الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ اللُّقَطَةِ
(1722)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا. قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ. قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا.
(كتاب اللقطة) هي الشيء الذي يلتقط، أي يؤخذ من الأرض مما كان ساقطًا متروكًا عليها، وهي بضم اللام وفتح القاف على المشهور عند أهل اللغة والمحدثين. وقد جزم الخليل بأنها بالسكون، ووافقه بعض آخرون، ولكن ذهب المحقِّقون إلى أن سكون القاف من لحن العوام.
1 -
قوله: (جاء رجل) أعرابي، وهو عقبة بن سويد الجهني (اعرف عفاصها) العفاص بكسر العين المهملة، هو الوعاء - بكسر الواو - الذي تكون فيه النفقة، جلدًا كان أو غيره، مأخوذ من العفص، وهو الثني، لأنَّ الوعاء يثني على ما فيه، والعفاص أيضًا الجلد الذي يكون على رأس القارورة، فحيث ذكر العفاص مع الوعاء، فالمراد به هذا المعنى الأخير، وحيث لَمْ يذكر العفاص مع الوعاء فالمراد به المعنى الأول (ووكاءها) بكسر الواو: الخيط الذي يربط به الوعاء، والغرض من معرفة العفاص والوكاء معرفة الآلات التي تحفظ النفقة، حتى لو جاء لها طالب يعرف صدقه من كذبه، ويلتحق بما ذكر حفظ الجنس والصفة والقدر، والكيل فيما يكال، والوزن فيما يوزن، والذرع فيما يذرع (ثم عرفها) بتشديد الراء المكسورة، أي اذكرها للناس بدون بيان الصفات، كأن تقول في الأسواق وأبواب المساجد ومواضع اجتماع الناس: من ضاع له الحيوان؟ من ضاعت له الفلوس؟ من ضاع له شيء؟ ولا يبين صفاته، حتى يسأل عنها من يدعي ضياعها فيعرف صدقه من كذبه (وإلا فشأنك بها) منصوب على تقدير فالزم شأنك بها، ويجوز الرفع على تقدير "فشأنك بها مباح أو جائز" ومعناه أنك مخير، إن شئت فاحتفظ بها، وإن شئت فأنفق في حاجتك، لكن لو جاء صاحبها بعد الإنفاق يجب عليك البدل والتعويض (فَضَالَّةُ الغنم؟ ) الضالة: الضائع من الحيوان، ولا يطلق إلَّا على الحيوان، أما ما سوى الحيوان من الأمتعة والنفقة فيقال لها: لقطة، ولا يقال لها: ضالة (لك أو لأخيك) يعني إن تركتها يأخذها رجل مثلك، فكيف تتركها له وقد سبقته إليها (أو للذئب) إن تركت أنت وأخوك، وفيه حث على أخذها؛ لأنه إذا علم أنه إن لَمْ يأخذها بقيت للذئب كان ذلك أدعى له إلى أخذها (سقاؤها) بكسر أوله، والمراد بذلك أجوافها؛ لأنَّها تشرب فتكتفي به أيامًا: وأشار بذلك إلى استغنائها عن الحفظ بما ركب في طبعها من الجلادة على العطش، وتناول المأكول بغير تعب، لطول عنقها، فلا تحتاج إلى ملتقط (حذاؤها) بكسر الحاء المهملة ثم ذال معجمة، والمراد هنا خفها، يعني فهي تستقل بنفسها، تمشي أينما شاءت (ترد الماء
…
إلخ) يعني تعيش بلا راع =
قَالَ يَحْيَى: أَحْسِبُ قَرَأْتُ: عِفَاصَهَا.»
(000)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ ، قَالَ ابْنُ حُجْرٍ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ)، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ (أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ)، ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا.»
(000)
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُمْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ، غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ. قَالَ: وَقَالَ عَمْرٌو فِي الْحَدِيثِ: فَإِذَا لَمْ يَأْتِ لَهَا طَالِبٌ فَاسْتَنْفِقْهَا.
(000)
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ (وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ)، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ: «أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم» فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَاحْمَارَّ وَجْهُهُ وَجَبِينُهُ وَغَضِبَ. وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً: فَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُهَا كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ.
(000)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ)، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
= ولا محافظ، واختلفوا في ضالة الإبل فالجمهور على القول بظاهر الحديث في أنَّها لا تلتقط. وقيل: تلتقط. قال العلماء: حكمة النهي عن التقاطها أن بقاءها حيث ضلت أقرب إلى وجدان مالكها لها من تطلبه لها في رحال الناس. وفي معنى الإبل كلّ ما امتنع بقوته من صغار السباع.
2 -
قوله: (ثم استنفق بها) أي أنفقها على نفسك (فإن جاء ربها فأدها إليه) هذا دليل لما ذهب إليه الجمهور من أنه لو تصرف في اللقطة بعد تعريفها سنة ثم جاء صاحبها يضمنها له، فيجب رد العين إن كانت موجودة، أو الدل إن كانت استهلكت. ويؤيده ما سيأتي في الحديث رقم 4 من قوله:"فإن لَمْ يجىء صاحبها كانت وديعة عندك" وفي الحديث رقم 5 بعد الإذن بالاستنفاق "فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فأدها إليه"(فغضب) لأنَّ السائل قصر في الفهم فقاس ما لا يتعين التقاطه على ما يتعين (حتى احمرت وجنتاه) الوجنة بتثليث الواو، وبهمزة مضمومة مكان الواو، وقيل: بالواو والهمزة مع الفتح فيهما والكسر. وهي ما ارتفع من لحم الخدين.
4 -
قوله: (كانت وديعة عندك) الوديعة: الأمانة، يعني يجوز لك استنفاقها بعد تعريفها سنة، ولكن لا ينقطع حق صاحبها بالكلية. فإذا جاء صاحبها فإن اللاقط يضمن له، واستدل بكونها وديعة على أنَّها لو تلفت عند اللاقط بغير تفريط منه لَمْ يكن عليه ضمانها.
5 -
قوله: (الورق) بفتح فكسر: الفضة (فإن لَمْ تعرف) بالبناء للمفعول، أي فإن لَمْ تعرف تلك اللقطة بأن لَمْ يجىء من يدعيها ويصفها بصفاتها.
(000)
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ. زَادَ رَبِيعَةُ: فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ. وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ. وَزَادَ: فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ».
(000)
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ:«سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تُعْتَرَفْ فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ كُلْهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ.»
(000)
وَحَدَّثَنِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَإِنِ اعْتُرِفَتْ فَأَدِّهَا، وَإِلَّا فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَدَدَهَا.
(1723)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. (ح) وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ: «خَرَجْتُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ، وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ غَازِينَ، فَوَجَدْتُ
سَوْطًا فَأَخَذْتُهُ، فَقَالَا لِي: دَعْهُ، فَقُلْتُ: لَا، وَلَكِنِّي أُعَرِّفُهُ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ وَإِلَّا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ، قَالَ:
7 - قوله: (فإن لَمْ تعترف) بالبناء للمفعول، أي فإن لَمْ تعرف تلك اللقطة. قال في النهاية: يقال: عرف فلان الضالة، أي ذكرها وطلب من يعرفها، فجاء رجل يعترفها، أي يصفها بصفة يعلم أنه صاحبها.
9 -
قوله: (فأبيت عليهما) كأنهما أصرا على الترك، وأصر هو على الأخذ (صرة) بضم وتشديد راء، أي كيسًا من الثوب أو الجلد (عرفها حولًا) أي سنة (فلقيته) هذا قول شعبة. أي قال شعبة: فلقيت سلمة بن كهيل (فقال: لا أدري بثلاثة أحوال أو حول واحد) هذا شك من سلمة بن كهيل في تعيين عدد سنوات التعريف، وقد طرأ عليه هذا الشك بعد أن روى الأمر بالتعريف ثلاث سنوات على وجه اليقين، فهذا اليقين الأصلي هو الذي يؤخذ به، ولا يزول بالشك الطارىء. ثم هذا الحديث لا يعارض الأحاديث السابقة، لأنَّ الأمر فيها بالتعريف لمدة سنة على سبيل الوجوب، والأمر في هذا الحديث لثلاث سنوات على سبيل الورع ومزيد الاحتياط، وليس على سبيل الوجوب.
(
…
) قوله: (فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرفها عامًا واحدًا) ولم يكن يقول ذلك على سبيل اليقين. بل على سبيل الشك، كما تقدم في الحديث السابق. ولا يعتد بالشك بعد اليقين.