الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملك الهندي فيروز (1)(790 هـ)
أبو المظفر فيروز شاه بن رجب من أسرة آل تغلق. تولى -باتفاق الأمراء- بعد وفاة ابن عمه محمد شاه، وكان في بلاد السند فقدم إلى دهلي (2)، واستقل بالملك. كان من خيار السلاطين ومن كبار المصلحين، بنى المساجد والمدارس والمستشفيات وأقام الحصون. ومن المساجد التي عمرها مسجد كبير في دهلي. ومن مدارسه المدرسة الفيروزشاهية، كما أسس مدينة فيروزأباد ومدينة كابنور. واستمر حكمه حتى عام تسعين وسبعمائة رحمه الله تعالى.
كان هذا الملك من خيرة ملوك الهند سيرة وعقيدة ووعيا للإسلام، وأكثر الملوك تفهما. ذكر مسعود الندوي في تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند أن له كتابا بين فيه خطته وأعماله التي سار عليها إلا أن عليه ملاحظات وقعت له بسبب الجهل. ويهمنا أن نذكر له بعض المواقف الطيبة التي توافق أهداف العقيدة السلفية.
موقفه من الزنادقة والمشركين:
جاء في 'تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند'، قال: سادساً: ظهرت فئة من الإباحية والملاحدة تدعو الناس إلى الزندقة والإلحاد، وكان ديدنهم أن يجتمعوا في الليالي ويتعاطوا الخمور ويحسبونها تعبداً منهم. وكانوا يأتون فيها بأمهاتهم وأخواتهم ونسائهم، يهتكون فيها أعراضهن ويتجاسرون على
(1) التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر (7/ 229).
(2)
كذا في الأصل ولعله: دلْهي.
اقتراف الكبائر الشنيعة، ولا يفرقون في ذلك بين المحرمات والمحصنات، وإنما يباشر الرجل منهم كل من وصلت يده إليهن من النساء المحتشدة في تلك الأندية والليالي. فأمرنا بضرب أعناق رؤوسهم وشياطينهم وعاقبنا الآخرين بالحبس والجلاء وأنواع أخرى من التعذيب حتى لم تبق لهم عين ولا أثر.
سابعاً: نبتت جماعة من الملاحدة تظاهرت بالتقشف والزهد في الدنيا، وكان على رأسهم رجل اسمه أحمد البهاري، يدعي الألوهية وتبعه على ذلك عدد غير قليل من مريديه
…
فلما تحققنا من خبرهم وعرفنا من أمرهم ما صاروا إليه أخذنا رؤساءهم بذلك وجزيناهم بما يستحقونه من الحبس والتعذيب، وشردنا أتباعهم في البلاد كل مشرد حتى يتخلص العباد من شرهم ويكونوا في مأمن من ضلالاتهم.
ثامناً: رجل ادعى النبوءة وتلقب بالمهدي في دلهي، فتبعه خلق كثير واستفحل أمره وعظم شره حتى جيء به إلينا، فاعترف بالإثم غير هياب ولا وجل فأمرنا بقتله وقتل كل من يقتفي أثره وتقطيع لحومهم وأجسادهم إرباً إرباً. وبذلك جعلناهم مثلاً لكل من ينفخ في أوداجه شيطان الغرور فيجترئ على الزندقة والإلحاد والدعوة إليهما.
فانطفأت جذوة الشر ونجا الناس من ضلالاتهم. فالحمد لله الذي تفضل علي بنعمته أن وفقني لمقاومة تيار الشرور واجتثاث شجر البدع والمنكرات وهداني إلى إحياء السنن السنية. فمن استحسن هذه الطريقة واختار لنفسه هذه الجادة المستقيمة فليخترها وليؤثرها على غيرها. وإني أرجو بذلك حسن