الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1) فأثبت لهم إسلاما وطاعة لله ورسوله مع نفي الإيمان عنهم، وهو الإيمان المطلق الذي يستحق اسمه بمطلقه:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (2). وهؤلاء ليسوا منافقين في أصح القولين، بل هم مسلمون بما معهم من طاعة الله ورسوله، وليسوا مؤمنين، وإن كان معهم جزء من الإيمان، أخرجهم من الكفر. (3)
موقفه من المرجئة:
- قال في حاشيته على سنن أبي داود تعليقا على قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني
…
» (4) الحديث: وفي لفظ في الصحيحين «ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع إليه الناس فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن -وزاد مسلم- ولا يغل حين يغل وهو مؤمن، فإياكم إياكم» .
وزاد أبو بكر البزار فيه في المسند «ينزع الإيمان من قلبه. فإن تاب تاب الله عليه» .
وأخرج البخاري في صحيحه (5) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(1) الحجرات الآية (14).
(2)
الحجرات الآية (15).
(3)
كتاب الصلاة وحكم تاركها (ص.60).
(4)
تقدم تخريجه ضمن مواقف الحسن البصري سنة (110هـ).
(5)
البخاري (12/ 136/6809) والنسائي في الكبرى (4/ 268/7135).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن، ولا يقتل حين يقتل وهو مؤمن» قال عكرمة: "قلت لابن عباس: كيف ينزع الإيمان منه؟ قال: هكذا -وشبك بين أصابعه، ثم أخرجها- فإن تاب عاد إليه هكذا -وشبك بين أصابعه".
وروى ابن صخر في الفوائد من حديث محمد بن خالد المخزومي عن سفيان الثوري عن زبيد اليامي عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اليقين الإيمان كله» وذكره البخاري في صحيحه موقوفاً على ابن مسعود. (1)
وفي صحيح مسلم عن أبي قتادة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فيهم. فذكر الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أفضل الأعمال» الحديث (2).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: «الإيمان بالله» . قال: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» . قال: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» . (3)
وفي لفظ: «إيمان بالله ورسوله» وترجم عليه البخاري: (باب من قال: إن الإيمان هو العمل. لقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ
(1) تقدم ضمن مواقفه سنة (32هـ).
(2)
أخرجه: أحمد (5/ 297) ومسلم (3/ 1501/1885) والترمذي (4/ 184/1712) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والنسائي (6/ 341/3156).
(3)
أخرجه: أحمد (2/ 264) والبخاري (1/ 105/26) ومسلم (1/ 88/83) والنسائي (8/ 469/5000).
تَعْمَلُونَ} (1) وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2): عن قول لا إله إلا الله).
وفي الصحيحين عن أبي ذر الغفاري قال: «قلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: الإيمان بالله والجهاد في سبيله» الحديث. (3)
وروى البزار في مسنده من حديث عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من جمعهن، فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار» . (4)
وذكره البخاري في صحيحه عن عائشة من قولها.
وقال البخاري قال معاذ: (اجلس بنا نؤمن ساعة)(5) وقال البخاري في الصحيح: (باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان، وعلم الساعة وبيان النبي صلى الله عليه وسلم له، ثم قال «جاء جبريل يعلمكم دينكم» فجعل ذلك كله ديناً). (6)
(1) الزخرف الآية (72).
(2)
الحجر الآيتان (92 و93).
(3)
أخرجه: أحمد (5/ 163) والبخاري (5/ 185/2518) ومسلم (1/ 89/84) والنسائي في الكبرى (3/ 172/4894) وابن ماجه (2/ 843/2523).
(4)
تقدم تخريجه موقوفا ضمن مواقفه سنة (37هـ). وأما المرفوع فقال الحافظ في الفتح (1/ 112): "استغربه البزار، وقال أبو زرعة: هو خطأ. قلت: وهو معلول من حيث صناعة الإسناد، لأن عبد الرزاق تغير بآخرة، وسماع هؤلاء منه في حال تغيره، إلا أن مثله لا يقال بالرأي فهو في حكم المرفوع. وقد رويناه مرفوعا من وجه آخر عن عمار أخرجه الطبراني في الكبير وفي إسناده ضعف، وله شواهد أخرى بينتها في تعليق التعليق".
(5)
تقدم ضمن مواقفه سنة (18هـ).
(6)
كتاب الإيمان (1/ 153).
وما بين النبي صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس من الإيمان (1) وقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (2) وفي حديث الشفاعة المتفق على صحته: «أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان» وفي لفظ: «مثقال دينار من إيمان» وفي لفظ: «مثقال شعيرة من إيمان» وفي لفظ: «مثقال خردلة من إيمان» وفي لفظ: «انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان» وفي لفظ: «إذا كان يوم القيامة شفعت، فقلت: يا رب، أدخل الجنة من كان في قلبه خردلة من إيمان، فيدخلون. ثم أقول: أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى شيء. قال أنس: كأني أنظر إلى أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
وفي لفظ عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة. ثم قال: يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن برة. ثم يخرج من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة» .
وترجم البخاري على هذا الحديث: (باب زيادة الإيمان ونقصانه وقوله تعالى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (3) وقال: {ويزداد الَّذِينَ آَمَنُوا إِيمَانًا} (4) وقال:
(1) تقدم تخريجه ضمن مواقف ابن الصلاح سنة (643هـ).
(2)
آل عمران الآية (85).
(3)
الكهف الآية (13).
(4)
المدثر الآية (31).
{اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (1) فإذا ترك شيئاً من الكمال فهو ناقص).
وكل هذه الألفاظ التي ذكرناها في الصحيحين، أو أحدهما. (2)
والمراد بالخير في حديث أنس الإيمان، فإنه هو الذي يخرج به من النار. وكل هذه النصوص صحيحة صريحة لا تحتمل التأويل في أن نفس الإيمان القائم بالقلب يقبل الزيادة والنقصان، وبعضهم أرجح من بعض.
وقال البخاري في صحيحه: قال ابن أبي مليكة: "أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم من أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل". (3)
وقال البخاري أيضاً: (باب الصلاة من الإيمان وقوله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (4) يعني صلاتكم عند البيت) ثم ذكر حديث تحويل القبلة. (5)
وأقدم من روي عنه زيادة الإيمان ونقصانه من الصحابة: عمير بن
(1) المائدة الآية (3).
(2)
أحمد (3/ 116) والبخاري (1/ 138 - 139/ 44) وله أطراف، ومسلم (1/ 182/193 [325]) والترمذي (4/ 613/2593) وابن ماجه (2/ 1442 - 1443/ 4312).
(3)
تقدم تخريجه ضمن مواقفه سنة (117هـ).
(4)
البقرة الآية (143).
(5)
أخرجه من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: أحمد (4/ 304) والبخاري (1/ 128/40) ومسلم (1/ 374/525) والترمذي (2/ 169 - 170/ 340) وقال: "حديث البراء حديث حسن صحيح". والنسائي (1/ 262 - 263/ 487و488) وابن ماجه (1/ 322 - 323/ 1010).
حبيب الخطمي. (1)
- وقال تمثيلاً لقاعدة الأمر المطلق ومطلق الأمر: إن من بعض أمثلة هذه القاعدة: الإيمان المطلق ومطلق الإيمان، فالإيمان المطلق لا يطلق إلا على الكامل الكمال المأمور به، ومطلق الإيمان يطلق على الناقص والكامل، ولهذا نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان المطلق عن الزاني وشارب الخمر والسارق، ولم ينف عنه مطلق الإيمان لئلا يدخل في قوله:{وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)} (2) ولا في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)} (3) ولا في قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (4) إلى آخر الآيات ويدخل في قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (5) وفي قوله: {وَإِنْ طائفتان مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} (6) وفي قوله: «لا يقتل مؤمن بكافر» (7) وأمثال ذلك. فلهذا كان قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (8) نفياً للإيمان المطلق
(1) مختصر سنن أبي داود (7/ 53 - 56).
(2)
آل عمران الآية (67).
(3)
المؤمنون الآية (1).
(4)
الأنفال الآية (2).
(5)
النساء الآية (91).
(6)
الحجرات الآية (9).
(7)
أخرجه: أحمد (1/ 79) والبخاري (1/ 271/111) والترمذي (4/ 17/1412) وقال: "حديث حسن صحيح" والنسائي (8/ 392/4758) وابن ماجه (2/ 887/2658) من حديث علي رضي الله عنه.
(8)
الحجرات الآية (14).
لا لمطلق الإيمان لوجوه منها: أنه أمرهم أو أذن لهم أن يقولوا أسلمنا والمنافق لا يقال له ذلك. ومنها أنها قال: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ} ولم يقل: قال المنافقون، ومنها، أن هؤلاء الجفاة الذين نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات ورفعوا أصواتهم فوق صوته غلظة منهم وجفاء، لا نفاقا وكفرا. ومنها أنه قال:{وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (1)
ولم ينف دخول الإسلام في قلوبهم، ولو كانوا منافقين لنفى عنهم الإسلام كما نفى الإيمان. ومنها أن الله تعالى قال:{وإن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} (2) أي لا ينقصكم والمنافق لا طاعة له. ومنها أنه قال: {يمنون عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ} (3) فأثبت لهم إسلاما ونهاهم أن يمنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو لم يكن إسلاما صحيحا لقال لم تسلموا بل أنتم كاذبون كما كذبهم في قولهم:{نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} (4) لما لم تطابق شهادتهم اعتقادهم. ومنها أنه قال: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ} (5) ولو كانوا منافقين لما من عليهم. ومنها أنه قال: {أَنْ هَدَاكُمْ
(1) الحجرات الآية (14) ..
(2)
الحجرات الآية (14).
(3)
الحجرات الآية (17).
(4)
المنافقون الآية (1).
(5)
الحجرات الآية (17).