المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من الرافضة: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٨

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من الدكاكي الزنديق (741 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف سلطان الوقت من محمد بن عبد المعطي المخرف (760 ه

- ‌موقف السلف من محمد زبالة الزنديق (761 ه

- ‌موقف السلف من عثمان بن محمد الدقاق الزنديق (761 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من محمود بن إبراهيم الشيرازي الرافضي (766 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من عبد الرحمن بن الأشعث ومن بايع له:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الزنادقة والمشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌الجزولي وضلاله (870 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌ابن حجر الهيتمي (973 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌عبد الوهاب الشعراني: ترهاته ومخازيه (973 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌إبراهيم بن سليمان الحنفي الأزهري (كان حيا سنة 1100 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌الشيخ مربد بن أحمد بن عمر التميمي وعداؤه للدعوة السلفية (1181 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

الفصل: ‌موقفه من الرافضة:

فأحرقوا جامعها، ولم يجتازوا بقرية إلا نهبوها، ولم يزل ذلك دأبهم حتى وصلوا إلى دمشق فقاتلهم نائبها فهزموه مرات وقتلوا من أهلها خلقا كثيرا، وانتهبوا من أموالها شيئا كثيرا. فإنا لله وإنا إليه راجعون. (1)

- وقال عن الفارابي: وكان حاذقا في الفلسفة، ومن كتبه تفقه ابن سينا، وكان يقول بالمعاد الروحاني لا الجثماني، ويخصص بالمعاد الأرواح العالمة لا الجاهلة، وله مذاهب في ذلك يخالف المسلمين والفلاسفة من سلفه الأقدمين، فعليه إن كان مات على ذلك لعنة رب العالمين. مات بدمشق فيما قاله ابن الأثير في كامله، ولم أر الحافظ ابن عساكر ذكره في تاريخه لنتنه وقباحته فالله أعلم. (2)

‌موقفه من الرافضة:

- قال في البداية والنهاية: في يوم الاثنين السادس عشر من جمادى الأولى، اجتاز رجل من الروافض من أهل الحلة بجامع دمشق، وهو يسب أول من ظلم آل محمد، ويكرر ذلك لا يفتر، ولم يصل مع الناس ولا صلى على الجنازة الحاضرة، على أن الناس في الصلاة، وهو يكرر ذلك ويرفع صوته به، فلما فرغنا من الصلاة نبهت عليه الناس، فأخذوه وإذا قاضى القضاة الشافعي في تلك الجنازة حاضر مع الناس. فجئت إليه واستنطقته، من الذي ظلم آل محمد؟ فقال: أبو بكر الصديق، ثم قال جهرة والناس يسمعون: لعن الله أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية ويزيد، فأعاد ذلك مرتين، فأمر به

(1) البداية والنهاية (11/ 91 - 92).

(2)

البداية والنهاية (11/ 238).

ص: 381

الحاكم إلى السجن، ثم استحضره المالكي وجلده بالسياط، وهو مع ذلك يصرخ بالسب واللعن والكلام الذي لا يصدر إلا عن شقي، واسم هذا اللعين، علي بن أبي الفضل بن محمد بن حسين بن كثير قبحه الله وأخزاه، ثم لما كان يوم الخميس سابع عشرة، عقد له مجلس بدار السعادة، وحضر القضاة الأربعة، وطلب إلى هنالك فقدر الله أن حكم نائب المالكي بقتله، فأخذ سريعا فضرب عنقه تحت القلعة وحرقه العامة وطافوا برأسه البلد، ونادوا عليه هذا جزاء من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ناظرت هذا الجاهل بدار القاضي المالكي، وإذا عنده شيء مما يقوله الرافضة الغلاة وقد تلقى عن أصحاب ابن مطهر أشياء في الكفر والزندقة قبحه الله وإياهم. (1)

- وقال رحمه الله في الكلام على الروافض العبيديين: وقد كانت مدة ملك الفاطميين مائتين وثمانين سنة وكسرا، فصاروا كأمس الذاهب، {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} (2). وكان أول من ملك منهم المهدي. وكان من سلمية حدادا اسمه عبيد، وكان يهوديا فدخل بلاد المغرب وتسمى بعبيد الله وادعى أنه شريف علوي فاطمي. وقال عن نفسه: إنه المهدي كما ذكر ذلك غير واحد من العلماء والأئمة بعد الأربعمائة، كما قد بسطنا ذلك فيما تقدم. والمقصود أن هذا الدعي الكذاب راج له ما افتراه في تلك البلاد، ووازره جماعة من الجهلة وصارت له دولة وصولة. ثم تمكن إلى أن بنى مدينة سماها

(1) البداية (14/ 262).

(2)

هود الآية (95).

ص: 382

المهدية نسبة إليه. وصار ملكا مطاعا، يظهر الرفض، وينطوي على الكفر المحض، ثم كان من بعده ابنه القائم محمد، ثم ابنه المنصور إسماعيل ثم ابنه المعز معد، وهو أول من دخل ديار مصر منهم، وبنيت له القاهرة المعزية والقصران، ثم ابنه العزيز نزار، ثم ابنه الحاكم منصور ثم ابنه الطاهر علي، ثم ابنه المستنصر معد، ثم ابنه المستعلي أحمد، ثم ابنه الآمر منصور، ثم ابن عمه الحافظ عبد المجيد، ثم ابنه الظافر إسماعيل، ثم الفائز عيسى، ثم ابن عمه العاضد عبد الله وهو آخرهم، فجملتهم أربعة عشر ملكا، ومدتهم مائتان ونيف وثمانون سنة. وكذلك عدة خلفاء بني أمية أربعة عشر أيضا، ولكن كانت مدتهم نيفا وثمانين سنة.

وقد نظمت أسماء هؤلاء وهؤلاء بأرجوزة تابعة لأرجوزة بني العباس عند انقضاء دولتهم ببغداد في سنة ست وخمسين وستمائة -كما سيأتي- وقد كان الفاطميون أغنى الخلفاء وأكثرهم مالا، وكانوا من أغنى الخلفاء وأجبرهم وأظلمهم، وأنجس الملوك سيرة وأخبثهم سريرة، ظهرت في دولتهم البدع والمنكرات، وكثر أهل الفساد وقل عندهم الصالحون من العلماء والعباد، وكثر بأرض الشام النصرانية والدرزية والحشيشية، وتغلب الفرنج على سواحل الشام بكماله حتى أخذوا القدس ونابلس وعجلون والغور وبلاد غزة وعسقلان وكرك الشوبك وطبرية وبانياس وصور وعكة وصيدا وبيروت وصفد وطرابلس وأنطاكيا، وجميع ما والى ذلك إلى بلاد إياس وسيس. واستحوذوا على بلاد آمد والرها ورأس العين، وبلاد شتى غير ذلك. وقتلوا من المسلمين خلقا وأُمَماً لا يحصيهم إلا الله، وسبوا ذراري المسلمين من النساء والولدان مما لا يحد ولا يوصف. وكل

ص: 383

هذه البلاد كانت الصحابة قد فتحوها وصارت دار إسلام، وأخذوا من أموال المسلمين ما لا يحد ولا يوصف، وكادوا أن يتغلبوا على دمشق ولكن الله سلم. وحين زالت أيامهم وانتقض إبرامهم، أعاد الله عز وجل هذه البلاد كلها إلى المسلمين بحوله وقوته وجوده ورحمته. وقد قال الشاعر المعروف عرقلة:

أصبح الملك بعد آل علي

مشرقا بالملوك من آل شادي

وغدا الشرق يحسد الغر

ب للقوم فمصر تزهو على بغداد

ما حووها إلا بعزم وحزم

وصليل الفولاذ في الأكباد

لا كفرعون والعزيز ومن

كان بها كالخطيب والأستاذ

قال أبو شامة: يعني بالأستاذ كافور الإخشيدي، وقوله: آل علي، يعني الفاطميين على زعمهم ولم يكونوا فاطميين وإنما كانوا ينسبون إلى عبيد، وكان اسمه سعيدا وكان يهوديا حدادا بسلمية، ثم ذكر ما ذكرناه من كلام الأئمة فيهم وطعنهم في نسبهم.

قال: وقد استقصيت الكلام في مختصر تاريخ دمشق في ترجمة عبد الرحمن بن إلياس، ثم ذكر في الروضتين في هذا الموضع أشياء كثيرة في غضون ما سقته من قبائحهم وما كانوا يجهرون به في بعض الأحيان من الكفريات، وقد تقدم من ذلك شيء كثير في تراجمهم.

قال أبو شامة: وقد أفردت كتابا سميته: 'كشف ما كان عليه بنو عبيد من الكفر والكذب والمكر والكيد'. وكذا صنف العلماء في الرد عليهم كتبا كثيرة من أجل ما وضع في ذلك: كتاب القاضي أبو بكر الباقلاني الذي

ص: 384

سماه: 'كشف الأسرار وهتك الأستار'. وما أحسن ما قاله بعض الشعراء في بني أيوب يمدحهم على ما فعلوه بديار مصر:

أبدتم من بنى دولة الكفر من

بني عبيد بمصر إن هذا هو الفضل

زنادقة شيعية باطنية

مجوس وما في الصالحين لهم أصل ليستروا سابور عمهم الجهل (1)

يسرون كفرا، يظهرون تشيعا

التعليق:

انظر حمانا الله وإياك من الرفض وأهله كيف كانت مواقف سلفنا الصالح معهم، هل كانت المسالمة والصمت الدائم، أو الذوبان في أحضانهم والتصفيق والتطبيل لهم في كل صغيرة وكبيرة، وادعاء أن الفرق بيننا وبينهم كالفرق بين الحنفي والشافعي، والتقارب بيننا وبينهم واجب، أو كان هؤلاء الفحول الأخيار لا يفهمون الرافضة، أو كانوا مؤجرين من قبل أحد حتى يتكلموا بلسانه وعقليته وشهوته على حسب ما يريد؟!

أم هو الصمود والوقوف في وجوه هؤلاء الكفرة الملاحدة بالسيف واللسان والقلب والجنان والكتاب والتعبير الصادق، كشف كامل لحقيقة الرافضة نسبا وسلالة؟! ولا التفات لما قاله عبد الرحمن بن خلدون والمقريزي، فهذه من سقطاتهم، وقد عاب عليهم جميع المؤرخين، وتعجبوا من حالهم. وفق الله أهل العلم في هذا الزمان للائتساء بسلفهم في كل صغير وكبير.

وقال أيضا: وفيها كتبت العامة من الروافض على أبواب المساجد لعنة

(1) البداية والنهاية (12/ 286 - 288).

ص: 385

معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وكتبوا أيضا: ولعن الله من غصب فاطمة حقها، وكانوا يلعنون أبا بكر، ومن أخرج العباس من الشورى، يعنون عمر، ومن نفى أبا ذر -يعنون عثمان- رضي الله عن الصحابة، وعلى من لعنهم لعنة الله، ولعنوا من منع من دفن الحسن عند جده يعنون مروان بن الحكم، ولما بلغ ذلك جميعه معز الدولة لم ينكره ولم يغيره، ثم بلغه أن أهل السنة محوا ذلك وكتبوا عوضه لعن الله الظالمين لآل محمد من الأولين والآخرين، والتصريح باسم معاوية في اللعن، فأمر بكتب ذلك، قبحه الله وقبح شيعته من الروافض، لا جرم أن هؤلاء لا ينصرون، وكذلك سيف الدولة بن حمدان بحلب فيه تشيع وميل إلى الروافض، لاجرم أن الله لا ينصر أمثال هؤلاء، بل يديل عليهم أعداءهم لمتابعتهم أهواءهم، وتقليدهم سادتهم وكبراءهم وآبائهم وتركهم أنبياءهم وعلماءهم، ولهذا لما ملك الفاطميون بلاد مصر والشام، وكان فيهم الرفض وغيره، استحوذ الفرنج على سواحل الشام وبلاد الشام كلها، حتى بيت المقدس، ولم يبق مع المسلمين سوى حلب وحمص وحماة ودمشق وبعض أعمالها، وجميع السواحل وغيرها مع الإفرنج، والنواقيس النصرانية والطقوس الإنجيلية تضرب في شواهق الحصون والقلاع، وتكفر في أماكن الإيمان من المساجد وغيرها من شريف البقاع، والناس معهم في حصر عظيم، وضيق من الدين، وأهل هذه المدن التي في يد المسلمين في خوف شديد في ليلهم ونهارهم من الفرنج، فإنا لله وإنا إليه راجعون وكل ذلك من بعض عقوبات المعاصي والذنوب، وإظهار سب خير الخلق بعد الأنبياء. (1)

(1) البداية (11/ 256 - 257).

ص: 386

- وفيها: وهذا الحديث من دلائل النبوة حيث أخبر صلوات الله وسلامه عليه عن عمار أنه تقتله الفئة الباغية (1)، وقد قتله أهل الشام في وقعة صفين وعمار مع علي وأهل العراق كما سيأتي بيانه وتفصيله في موضعه. وقد كان علي أحق بالأمر من معاوية، ولا يلزم من تسمية أصحاب معاوية بغاة تكفيرهم كما يحاوله جهلة الفرقة الضالة من الشيعة وغيرهم، لأنهم وإن كانوا بغاة في نفس الأمر فإنهم كانوا مجتهدين فيما تعاطوه من القتال، وليس كل مجتهد مصيبا، بل المصيب له أجران والمخطئ له أجر؛ ومن زاد في هذا الحديث بعد «تقتلك الفئة الباغية»:«لا أنالها الله شفاعتي يوم القيامة» فقد افترى في هذه الزيادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يقلها إذ لم تنقل من طريق تقبل والله أعلم. وأما قوله:«يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» ، فإن عمارا وأصحابه يدعون أهل الشام إلى الألفة واجتماع الكلمة. وأهل الشام يريدون أن يستأثروا بالأمر دون من هو أحق به، وأن يكون الناس أوزاعا على كل قطر إمام برأسه، وهذا يؤدي إلى افتراق الكلمة واختلاف الأمة، فهو لازم مذهبهم وناشئ عن مسلكهم، وإن كانوا لا يقصدونه والله أعلم. (2)

- وفيها: وفي الصحيحين أيضا من حديث الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه. قال: خطبنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فقال: "من زعم أن عندنا شيئا نقرأه ليس في كتاب الله وهذه الصحيفة -لصحيفة معلقة في سيفه فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات- فقد كذب". وفيها قال: قال رسول

(1) تقدم تخريجه ضمن مواقف الإمام أحمد سنة (241هـ).

(2)

البداية (3/ 216).

ص: 387

الله صلى الله عليه وسلم: «المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا، ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا، وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا» (1). وهذا الحديث الثابت في الصحيحين وغيرهما عن علي رضي الله عنه يرد على فرقة الرافضة في زعمهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى إليه بالخلافة، ولو كان الأمر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصحابة، فإنهم كانوا أطوع لله ورسوله في حياته وبعد وفاته من أن يفتأتوا عليه فيقدموا غير من قدمه ويؤخروا من قدمه بنصه، حاشا وكلا ولما، ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور والتواطئ على معاندة الرسول صلى الله عليه وسلم ومضادتهم في حكمه ونصه، ومن وصل من الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام وكفر بإجماع الأئمة الأعلام، وكان إراقة دمه أحل من إراقة المدام.

ثم لو كان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه نص فلم لا كان يحتج به على الصحابة على إثبات إمارته عليهم وإمامته لهم، فإن لم يقدر على تنفيذ ما معه من النص فهو عاجز، والعاجز لا يصلح للإمارة وإن كان يقدر ولم يفعله فهو خائن،

(1) أخرجه: أحمد (1/ 119) مختصراً. البخاري (13/ 341 - 342/ 7300) ومسلم (2/ 1147/1370) وأبو داود (2/ 529 - 530/ 2034) والترمذي (4/ 381 - 382 - 2127) والنسائي (8/ 387 - 388/ 4748) وابن ماجه (2/ 887/2658) مختصراً.

ص: 388

والخائن الفاسق مسلوب معزول عن الإمارة، وإن لم يعلم بوجود النص فهو جاهل، ثم وقد عرفه وعلمه من بعده هذا محال وافتراء وجهل وضلال. وإنما يحسن هذا في أذهان الجهلة الطغام، والمغتربين من الأنام، يزينه لهم الشيطان بلا دليل ولا برهان، بل بمجرد التحكم والهذيان، والإفك والبهتان، عياذا بالله مما هم فيه من التخليط والخذلان، والتخبيط والكفران، وملاذا بالله بالتمسك بالسنة والقرآن، والوفاة على الإسلام والإيمان، والموافاة على الثبات والإيقان، وتثقيل الميزان، والنجاة من النيران، والفوز بالجنان، إنه كريم منان رحيم رحمن. (1)

- وفيها: وأما تغضب فاطمة رضي الله عنها وأرضاها على أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه فما أدري ما وجهه، فإن كان لمنعه إياها ما سألته من الميراث فقد اعتذر إليها بعذر يجب قبوله، وهو ما رواه عن أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا نورث ما تركنا صدقة» (2) وهي ممن تنقاد لنص الشارع الذي خفي عليها قبل سؤالها الميراث، كما خفي على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخبرتهن عائشة بذلك ووافقتها عليه، وليس يظن بفاطمة رضي الله عنها أنها علمت أنها اتهمت الصديق رضي الله عنه فيما أخبرها به، حاشاها وحاشاه من ذلك، كيف وقد وافقه على رواية هذا الحديث عمر بن الخطاب، وعثمان ابن عفان، وعلي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وأبو

(1) البداية (5/ 221).

(2)

تقدم تخريجه في مواقف الفشيديزجي سنة (424هـ).

ص: 389

هريرة، وعائشة رضي الله عنهم أجمعين كما سنبينه قريبا. ولو تفرد بروايته الصديق رضي الله عنه لوجب على جميع أهل الأرض قبول روايته والانقياد له في ذلك، وإن كان غضبها لأجل ما سألت الصديق إذ كانت هذه الأراضي صدقة لا ميراثا أن يكون زوجها ينظر فيها، فقد اعتذر بما حاصله أنه لما كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يرى أن فرضا عليه أن يعمل بما كان يعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلي ما كان يليه رسول الله، ولهذا قال:"وإني والله لا أدع أمرا كان يصنعه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صنعته"، قال: فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت.

وهذا الهجران والحالة هذه فتح على فرقة الرافضة شرا عريضا، وجهلا طويلا، وأدخلوا أنفسهم بسببه فيما لا يعنيهم، ولو تفهموا الأمور على ما هي عليه لعرفوا للصديق فضله، وقبلوا منه عذره الذي يجب على كل أحد قبوله، ولكنهم طائفة مخذولة، وفرقة مرذولة، يتمسكون بالمتشابه، ويتركون الأمور المحكمة المقدرة عند أئمة الإسلام، من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء المعتبرين في سائر الأعصار والأمصار رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين. (1)

- وفيها قال ابن كثير: وما يتوهمه بعض العوام، بل هو مشهور بين كثير منهم، أن عليا هو الساقي على الحوض، فليس له أصل ولم يجئ من طريق مرضي يعتمد عليه، والذي ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يسقي الناس. وهكذا الحديث الوارد في أنه (ليس أحد يأتي يوم القيامة راكبا إلا أربعة رسول الله صلى الله عليه وسلم على البراق، وصالح على ناقته، وحمزة على العضباء،

(1) البداية (5/ 250).

ص: 390

وعلي على ناقة من فوق الجنة رافعا صوته بالتهليل)، وكذلك (ما في أفواه الناس من اليمين بعلي يقول أحدهم: خذ بعلي، أعطني بعلي)، ونحو ذلك، كل ذلك لا أصل له بل ذلك من نزعات الروافض ومقالاتهم، ولا يصح من شيء من الوجوه، وهو من وضع الرافضة، ويخشى على من اعتاد ذلك سلب الإيمان عند الموت، ومن حلف بغير الله فقد أشرك. (1)

وفيها: وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها، فكانت الدبادب تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثير منهم لا يشرب الماء لَيْلَتَئِذٍ موافقة للحسين لأنه قتل عطشانا. ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن، حافيات في الأسواق، إلى غير ذلك من البدع الشنيعة، والأهواء الفظيعة، والهتائك المخترعة، وإنما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنعوا على دولة بني أمية، لأنه قتل في دولتهم.

وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام، فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم، ويتخذون ذلك اليوم عيدا يصنعون فيه أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم.

وقد تأول عليه من قتله أنه جاء ليفرق كلمة المسلمين بعد اجتماعها، وليخلع من بايعه من الناس واجتمعوا عليه، وقد ورد في صحيح مسلم

(1) البداية (7/ 368 - 369).

ص: 391

الحديث بالزجر عن ذلك، والتحذير منه، والتوعد عليه (1) وبتقدير أن تكون طائفة من الجهلة قد تأولوا عليه وقتلوه ولم يكن لهم قتله، بل كان يجب عليهم إجابته إلى ما سأل من تلك الخصال الثلاث المتقدم ذكرها، فإذا ذمت طائفة من الجبارين تذم الأمة كلها بكمالها وتتهم على نبيها صلى الله عليه وسلم، فليس الأمر كما ذهبوا إليه، ولا كما سلكوه، بل أكثر الأئمة قديما وحديثا كاره ما وقع من قتله وقتل أصحابه، سوى شرذمة قليلة من أهل الكوفة قبحهم الله، وأكثرهم كانوا قد كاتبوه ليتوصلوا به إلى أغراضهم ومقاصدهم الفاسدة.

فلما علم ذلك ابن زياد منهم بلغهم ما يريدون من الدنيا وآخذهم على ذلك وحملهم عليه بالرغبة والرهبة، فانكفوا عن الحسين وخذلوه ثم قتلوه. وليس كل ذلك الجيش كان راضيا بما وقع من قتله، بل ولا يزيد بن معاوية رضي بذلك والله أعلم، ولا كرهه، والذي يكاد يغلب على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن يقتل لعفا عنه كما أوصاه بذلك أبوه، وكما صرح هو به مخبرا عن نفسه بذلك. وقد لعن ابن زياد على فعله ذلك وشتمه فيما يظهر ويبدو، ولكن لم يعزله على ذلك ولا عاقبه ولا أرسل يعيب عليه ذلك، والله أعلم.

فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتله رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي أفضل بناته،

(1) وهو قوله صلى الله عليه وسلم من حديث عرفجة: «إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة، وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان» . وفي رواية: «من أتاكم، وأمركم جميع، على رجل واحد منكم، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه» . رواه أحمد (5/ 24) ومسلم (3/ 1479 - 1480/ 1852) وأبو داود (5/ 120/4762) والنسائي (7/ 106 - 108/ 4032 و4033 و4034).

ص: 392

وقد كان عابدا وشجاعا وسخيا، ولكن لا يحسن ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنع ورياء، وقد كان أبوه أفضل منه فقتل، وهم لا يتخذون مقتله مأتما كيوم مقتل الحسين، فإن أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتما، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتما، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتما، ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحد يوم موتهم مأتما يفعلون فيه ما يفعله هؤلاء الجهلة من الرافضة يوم مصرع الحسين؛ ولا ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء يوم مقتل الحسين من الأمور المتقدمة، مثل كسوف الشمس والحمرة التي تطلع في السماء وغير ذلك. (1)

- وفيها: ففيها -أي سنة اثنتين وعشرين ومائة- كان مقتل زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان سبب ذلك أنه لما أخذ البيعة ممن بايعه من أهل الكوفة، أمرهم في أول هذه السنة بالخروج والتأهب له، فشرعوا في أخذ الأهبة لذلك. فانطلق رجل يقال له سليمان بن سراقة إلى

(1) البداية (8/ 204 - 205).

ص: 393

يوسف بن عمر نائب العراق فأخبره -وهو بالحيرة يومئذ- خبر زيد بن علي هذا ومن معه من أهل الكوفة، فبعث يوسف بن عمر يتطلبه ويلح في طلبه، فلما علمت الشيعة ذلك اجتمعوا عند زيد بن علي فقالوا له: ما قولك يرحمك الله في أبي بكر وعمر؟ فقال: غفر الله لهما، ما سمعت أحدا من أهل بيتي تبرأ منهما، وأنا لا أقول فيهما إلا خيرا، قالوا: فلم تطلب إذا بدم أهل البيت؟ فقال: إنا كنا أحق الناس بهذا الأمر، ولكن القوم استأثروا علينا به ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا، قد ولوا فعدلوا، وعملوا بالكتاب والسنة. قالوا: فلم تقاتل هؤلاء إذا؟ قال: إن هؤلاء ليسوا كأولئك، إن هؤلاء ظلموا الناس وظلموا أنفسهم، وإني أدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإحياء السنن وإماتة البدع، فإن تسمعوا يكن خيرا لكم ولي، وإن تأبوا فلست عليكم بوكيل. فرفضوه وانصرفوا عنه ونقضوا بيعته وتركوه، فلهذا سموا الرافضة من يومئذ، ومن تابعه من الناس على قوله سموا الزيدية، وغالب أهل الكوفة منهم رافضة، وغالب أهل مكة إلى اليوم على مذهب الزيدية، وفي مذهبهم حق، وهو تعديل الشيخين، وباطل وهو اعتقاد تقديم علي عليهما، وليس علي مقدما عليهما، بل ولا عثمان على أصح قولي أهل السنة الثابتة، والآثار الصحيحة الثابتة عن الصحابة. (1)

- وفيها: إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة أبو هاشم الحميري الملقب بالسيد، كان من الشعراء المشهورين المبرزين فيه، ولكنه كان رافضيا خبيثا، وشيعيا غثيثا، وكان ممن يشرب الخمر ويقول بالرجعة -أي بالدور-

(1) البداية (9/ 342).

ص: 394