الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الجنود ليستولى على مكة المعظمة والبلاد الحجازية فى سنة 923،فعلم صالح الدين ابن أبى السعود
(1)
بن ظهيرة قاضى مكة الذى كان مسجونا بمصر الأمر، فعرض على السلطان أن الشريف بركات سيخضع للسلطان بلا مخالفة، وسيعرض عليه طاعته وأنه لا داعى لسوق الجيوش إلى مكة المكرمة، إذا ما أذن له السلطان بكتابة رسالة إلى أمير مكة، وبناء على الإذن الصادر له من الإرادة السنية كتب إلى الشريف بركات رسالة يوضح له فيها الأمور. ولما وصلت الرسالة إلى الشريف المشار إليه لم يتردد فى إرسال ابنه أبى نمى برسالة تهنئة خاصة للسلطان إلى مصر. فسر السلطان سليم بوصول أبى نمى إلى مصر، فأيد بقاء والده أميرا على مكة المكرمة ومشاركته له فى الإمارة، وأعاده إلى مكة المكرمة وفى صحبته أعيان مكة الذين كان قبض عليهم السلطان الغورى قديما».
استطراد
إن تسليم أبى نمى الأمانات المقدسة ومفتاح الكعبة إلى السلطان سليم دون أن يطلبها، وتصديقه على خلافة السلطان لأكبر دليل وبرهان على صحة
الرؤيا
الصالحة التى رآها حاجب السلطان حسن أغا وأولت رؤياه أن السلطان مأمور من قبل النبى صلى الله عليه وسلم بالحملة على البلاد العربية.
كان السلطان سليم خان-جعل الله مثواه الجنة-يتحرك وفق ما تراه نفسه من رؤى، أوما يراه من رؤى من يثق فيهم من حاشيته، ولكنه كان يطلع على الرؤيا التى يراها أىّ من حاشيته قبل العرض عليه.
الرؤيا
بينما كان الحاجب السلطانى نائما فى الحجرة الخاصة به بجانب باب الحرم السلطانى ذات ليلة رأى فيما يراه النائم أن الباب المذكور يدق، فقال من الذى
(1)
سبب حبس صلاح الدين عدم تسديد عشرة آلاف دينار مصرى كانت قد فرضت على حكومة مكة ظلما بغير حق من قبل الحكومة المصرية.
يدق الباب؟ ورأى أن جناح الباب ومصراعه قد فتح بحيث يسمح برؤية من فى خارجه فعطف نظره بدقة على مسلحين يشبهون أهل البلاد العربية، وعلى يد كل واحد منهم راية فتعجب من هذا الأمر.
فتقرب الحاجب وهو مندهش من الباب فخاطبه أحد الأربعة الذين اقتربوا منه قائلا: هؤلاء العساكر الذين رأيتهم هم أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، إن النبى صلى الله عليه وسلم أرسلنا إلى سليم خان وفوضه بخدمة الحرمين، هذا الشخص هو الصديق الأعظم وهذا هو عمر الفاروق والذى بجانبى هو عثمان بن عفان. أما أنا فعلى بن أبى طالب هيا أخبر بذلك السلطان!! قالوا هذا وغابوا عن الأنظار».
وظل الحاجب حتى الصباح متحيرا مندهشا، وبعد أداء صلاة الصبح حكى رؤياه لحسن جان الذى ذهب بدوره إلى السلطان وقال له «يا مولاى السلطان!! إن عبدك حسن هذا لم ير الرؤيا، ولكن عبدك الحاجب حسن رأى الرؤيا» وحكى على مسامع السلطان الرؤية بالتفصيل.
لأن السلطان كان قد أمر حسن جان أن يقص له الرؤيا التى رآها فى تلك الليلة عدة مرات. وقال حسن جان وهو يروى الحكاية عند ما بدأ يقص له الرؤيا: «أخذ وجه السلطان يحمر وفى النهاية بكى، وفى ختام الرؤيا خاطب حسن جان قائلا: «يا حسن! ألم أكن أقول لك؟ إننا لا نتحرك إلى جهة ما دون أن نكون مأمورين!! كان آبائى وأجدادى من أصحاب الكرامة، إننا لا نشبههم» وبهذا القول غمط حق نفسه متواضعا ثم أمر بتجهيز حملة مصر رحمه الله رحمة واسعة» انتهى.
مات الشريف بركات عن واحد وسبعين عاما فى سنة 931،كما أن ابنه أبا نمى مات أيضا عن ثمانين عاما فى سنة 992،وجلس على كرسى الإمارة بعد أبى نمى حسن بن أبى نمى.
وكانت مدة إمارة الشريف بركات ثلاثا وخمسين سنة وحكم بمفرده أحيانا، وحكم أحيانا بالمشاركة مع ابنه. ومدة ابن أبى نمى اثنين وسبعين عاما، وشارك أباه مدة اثنى عشر عاما فى الإمارة.
كما اشترك ابن أبى نمى أحمد مع أبى نمى والده ما يقرب من أربع عشرة سنة فى الإمارة، ولكن لما مات أحمد سنة 961 عين مكانه أخوه حسن بن أبى نمى.
وكان السلطان سليمان بن السلطان سليم خان قد استصوب مشاركة الشريف أحمد والده فى الإمارة. لأن سليمان باشا أخذ معه أحمد بن أبى نمى بناء على رغبة أبيه إلى باب السعادة وهو عائد من حملة اليمن، وقد أجلسه السلطان المغفور له من شدة سروره به على يمينه وأشركه فى الإمارة مع أبيه.
قد تولى حسن بن أبى نمى الإمارة ما يقرب من خمسين عاما ومات فى سنة 1010،وهو فى التاسعة والسبعين من عمره فى حرب نجد، وعين مكانه حسن بن أبى نمى بن بركات.
وكان الشريف حسن بن أبى نمى قد أشرك أولا ابنه حسين بن حسن بن أبى نمى، ومن بعده مسعود بن حسن بن أبى نمى فى الإمارة، ولما مات الاثنان واحدا تلو الآخر عين ابنه أبا طالب بن حسن بن أبى نمى، ولما مات هو أيضا سنة 1012 شارك أخوه أبو العون إدريس بن حسن فى تدبير أمور الإدارة.
لما كان الشريف أبو طالب يشارك أباه فى الإمارة كان السلطان محمد خان أرسل لحسن بن أبى نمى سيفا ذا قبضة مرصعة.
وعند ما وصل هذا السيف المرصع إلى مكة المعظمة اجتمع الأعيان والأشراف والضباط مع جنودهم ومشايخ القبائل فى حرم المسجد الحرام الشريف، وألبس الشريف حسن بين بئر زمزم والملتزم ابنه أبا طالب خلعة فاخرة بيده، وأمر بذكر اسم ابنه أبى طالب على المنابر بعد ذكر اسم السلطان.
لما أصبح إدريس بن حسن بن أبى نمى نائبا عن والده أشرك فى الإمارة أخاه فهيد بن حسن مع ابن أخيه محسن بن حسن بن أبى نمى باتفاق آراء الأشراف، ولما مات الشريف فهيد سنة 1020 فى باب السعادة
(1)
.والشريف إدريس أيضا
(1)
والذى يدل على تاريخ وفاة الشريف فهيد بن حسن المصراع الآتى «ممات بالروم فهيد الحسن» .