الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الميدومي وغيرهم. قال ابن حجي: أتقن الفن -أي فن الحديث- وصار أعرف أهل عصره بالعلل وتتبع الطرق. قال ابن ناصر الدين: أحد الأئمة الزهاد والعلماء العباد. وقال ابن حجر: مهر في فنون الحديث أسماء ورجالا، وعللا وطرقا واطلاعا على معانيه، صنف شرح الترمذي فأجاد فيه في نحو عشرة أسفار وشرح قطعة كبيرة من البخاري وشرح الأربعين للنووي، وعمل وظائف الأيام سماه 'اللطائف' وعمل طبقات الحنابلة ذيلا على طبقات ابن أبي يعلى. وقال العليمي: لازم مجالس الشيخ شمس الدين ابن القيم إلى أن مات، وكان أحد الأئمة الكبار، والحفاظ والعلماء والزهاد والأخيار، وكانت مجالس تذكيره للقلوب صادعة، وللناس عامة مباركة نافعة، اجتمعت الفرق عليه ومالت القلوب بالمحبة إليه، وزهده وورعه فائق الحد. توفي رحمه الله سنة خمس وتسعين وسبعمائة.
موقفه من المبتدعة:
له من الآثار السلفية:
1 -
'فضل علم السلف على علم الخلف': وهو عبارة عن رسالة صغيرة طبعت محققة في الكويت.
2 -
'الكلام على لا إله إلا الله' طبع، وهو عبارة كذلك عن رسالة صغيرة.
3 -
'صفة النار' طبع.
4 -
'فتح الباري شرح صحيح البخاري'، طبع محققا في مصر. قال عنه ابن عبد الهادي: (وشرح قطعة من البخاري إلى كتاب الجنائز، وهي من
عجائب الدهر ولو كمل كان من العجائب).
له مواقف مشرفة منها على سبيل المثال ما ذكره في جامع العلوم والحكم:
- قال عقب حديث: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (1): هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث:«الأعمال بالنيات» (2) ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء. (3)
- وقال عند شرح حديث «الدين النصيحة» (4): ومن أنواع النصح لله تعالى وكتابه ورسوله -وهو مما يختص به العلماء- رد الأهواء المضلة بالكتاب والسنة، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها، وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء، وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها، ومن ذلك بيان ما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وما لم يصح منه بتبين حال رواته ومن تقبل رواياته منهم ومن لا تقبل، وبيان غلط من غلط من ثقاتهم
(1) أخرجه: أحمد (6/ 240) والبخاري (5/ 377/2697) ومسلم (3/ 1343/1718) وأبو داود (5/ 12/4606) وابن ماجه (1/ 7/14) كلهم من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا.
(2)
أخرجه: أحمد (1/ 25) والبخاري (1/ 11/1) ومسلم (3/ 1515 - 1516/ 1907) وأبو داود (2/ 651 - 652/ 2201) والترمذي (4/ 154/1647) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والنسائي (1/ 62 - 63/ 75) وابن ماجه (2/ 1413/4227) من حديث عمر رضي الله عنه.
(3)
جامع العلوم والحكم (1/ 176).
(4)
انظر تخريجه في مواقف محمد بن نصر المروزي سنة (294هـ).
الذين تقبل روايتهم. (1)
- وقال في شرح حديث العرباض بن سارية (2): وفي أمره صلى الله عليه وسلم باتباع سنته، وسنة خلفائه الراشدين بعد أمره بالسمع والطاعة لولاة الأمور عموما دليل على أن سنة الخلفاء الراشدين متبعة، كاتباع سنته، بخلاف غيرهم من ولاة الأمور. (3)
- وقال أيضا: فقوله صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين، وهو شبيه بقوله:«من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد» (4)، فكل من أحدث شيئا، ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه، فهو ضلالة، والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات، أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة.
وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية. فمن ذلك: قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال: نعمت البدعة هذه. وروي عنه أنه قال: إن كانت هذه بدعة، فنعمت البدعة. وروي أن أبي بن كعب قال له: إن هذا لم يكن، فقال عمر: قد علمت، ولكنه حسن. ومراده أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا
(1) جامع العلوم والحكم (1/ 223 - 224).
(2)
انظر تخريجه في مواقف اللالكائي سنة (418هـ).
(3)
جامع العلوم والحكم (2/ 121).
(4)
تقدم تخريجه قريباً.
الوقت، ولكن له أصول من الشريعة يرجع إليها، فمنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على قيام رمضان، ويرغب فيه (1)، وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعات متفرقة ووحدانا، وهو صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في رمضان غير ليلة، ثم امتنع من ذلك معللا بأنه خشي أن يكتب عليهم، فيعجزوا عن القيام به (2)، وهذا قد أمن بعده صلى الله عليه وسلم.
وروي عنه أنه كان يقوم بأصحابه ليالي الأفراد في العشر الأواخر (3).
ومنها أنه صلى الله عليه وسلم أمر باتباع سنة خلفائه الراشدين، وهذا قد صار من سنة خلفائه الراشدين، فإن الناس اجتمعوا عليه في زمن عمر وعثمان وعلي.
ومن ذلك: أذان الجمعة الأول زاده عثمان لحاجة الناس إليه، وأقره علي، واستمر عمل المسلمين عليه، وروي عن ابن عمر أنه قال: هو بدعة، ولعله أراد ما أراد أبوه في قيام رمضان.
(1) أخرجه: أحمد (2/ 281) والبخاري (4/ 314/2008 - 2009) ومسلم (1/ 523/759 [174]) وأبو داود (2/ 102 - 103/ 1371) والترمذي (3/ 171 - 172/ 808) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والنسائي (3/ 223/1601 - 1602) كلهم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة ثم يقول: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه). وقد ورد من حديث عائشة رضي الله عنها في قصة التأخر عن الناس وفي آخره (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغبهم في قيام شهر رمضان) الحديث، أخرجه ابن حبان (الإحسان 1/ 353 - 354/ 141).
(2)
أخرجه: البخاري (3/ 12 - 13/ 1129) ومسلم (1/ 524/761) وأبو داود (2/ 104/1373) والنسائي (3/ 223 - 224/ 1603) كلهم من طريق عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة
…
فذكره.
(3)
أخرجه: أبو داود (2/ 105/1375). الترمذي (3/ 169/806) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". النسائي (3/ 93/1363). ابن ماجه (1/ 420 - 421/ 1327) كلهم من طريق جبير بن نفير عن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث.