الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقفه من المبتدعة:
- هذا الرجل كان من فحول اليمن، وعاصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتأثر بدعوته ومدحه بقصيدة مشهورة بليغة منها (1):
سلام على نجد ومن حل في نجد
…
وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي
لقد صدرت من سفح صنعا سقى الحيا
…
رباها وحياها بقهقهة الرعد
سرت من أسير ينشد الريح إن سرت
…
ألا ياصبا نجد متى هجت من نجد
يذكرني مسراك نجدا وأهله
…
لقد زادني مسراك وجدا على وجد
قفي واسألي عن عالم حل سوحها
…
به يهتدي من ضل عن منهج الرشد
محمد الهادي لسنة أحمد
…
فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي
لقد أنكرت كل الطوائف قوله
…
بلا صدر في الحق منهم ولا ورد
وما كل قول بالقبول مقابل
…
ولا كل قول واجب الطرد والرد
سوى ما أتى عن ربنا ورسوله
…
فذلك قول جل ياذا عن الرد
وأما أقاويل الرجال فإنها
…
تدور على قدر الأدلة في النقد
وقد جاءت الأخبار عنه بأنه
…
يعيد لنا الشرع الشريف لما يبدي
وينشر جهرا ما طوى كل جاهل
…
ومبتدع منه فوافق ما عندي
ويعمر أركان الشريعة هادما
…
مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد
- ومنها (2):
لقد سرني ماجاءني من طريقه
…
وكنت أرى هذي الطريقة لي وحدي
(1) القصيدة الدالية (9 - 11).
(2)
القصيدة الدالية (13 - 17).
وأقبح من كل ابتداع سمعته
…
وأنكاه للقلب الموفق للرشد
مذاهب من رام الخلاف لبعضها
…
يعض بأنياب الأساود والأسد
يصب عليه سوط ذم وغيبة
…
ويجفوه من قد كان يهواه عن عمد
ويعزى إليه كل ما لا يقوله
…
لتنقيصه عند التهامي والنجدي
فيرميه أهل النصب بالرفض فرية
…
ويرميه أهل الرفض بالنصب والجحد
وليس له ذنب سوى أنه غدا
…
يتابع قول الله في الحل والعقد
ويتبع أقوال الرسول محمد
…
وهل غيره بالله في الناس من يهدي
وإن عده الجهال ذنبا فحبذا
…
به حبذا يوم انفرادي في لحدي
علام جعلتم أيها الناس ديننا
…
لأربعة لاشك في فضلهم عندي؟
هم علماء الدين شرقا ومغربا
…
ونور عيون الفضل والحق والزهد
ولكنهم كالناس ليس كلامهم
…
دليلا ولا تقليدهم في غد يجدي
ولا زعموا -حاشاهم- أن قولهم
…
دليل فيستهدي به كل مستهدي
بلى صرحوا أنا نقابل قولهم
…
إذا خالف المنصوص بالقدح والرد
سلامي على أهل الحديث فإنني
…
نشأت على حب الأحاديث من مهدي
هم بذلوا في حفظ سنة أحمد
…
وتنقيحها من جهدهم غاية الجهد
وأعني بهم أسلاف أمة أحمد
…
أولئك في بيت القصيد هم قصدي
أولئك أمثال البخاري ومسلم
…
وأحمد أهل الجهد في العلم والجد
بحور وحاشاهم عن الجزر إنما
…
لهم مدد يأتي من الله بالمد
رووا وارتووا من علم سنة أحمد
…
وليس لهم تلك المذاهب من ورد
كفاهم كتاب الله والسنة التي
…
كفت قبلهم صحب الرسول ذوي الرشد
أأنتم أهدى أم صحابة أحمد
…
وأهل الكسا هيهات ما الشوك كالورد
أولئك أهدى في الطريقة منكم
…
فهم قدوتي حتى أوسد في لحدي
وشتان ما بين المقلد في الهدى ومن
…
يقتدي والضد يعرف بالضد
تنبيه:
للصنعاني قصيدة أخرى نقض فيها هذه الأبيات، ورجع عما كان يعتقده في الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقد ذكرنا آنفا أن سبب تراجعه تلبيس الشيخ مربد عليه وسقنا الخبر كاملا في مواقف 1181هـ.
وله هنات بعضها في المعتقد ذكرها عبد الله آل بسام في 'علماء نجد'. (1)
ومن مواقفه المشرفة:
- قال في كتابه 'الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف':
بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله الذي له الملك والملكوت، الحي الجبار الذي لا يموت، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)} (2)، فليس للعبد تصرف مع مولاه، ولا له تقدم بين يديه ولا شفاعة ولا غيرها إلا بإذنه ورضاه.
والصلاة والسلام على من تركنا على الواضحة البيضاء، ليلها كنهارها، وأشرقت شمس نبوته، فامتلأت الأرض بأنوارها. أخرج ابن ماجه،
(1)(6/ 418 - 419).
(2)
مريم الآية (93).
عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الفقر ونتخوفه، فقال:«آلفقر تخافون، والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا، حتى قال: لقد تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها ونهارها سواء» (1). وعلى آله الذين بهديه يهتدون، وبه يقتدون.
واعلم أنه صلى الله عليه وسلم قد حذر أمته من الابتداع، لما أعلمه الله أن أمته تأتي بالابتداع بأجناس وأنواع، فقال صلى الله عليه وسلم:«شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (2). وقال: «خير الأمور كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» (3). وقال: «لا يقبل الله لصاحب بدعة صوما ولا صلاة ولا صدقة ولا حجا ولا عمرة ولا جهادا ولا صرفا ولا عدلا، يخرج من الإسلام كما تخرج الشعرة من العجين» (4). أخرج هذه الأحاديث ابن ماجه وغيره.
قلت: ووجه عظمة الابتداع في الدين أنه كالرد على قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (5).
(1) أخرجه ابن ماجه (1/ 4/5) وصححه الألباني (انظر الصحيحة (688)).
(2)
انظر تخريجه في مواقف اللالكائي سنة (418هـ).
(3)
انظر تخريجه في مواقف ابن تيمية سنة (728هـ).
(4)
أخرجه ابن ماجه (1/ 19/49) وفيه محمد بن محصن العكاشي. قال عنه البخاري: "منكر الحديث". وقال ابن معين: "كذاب". وقال الدارقطني: "يضع الحديث". انظر الميزان (3/ 476) والحديث حكم عليه بالوضع الشيخ الألباني (انظر الضعيفة 1493).
(5)
المائدة الآية (3).
فالابتداع بزيادة في الدين أو نقصان منه، فلهذا عظم شأن البدعة التي خرج بها صاحبها من الدين كما تخرج الشعرة من العجين. (1)
- وقال رحمه الله في كتابه 'إيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة': ولنقدم قبل المقصود أصلا مهما وهو أن الله تبارك وتعالى قد أخبر عن الكفار بأن نظرهم مقصور على اتباع الآباء في كتابه العزيز في غير آية عايبا عليهم ذلك، مثل:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} (2)، {قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (3){مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ} (4) أي ليس لهم مستند سوى ذلك {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (5){قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا} (6) فهم في جميع الآيات قاصرون نظرهم على اتباع الآباء لحسن الظن بهم، حتى صار ذلك عادة لهم، بل فخرا يعيرون به من خالفهم ويضربون به المثل، حتى سموا محمدا صلى الله عليه وآله
(1) الإنصاف (ص.1 - 2).
(2)
البقرة الآية (170).
(3)
الزخرف الآية (23).
(4)
هود الآية (109).
(5)
الشعراء الآية (74).
(6)
يونس الآية (78).
وسلم ابن أبي كبشة لأنه عبد ما لم يعبد آباؤه كما عبد أبو كبشة الشعرى، وحتى ذكروا بذلك أبا طالب وهو في طريق الموت وقالوا له: أترغب عن ملة عبد المطلب (1)، ولذلك خص الأبوان في الإخبار عن تغيير الفطرة وأنهما يهودانه وينصرانه (2)
ولذلك مقت الله الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله. وفسر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اتخاذهم بأنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه، كما أخرجه الترمذي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه (3)، فمن عقل وأنصف، فلينظر إلى جميع بني آدم في القديم والحديث في الملل الكفرية ثم المذاهب الإسلامية بعد إخراجه للأنبياء صلى الله عليهم ومن سار سيرتهم من السابقين والتابعين، وقليل ما هم، بالنظر إلى الخليقة فإنه يجد الناس تبعا لما ألفوه من اتباع الآباء بمجرد تقليد وهوى ومحبة للجمود على دين الآباء. (4)
-وقال رحمه الله: وكذلك أهل المذاهب على مذاهب آبائهم منذ أسس الشيطان بدعة التمذهب، لا يتحنف الشافعي ولا يتشفع الحنفي ولا يتشيع الناصبي والخارجي ولا يقول بالاعتزال الجبري ولا بالجبر المعتزلي، وإن وجدت في الألف بل الألوف فردا واحدا فارق ما عليه آباؤه، فلا يخلو عن
(1) أخرجه: أحمد (5/ 433) والبخاري (3/ 284 - 285/ 1360) ومسلم (1/ 54/24) والنسائي (4/ 395 - 396/ 2034) كلهم من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه المسيب بن حزن.
(2)
أخرجه: أحمد (2/ 393) والبخاري (3/ 281/1358) ومسلم (4/ 2047/2658) والترمذي (4/ 389 - 390/ 2138) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال:"هذا حديث حسن صحيح" ..
(3)
سيأتي تخريجه في مواقف المعصومي سنة (1380هـ).
(4)
إيقاظ الفكرة (45 - 48).