المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فقه الحياة أو الأحكام: - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ١٩

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الفرقان

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌إنزال القرآن ووحدانية الله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مطاعن المشركين في القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الشبهة الأولى:

- ‌الشبهة الثانية:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طعن المشركين في النبي المنزل عليه القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إنكار المشركين يوم القيامة وحالهم فيه ومقارنتهم بأهل الجنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الصفة الأولى:

- ‌الصفة الثانية:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال الكفار مع معبوداتهم يوم القيامة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بشرية الرسل

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طلب المشركين إنزال الملائكة عليهم أو رؤية اللهوالإخبار بإحباط أعمالهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رهبة يوم القيامة وهوله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌هجر الكفار القرآن ومطالبتهم بإنزاله جملة واحدة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الشبهة الخامسة لمنكري نبوة محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصص بعض الأنبياء وعقوبات مكذبيهم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌القصة الأولى-قصة موسى وهارون عليهما السلام:

- ‌القصة الثانية-قصة نوح عليه السلام:

- ‌القصة الثالثة-قصة عاد وثمود وأصحاب الرّس:

- ‌القصة الرابعة-قصة لوط عليه السلام:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌استهزاء المشركين بالنبي صلى الله عليه وسلم وتسمية دعوته إضلالا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أولها:

- ‌ثانيها:

- ‌ثالثها:

- ‌أدلة خمسة على وجود الله وتوحيده

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جهل المشركين في عبادة الأوثان وتوجيه النبيوسبب جعل العبادة للرحمن

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفات عباد الرحمن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (68):

- ‌سبب نزول الآية (70):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الصفة الأولى:

- ‌الصفة الثانية:

- ‌الصفة الثالثة:

- ‌الصفة الرابعة:

- ‌الصفة الخامسة:

- ‌الصفة السادسة:

- ‌الصفة السابعة:

- ‌الصفة الثامنة:

- ‌الصفة التاسعة:

- ‌الصفة العاشرة:

- ‌الصفة الحادية عشرة:

- ‌سورة الشعراء

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مشتملاتها:

- ‌فضلها:

- ‌تكذيب المشركين بالقرآن وإنذارهم وإثبات وحدانية الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الأولىقصة موسى وهارون عليهما السلام مع فرعون وقومه

- ‌1 -امتنان فرعون على موسى بتربيته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -الجدل بين موسى وفرعون في إثبات وجود الله

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -معجزة موسى عليه السلام ووصف فرعون لها بالسحر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌4 -إيمان السحرة بالله في المبارزة الحاسمة في مشهد عظيم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌5 -نجاة موسى وقومه وإغراق فرعون وجنده

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌مقدمة لخروج بني إسرائيل من مصر:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الثانيةقصة إبراهيم عليه السلام

- ‌1 -التنديد بعبادة الأصنام وبيان صفات الرّب المستحق للعبادة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -دعاء إبراهيم عليه السلام دعاء المخلصين الأوّابين

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -أوصاف يوم القيامة وثواب الله وعقابه وندم المشركين على ضلالهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الثالثةقصة نوح عليه السلام مع قومه

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الرابعةقصة هود عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الخامسةقصة صالح عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة السادسةقصة لوط عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة السابعةقصة شعيب عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إنزال القرآن من عند الله لإنذار المشركين وبشارة المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني على نبوته صلى الله عليه وسلم وصدقه:

- ‌أحدها:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌آداب الداعية وواجباته

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌سيرته صلى الله عليه وسلم في التبليغ:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الرد على افتراء المشركين بأن النبي كاهن أو شاعر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌موقف الإسلام من الشعر:

- ‌سورة النمل

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مشتملاتها:

- ‌رسالة القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الأولىقصة موسى عليه السلام بالوادي المقدس

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌ثم أراه قدرته وأيده بالمعجزات، فقال تعالى:

- ‌المعجزة الأولى:

- ‌المعجزة الثانية:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الثانيةقصة داود وسليمان عليهما السلام

- ‌1 -نعم الله الجليلة عليهما

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌1 - تعليمه منطق الطير:

- ‌2 - جنود سليمان:

- ‌3 - قصة النملة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -قصة الهدهد مع سليمان عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -جواب بلقيس على كتاب سليمان عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌4 -إسلام بلقيس وولاؤها وزيارتها لسليمان عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خلاصة نعم الله تعالى على سليمان عليه السلام

- ‌القصة الثالثةقصة صالح عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الرابعةقصة لوط عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

الفصل: ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الأدلة والمعجزات على الإيمان بالله والرسل.

{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} أي وإن الله تعالى لهو المنتقم من أعدائه، الرحيم بأوليائه المؤمنين. وهذا بشارة بالنصر للنبي صلى الله عليه وسلم في المستقبل القريب.

‌فقه الحياة أو الأحكام:

في هذا الفصل الخامس والأخير من قصة موسى وفرعون حسم الموقف حسما يظهر قدرة الله تعالى في أحلك الساعات وأشد الأزمات، ويبين مدى ضعف الاعتماد على القوة البشرية الظالمة في مواجهة قدرة الله تعالى واختراعه، أما عصا موسى فمجرد ضربها ليس بفارق للبحر إلا بما اقترن به من إظهار القدرة الإلهية، وهذا ما يجب التبصر به بالنسبة للكافرين غير المؤمنين الهازئين بتأثير العصا في فلق البحر اثني عشر طريقا يبسا.

ومن حكمته تعالى أن يستدرج الظالمين إلى الهاوية والهلاك، فيغرقهم جميعا ليكون عبرة للمعتبر، وأن يقود جيش الإيمان بقيادة نبيهم إلى ساحل النجاة، ليظهر فضله، وتمام نعمته عليهم، وكان بإمكان الله تعالى أن يهلك فرعون وجنوده في قلب مملكته وفي أرض دولته.

وإظهارا لتلك الحكمة وسنته تعالى في عباده لإنجاء المؤمنين المصدقين من أوليائه، المعترفين برسالة رسله وأنبيائه، وإهلاك الكافرين المكذبين لهم من أعدائه، أمر موسى عليه السلام أن يخرج ببني إسرائيل ليلا وسماهم عباده؛ لأنهم آمنوا بموسى، وأوحى إليه أن فرعون وجنوده سيتبعونهم ليردوهم إلى بلاد مصر، لإبقائهم عبيدا أرقاء.

فجمّع فرعون عساكره، وأعد جيشه في اليوم التالي لمسيرة موسى ببني إسرائيل ليلا، مستنفرا القوى العسكرية بأن هؤلاء طائفة قليلة حقيرة، وأنهم

ص: 161

أعداء لنا لمخالفتهم ديننا وذهابهم بأموالنا التي استعاروها كما تقدم بيانه، وأننا مجتمع أخذنا حذرنا وأسلحتنا.

وكان هذا الاستنفار تجريدا لهم من أرض مصر وما فيها من أشجار وأنهار ومنازل عالية، وجعل ممتلكاتهم إرثا مشروعا لبني إسرائيل الذين كانوا عبيدا أذلاء مستضعفين في مصر. قال الحسن وغيره: رجع بنو إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه. وقيل: أراد بالوراثة هنا ما استعاروه من حليّ آل فرعون بأمر الله تعالى. قال القرطبي: وكلا الأمرين حصل لهم، والحمد لله، أي فقد عادوا إلى مصر وأصبحوا قادتها وسادتها وملاكها.

وتبع فرعون وقومه بني إسرائيل حين أشرقت الشمس. وكان سبب تأخر فرعون وقومه إما اشتغالهم بدفن بناتهم الأبكار الذين ماتوا في تلك الليلة بسبب وباء وقع فيهم، وإما لأن سحابة أظلتهم وظلمة أعاقتهم، فما تقشعت عنهم حتى أصبحوا.

فلما تقابل الجمعان بحيث يرى كل فريق صاحبه، خاف أصحاب موسى، وقالوا: لقد قرب منا العدو ولا طاقة لنا به، فالعدو وراءنا والبحر أمامنا، وساءت ظنونهم، وقالوا لموسى على جهة التوبيخ والجفاء:{إِنّا لَمُدْرَكُونَ} فردّ عليهم قولهم وزجرهم وذكّرهم وعد الله سبحانه بالهداية والظفر، قائلا لهم:

{كَلاّ} لم يدركوكم {إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ} أي معي بالنصر على العدو، وسيدلني على طريق النجاة.

فلما عظم البلاء واشتدّ خوف بني إسرائيل، ورأوا من الجيوش ما لا طاقة لهم بها، أمر الله تعالى موسى أن يضرب البحر بعصاه؛ لأنه تعالى أراد أن تكون الآية متصلة بموسى ومتعلقة في الظاهر بفعل يفعله، وإلا فضرب العصا ليس بفارق للبحر، ولا معين على ذلك بذاته إلا بما اقترن به من قدرة الله تعالى

ص: 162

واختراعه، وجعل هذا من معجزات موسى عليه السلام.

ولما انفلق صار فيه اثنا عشر طريقا على عدد أسباط بني إسرائيل، ووقف الماء بينها كالجبل العظيم، وكأنه جمّد، فصار البحر طريقا يبسا بتأثير رياح لفحتها وجففتها وجعلتها كوجه الأرض، كما قال تعالى:{فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً، لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى} [طه 77/ 20].

وقرّب الله فرعون وقومه إلى البحر، والغيظ يملأ نفوسهم، ونار الحقد تغلي في قلوبهم كالمراجل، وأنجى موسى ومن معه أجمعين، ثم لما صار الآخرون في وسط البحر أطبقه عليهم وأغرقهم جميعا.

إنها آية وأي آية! عظة للمتعظ وعبرة للمعتبر المتأمل، حقا، إن الذي حدث في البحر آية عجيبة من آيات الله العظام الدالة على قدرته، وعلى صدق موسى عليه السلام من حيث كان معجزة له، وعلى اعتبار المعتبرين به أبدا.

وفي هذا تحذير شديد من الإقدام على مخالفة أمر الله تعالى، وأمر رسوله، ويكون فيه اعتبار وتسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يغتم بتكذيب قومه مع ظهور المعجزات، فلا تعجب يا محمد من تكذيب أكثر قومك لك، واصبر على إيذائهم، فلعلهم أن يصلحوا، لذا قال تعالى عقيب ذلك:

{وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} سواء من قوم فرعون أو من قوم موسى، فإنه لم يؤمن من قوم فرعون إلا مؤمن آل فرعون واسمه حزقيل، وابنته آسية امرأة فرعون، ومريم بنت ذا موسى العجوز التي دلت على قبر يوسف الصديق عليه السلام. وأما قوم موسى فبعد أن نجوا، عبدوا العجل، وقالوا:{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً} !! [البقرة 55/ 2].

ص: 163