الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم خذله، أو أراد الجنس وكل من تشيطن من الجن والإنس.
والمعنى الأخير هو الأولى.
فقه الحياة أو الأحكام:
طلب المشركون إنزال الملائكة، فأبان سبحانه أنه يحصل ذلك في يوم له أربع صفات هي:
1 -
إن في ذلك اليوم تتشقق السماء بالغمام أي عن الغمام، لأن الباء وعن يتعاقبان؛ كما تقول: رميت بالقوس وعن القوس، روي أن السماء تتشقق عن سحاب أبيض رقيق مثل الضبابة، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم، فتنشق السماء عنه، وهو الذي قال تعالى:{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ} [البقرة 210/ 2]. وقوله: {تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ} جامع لمعنى الآيتين:
{إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار 1/ 82] وآية {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ} المذكورة.
وفي ذلك اليوم تنزل الملائكة من السموات إلى الأرض لحساب الثقلين.
ومعنى {تَنْزِيلاً} توكيد للنزول، ودلالة على إسراعهم فيه.
2 -
يكون الملك الثابت الدائم في ذلك اليوم لله الرحمن الرحيم، وهذا دليل الألوهية؛ لأن الملك الذي يزول وينقطع ليس بملك، فبطلت يومئذ أملاك المالكين وانقطعت دعاويهم، وزال كل ملك وملكه، وبقي الملك الحق لله وحده.
3 -
يكون هذا اليوم شديدا صعبا على الكافرين؛ لما ينالهم من الأهوال، ويلحقهم من الخزي والهوان، وهو على المؤمنين أخف من صلاة مكتوبة، كما دل الحديث المتقدم، وهذه الآية؛ لأنه إذا كان على الكافرين عسيرا، فهو على المؤمنين يسير.
4 -
إنه يوم يعض فيه الظالم الكافر وكل مكذب وطاغ على يديه، حسرة
وألما على ما فرط في دنياه، فلم يؤمن بربه وبالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فكلمة {الظّالِمُ} للعموم، يعم جميع الظلمة، ويشمل عقبة بن أبي معيط الذي همّ بالإسلام، فمنعه منه صديقه أمية بن خلف الجمحيّ، ويروى: أبي بن خلف أخ أمية. وعضّه يديه: فعل النادم الحزين لأجل طاعته خليله، وعدم اتخاذه في الدنيا طريقا إلى الجنة، فيدعو على نفسه بالويل والهلاك على محالفة الكافر ومتابعته، ويقول:{لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} عنى أمية، وكنى عنه ولم يصرح باسمه، لئلا يكون هذا الوعد مخصوصا به، ولا مقصورا عليه، بل يتناول جميع من فعل مثل فعلهما.
فهذه العبارات الثلاث: الظالم، وفلان، والشيطان عامة.
والخليل الصاحب قد يضل صاحبه عن ذكر الله والإيمان به والقرآن وموعظة الرسول صلى الله عليه وسلم.
والشيطان يوسوس ويغري بالكفر والشرك والمعصية، ثم يخذل أتباعه، والخذل: الترك من الإعانة، والتبرؤ من فعله. وكل من صدّ عن سبيل الله وأطيع في معصية الله، فهو شيطان للإنسان، خذول عند نزول العذاب والبلاء، كما قال تعالى:{كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ: اُكْفُرْ، فَلَمّا كَفَرَ قالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ، إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ} [الحشر 16/ 59].
وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك
(1)
، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد ريحا طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة»
(2)
.
وذكر أبو بكر البزّار
(1)
أحذاه: أعطاه.
(2)
وأخرجه أبو داود من حديث أنس.