الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم الصفا، فصعد عليه، ثم نادى:«يا صباحاه» فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه، وبين رجل يبعث رسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا بني عبد المطلب، يا بني فهر، يا بني لؤي، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم، صدقتموني؟» قالوا: نعم، قال:«فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم، أما دعوتنا إلا لهذا؟ وأنزل الله تعالى:{تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ، وَتَبَّ} [المسد 1/ 111].
ومنها:
ما رواه أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا، فعمّ وخصّ، فقال:«يا معشر قريش، أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني كعب، أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار. يا فاطمة بنت محمد، أنقذي نفسك من النار، فإني والله، لا أملك لكم من الله شيئا، ألا إن لكم رحما، وسأبلّها ببلالها» يريد: أصلكم في الدنيا ولا أغني عنكم من الله شيئا.
التفسير والبيان:
تضمنت هذه الآيات أوامر أربعة للنبي صلى الله عليه وسلم تتعلق بتبليغ رسالته وهي:
1 -
{فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ، فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} أي اعبد الله وحده لا شريك له، واحذر أن تدعو أو تعبد معه إلها غيره، فإن العبادة لا تكون إلا لله وحده بإخلاص، والشرك رأس المعاصي.
وهذا حثّ للرسول صلى الله عليه وسلم على زيادة الإخلاص في العبادة، فالله يعلم أنه لا يكون ذلك منه، ثم إنه بدأ بالأمر به؛ لأنه قائد الأمة، فكان ذلك في الحقيقة
توجيها وخطابا لغيره من الناس؛ لأن من شأن الحكيم إذا أراد أن يؤكد خطاب الغير أن يوجهه إلى الرؤساء في الظاهر، وإن كان المقصود بذلك هم الأتباع.
والخلاصة: أنه بدأ بالرسول صلى الله عليه وسلم فتوعده إن دعا مع الله إلها آخر، ثم أمره بدعوة الأقرب فالأقرب، فقال:
2 -
{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} أي خوف أقاربك في العشيرة بأس الله وعذابه لمن أشرك به سواه.
وهذا جزء من مهمته بإنذار البشر كافة من عذاب الله، كما قال تعالى:
{وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ، مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها} [الأنعام 92/ 6]، {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها، وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ} [الشورى 7/ 42]، {تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان 1/ 25].
ويأتي التبشير عادة مع الإنذار، كما ذكر في آيات كثيرة، منها:{فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ، وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا} [مريم 97/ 19]، ومنها:
{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ، وَسِراجاً مُنِيراً} [الأحزاب 45/ 33 - 46].
وروى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» .
ثم أمره ربه بالرفق بالمؤمنين، فقال:
3 -
{وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي ألن جانبك وارفق بأتباعك الذين آمنوا بك وصدقوك، فذلك أطيب لقلوبهم.
{فَإِنْ عَصَوْكَ، فَقُلْ: إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ} أي فإن عصاك أحد ممن