الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحد أن يزوجه بنته ولو كان وضيع القدر قائلين فأخوها خاله لذا فهو وضيع النسب.
والأشراف الذين فى مكة المكرمة والمدينة المنورة وحواليهما يحبون التسرى كلهم وكذلك بعض مشايخ العربان. إلا أن الأولاد الذين يولدون من جواريهم يظلون مثل العبيد بجانب أولادهم الذين ينجبونهم من زوجاتهم العربيات والناس ينظرون إليهم كذلك بنفس النظرة.
حفل الختان:
يختن العربان أولادهم الذكور فى صورة مسنونة
(1)
فى اليوم السابع من ولادتهم، وبعضهم فى يوم الأربعين وبعضهم فيما بعد.
وقد تعود عربان بنى هذيل الذين يسكنون بجانب مكة المكرمة ألا يختنوا أبناءهم إلا عند الزواج فعندما يقررون عقد زواجهم عندئذ يختنونهم. وعند ما يقرر ختان ذلك الفتى فمن عادة القرى المجاورة وكل واحد من المدعوين أنهم يهدون لصاحب الحفل كل على حسب قدرته خروفا واحدا أو أكثر أو جملا أو شاة أو ثورا.
كما أن من عادتهم أن يسوق كل فرد ما يريد أن يهديه من الحيوانات أمامه وأن يذهب إلى القرية التى سيحتفل فيها قبل الختان بيوم أو يومين.
ولما كان الذهاب إلى محل الحفل منفردا خلاف الأصول، فيتجمع المدعوون فى جماعات تتكون من خمسين شخصا، أو ستين ويذهبون معا، لذا كلما يحتفل بحفل ختان يتجمع سكان عدة قرى معا ويخرجون إلى الطريق وهم يطلقون بنادقهم ومسدساتهم وعند ما يقتربون من القرية التى فيها العرس يشرعون فى إلقاء القصائد الشعرية التى تمدح صاحب الحفل وتتغنى بأوصافه عن فهم واحد ويأخذ بعضهم يرقص أمام المدعوين ممسكا بالبندقية وسنان الرماح والحراب.
وحينما يعرف صاحب الحفل أن المدعوين قد وصلوا إلى خارج القرية يستقبل
(1)
يعنى أن الختان سنة من سنن الفطرة فى البيئة العربية.
أهالى القرية الضيوف مطلقين البنادق والمسدسات ويلقون أمامهم القصائد والأبيات ويمدحونهم ويوصلونهم إلى أماكنهم الخاصة بهم.
ولما يصل المدعوون إلى أماكنهم الخاصة بهم التى أعدت من قبل يعطى صاحب البيت لكل عشرة منهم خروفآ ومقدارا كافيا من الأرز وقدرا كبيرة ويرجوهم أن يتصرفوا كما يحلو لهم حيث يوجدون.
والأماكن التى يقيم فيها المدعوون ليست فى المنازل والبيوت وإنما فى واد خارج القرية أو على سفح الجبل.
ويذبح المدعوون فى هذا المكان ما أهدى لهم من الخرفان ويسلقونها فيقطعونها ويأكلونها ثم يضعون فى حسائها الأرز ويتناولونه.
ثم يجتمع كل أهالى الخيم والقرى فى المكان المعين لهم حيث يوقدون نارا عظيمة وينقسمون إلى قسمين حول النار قائمين وواقفين ويلقون المدائح ويظهرون مهاراتهم الكلامية وهكذا يقضون أوقاتهم فى الفرح والسرور.
ويجتمع المدعوون فى اليوم الثانى فى المكان الذى سيختتن فيه الغلام سائرين من أماكن نزولهم وهم يرقصون الرقصة التى يطلقون عليها «آردا»
(1)
جاعلين الغلام الذى سيختن أمامهم مع بعض أقاربه وتاركين النساء خلفهم فى موكب حافل حتى يصلوا إلى مكان الاحتفال بالختان، وبعد ذلك ينسحب اثنان من أقارب الغلام الذى ستجرى له عملية الختان وأقارب البنت.
ويفصل الغلام الذى سيختتن عن الجماعة وفى يديه خنجر جنبية ويقف أمام الشخص الذى سيجرى العملية قائما ويأخذ فى الفخر ملقيا بعض الأشعار الحماسية وقائلا «أنا ابن فلان بن فلان» ويأخذ فى تعداد آبائه وأجداده ويخرج من يقوم بإجراء الختان سكينا فى غاية الشحذ ويبدأ فى سلخ جلد الغلام ابتداء من منبت الشعر إلى مقعده ويخرج الجلد كاملا فى ظرف دقيقتين مع جلد ذكره.
وبناء على ذلك فمهما شعر المختتن بالآلام والأوجاع فيجب عليه أن يصبر وأن
(1)
نوع من الرقص الذى يؤدى بالبنادق وهو من رقصات الحرب.
يتحمل ويظهر ثباتا وهو يلقى كلمات فخر وأشعار نظمت لأجل هذا الغرض دون أن يتوقف أو يتألم حتى انتهاء العملية.
والذى يتحملون آلام الختان بكل صبر وجلد دون أن يبالى بآلامه الرهيبة يقابل من جانب عشيرته بكل ثناء وتمجيد كما يستحسن من قبل الخطيبة وبمجرد أن يلتئم جرحه يتزوجان.
ولا تلتئم مثل هذه الجروح إلا بعد أربعة أشهر وبما أنه لا ينجو من هذه العملية أربعون فى المائة من المختتنين، إلا أن أفراد القبيلة المذكورة يعدون هذا النوع من الختان علامة الشجاعة والرجولة فإنهم لا يتخلون عن هذه العادة وإن تأكدوا أن المختتن سيموت.
وإن كان أفراد قبيلة هذيل محبين لهذا النوع من عملية الختان ومصرين على إجرائها متحدين قبليا إلا أن الأطفال لا يختنون قبل بلوغ خمس عشرة سنة أو عشرين. ويجرون عملية الختان هذه فى أيام العيد.
ويعد عربان تلك القبيلة إجراء العملية التى تخالف الشرع والإنسانية من المحسنات الدينية وفق مذهبهم.
وإذا وجد بينهم من لا يرضى بهذا النوع من الختان وفضل الختان وفقا لأحكام الشريعة الغراء فلا يعد ابنه بين النساء رجلا ولا ترضى أية فتاة بالزواج بمن اختتن على هذه الصورة.
وبعد أن يختتن الفتى على هذه الصورة وينجو بنفسه من يد المختن يتقدم عدة خطوات إلى الأمام ويأخذ فى الفخر قائلا: «أنا فلان بن فلان» ويدعى الشجاعة ويجرى ما يقرب من مائة خطوة ليثبت شجاعته عمليا، ثم يجعل المحتفلون الفتى أمامهم ويلفون به أطراف القرية الأربعة بينما الرجال يطلقون البنادق. والنساء تضربن على الدف وتنشدن المواويل ثم يؤتى به فى بيته حيث يرقد ثم يأكلون ما أعده صاحب البيت من طعام الحمير ويعودون إلى منازلهم.
وطعام الحمير هذا الدقيق المطبوخ وعليه زيت الزيتون. وبينما يرقد الفتى على السرير أو الفرش ينثر أقاربه على رأسه حفنة من الزبيب وبهذا يعلنون نهاية الحفل.