الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ صديق خان: وكان عالي الهمة، ثابت العزم، حزوما، ذا خبرة بتقلبات الأيام، بصيرا بعواقب الأمور، حسن الخلق، عذب الفكاهة، أديبا متفننا، زاد في عمارة الدرعية وبنى فيها المساجد والقصور وجعلها حاضرة أمارته، وكان الناس يميلون إليه ويرغبون التقرب منه لكثرة حلمه واتضاع جانبه، وكان يأبى سفك الدماء.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن محمد العاصمي: وهو أشهر من أن ينبه على سيرته، قد انصبغت في القلوب مودته وظهر حسن خليقته، ونطقت الألسن بحسن طريقته وسارت الركبان بنشر فضيلته، كان في العبادة والزهادة فردا، محافظا على أوراده متأهبا لمعاده. توفي رحمه الله سنة تسع وسبعين ومائة وألف.
موقفه من المبتدعة:
لقد انتهى بنا المطاف في هذه المسيرة المباركة إلى رجل جعل الله إنقاذ العالم على يديه من ورطة الشرك والخرافات، التي أطبقت على العالم الإسلامي. وقد بين المؤلفون في ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حالة العالم الإسلامي -الأصدقاء والأعداء منهم- بيانا شافيا. ولنمسك الأقلام عن ذكر أعمال هذا الإمام، فإنها تحتاج إلى تأليف خاص وهو جدير بذلك. وينبغي أن يعترف بالفضل لأهله، فإن هذا الرجل له حق الدعاء بالخير على كل سلفي يأتي بعده، فإن الله تعالى بارك في مسيرته، حتى وصلت إلى أرجاء العالم الإسلامي. وسأكتفي بذكر صلته بشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ولقائه به، وبيان الشيخ لهذا الإمام المبارك الدعوة السلفية.
- جاء في روضة ابن غنام:
…
فخرج الشيخ سنة سبع أو ثمان وخمسين ومائة وألف من العيينة إلى بلدة الدرعية، فنزل في الليلة الأولى على عبد الله بن سويلم، ثم انتقل في اليوم التالي إلى دار تلميذه الشيخ أحمد بن سويلم، فلما سمع بذلك الأمير محمد بن سعود، قام من فوره مسرعا إليه ومعه أخواه ثنيان ومشاري، فأتاه في بيت أحمد بن سويلم، فسلم عليه، وأبدى له غاية الإكرام والتبجيل، وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده.
فأخبره الشيخ بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دعا إليه، وما كان عليه صحابته رضي الله عنهم من بعده وما أمروا به وما نهوا عنه، وأن كل بدعة ضلالة، وما أعزهم الله به بالجهاد في سبيل الله وأغناهم به وجعلهم إخوانا. ثم أخبره بما عليه أهل نجد في زمنه من مخالفتهم لشرع الله وسنة رسوله بالشرك بالله تعالى والبدع والاختلاف والظلم.
فلما تحقق الأمير محمد بن سعود معرفة التوحيد، وعلم ما فيه من المصالح الدينية والدنيوية قال له: يا شيخ إن هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه؛ فأبشر بالنصرة لك ولما أمرت به والجهاد لمن خالف التوحيد، ولكن أريد أن أشترط عليك اثنتين: نحن إذا قمنا في نصرتك والجهاد في سبيل الله وفتح الله لنا ولك البلدان أخاف أن ترتحل عنا وتستبدل بنا غيرنا. والثانية: أن لي على الدرعية قانونا آخذه منهم في وقت الثمار وأخاف أن تقول لا تأخذ منهم شيئا.
فقال الشيخ: أما الأولى فابسط يدك: الدم بالدم والهدم بالهدم. وأما الثانية فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منها.