الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان جبلة بن الأيهم-وهو من فروع ملوك الغساسنة-قد تشرف باعتناق الإسلام فى خلافة عمر الفاروق (رضى الله عنه) وقصد مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وفى أثناء طوافه بالكعبة داس أحد أفراد عربان قبيلة فزارة على طرف ثوبه فغضب جبلة غضبا شديدا، ولكم العربى لكمة قوية وكسر بعض أسنانه. فما كان من المضروب إلا أن تقدم لعدالة وحكم الخليفة طالبا منه أن يرضى المضروب إما قصاصا أو يدفع دية. إلا أن جبلة بن الأيهم استهجن الحكم الصادر وعاب حكم الفاروق لأنه ساوى بينه وبين شخص من عامة الشعب.
وغضب غضبا شديدا إلا أنه طلب من الخليفة إذنا بالتفكير فى الأمر، وفى الليل عاد إلى دينه القديم الباطل ومات وهو كافر.
المناذرة
آل منذر-ملوك المناذرة من أهالى اليمن ومن أبناء كهلان بن سبأ. هؤلاء أيضا خرجوا إلى مكة المعظمة ومن هنا قصدوا بلاد الحيرة حيث كونوا سلطنة.
وآل مناذرة من أعظم ملوك العرب من حيث قوة دولتهم وعظمتها، وكانت دار ملكهم فى بلدة الحيرة القريبة من الكوفة، لذلك لقبوا بملوك الحيرة كما سموا فترة ب «اللخميين» .
ولا يعرف عدد ملوك المناذرة الذين حكموا البلاد معرفة قطعية، إلا أن مدة سلطنتهم امتدت ستمائة وعشرين عاما، وكان أول ظهورهم قبل الهجرة النبوية بخمسمائة واثنين وستين عاما، وكان انقراض دولتهم بعد الهجرة النبوية باثنى عشر عاما.
بنو جرهم
ينقسم ملوك الجراهمة الذين حكموا الحجاز إلى قسمين. ويطلق على القسم الأول جرهم الأولى، وعلى القسم الثانية جرهم الثانى، ولما كانت جرهم الأولى معاصرة لقوم عاد فأحوالها الحقيقية مجهولة. أما جرهم الثانية فهم من أبناء قحطان وأحوالهم معروفة لدى أصحاب العقول بدلالة التاريخ.
كان جرهم الثانى أخا يعرب بن قحطان. وبينما كان يعرب ملك ممالك اليمن هاجر الثانى مع ابن عمه قورا آخذا معه أولاده وأتباعه إلى مكة المكرمة، وسكن فى تلك الأماكن المقدسة ثم كون سلطنة، وحكم فترة غير قليلة.
وعدد ملوك جرهم الذين حكموا فى الحجاز أربعة عشر ملكا، وكانت دار ملكهم مكة المكرمة. وانتقلت حكومة بيت العزة من الجراهمة إلى بنى خزاعة.
وخرج أجداد خزاعة الذين استولوا على الحجاز فى رفقة قبيلة أزد من اليمن إلى مكة المعظمة، وتوارثوا حكومة مكة كابرا عن كابر، وبلغوا بقوتهم وقدرتهم إلى درجة الكمال. ولكن قصى بن كلاب من سلالة إسماعيل-عليه السلام الطاهرة ورئيس قبيلة قريش وحد بين القبائل القرشية، وبهذا استطاع أن يطرد بنى خزاعة من مكة المكرمة، وقضى على قوتهم وقدرتهم وخرب دولتهم.
وكان قصى بن كلاب من الحكام الذين حكموا من قبيلة قريش مكة المكرمة وهو جد النبى صلى الله عليه وسلم الأعلى، وانتقل الحكم بعده إلى أبنائه الذين أداروا حكم مكة إلى ظهور الإسلام. وبعد وفاة سيف الحميرى-أى بعد انقراض طبقة ملوك العرب العاربة-انتقلت قطعة اليمن لإدارة قيصر الروم فى القسطنطينية، وطلب قيصر الروم وأتباعه الحبش آن يحملوا على اليمن بجيوشهم، وهكذا انتقل حكم اليمن إلى الحبش وبعد ما استولى الأحباش بعون قيصر الروم بالقسطنطينية على اليمن، وحضر موت طمعوا فى الاستيلاء على بلاد الحجاز وساقوا جيشا كبيرا فى زمان جد النبى صلى الله عليه وسلم عبد المطلب بن هاشم إلى مكة المعظمة، إلا أن الله سبحانه وتعالى-أبادهم بواسطة طير أبابيل.
ولم يبق لملوك العرب بعد سيف الحميرى نفوذ فى جزيرة العرب. وإن كان للبدو الذين ينتقلون فى الصحارى والجبال أمراء من أبناء قحطان وحمير إلا أن حكم هؤلاء الأمراء لم يكن يتعدى حدود أفراد قبائلهم. مثل شيوخ القبائل البدوية الذين يحكمون الآن.
وحكم الأمراء أخلاف ملوك المناذرة (الحيرة) فى شرق شمال جزيرة العرب، وملوك الغساسنة فى نواحى العراق فى جهة الشام.
ولما كان آل جفنة (الغساسنة) يتعينون من قبل قياصرة الروم، والحيرة المناذرة يعينون من قبل أكاسرة العجم بشروط معينة فقد كانوا بمثابة ولاة لهم. لذا كانوا يعزلون ويبدلون وفق إرادتهم.
وأشرقت أنوار سلطان الكون والممالك فى فترة انقرض فيها ملوك العرب العاربة ومحى اسمهم من الوجود
(1)
.
(1)
ما يطلق عليهم «الحبش» فى التواريخ العربية ليسوا الحبش الحاليين بل هم السودانيون الحاليون.