الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحط خطيئة، فلم يمكن الشيطان أن يفوتهم ذلك الأجر بأن يحملهم في الهواء أو يؤزهم في الأرض أزا حتى يقطعوا المسافة بسرعة، وقد علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أسرى به الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليريه من آياته، وأنه أراه من آياته الكبرى، وكان هذا من خصائصه، فليس لمن بعده مثل هذا المعراج، ولكن الشياطين تخيل إليه معاريج شيطانية، كما خيلها لجماعة من المتأخرين.
لكن المقصود أن يعرف أن الصحابة خير القرون وأفضل الخلق بعد الأنبياء، فما ظهر فيمن بعدهم ممن يظن أنها فضيلة للمتأخرين، ولم تكن فيهم، فإنها من الشيطان وهي نقيصة لا فضيلة سواء كانت من جنس العلوم، أو من جنس العبادات، أو من جنس الخوارق والآيات، أو من جنس السياسة والملك، بل خير الناس بعدهم أتبعهم لهم.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم، وبسط هذا له موضع آخر. (1)
موقفه من الجهمية:
- قال رحمه الله: واعلم أن السلف الصالح ومن سلك سبيلهم من الخلف متفقون على إثبات نزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا،
(1) الصارم المنكي (300 - 303).
وكذلك هم مجمعون على إثبات الإتيان والمجيء وسائر ما ورد من الصفات في الكتاب والسنة من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، ولم يثبت عن أحد من السلف أنه تأول شيئاً من ذلك.
وأما المعتزلة والجهمية فإنهم يردون ذلك ولا يقبلونه، وحديث النزول متواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عثمان بن سعيد الدارمي: هو أغيظ حديث للجهمية. وقال أبو عمر بن عبد البر: هو حديث ثابت من جهة النقل صحيح الإسناد، لا يختلف أهل الحديث في صحته. (1)
الذهبي (2)(748 هـ)
محمد بن أحمد بن عثمان الشيخ الإمام الحافظ الهمام، مفيد الشام، ومؤرخ الإسلام، ناقد المحدثين وإمام المعدلين والمجرحين، شمس الدين أبو عبد الله، التركماني الفارقي الأصل الدمشقي. ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة. وأجمع من ترجم له أنه حافظ عصره الذي تضرب له أكباد الإبل من شتى الأمصار. اسم على مسمى، فهو ذهبي استضاء به المسلمون عامة، والمحدثون خاصة، والسلفيون خاصة الخاصة، ترك ميراثا كبيرا في الحديث والرجال، وهو من مدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية باعترافه في تصريحاته في كثير من تآليفه. أسهم في الدفاع عن العقيدة السلفية بمؤلفاته الجيدة كالعلو والعرش، وأما مؤلفاته العامة فما تأتي مناسبة إلا وينتصر للعقيدة السلفية ويرد
(1) الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص.220).
(2)
طبقات الشافعية للسبكي (5/ 216) والدرر الكامنة (3/ 336 - 338) والرد الوافر (65 - 73).