ} تأمل وفكّر {ماذا يَرْجِعُونَ} ما يردّون من الجواب وماذا يقول بعضهم لبعض.