الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.
موقفه من المبتدعة:
له من الآثار ما ذكر في الترجمة: المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات وهو مطبوع طبعات متعددة، وفي وقت مبكر، وفيه ما يستفاد منه غير أنه فيه ما يحذر منه، ففيه كما ذكرت آنفا من دعوات صريحة إلى بعض البدع المنكرة لا سيما بدع القبورية وخرافاتهم وشركياتهم، فليكن القارئ منه على حذر، فإن الكتاب مشهور في الأوساط العلمية.
وقد تتبعه -كما ذكرت- أخونا الفاضل محمد بن عبد الرحمن الخميس، وأبان المواطن التي ينبغي أن تُحْذَرَ منه، في جزء صغير سماه 'المنخل لغربلة خرافات ابن الحاج في المدخل' وأتبع كل خرافة بما يناسب من التعليق فجزاه الله خيرا، ورأيت أن أورد هنا من هذه الخرافات شاهدا على ما قلنا:
جاء في المدخل: وكذلك يدعو عند هذه القبور عند نازلة نزلت به أو بالمسلمين، ويتضرع إلى الله تعالى في زوالها وكشفها عنه وعنهم. وهذه صفة زيارة القبور عموما، فإن كان الميت المزار ممن ترجى بركته، فيتوسل إلى الله تعالى به، وكذلك يتوسل الزائر بمن يراه الميت (1) ممن ترجى بركته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بل يبدأ بالتوسل إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم، إذ هو العمدة في التوسل، والأصل في هذا كله، والمشرع له، فيتوسل به صلى الله عليه وسلم وبمن تبعه بإحسان إلى يوم الدين. (2)
(1) هكذا بالأصل.
(2)
المدخل (1/ 248).
وقال:
…
ثم يتوسل بتلك المقابر، أعني بالصالحين منهم في قضاء حوائجه، ومغفرة ذنوبه، ثم يدعو لنفسه ولوالديه ولمشايخه ولأقاربه ولأهل تلك المقابر ولأموات المسلمين ولأحيائهم وذريتهم إلى يوم الدين، ولمن غاب عنه من إخوانه، ويجأر إلى الله تعالى بالدعاء عندهم، ويكثر التوسل بهم إلى الله تعالى، لأنه سبحانه وتعالى اجتباهم وشرفهم وكرمهم، فكما نفع بهم في الدنيا ففي الآخرة أكثر. فمن أراد حاجة فليذهب إليهم ويتوسل بهم، فإنهم الواسطة بين الله تعالى وخلقه. (1)
وقال: ثم نرجع إلى ما كنا بسبيله من زيارة القبور فيما ذكر من الآداب، وهو في زيارة العلماء والصلحاء ومن يتبرك بهم.
وأما عظيم جناب الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فيأتي إليهم الزائر ويتعين عليه قصدهم من الأماكن البعيدة، فإذا جاء إليهم فليتصف بالذل والانكسار والمسكنة والفقر والفاقة والحاجة والاضطرار والخضوع، ويحضر قلبه وخاطره إليهم، وإلى مشاهدتهم بعين قلبه لا بعين بصره، لأنهم لا يبلون ولا يتغيرون، ثم يثني على الله تعالى بما هو أهله، ثم يصلي عليهم ويترضى عن أصحابهم، ثم يترحم على التابعين بإحسان إلى يوم الدين، ثم يتوسل إلى الله تعالى بهم في قضاء مآربه ومغفرة ذنوبه، ويستغيث بهم ويطلب حوائجه منهم، ويجزم بالإجابة ببركتهم، ويقوي حسن ظنه في ذلك فإنهم باب الله المفتوح.
وجرت سنته سبحانه وتعالى في قضاء الحوائج على أيديهم وبسببهم،
(1) المدخل (1/ 249).
ومن عجز عن الوصول إليهم، فليرسل بالسلام عليهم، ويذكر ما يحتاج إليه من حوائجه، ومغفرة ذنوبه، وستر عيوبه إلى غير ذلك، فإنهم السادة الكرام، والكرام لا يردون من سألهم، ولا من توسل بهم، ولا من قصدهم، ولا من لجأ إليهم.
هذا الكلام في زيارة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام عموما
…
(1)
وهكذا استرسل الشيخ رحمه الله في هذا الهذيان، الذي أغنانا عنه الأئمة بالبيان، وكشفوا ما فيه من الغلط والانحراف، والمعصوم من عصمه الله، والله المستعان.
السلطان الناصر محمد بن قلاوون (2)(741 هـ)
الملك الناصر محمد بن قلاوون بن عبد الله الصالحي بن المنصور. ولد سنة أربع وثمانين وستمائة. سمع من ست الوزراء وابن الشحنة، ووجدت له إجازة بخط البرزالي من ابن مشرف وعيسى المغاري وجماعة.
قال ابن جحر: كان مطاعا مهيبا عارفا بالأمور، يعظم أهل العلم والمناصب الشرعية؛ لا يقرر فيها إلا من يكون أهلا لها، ويتحرى لذلك ويبحث عنه.
كانت وفاته في تاسع عشر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين سبعمائة
(1) المدخل (1/ 251 - 252).
(2)
البداية والنهاية (14/ 202 - 203) وذيل العبر (2/ 431) والدرر الكامنة (4/ 144 - 148) وشذرات الذهب (6/ 134 - 135).