الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الفتح نحو:
"على حينَ عاتبت المشيب على الصبا"
وعلة بنائه: أن الظرف في الواقع مضاف إلى المصدر الذي تضمنته الجملة، وإن كان في الظاهر مضافاً إلى الجملة نفسها، فشابه اسم الزمان كلمتي قبلُ وبعدُ في وجه بنائهما حين يقطعان عن الإضافة لفظاً لا معنى، وتتقوى هذه العلة في اسم الزمان الواقع بعده فعل ماض أن الفعل الماضي واقع موقع المضاف إليه، الذي قد يكتسب منه المضاف شيئاً من أحكامه؛ كالتعريف والتنكير، ووجوب التصدير، فلا بعد في أن يكون للإضافة - وإن كانت في ظاهر اللفظ - أثر في كتساب المضاف حكم البناء من المضاف إليه.
فإن كان الواقعَ بعد اسم الزمان فعل مضارع، والمضارع معرب، نحو:"على حين أعاتب الزمان"، فعلّة بناء اسم الزمان، وهو "حين" أضعف منها في حال اتصاله بفعل ماض؛ حيث نقص منها ما كانت قد تقوَّت به من استعداد المضاف لاكتساب البناء من المضاف إليه.
وقد اكتفى بعض البصريين والكوفيين بالعلة الضعيفة، وأجازوا بناء اسم الزمان الواقع بعده فعل مضارع؛ لتحقق أصل العلة، وهو الانقطاع عن الإضافة في اللفظ دون المعنى.
*
شرط صحة قياس التمثيل:
يكون قياس التمثيل صحيحاً، ويتم الاستدلال به على تقرير حكم من أحكام اللفظ؛ متى كان وجه الشبه بين الأصل والفرع واضحاً، أو ظهر أن ما ذكره المستدل على وجه التعليل هو العلة التي يرتبط بها حكم الأصل، ويضاف إلى هذا: أن لا يوجد بين الأصل والفرع فارق يؤثر في عدم تعدية
حكم الأصل، إلى الفرع، ويزيد بعضهم على هذا: أن لا يكون حكم الأصل مخالفاً للأصول، خارجاً عن حد القياس.
فالقياس مع الفارق؛ كما أجاز بعض النحاة تقديم معمول الفعل المنفيّ بلن قائلاً: إن لن أضرب، نفي لقولك: ساضرب، فكما جاز قولك: زيداً سأضرب، يجوز قولك: زيداً لن أضرب، وما كان من المنكرين لهذا القياس سوى أن فرقوا بين السين ولن؛ بأن حرف النفي يقتضي الصدارة في الجملة التي يدخلها، وذلك معنى لا يقتضيه حرف التنفيس.
ومثال القياس على ما خالف القياس: أن الكسائي يقول: لا يقتصر في الظروف الواردة أسماءَ فعل؛ نحو: عليك، وأمامك على ما ورد في الرواية، بل يجوز أن يقاس عليها غيرها مما لم يرد به سماع، وطعن البصريون في هذا المذهب؛ بن تلك الظروف إنما وقعت موقع أسماء الأفعال على خلاف أصلها، وما جاء على خلاف الأصل لا يصح القياس عليه بحال.
والحق أن الأمر في مثل هذا يرجع إلى قوة نظر المجتهد في العربية؛ فإن الأصول التي يجيء حكم الأصل على خلافها تتفاوت في اقتضاء حكمة الوضع لها، وخروج العرب عن حدودها، فالأصل الذي يمنع من زيادة الكلمات - مثلا-، وهو أن الألفاظ إنما وضعت لإفادة المعاني، أقوى من الأصل الذي يمنع من تقديم المعمول على العامل، ولهذا كانت مخالفة العرب لقانون تقديم المعمول على العامل أكثر من مخالفتهم لقانون المنع من الزيادة، فيمكن للمجتهد في العربية أن يمنع قياس زيادة "كان" في صدر الكلام، أو في آخره، على زيادتها في وسطه، وليس من البعيد صحة تقديم خبر "زال" الناسخة عليها قياساً على تقديم معمول الخبر الثابت على خلاف القياس؛ إذ القياس تقديم