المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من الرافضة: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٨

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من الدكاكي الزنديق (741 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف سلطان الوقت من محمد بن عبد المعطي المخرف (760 ه

- ‌موقف السلف من محمد زبالة الزنديق (761 ه

- ‌موقف السلف من عثمان بن محمد الدقاق الزنديق (761 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من محمود بن إبراهيم الشيرازي الرافضي (766 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من عبد الرحمن بن الأشعث ومن بايع له:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الزنادقة والمشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌الجزولي وضلاله (870 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌ابن حجر الهيتمي (973 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌عبد الوهاب الشعراني: ترهاته ومخازيه (973 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌إبراهيم بن سليمان الحنفي الأزهري (كان حيا سنة 1100 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌الشيخ مربد بن أحمد بن عمر التميمي وعداؤه للدعوة السلفية (1181 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

الفصل: ‌موقفه من الرافضة:

الهدى ابن مريم فيقتله، ويظهر للخلائق أنه كان كاذبا مفتريا، ولو كان إلها لم يقتل فضلا عن أن يصلب ويسمر ويبصق في وجهه، وإن كان المسيح إنما ادعى أنه عبد ونبي ورسول كما شهدت به الأناجيل كلها ودل عليه العقل والفطرة وشهدتم أنتم له بالإلهية -وهذا هو الواقع- فلم تأتوا على إلهيته ببينة غير تكذيبه في دعواه، وقد ذكرتم عنه في أناجيلكم في مواضع عديدة ما يصرح بعبوديته وأنه مربوب مخلوق، وأنه ابن البشر، وأنه لم يدع غير النبوة والرسالة، فكذبتموه في ذلك كله وصدقتم من كذب على الله وعليه. (1)

‌موقفه من الرافضة:

- قال: ولما كان التلقي عنه صلى الله عليه وآله وسلم على نوعين: نوع بوساطة ونوع بغير وساطة، وكان التلقي بلا وساطة حظ أصحابه الذين حازوا قصبات السباق، واستولوا على الأمد، فلا طمع لأحد من الأمة بعدهم في اللحاق، ولكن المبرز من اتبع صراطهم المستقيم، واقتفى منهاجهم القويم، والمتخلف من عدل عن طريقهم ذات اليمين وذات الشمال، فذلك المنقطع التائه في بيداء المهالك والضلال، فأي خصلة خير لم يسبقوا إليها؟ وأي خطة رشد لم يستولوا عليها؟ تالله لقد وردوا رأس الماء من عين الحياة عذبا صافيا زلالا، وأيدوا قواعد الإسلام فلم يدعوا لأحد بعدهم مقالا، فتحوا القلوب بعدلهم بالقرآن والإيمان، والقرى بالجهاد بالسيف والسنان، وألقوا إلى التابعين ما تلقوه من مشكاة النبوة خالصا صافيا، وكان سندهم فيه عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم عن جبريل عن رب العالمين سندا

(1) هداية الحيارى (275 - 279).

ص: 317

صحيحا عاليا. وقالوا: هذا عهد نبينا إلينا وقد عهدنا إليكم، وهذه وصية ربنا وفرضه علينا وهي وصيته وفرضه عليكم، فجرى التابعون لهم بإحسان على منهاجهم القويم، واقتفوا على آثارهم صراطهم المستقيم، ثم سلك تابعو التابعين هذا المسلك الرشيد، وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد، وكانوا بالنسبة إلى من قبلهم كما قال أصدق القائلين:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14)} (1) ثم جاءت الأئمة من القرن الرابع المفضل في إحدى الروايتين، كما ثبت في الصحيح من حديث أبي سعيد (2) وابن مسعود (3)

وأبي هريرة (4) وعائشة (5) وعمران بن حصين (6)، فسلكوا على آثارهم اقتصاصا، واقتبسوا هذا الأمر عن مشكاتهم اقتباسا، وكان دين الله سبحانه أجل في صدورهم، وأعظم في نفوسهم، من أن يقدموا عليه رأيا أو معقولا أو تقليدا أو قياسا، فطار لهم الثناء الحسن في العالمين، وجعل الله سبحانه لهم لسان صدق في الآخرين، ثم سار على آثارهم الرعيل الأول من

(1) الواقعة الآيتان (13 - 14).

(2)

أخرجه: البخاري (6/ 110/2897) ومسلم (4/ 1962/2532) وورد عند مسلم في رواية ذكر القرن الرابع. قال الحافظ ابن حجر في الفتح (7/ 6): "وهذه رواية شاذة، وأكثر الروايات مقتصر على الثلاثة".

(3)

رواه البخاري (5/ 324/2652) ومسلم (4/ 1962 - 1963/ 2533) والترمذي (5/ 652/3859) والنسائي في الكبرى (3/ 494 - 495/ 6031) وابن ماجه (2/ 791/2362) ..

(4)

رواه أحمد (2/ 228) ومسلم (4/ 1963 - 1964/ 2534).

(5)

رواه أحمد (6/ 156) ومسلم (4/ 1965/2536).

(6)

رواه البخاري (5/ 324/2651) ومسلم (4/ 1964/2535) والترمذي (4/ 434/2221)، وورد ذكر القرن الرابع من حديث عمران خارج الصحيحين ومن حديث غيره أيضاً كما تقدم بعض ذلك، ولا يصح شيء من ذلك كما حققه الشيخ الألباني رحمه الله في الضعيفة برقم (3569)، والله أعلم.

ص: 318

أتباعهم، ودرج على منهاجهم الموفقون من أشياعهم، زاهدين في التعصب للرجال، واقفين مع الحجة والاستدلال، يسيرون مع الحق أين سارت ركائبه، ويستقلون مع الصواب حيث استقلت مضاربه، إذا بدا لهم الدليل بأُخْذته طاروا إليه زرافات ووحدانا، وإذا دعاهم الرسول إلى أمر انتدبوا إليه ولا يسألونه عما قال برهانا، ونصوصه أجل في صدورهم وأعظم في نفوسهم من أن يقدموا عليها قول أحد من الناس، أو يعارضوها برأي أو قياس. (1)

-وفيه: وكذلك المشركون على اختلاف شركهم، إذا جرد لهم التوحيد وتليت عليهم النصوص المبطلة لشركهم اشمأزت قلوبهم، وثقلت عليهم، ولو وجدوا السبيل إلى سد آذانهم لفعلوا، ولذلك تجد أعداء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا نصوص الثناء على الخلفاء الراشدين وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقل ذلك عليهم جدا، وأنكرته قلوبهم، وهذا كله شبه ظاهر، ومثل محقق من إخوانهم من المنافقين في المثل الذي ضربه الله لهم بالماء، فإنهم لما تشابهت قلوبهم تشابهت أعمالهم. (2)

- وفيه أيضا: وأما علي بن أبي طالب عليه السلام فانتشرت أحكامه وفتاويه، ولكن قاتل الله الشيعة؛ فإنهم أفسدوا كثيرا من علمه بالكذب عليه، ولهذا تجد أصحاب الحديث من أهل الصحيح لا يعتمدون من حديثه وفتواه إلا ما كان من طريق أهل بيته، وأصحاب عبد الله بن مسعود: كعبيدة السلماني وشريح وأبي وائل ونحوهم، وكان رضي الله عنه وكرم وجهه

(1) إعلام الموقعين (1/ 5 - 7).

(2)

إعلام الموقعين (1/ 151 - 152).

ص: 319

يشكو عدم حملة العلم الذي أودعه كما قال: إن ههنا علما لو أصبت له حملة. (1)

- وجاء في مدارج السالكين: فصل في بيان تضمنها للرد على الرافضة وذلك من قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخرها.

ووجه تضمنه إبطال قولهم: أنه سبحانه قسم الناس إلى ثلاثة أقسام "منعم عليهم" وهم أهل الصراط المستقيم، الذين عرفوا الحق واتبعوه. و"مغضوب عليهم" وهم الذين عرفوا الحق ورفضوه. و"ضالون" وهم الذين جهلوه فأخطأوه. فكل من كان أعرف للحق، وأتبع له: كان أولى بالصراط المستقيم.

ولا ريب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم: هم أولى بهذه الصفة من الروافض. فإنه من المحال أن يكون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم جهلوا الحق وعرفه الروافض، أو رفضوه وتمسك به الروافض.

ثم إنا رأينا آثار الفريقين تدل على أهل الحق منهما. فرأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحوا بلاد الكفر، وقلبوها بلاد إسلام. وفتحوا القلوب بالقرآن والعلم والهدى. فآثارهم تدل على أنهم هم أهل الصراط المستقيم. ورأينا الرافضة بالعكس في كل زمان ومكان. فإنه قط ما قام للمسلمين عدو من غيرهم إلا كانوا أعوانهم على الإسلام. وكم جروا على الإسلام وأهله من بلية! وهل عاثت سيوف المشركين عباد الأصنام -من عسكر هولاكو

(1) إعلام الموقعين (1/ 21).

ص: 320

وذويه من التتار- إلا من تحت رءوسهم؟ وهل عطلت المساجد، وحرقت المصاحف، وقتل سروات المسلمين وعلماؤهم وعبادهم وخليفتهم، إلا بسببهم ومن جرائهم؟ ومظاهرتهم للمشركين والنصارى معلومة عند الخاصة والعامة، وآثارهم في الدين معلومة.

فأي الفريقين أحق بالصراط المستقيم؟ وأيهم أحق بالغضب والضلال، إن كنتم تعلمون؟.

ولهذا فسر السلف الصراط المستقيم وأهله: بأبي بكر وعمر، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم، وهو كما فسروه. فإنه صراطهم الذي كانوا عليه. وهو عين صراط نبيهم. وهم الذين أنعم الله عليهم، وغضب على أعدائهم، وحكم لأعدائهم بالضلال، وقال أبو العالية -رفيع الرياحي- والحسن البصري، وهما من أجل التابعين:"الصراط المستقيم: رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه". وقال أبو العالية أيضا في قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (1): "هم آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر" وهذا حق. فإن آله وأبا بكر وعمر على طريق واحدة. ولا خلاف بينهم، وموالاة بعضهم بعضا، وثناؤهم عليهما، ومحاربة من حاربا، ومسالمة من سالما معلومة عند الأمة. خاصها وعامها. وقال زيد بن أسلم:"الذين أنعم الله عليهم: هم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر".

ولا ريب أن المنعم عليهم: هم أتباعه، والمغضوب عليهم: هم

(1) الفاتحة الآية (7).

ص: 321

الخارجون عن أتباعه، وأتبع الأمة له وأطوعهم: أصحابه وأهل بيته. وأتبع الصحابة له: السمع والبصر، أبو بكر وعمر. وأشد الأمة مخالفة له: هم الرافضة، فخلافهم له معلوم عند جميع فرق الأمة. ولهذا يبغضون السنة وأهلها، ويعادونها ويعادون أهلها. فهم أعداء سنته صلى الله عليه وسلم. وأهل بيته وأتباعه من بنيهم أكمل ميراثا بل هم ورثته حقا.

فقد تبين أن الصراط المستقيم: طريق أصحابه وأتباعه. وطريق أهل الغضب والضلال: طريق الرافضة.

وبهذا الطريق بعينها - يرد على الخوارج. فإن معاداتهم الصحابة معروفة. (1)

- وجاء في الصواعق المرسلة: السبب الثالث: أن يعزو المتأول تأويله وبدعته إلى جليل القدر، نبيه الذكر من العقلاء، أو من آل البيت النبوي، أو من حل له في الأمة ثناء جميل ولسان صدق ليحليه بذلك في قلوب الأغمار والجهال، فإن من شأن الناس تعظيم كلام من يعظم قدره في نفوسهم، وأن يتلقوه بالقبول والميل إليه، وكلما كان ذلك القائل أعظم في نفوسهم، كان قبولهم لكلامه أتم، حتى إنهم ليقدمونه على كلام الله ورسوله ويقولون: هو أعلم بالله ورسوله منا. وبهذه الطريق توصل الرافضة والباطنية والإسماعيلية والنصيرية إلى تنفيق باطلهم وتأويلاتهم حتى أضافوها إلى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما علموا أن المسلمين متفقون على محبتهم وتعظيمهم وموالاتهم وإجلالهم، فانتموا إليهم وأظهروا من محبتهم وموالاتهم واللهج بذكرهم

(1) مدارج السالكين (1/ 72 - 74).

ص: 322

وذكر مناقبهم ما خيل إلى السامع أنهم أولياؤهم وأولى الناس بهم، ثم نَفَّقوا باطلهم وإفكهم بنسبته إليهم. فلا إله إلا الله، كم من زندقة وإلحاد وبدعة وضلالة قد نفقت في الوجود بنسبتها إليهم وهم براء منها براءة الأنبياء من التجهم والتعطيل، وبراءة المسيح من عبادة الصليب والتثليت، وبراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم من البدع والضلالات. (1)

- وجاء في مفتاح دار السعادة: وحجج الله لا تقوم بخفي مستور -أي مهدي الرافضة- لا يقع العالم له على خبر، ولا ينتفعون به في شيء أصلا، فلا جاهل يتعلم منه، ولا ضال يهتدي به، ولا خائف يأمن به، ولا ذليل يتعزز به، فأي حجة لله قامت بمن لا يرى له شخص، ولا يسمع منه كلمة، ولا يعلم له مكان، ولا سيما على أصول القائلين به، فإن الذي دعاهم إلى ذلك أنهم قالوا: لا بد منه في اللطف بالمكلفين وانقطاع حجتهم عن الله.

فيا لله العجب، أي لطف حصل بهذا المعدوم المعصوم؟ وأي حجة أثبتم للخلق على ربهم بأصلكم الباطل؟ فإن هذا المعدوم إذا لم يكن لهم سبيل قط إلى لقائه والاهتداء به، فهل في تكليف ما لا يطاق أبلغ من هذا؟ هل في العذر والحجة أبلغ من هذا؟

فالذي فررتم منه وقعتم في شر منه، وكنتم في ذلك كما قيل:

المستجير بعمرو عند كربته

كالمستجير من الرمضاء بالنار

ولكن أبى الله إلا أن يفضح من تنقص بالصحابة الأخيار وبسادة هذه

(1) الصواعق المرسلة (2/ 441 - 443).

ص: 323

الأمة، وأن يري الناس عورته ويغريه بكشفها، ونعوذ بالله من الخذلان.

ولقد أحسن القائل:

ما آن للسرداب أن يلد الذي فعلى عقولكم العفاء فإنكم

حملتموه بزعمكم ما آنا

ثلثتم العنقاء والغيلانا (1)

- وفيه: ولهذا كان الصحابة أعرف الأمة بالإسلام وتفاصيله، وأبوابه وطرقه، وأشد الناس رغبة فيه، ومحبة له، وجهادا لأعدائه، وتكلما بأعلامه، وتحذيرا من خلافه، لكمال علمهم بضده، فجاءهم الإسلام كل خصلة منه مضادة لكل خصلة مما كانوا عليه، فازدادوا له معرفة وحبا، وفيه جهادا، بمعرفتهم بضده، وذلك بمنزلة من كان في حصر شديد وضيق ومرض وفقر وخوف ووحشة، فقيض الله له من نقله منه إلى فضاء وسعة وأمن وعافية وغنى وبهجة ومسرة، فإنه يزداد سروره وغبطته ومحبته بما نقل إليه بحسب معرفته بما كان فيه. (2)

- وقال في فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

نطقت بفضله الآيات والأخبار، واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار، فيا مبغضيه في قلوبكم من ذكره نار، كلما تليت فضائله علا عليهم الصغار. أترى لم يسمع الروافض الكفار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} (3)؟ دعي إلى الإسلام فما تلعثم ولا أبى، وسار على المحجة فما زل ولا

(1) مفتاح دار السعادة (1/ 452 - 453).

(2)

مفتاح دار السعادة (2/ 288 - 289).

(3)

التوبة الآية (40).

ص: 324

كبا، وصبر في مدته من مدى العدى على وقع الشبا، وأكثر في الإنفاق فما قلل حتى تخلل بالعبا.

تالله لقد زاد على السبك في كل دينار دينار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} .

من كان قرين النبي في شبابه؟ من ذا الذي سبق إلى الإيمان من أصحابه؟ من الذي أفتى بحضرته سريعا في جوابه؟ من أول من صلى معه؟ من آخر من صلى به؟ من الذي ضاجعه بعد الموت في ترابه؟ فاعرفوا حق الجار.

نهض يوم الردة بفهم واستيقاظ، وأبان من نص الكتاب معنى دق عن حديد الألحاظ. فالمحب يفرح بفضائله والمبغض يغتاظ. حسرة الرافضي أن يفر من مجلس ذكره، ولكن أين الفرار؟.

كم وقى الرسول بالمال والنفس، وكان أخص به في حياته وهو ضجيعه في الرمس. فضائله جلية وهي خلية عن اللبس، يا عجبا، من يغطي عين ضوء الشمس في نصف النهار، لقد دخلا غارا لا يسكنه لابث، فاستوحش الصديق من خوف الحوادث، فقال الرسول: ما ظنك باثنين والله الثالث (1). فنزلت السكينة فارتفع خوف الحادث. فزال القلق وطاب عيش الماكث. فقام مؤذن النصر ينادي على رؤوس منائر الأمصار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} .

(1) ثبت هذا عند أحمد (1/ 4) والبخاري (7/ 10/3653) ومسلم (4/ 1854/2381) والترمذي (5/ 260/3096) من رواية أنس عن أبي بكر رضي الله عنهما.

ص: 325