الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1811)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو (وَهُوَ أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ)، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (وَهُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، انْهَزَمَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ، وَكَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَةُ مِنَ النَّبْلِ فَيَقُولُ: انْثُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: وَيُشْرِفُ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَا تُشْرِفْ لَا يُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ، قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقُلَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِهِمْ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَيْ أَبِي طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثًا مِنَ النُّعَاسِ.»
بَابُ النِّسَاءِ الْغَازِيَاتِ يُرْضَخُ لَهُنَّ وَلَا يُسْهَمُ وَالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ صِبْيَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ
(1812)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ)، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ «أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ خَمْسِ خِلَالٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ، كَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَخْبِرْنِي، هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ وَهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟ وَمَتَى
136 - قوله: (المنقري) بكسر فسكون ففتح، منسوب إلى منقر بن عبيد من بني تميم بن مر (مجوب عليه بحجفة) الحجفة بفتحات، نوع من الترس، والتجويب الاتقاء بالجوب، وهو على وزن ثوب بمعنى الترس، أي كان قد قدم أمامه ترسًا يقي به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ويقي به نفسه أيضًا (شديد النزع) أي كان ينزع السهم إلى نفسه بشدة حين يريد الرمي، وكلما اشتد النزع اشتد الرمي (وكسر قوسين أو ثلاثًا) لشدة النزع (الجعبة) الكنانة التي تجعل فيها السهام (لا تشرف) أي لا تتطلع إليهم برفع رأسك (نحري دون نحرك) أي جعل الله نحري حائلًا بين نحرك وبين السهام التي تأتي إليه، فيصاب نحري دون نحرك. فهو بمعنى أفديك بنفسي (لمشمرتان) من التشمير أي رافعتان أثوابهما (خدم سوقهما) بفتح الخاء والدال جمع خدمة، وهي الخلاخيل، وقيل: الخدمة أصل الساق، والسوق جمع ساق، وهذه كانت قبل الحجاب (تنقلان القرب) بكسر القاف وفتح الراء، جمع قربة، وهي مزادة الماء (على متونهما) أي ظهورهما (من النعاس) أي سقط السيف لأجل النعاس الذي أرسله الله في تلك الساعة الحرجة. قال تعالى {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} الآية [آل عمران: 154]، والنعاس في مثل هذه المواطن رحمة وأمن من الله.
137 -
قوله: (نجدة) أي ابن عامر الحروري، أحد رؤساء الخوارج المعروفين، ورأس الفرقة النجدية، خرج مستقلًا باليمامة سنة 66 هـ، ثم استقر بالبحرين، وتسمى بأمير المؤمنين، نقم عليه أصحابه أمورًا حتى خلعوه وقتلوه، وقيل: بل قتله أصحاب ابن الزبير سنة 69 هـ والحروري نسبة إلى حروراء، موضع على بعد ميلين من الكوفة، كان أول اجتماع الخوارج به بعد الرجوع من صفين، فنسبوا إليه، وقد تقدم (لولا أن أكتم علمًا ما كتبت) هذا يشعر بأن ابن عباس كان يكره نجدة الحروري لأجل بدعته، وهو كونه من الخوارج، ولكن كتب إليه؛ لأنه لو لَمْ يكتب لكان كاتمًا للعلم، داخلًا في وعيده (ويحذين) بالبناء للمفعول، أي يعطين شيئًا على سبيل العطية، لا على سبيل السهم، وهذه العطية تسمى بالرضخ (متى ينقضي يتم اليتيم) أي حكم يتمه بحيث يستقل بالتصرف في ماله، أما نفس اليتم فهو ينقضي بالبلوغ (فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس) أي إذا صار حافظًا لماله، عارفًا بوجوه أخذه وإنفاقه فقد =
يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ؟ وَعَنِ الْخُمُسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، وَيُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا بِسَهْمٍ، فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ، فَلَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ؟ فَلَعَمْرِي، إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ، وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ، ضَعِيفُ الْعَطَاءِ مِنْهَا، فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْخُمُسِ: لِمَنْ هُوَ؟ وَإِنَّا كُنَّا نَقُولُ: هُوَ لَنَا، فَأَبَى عَلَيْنَا قَوْمُنَا ذَاكَ».
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، كِلَاهُمَا عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ «أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ خِلَالٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ حَاتِمٍ: وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ، فَلَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَعْلَمُ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَ» . وَزَادَ إِسْحَاقُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَاتِمٍ: وَتُمَيِّزَ الْمُؤْمِنَ، فَتَقْتُلَ الْكَافِرَ وَتَدَعَ الْمُؤْمِنَ.
(000)
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ: «كَتَبَ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَرُورِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ يَحْضُرَانِ الْمَغْنَمَ، هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا؟ وَعَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ، وَعَنِ الْيَتِيمِ، مَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهُ الْيُتْمُ؟ وَعَنْ ذَوِي الْقُرْبَى، مَنْ هُمْ؟ فَقَالَ لِيَزِيدَ: اكْتُبْ إِلَيْهِ، فَلَوْلَا أَنْ يَقَعَ فِي أُحْمُوقَةٍ مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ، اكْتُبْ: إِنَّكَ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ يَحْضُرَانِ الْمَغْنَمَ هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا شَيْءٌ؟ وَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ، إِلَّا أَنْ يُحْذَيَا، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْتُلْهُمْ، وَأَنْتَ فَلَا تَقْتُلْهُمْ، إِلَّا أَنْ تَعْلَمَ مِنْهُمْ مَا عَلِمَ صَاحِبُ مُوسَى مِنَ الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْيَتِيمِ مَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهُ اسْمُ الْيُتْمِ؟ وَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ اسْمُ الْيُتْمِ، حَتَّى يَبْلُغَ وَيُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدٌ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي
= صار رشيدًا يستحق أن يتصرف في ماله، فيدفع له ماله، إذ قد ذهب عنه اليتم، (تسألني عن الخمس) أراد به خمس الخمس الذي جعله الله لذوي القربي، أما بقية مصارف الخمس فواضحة، وإنما الذي اختلفوا فيه هو سهم ذوي القربي، هل يتعين صرفه إليهم بعد وفاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، أو يصرف في النوائب ومصالح المسلمين، فكان ابن عباس يرى الأول، ورأى الآخرون الثاني (فأبى قومنا ذاك) كأنه يشير إلى بني أمية، ويجوز أن يكون أعم منهم.
138 -
قوله: (ما علم الخضر) الذي صحبه موسى (من الصبي الذي قتل) وهو أنه يكون كافرًا، ويرهق أبويه طغيانًا وكفرًا، وهذا من قبيل تعليق الحكم على المحال، يعني إن جاز لك قتل الصبيان بدليل قتل الخضر الصبي فإنما يجوز لك ذلك إذا علمت منهم ما علم الخضر من ذلك الصبي، ولا سبيل لك أو لأحد إلى علم ذلك، فلا سبيل إلى جواز قتلهم (وتميز المؤمن
…
إلخ) معناه هو ما سبق أي تميز في الصبيان من يكون مؤمنًا بعد البلوغ ممن يكون كافرًا، فتقتل الثاني دون الأول، ولا سبيل إلى هذا التمييز فلا يحل لك قتلهم.
139 -
قوله: (عن ذوي القربى) المذكورين في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} الآية [الأنفال: 41](أحموقة) بضم فسكون فضم فسكون، أي حماقة، بأن يخالف شرع الله فيما سأله من المسائل، وأشدها أن يقتل الصبيان (يؤنس منه رشد) أي يعرف ويعلم منه رشد، بأن يصير حافظًا لماله عارفًا بوجوه كسبه وإنفاقه.