الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والآن كل من يكتب هذا الحديث على بيضة ويكسرها ضاربا على جبهة الحيوان المعلول ويمسح فم الحيوان بهذه البيضة يزول عن الحيوان بإذن الله أوجاعه.
تحمل الجوع والعطش:
أغنياء البدو وأصحاب الثروة منهم قليلون جدا. والفقراء وأصحاب الحاجة فيهم كثيرون. وعربان القبائل من الأقوام التى تتحمل الشدائد وتصبر على الفقر والجوع وليس فى العالم قوم يتحملون ذلك مثلهم. والذى يشبع منهم مرة فى خلال أربعة وعشرين ساعة يعد نفسه سعيدا ولا يحصى عدد الذين يظلون جوعى عدة أيام متحملين ذلك وصابرين على الجوع.
والبدو الذين يخرجون إلى الطريق للذهاب إلى مكان ما يأخذون معهم زاد يوم واحد بدلا من زاد أسبوع. وإذا صادفوا فى طريقهم بعض خيم البدو ينزلون عندهم ضيوفا ويشبعون بطونهم. وإذا لم يصادفوا فى طريقهم مثل هذه الخيم أو لم يمروا بقرية ما، فإنهم يعيشون بهذا الزاد القليل مدة أسبوع. كما أنهم يعيشون بتناول الأعشاب التى تنمو بجانب الأغادير التى تكونت من أثر مياه الأمطار.
وعندما يتجهون إلى مكان ما للإغارة على بعضهم بما أنهم لا يملكون القمح والأرز فإنهم يطحنون الدخن وأوراق الأشجار التى يطلقون عليها اسم «بروق» ويعودون بما يلزمهم قدر حاجاتهم من الدقيق وكلما يجوعون يضعون فى أفواههم قدرا منه ويشربون ماء. ولا سيما عندما تقل الأمطار ويزيد القحط والغلاء يعيشون ببذور أشجار العرر.
ويصل قدر تحمل البدو للجوع إلى هذه الدرجة إلا أن تحملهم للعطش أكثر من ذلك إذ يطوون البوادى الخالية من المياه ومسافات طويلة، عندما تهب رياح السموم بكل قوة وفى المواسم التى لا يستطيع الإنسان أن يسير من شدة الحرارة، سائرين على أرجلهم أو راكبين.
وبما أنهم يعيشون هكذا جوعى دون مداواة يلزم أن تكون صحتهم أقل من
الأقوام الأخرى (من أهل الحضر) إلا أنه بالعكس فصحتهم جيدة وأجسامهم قوية إلا أن قوة أجسامهم لا تكتمل فبنية أجسامهم نحيفة وهم فى غاية خفة الدم.
وبينهم من تجاوز سنهم المائة ومع ذلك يحتفظ بصفى أسنانه كاملين.
ولما كانت هذه الطوائف تنتقل من بادية إلى بادية غير مستقرة فى مكان ما ولا ينهمكون فى تناول أطعمة مختلفة، ويعيشون فى أماكن ذات هواء نقى سليم فإنه ليس فيهم من أصابته الحصبة إلا قليلا.
ولما كان العربان مقتنعين بأن الحصبة مرض معد مهلك جرت عادتهم إذا أصاب أى واحد منهم هذا المرض وإن كان ابنه الوحيد فإنه يتركه عند من أصابه المرض من قبل وإذا لم يجد مثل ذلك الرجل يترك وحيدا. هذه العقيدة خاصة بالبدو الذين يسكنون فى الصحارى، إلا أن سكان القرى والمدن فى الجزيرة العربية والأماكن الأخرى والمتمدنين منهم لا يهربون ممن يصاب فى صباه بالحصبة، بل يعدون الأدوية الخاصة بها ويعالجونه.