الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مالا، فتمرد وأبى واستكبر، فيضربه ضربا وجيعا، ويقول له موبخا: هذا أطيب أم ذاك.
وهذا يدل على انتهاء حساب الخلائق في نصف يوم، كما
ورد في الحديث:
ونظير الآية قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ. هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ} [يس 55/ 36 - 56].
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يلي:
1 -
إن عدم الخوف من البعث ولقاء الله، أي عدم الإيمان بذلك هو سبب التمادي في إنكار صدق القرآن والنبي المنزل عليه، والعناد والإصرار على الكفر. ثم إن التستر على الكفر والدفاع عنه يجعل الكفرة يطالبون بما فيه تعجيز وشطط وخروج عن المألوف، مثل المطالبة بإنزال الملائكة عليهم لإخبارهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم صادق، أو رؤية الله عيانا لإخبارهم برسالته، كما قال تعالى حاكيا مطالبهم في آيات أخرى:{وَقالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} إلى قوله: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً} [الإسراء 90/ 17 - 92].
لذا قال الله تعالى في الآيات المفسرة هنا: {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً} حيث سألوا الله الشطط؛ لأن الملائكة لا ترى إلا عند الموت، والله تعالى لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، فلا عين تراه. وإذا لم يكتفوا بالمعجزات وهذا القرآن فكيف يكتفون بالملائكة؟ وهم لا يميزون بينهم وبين الشياطين.
2 -
إذا رؤيت الملائكة عند الموت، فتبشر المؤمنين بالجنة، وتضرب المشركين والكفار بمقامع الحديد حتى تخرج أنفسهم، وتقول الملائكة لهم:
{حِجْراً مَحْجُوراً} أي حراما محرما أن يدخل الجنة إلا من قال: لا إله إلا الله، وأقام شرائعها، وذلك القول يحصل عند الموت، كما روي عن ابن عباس وغيره.
وقيل: إن ذلك يوم القيامة.
3 -
إن جميع أعمال الكفار لا سيما التي اعتقدوا أنها برّ وخير، وظنوا أنها تقربهم إلى الله تعالى تكون يوم القيامة مهدرة باطلة لا جدوى فيها ولا نفع منها بسبب الكفر، ولأن قبولها يفقد الشرط الشرعي لها وهو الإيمان بالله وإخلاص العمل له. وقوله سبحانه:{وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ} تنبيه على عظم قدر يوم القيامة، ومعناه كما بينا: قصدنا في ذلك إلى ما كان يعمله المجرمون من عمل برّ عند أنفسهم.
4 -
أصحاب الجنة في مكان مستقر ومأوى ثابت، ومنزل حسن مريح طيب الإقامة، على النقيض من حال أهل النار. فقوله تعالى:{أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا، وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} كقوله: {قُلْ: أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} التقريع والتوبيخ، وإنما قال:{خَيْرٌ} ولا خير في النار والعذاب: بالنظر إلى التفاوت بين منزلتي الجنة والنار، وهما من المنازل. أما من حيث الواقع فإن {خَيْرٌ} هنا ليس للمفاضلة التي تفهم من صيغة أفعل التفضيل، وإنما لتقرير أن الجنة هي الخير المحض والحسن المطلق، ولا خير أصلا في ضدها وهي النار.