الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسَهْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ، فَلَمَّا رَأَوُا السَّهْمَ وَقَفُوا، فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ، (قَالَ: الْقَشْعُ النِّطَعُ)، مَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ، فَسُقْتُهُمْ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِمْ أَبَا بَكْرٍ فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّوقِ فَقَالَ: يَا سَلَمَةُ،
هَبْ لِي الْمَرْأَةَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي، وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَدِ فِي السُّوقِ فَقَالَ لِي: يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلهِ أَبُوكَ. فَقُلْتُ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَوَاللهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ.»
بَابُ حُكْمِ الْفَيْءِ
(1756)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا قَرْيَةٍ أَتَيْتُمُوهَا وَأَقَمْتُمْ فِيهَا، فَسَهْمُكُمْ فِيهَا، وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّ خُمُسَهَا لِلهِ وَلِرَسُولِهِ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ» .
(1757)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، (وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ)، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ:«كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَمَا بَقِيَ يَجْعَلُهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللهِ» . حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
47 - قوله: (أيما قرية أتيتموها) أي فأخذتموها واحتللتموها من يخر حرب ولا قتال (فسهمكم فيها) كرجل واحد من عامة المسلمين؛ لأنَّها حينئذ فيء، وليست بغنيمة حتى تقسم على العسكر خاصة (وأيما قرية عصت الله ورسوله) ففتحتموها عنوة، وأخذتموها بالحرب تكون غنيمة تقسم بينكم خاصة بعد التخميس.
48 -
قوله: (كانت أموال بني النضير) بنو النضير إحدى قبائل اليهود الثلاث المعروفة بالمدينة، تآمرت على الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فحاصرهم حتى نزلوا على الجلاء، فجلوا إلى خيبر والشام، وذلك في ربيع الأول سنة 4 هـ وقيل: قبلها، وأما أموالهم فهي أرضهم وديارهم ونخيلهم وزروعهم كانت في جهة جنوب شرق قباء، في ميدان فسيح خصب يمر به وادي بطحان (مما أفاء الله على رسوله) أي أعطاه على سبيل الفيء. والفيء ما أحرزه المسلمون من أموال المشركين من غير حرب (مما لَمْ يوجف عليه المسلمون
…
إلخ) الإيجاف: الإسراع، والركاب: الإبل، أي لَمْ يفتحه المسلمون بهجوم الخيل والركاب، يعني بالحرب والمعركة، بل باستسلامهم وإلقاء سلاحهم من يخر قتال ولا ضراب (فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة) دون الجيش، ينفقها حيث يشاء من مصالح نفسه وأهله ومصالح عامة المسلمين، ولا يقسمها على الجيش مثل الغنيمة، فأعطى أكثرها المهاجرين الأولين، وأبا دجانة وسهل بن حنيف من الأنصار، وأبقى البقية لنفسه (نفقة سنة) أي يعزل لأزواجه كلّ سنة ما يكفي لهن طول السنة إلَّا أنهن كن ينفقنه في وجوه الخير، ويعشن عيشة خشنة (في الكراع) بضم الكاف، هي الخيل (عدة في سبيل الله) أي أهبة وجهازًا للغزو والجهاد. وفي =
بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
(000)
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَوْسٍ حَدَّثَهُ قَالَ: «أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ قَالَ: فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رِمَالِهِ، مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ لِي: يَا مَالِ، إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ، فَخُذْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ. قَالَ: قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا غَيْرِي؟ قَالَ: خُذْهُ يَا مَالِ. قَالَ: فَجَاءَ يَرْفَا فَقَالَ: هَلْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُثْمَانَ،
وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ؟ فَقَالَ عُمَرُ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ، وَعَلِيٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَاقْضِ بَيْنَهُمْ وَأَرِحْهُمْ، (فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ: يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا قَدَّمُوهُمْ لِذَلِكَ)، فَقَالَ عُمَرُ: اتَّئِدَا، أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ؟ قَالَا: نَعَمْ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِخَاصَّةٍ لَمْ يُخَصِّصْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُ، قَالَ: {مَا أَفَاءَ
= الحديث بيان مصارف الفيء.
49 -
قوله: (تعالى النهار) أي ارتفع (مفضيًا إلى رماله) الرمال بكسر الراء وقد تضم، وهو ما ينسج من سعف النخل ونحوه، ومعنى "مفضيًا إلى رماله" أنه لَمْ يكن تحته فراش، والإفضاء إلى الشيء لا يكون بحائل، وفيه إشارة إلى أن العادة أن يكون على السرير فراش (يامال) ترخيم مالك، ويجوز في اللام الكسر على الأصل، والضم على أنَّه صار اسمًا مستقلًّا فيعرب إعراب المنادى المفرد (قد دف أهل أبيات) أي ورد جماعة بأهليهم شيئًا بعد شيء، والدفيف السير اللين، وكأنهم كانوا قد أصابهم جدب في بلادهم فانتجعوا المدينة (من قومك) بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، فإن مالك بن أوس كان منهم (برضخ) بفتح فسكون، أي عطية غير كثيرة (فجاءه يرفأ) حاجب عمر وبوابه. وكان من مواليه، أدرك الجاهلية، ولا تعرف له صحبة (هل لك
…
إلخ) أي هل تأذن لهم بالدخول عليك (اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن) يريد به عليًّا رضي الله عنه، وحاشاه أن يكون كذلك، ولكن العباس قال هذا في حالة الغضب والسباب فلا يعتد به، فعند البخاري في المغازي عن طريق شعيب "فاستب علي وعباس" وعنده في الفرائض عن طريق عقيل "استبا" وقد تأولوه بأن مراده أنه يتصف بهذه الأوصاف إن كان يفعل ما يفعل عن عمد (اتئدا) أي اصبرا وتمهلا، افتعال من التؤدة، وهي الرفق، خطاب لعلي وعباس (أنشدكم) خطاب لمن حضر قبل علي وعباس، ومعنى "أنشدكم بالله"، أسألكم بالله، والنشيد رفع الصوت، ويستعمل لتأكيد السؤال (فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النضير) أي معظمها حيث أعطاها لفقراء المهاجرين واثنين من الأنصار، كما تقدم (ما استأثر) أي لَمْ يستبد بها (حتى بقي هذا المال) أي الذي كان بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي جاء علي وعباس يختصمان فيه، وكان جزءًا من أرض بني النضير ونخلهم (أسوة المال) أي أسوة مال الله، فكان يصرفه في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله، كما تقدم (تطلب ميراثك من ابن أخيك) حيث لَمْ يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم عصبة غير عباس أقرب إليه منه (ويطلب هذا) أي علي (ميراث امرأته) فاطمة (من أبيها) ولم يكن له صلى الله عليه وسلم من =