الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ: فِي طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ وَإِنْ مَنَعُوا الْحُقُوقَ
(1846)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ.»
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا
عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ.
بَابُ الْأَمْرِ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ وَتَحْذِيرِ الدُّعَاةِ إِلَى الْكُفْرِ
(1847)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ.
49 - قوله: (يسألونا حقهم) أي الذي وجب لهم المطالبة به وقبضه، سواء كان يختص بهم أو يعم، وذلك كبذل المال الواجب في الزكاة، وبذل النفس في الخروج إلى الجهاد عند التعيين، والسمع والطاعة في كل ما لا يخالف الشريعة (ويمنعونا حقنا) وهو ما يجب لنا في الغنيمة أو الفيء أو بيت مال المسلمين، وما نستحق أن يقوموا به لنا من العدل والإنصاف ومراعاة المصالح العامة والمعاملة بالسوية ونحو ذلك من حقوق الرعية على الأمراء والحكام (فجذبه الأشعث بن قيس) ليسكته، نظرًا إلى إعراض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم إجابته (وقال: اسمعوا) يبدو كأنه يقول: وقال الأشعث بن قيس، ولكنه أراد "وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" كما هو واضح من الطريق القادم، وإنما جاء بالواو لينبه على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له هذا في حين جذبه الأشعث بن قيس (عليهم ما حملوا) أي على الأمراء ما كلفوا به من إقامة العدل وإيصال حقوق الرعية، فإن لم يقوموا به فعليهم الوزر والوبال، ولا تسألون أنتم عن ذلك (وعليكم ما حملتم) أي عليكم ما كلفتم به من السمع والطاعة وأداء الحقوق، فإن قمتم بذلك فلكم الأجر، وإن خنتم في ذلك فعليكم الوزر، ولا يسأل أمراءكم عن ذلك.
51 -
قوله: (كنا في جاهلية وشر) أشار بالجاهلية إلى ما كانوا عليه من الكفر والشرك والأوهام والخرافات وارتكاب الفواحش والمعاصي، وأشار بالشر إلى ما كانوا عليه من التفكك والاضطراب والتقاتل والتاحر والارتباك والفوضى (فجاءنا الله بهذا الخير) أي الإيمان والإسلام الذي تم به تصحيح العقيدة وتزكية النفس واجتماع كلمة المسلمين وائتلافهم (فهل بعد هذا الخير شر؟ ) أي هل يكون بعد هذا الاجتماع والائتلاف تشتت وافتراق واقتتال فيما بين المسلمين أنفسهم (قال: نعم) وقد حصل هذا بافتراق المسلمين إلى جماعتين: جماعة علي وجماعة معاوية رضي الله عنهما، وبالاقتتال فيما بينهما (هل بعد ذلك الشر من خير؟ ) أي هل تجتمع كلمة المسلمين بعد هذا الافتراق والاقتتال (قال: نعم) وقد حصل ذلك باجتماع كلمة المسلمين على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (وفيه دخن) =
قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ. فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ: نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ. فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ.»
(000)
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، (وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ)، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، (يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ)، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ. قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ.»
= بفتحتين، قيل: هو الحقد، وقيل: الدغل، وقيل: الفساد في القلب، وقيل: هو كل أمر مكروه، وقيل: أصله أن يكون في لون الدابة كدورة، وقيل: المراد بالدخن الدخان، وكلها معان متقاربة تشير إلى مراد واحد، وهو أن هذا الخير الذي يجيء بعد الشر لا يكون خيرًا خالصًا، بل يكون فيه كدر (قوم يستنون بغير سنتي
…
إلخ) في الطريق القادم "يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي
…
إلخ" فالمراد بالقوم الأمراء والحكام، أي لا يلتزمون بالدين في جميع أمورهم (ويهتدون بغير هدي) بيائين، بإضافة الهدي إلى ياء المتكلم، أي يمشون على غير طريقتي (تعرف منهم وتنكر) يعني من أعمالهم، لأنهم يتمسكون بالسنة والعدل في بعض الأمور، وبالبدعة والجور في بعض آخر، وقد استمر هذا الحال طوال زمن الأمويين تقريبًا، ربما عدلوا وربما جاروا (هل بعد ذلك الخير) الثاني من اجتماع كلمة المسلمين على دخن فيه (من شر؟ ) أي من قتال وافتراق بين المسلمين (قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم) دعاة جمع داع، أي يدعون إلى أمورٍ تُفضيهم إلى جهنم، وكان دعاة العلويين والعباسيين كذلك، فقد استثاروا عصبيات قومية وإقليمية وعرقية لكسب الإمارة والخلافة، حتى أفسدوا كثيرًا من القلوب والعقول والعقيدة والعمل، ثم سفكوا دماء المسلمين بوحشية لا تقاس حتى استولوا على الإمارة (قوم من جلدتنا) أي من أبناء العرب أو من قومنا المسلمين، ومن أهل ملتنا الإسلام (ويتكلمون بألسنتنا) فيشهدون بلا إله إلا الله، محمد رسول الله، مثلنا (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) فيه وجوب الابتعاد عن الطوائف التي تدعو وتحاول الخروج على أمير المسلمين (فاعتزل تلك الفرق كلها) أي التي تدعو إلى إقامة حكومة لنفسها، وفيه وجوب الابتعاد عن الأحزاب والطوائف السياسية (ولو أن تعض
…
إلخ) بفتح العين المهملة وتشديد الضاد المعجمة، من العض، وهو الأخذ بالأسنان، وفيه إشارة إلى أنه إذا لم يتبع شيئًا من تلك الفرق والطوائف فإنها ستقاطعه وتضطره إلى معاناة الشدة، حتى يمكن أن يضطر لأجل الجوع إلى العض على أصل شجرة، لكنه يجب عليه الصبر على تلك الحال، واعتزال تلك الفرق والأحزاب، وعدم الدخول في معاركهم السياسية. ولعل أحوال زماننا تطابق لما جاء في هذا الجزء الأخير من الحديث.
52 -
قوله: (عن أبي سلام قال: قال حذيفة) قال الدارقطني هذا عندي مرسل لأن أبا سلام لم يسمع من حذيفة، وهو كما قال، لكنه من المتابعات فلا يضر (في جثمان إنس) أي في جسم بشر، وهم الذين قال فيهم في الحديث السابق "دعاة على أبواب جهنم
…
إلخ".
(1848)
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، (يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ)، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ
بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي قَيْسِ بْنِ رِيَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ.»
(000)
وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ الْقَيْسِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ حَدِيثِ جَرِيرٍ، وَقَالَ:«لَا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا» .
(000)
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ، وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ، فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لَا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي.»
(000)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، أَمَّا ابْنُ الْمُثَنَّى فَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ، وَأَمَّا ابْنُ بَشَّارٍ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
(1849)
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ،
53 - قوله: (مات ميتة جاهلية) بكسر الميم، أي مات على صفة موت أهل الجاهلية على ضلال وافتراق، لأنهم كانوا فوضى غير منتظمين في جماعة ولا إمام، وليس المراد أنه يموت كافرًا، بل معناه أنه يموت عاصيًا، (تحت راية عمية) بكسر العين وضمها والميم مشددة مكسورة والياء أيضًا مشددة، نسبة إلى العمى الذي لا يستبين فيه وجه الحق من الباطل، وقد فسره بما بعده (يغضب لعصبةٍ) عصبة الرجل: أقاربه من جهة الأب، فالمعنى أنه يغضب لمحض التعصب لقومه، لا لنصرة الدين والحق، كما كان أهل الجاهلية يغضبون ويقاتلون (فقتلة جاهلية) أي فقتله مثل قتل أهل الجاهلية، لأنه لم يقتل في سبيل الله: لا لإعلاء كلمة الله، ولا للدفاع عن الحق وأهله، ولا للدفاع عن نفسه وماله وعرضه، وإنما قتل في سبيل قومه دون النظر إلى أنهم على حق أو باطل، وكذلك كان يقتل أهل الجاهلية، حتى قال قائلهم:
وما أنا إلا من غزية إن غوت
…
غويت وإن ترشد غزية أرشد
وغزية اسم قبيلته. (يضرب برها وفاجرها) أي بدون التمييز بين أهل الحق والباطل (ولا يتحاش من مؤمنها) وفي بعض النسخ والطريق الذي بعده "ولا يتحاشى" بالياء، وهو الأوفق، أي لا يجتنب المؤمن ولا يبالي به، وإنما يسوق جميع أصناف الناس بعصا واحدة.
55 -
قوله: (من فارق الجماعة) المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت من المسلمين لأميرهم =
عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ.»
(000)
وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا الْجَعْدُ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا
فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.»
(1850)
حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ.»
(1851)
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، (وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ)، عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:«جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: اطْرَحُوا لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ لِأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.»
(000)
وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ أَتَى ابْنَ مُطِيعٍ فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
(000)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ. (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ
= (شبرًا) بكسر فسكون، هو ما بين طرف الإبهام إلى طرف الخنصر، وكنى به عن أدنى الشيء، أي ولو كان هذا السعي بأدنى شيء (فمات فميتة جاهلية) لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق. قال ابن بطال: في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب، والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه، لما في ذلك من حقن الدماء، وتسكين الدهماء، وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح، فلا تجوز طاعته في ذلك، بل تجب مجاهدته من قدر عليها. انتهى (الفتح)
56 -
قوله: (يخرج من السلطان) سبق أن المراد بهذا الخروج هو السعي في حل عقد بيعته ولو بأدنى شيء (فمات عليه) أي على الخروج دون الرجوع إلى الطاعة والموافقة.
57 -
قوله: (يدعو عصبية) هي التعصب للقوم دون النظر إلى أنه على حق أو باطل.
58 -
قوله: (إلى عبد الله بن مطيع) بن الأسود القرشي العدوي، كان على رأس من خلع يزيد وخرج عليه من أهل المدينة، وكان قائد قريش يوم الحرة، كما كان عبد الله بن حنظلة قائد الأنصار يومئذ، وكان يزيد قد أرسل مسلم بن عقبة المري لقتال أهل المدينة حين بلغه خلعهم إياه، وذلك سنة ثلاث وستين، فدارت المعركة في الحرة الشرقية، وأسفرت عن هزيمة أهل المدينة، فقتل فيها من قتل، وفر عبد الله بن مطيع إلى مكة، ولحق بابن الزبير، وشهد معه الحصار الأول، ثم استعمله ابن الزبير على الكوفة، حتى أخرجه منها المختار بن أبي عبيد الثقفي، ثم بقي مع =