المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْمَحَلِّ لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ١

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[خُطْبَةُ الْكِتَاب]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌[تَنْقَسِمُ الطَّهَارَةُ إلَى عَيْنِيَّةٍ وَحُكْمِيَّةٍ]

- ‌[اسْتِعْمَالُ وَاقْتِنَاءُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ]

- ‌بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ

- ‌[السَّبَبُ الْأَوَّل خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ أَسْبَاب الْحَدَث زَوَالُ الْعَقْلِ]

- ‌(الثَّالِثُ: الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ)

- ‌(الرَّابِعُ مَسُّ قُبُلِ الْآدَمِيِّ)

- ‌[مَا يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاسْتِنْجَاءِ وَآدَابِهِ]

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ

- ‌[شُرُوطُ الْوُضُوء]

- ‌[فَرَائِضُ الْوُضُوء]

- ‌[سُنَنُ الْوُضُوءِ]

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ

- ‌[شُرُوطُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَحُكْمِهِ]

- ‌[مَتَى تَبْدَاءُ مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[شُرُوطُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ] [

- ‌الْأَوَّل أَنْ يَلْبَسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَة]

- ‌[الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْخُفُّ صَالِحًا سَاتِرٌ مَحِلَّ فَرْضِهِ]

- ‌[يُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ كَوْنُهُ قَوِيًّا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ]

- ‌بَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْل]

- ‌[وَاجِبَاتُ الْغُسْل]

- ‌بَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌[أَنْوَاعِ النَّجَاسَات]

- ‌ النَّجَاسَةَ الْمُغَلَّظَةَ

- ‌[النَّجَاسَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ] [

- ‌[النَّجَاسَةَ الْمُخَفَّفَةَ]

- ‌[النَّجَاسَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌[أَسْبَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[بَيَانِ مَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[سُنَنُ التَّيَمُّمِ]

- ‌ أَحَدُهَا مَا يُبْطِلُهُ غَيْرُ الْحَدَثِ الْمُبْطِلِ لَهُ

- ‌[أَحْكَامُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[الْحُكْمِ الثَّانِي مَا يَسْتَبِيحُهُ بِالتَّيَمُّمِ]

- ‌[الْحُكْمِ الثَّالِثِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا]

- ‌بَابُ الْحَيْضِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

- ‌[أَقَلُّ الْحَيْضِ زَمَنِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ]

- ‌ أَحْكَامِ الْحَيْضِ

- ‌[الِاسْتِحَاضَةُ وَأَحْكَامِهَا]

- ‌[فَصْلٌ إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الدَّمِ لِسِنِّ الْحَيْضِ أَقَلَّهُ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَعْبُرْ أَكْثَرَهُ]

- ‌[إذَا جَاوَزَ دَمُ الْمَرْأَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُسَمَّى بِالْمُسْتَحَاضَةِ]

- ‌[الْمُسْتَحَاضَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الْمُبْتَدَأَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ]

- ‌ الْمُسْتَحَاضَةِ الثَّالِثَةِ وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ

- ‌ الْمُسْتَحَاضَةِ الْخَامِسَةِ: وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ

- ‌[الْمُسْتَحَاضَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ]

- ‌[الْمُسْتَحَاضَة غَيْر الْمُمَيَّزَة]

- ‌[أَقَلُّ النِّفَاسِ وَأَكْثَرُهُ وَغَالِبُهُ]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[حُكْمُ النِّفَاسِ هُوَ حُكْمُ الْحَيْضِ]

- ‌[وَقْتُ الظُّهْرِ]

- ‌«وَقْتُ الْمَغْرِبِ

- ‌[وَقْتُ الْعَصْرِ]

- ‌ وَقْتُ الْعِشَاءِ

- ‌(وَقْتُ الصُّبْحِ

- ‌ وَقَعَ بَعْضُ صَلَاتِهِ فِي الْوَقْتِ) وَبَعْضُهَا خَارِجَهُ

- ‌[الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ]

- ‌[جَهِلَ الْوَقْتَ لِغَيْمٍ أَوْ حَبْسٍ]

- ‌[صَلَّى بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّ صَلَاتَهُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْضُهَا]

- ‌[تَرْتِيبُ الْفَائِتِ مِنْ الصَّلَاة]

- ‌[إيقَاظُ النَّائِمِينَ لِلصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ]

- ‌[وَقْتُ زَوَالِ مَوَانِعِ وُجُوبِ الصَّلَاة]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ

- ‌ الْأَذَانِ (لِلْمُنْفَرِدِ) بِالصَّلَاةِ

- ‌[التَّثْوِيبُ فِي أَذَانَيْ الصُّبْحِ]

- ‌[تَرْتِيبُ الْأَذَانِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ الْإِسْلَامُ]

- ‌[كَرَاهَةُ الْأَذَانِ لِلْمُحْدِثِ]

- ‌[الْإِمَامَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَذَانِ]

- ‌[شُرُوطُ الْأَذَانِ]

- ‌ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقِبْلَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌ الْفَرْضَ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ مِنْ الْكَعْبَةِ إصَابَةُ عَيْنِهَا

- ‌[أَرْكَانُ الصَّلَاةُ]

- ‌[الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ النِّيَّةُ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ]

- ‌[الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةُ الْقِيَامُ]

- ‌[الرَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ]

- ‌[الْخَامِسُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة الرُّكُوعُ]

- ‌[السَّادِسُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة الِاعْتِدَالُ]

- ‌[السَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ]

- ‌[الثَّامِنُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ وَالْحَادِي عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة التَّشَهُّدُ وَقُعُودُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ]

- ‌[الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ السَّلَامُ]

- ‌[الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ]

الفصل: الْمَحَلِّ لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ

الْمَحَلِّ لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ مَرْدُودٌ، فَقَدْ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ إنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَصَرَّحَ الشَّيْخُ نَصْرٌ بِتَأْثِيمِ فَاعِلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ مِنْهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.

وَيَقُولُ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ: اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ النِّفَاقِ وَحَصِّنْ فَرْجِي مِنْ الْفَوَاحِشِ.

‌بَابُ الْوُضُوءِ

هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ: اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّبْوِيبِ، وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِهِ فِي الْأَشْهَرِ، وَقِيلَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا، وَقِيلَ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَهُوَ أَضْعَفُهَا، وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ إذْ قِيَاسُ الْمَصْدَرِ التَّوَضُّؤُ بِوَزْنِ التَّكَلُّمِ وَالتَّعَلُّمِ، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْمَصَادِرِ.

وَالْوُضُوءُ أَصْلُهُ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَالنَّضَارَةُ وَالضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ.

وَفِي الشَّرْعِ: أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالنِّيَّةِ، وَكَانَ فَرْضُهُ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ أَصَابَ الْمَحَلَّ رَطْبًا وَجَبَ غَسْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ إنَّهُ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ مِنْهُ) نَفْيُ السُّنَّةِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مُبَاحٌ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: وَيُكْرَهُ مِنْ الرِّيحِ إلَّا إنْ خَرَجَ وَالْمَحَلُّ رَطْبٌ اهـ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي قَضَى فِيهِ حَاجَتَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَوْ الْمَاءِ، وَقَوْلِهِ فَرَاغِ: أَيْ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مَا دَامَ فِيهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَوْلِهِ غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَدِّمَةٌ لِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ.

بَابُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ) أَيْ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالضَّمِّ) فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ بِالْوُضُوءِ بَلْ هِيَ جَارِيَةٌ فِيمَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ نَحْوَ طَهُورٍ وَسَحُورٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ) أَيْ لِتَوَضَّأَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إذْ قِيَاسُ إلَخْ، وَلَكِنَّهُ مَصْدَرٌ لِوُضُوءٍ كَظَرُفَ بِمَعْنَى حَسُنَ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُخْتَارِ الْوَضَاءَةُ الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ وَبَابُهُ ظَرُفَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَصْدَرَ وُضُوءٍ الْوَضَاءَةُ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِوُضُوءٍ أَوْ تَوَضَّأَ أَوْ مَصْدَرٌ مِنْهُ مَحْذُوفُ الزَّوَائِدِ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ) أَيْ لُغَةً، وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ مَعْنَاهُ لُغَةً: اسْمٌ لِغَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: وَالنَّضَارَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَالضِّيَاءُ) أَيْ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الضِّيَاءِ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ وَإِلَّا فَهَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ لُغَوِيًّا (قَوْلُهُ: وَفِي الشَّرْعِ أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ) هِيَ شَامِلَةٌ لِلْغَسْلِ وَالْمَسْحِ (قَوْلُهُ: مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ) وَعَلَى هَذَا فَصَلَاتُهُ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا قَبْلَ فَرْضِ الْوُضُوءِ هَلْ كَانَ يَتَوَضَّأُ لَهَا هَذَا الْوُضُوءَ أَوْ لَا؟ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ فَمَا حُكْمُهُ؟ هَلْ كَانَ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.

وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ: وَتَيَمَّمَ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَيَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى: أَيْ أَوَّلًا، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِوَحْدِهَا ثُمَّ يُصَمِّمُ، وَبِثَانٍ الْيُسْرَى: أَيْ أَوَّلًا كَذَلِكَ، وَبِثَالِثٍ الْوَسَطَ: أَيْ أَوَّلًا كَذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ:، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ.

[بَابُ الْوُضُوءِ]

[شُرُوطُ الْوُضُوء]

بَابُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَالضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهُ خُصُوصُ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيّ مَعْنَى شَرْعِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ، فَلَعَلَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ الضِّيَاءُ الْمَعْنَوِيُّ كَالْحِسِّيِّ فَيَدْخُلُ فِيهِ الضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا عُيُوبًا

ص: 153

قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ، وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الرَّأْسُ بِالْمَسْحِ لِسَتْرِهِ غَالِبًا فَاكْتَفَى فِيهِ بِأَدْنَى طَهَارَةٍ وَلَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنَّمَا الْخَاصُّ بِهَا الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَمُوجِبُهُ الِانْقِطَاعُ مَعَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ.

وَشُرُوطُهُ كَالْغُسْلِ أُمُورٌ: مِنْهَا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ وَلَوْ مَظْنُونًا، وَإِسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ وَعَدَمُ صَارِفٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِدَوَامِ النِّيَّةِ حُكْمًا، وَعَدَمُ مُنَافٍ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ فِي غَيْرِ أَغْسَالِ الْحَجِّ وَنَحْوِهَا، وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى رَأْيٍ يَأْتِي وَأَنْ لَا يَكُونَ بِعُضْوِهِ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ تَغَيُّرًا مُضِرًّا وَأَنْ لَا يُعَلِّقَ نِيَّتَهُ فَلَوْ قَالَ نَوَيْت الْوُضُوءَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّبَرُّكَ.

لَا يُقَالُ: لَمْ أُلْحِقْ الْإِطْلَاقَ هُنَا بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ وَفِي الطَّلَاقِ بِقَصْدِ التَّبَرُّكِ إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجَزْمَ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّيَّةِ يَنْتَفِي بِهِ لِانْصِرَافِهِ لِمَدْلُولِهِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْهُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ، وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَقَدْ تَعَارَضَ صَرِيحَانِ:

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرْضٍ، لِأَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ لِكُلِّ فَرْضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْهُ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ «بِأَنْ صلى الله عليه وسلم صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ) أَيْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ حَجّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْإِمَامِ) حَيْثُ قَالَ هُوَ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ لِأَنَّ فِيهِ مَسْحًا وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ اهـ شَرْحُ بَهْجَةٍ.

قَالَ سم بِهَامِشِهِ مَا نَصُّهُ: قَدْ يُمْنَعُ، بَلْ فِي الْمَسْحِ تَنْظِيفٌ لَا سِيَّمَا مَعَ تَكَرُّرِهِ وَلَوْ سَلَّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ التَّنْظِيفَ بِجُمْلَتِهِ لَكِنَّهُ سُومِحَ فِي الرَّأْسِ لِنَظَافَتِهِ وَالْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ الْغَسْلِ وَتَكْرَارِهِ اهـ.

وَالرَّاجِحُ أَنَّ التَّعَبُّدِيَّ أَفْضَلُ مِنْ مَعْقُولِ الْمَعْنَى لِأَنَّ فِيهِ إرْغَامًا لِلنَّفْسِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ) فِيهِ إشَارَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ (قَوْلُهُ: الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ) أَوْ الْكَيْفِيَّةُ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: وَاَلَّذِي مِنْ خَصَائِصِنَا إمَّا الْكَيْفِيَّةُ الْمَخْصُوصَةُ أَوْ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ اهـ (قَوْلُهُ وَمُوجِبُهُ الِانْقِطَاعُ) أَيْ الْخُرُوجُ وَالِانْقِطَاعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ) وَالْعِلْمُ بِإِطْلَاقِهِ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى، وَقَدْ أَشَارَ إلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ مَظْنُونًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَظْنُونًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ صَحَّ طُهْرُهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ إطْلَاقَهُ، بَلْ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ إطْلَاقِهِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ، فَقَوْلُهُ وَلَوْ ظَنًّا لَعَلَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْجُمْلَةِ وَفِيمَا إذَا وَقَعَ اشْتِبَاهُ الْمُطْلَقِ بِغَيْرِهِ وَاجْتَهَدَ فِيهِمَا اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ

قُلْت: أَوْ يُقَالُ إنَّ اسْتِصْحَابَ الطَّهَارَةِ مُحَصِّلٌ لِلظَّنِّ فَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ ظَنًّا الْأَعَمَّ مِنْ ظَنِّ سَبَبِهِ الِاجْتِهَادَ أَوْ اسْتِصْحَابَ الطَّهَارَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِ سم لَعَلَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ عَدَمِ الصَّارِفِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ أَغْسَالِ الْحَجِّ) أَيْ فِي الْوُضُوءِ لِغَيْرِ أَغْسَالِ الْحَجِّ، وَقَوْلُهُ عَلَى رَأْيٍ يَأْتِي هَذَا فِي إزَالَتِهِ أَوَّلًا بِغَسْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، أَمَّا إزَالَتُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ مَعَ الْوُضُوءِ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْهَا فَشَرْطِيَّةُ الْإِزَالَةِ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِهَذَا الرَّأْيِ اهـ سم.

عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّبَرُّكَ) أَيْ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ أُلْحِقَ هُنَا بِالتَّعْلِيقِ وَثَمَّ بِالتَّبَرُّكِ وَإِلَّا فَالْإِطْلَاقُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الْبَابَيْنِ فَهُوَ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ هُنَا حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى التَّعْلِيقِ فَفَسَدَ وُضُوءُهُ وَلِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ ثَمَّ حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّكِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ، فَالْبَابَانِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ نَفْعِ الصِّيغَةِ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ: يَنْتَفِي بِهِ) أَيْ بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: لِانْصِرَافِهِ لِمَدْلُولِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَعْنَوِيَّةً لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فِيهَا، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذُّنُوبِ الذُّنُوبُ اللُّغَوِيَّةُ (قَوْلُهُ: لِسَتْرِهِ غَالِبًا) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يُمْسَحْ شَيْءٌ مِنْ بَاقِي الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ كَشْفُهُ كَالرَّأْسِ (قَوْلُهُ: وَمُوجِبُهُ الِانْقِطَاعُ) شَمِلَ الْحَدَثَ الِاخْتِيَارِيَّ وَغَيْرَهُ، فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ مَسَّ امْرَأَةً وَاسْتَمَرَّ وَاضِعًا يَدَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ،؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْقَطِعْ حَدَثُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ يُخْرِجُ هَذَا وَنَحْوَهُ (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ) أَيْ تَقَدُّمُ إزَالَتِهَا بِغُسْلٍ غَيْرِ غُسْلِ الْحَدَثِ، وَإِلَّا فَمُطْلَقُ إزَالَتِهَا قَدْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَنْتَفِي بِهِ) أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ

ص: 154

لَفْظُ الصِّيغَةِ الصَّرِيحُ فِي الْوُقُوعِ، وَلَفْظُ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحُ فِي عَدَمِهِ، لَكِنْ لَمَّا ضَعُفَ هَذَا الصَّرِيحُ بِكَوْنِهِ كَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ لِلتَّبَرُّكِ اُحْتِيجَ لِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ نِيَّةُ التَّعْلِيقِ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ تِلْكَ الصِّيغَةِ حَتَّى يَقْوَى عَلَى رَفْعِهَا حِينَئِذٍ، وَأَنْ يَعْرِفَ كَيْفِيَّتَهُ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعُضْوِ حَائِلٌ كَدُهْنٍ وَوَسَخٍ تَحْتَ أَظْفَارٍ وَغُبَارٍ عَلَى بَدَنٍ لَا عَرَقٍ مُتَجَمِّدٍ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الْقَفَّالِ: تَرَاكُمُ الْوَسَخِ عَلَى الْعُضْوِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ وَلَا النَّقْضُ بِلَمْسِهِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا صَارَ جُزْءًا مِنْ الْبَدَنِ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهُ، وَأَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ عَلَى الْعُضْوِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ عَدِّ هَذَا شَرْطًا كَوْنُهُ مَعْلُومًا مِنْ مَفْهُومِ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ النَّضْحَ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ فِي حَقِّ سَلَسٍ أَوْ ظَنُّ دُخُولَهُ وَتَقْدِيمُ اسْتِنْجَائِهِ، وَتَحَفُّظٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَمُوَالَاةٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ وَبَيْنَ أَفْعَالِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْهَا تَحْقِيقَ الْمُقْتَضَى، فَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَوْ لَا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ، وَأَنْ يَغْسِلَ مَعَ الْمَغْسُولِ مَا هُوَ مُشْتَبَهٌ بِهِ، وَغَسْلُ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَمَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ.

وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ عِنْدَ التَّبَيُّنِ وَمَا بَعْدَهُ بِالْأَرْكَانِ أَشْبَهُ

(فَرْضُهُ) هُوَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَهُوَ التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَعْرِفَ كَيْفِيَّتَهُ) أَيْ الْوُضُوءِ، وَيَأْتِي هَذَا الشَّرْطُ فِي كُلِّ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّيَّةُ وَقَصْرُهُ عَلَى الْوُضُوءِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَقْصِدَ إلَخْ) هَذَا يُشْكِلُ بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ، فَإِنَّ مَا يَأْتِي بِهِ مُرَاعِيًا فِيهِ لِلْخِلَافِ كَالْبَسْمَلَةِ فِي الْفَاتِحَةِ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّتَهُ.

وَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ مُحَافَظَةً عَلَى كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فَلْيُرَاجَعْ ثَمَّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ عَامِّيٍّ، لَكِنْ قُيِّدَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْعَامِّيِّ. وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: وَأَفْتَى حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ مِنْ الْعَامَّةِ فَرْضَ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَنِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ: أَيْ وَسَائِرُ عِبَادَاتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِفَرْضٍ نَفْلًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مَجْمُوعِهِ يُشْعِرُ بِرُجْحَانِهِ، وَالْمُرَادُ بِعَامِّيٍّ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي، وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرَائِضَ صَلَاتِهِ مِنْ سُنَنِهَا، وَأَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يُمَيِّزُ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: كَدُهْنٍ) أَيْ لَهُ جِرْمٌ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعُضْوِ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ تَغَيُّرًا ضَارًّا أَوْ جِرْمٌ كَثِيفٌ يَمْنَعُ وُصُولَهُ لِلْبَشَرَةِ لَا نَحْوُ خِضَابٍ وَدُهْنٍ مَائِعٍ (قَوْلُهُ: وَوَسَخٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَصِرْ كَالْجُزْءِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا عَرَقٍ مُتَجَمِّدٍ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ كَالْجُزْءِ وَلَمْ يَتَأَذَّ بِإِزَالَتِهِ كَمَا يَفْهَمُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَسَخِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهِ وَالْمَشَقَّةِ فِي إزَالَتِهِ، لَكِنْ فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ: نَعَمْ إنْ صَارَ الْجِرْمُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْعَرَقِ جُزْءًا مِنْ الْبَدَنِ لَا يُمْكِنُهُ فَصْلُهُ عَنْهُ فَلَهُ حُكْمُهُ فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ وَلَا النَّقْضُ بِمَسِّهِ اهـ (قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَخْشَى مِنْ فَصْلِهِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْغَسْلِ (قَوْلُهُ: وَمُوَالَاةٍ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ اهـ.

وَهِيَ تُفِيدُ وُجُوبَ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ وَالتَّحَفُّظِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ السَّلَسُ بِالرِّيحِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ وَالْوُضُوءِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

قُلْت: وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِطُهْرِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ تَقَدُّمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْهَا تَحَقُّقَ الْمُقْتَضَى) أَيْ إنْ بَانَ الْحَالُ حَجّ، وَعَلَيْهِ فَالتَّفْرِيعُ ظَاهِرٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ فِي كَلَامِ مَنْ عَدَّهُ شَرْطًا، وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدُّ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ (قَوْلُهُ بَلْ عِنْدَ التَّبَيُّنِ) أَيْ تَبَيُّنِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: دُهْنٌ) أَيْ جَامِدٌ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ) يَعْنِي يَتَعَسَّرُ فَصْلُهُ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ) هَذَا شَرْطٌ لِجَوَازِ فِعْلِ الصَّلَاةِ بِهِ لَا شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَ شَرْطًا) عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ عِنْدَ تَبَيُّنِ الْحَالِ بِمَعْنَى: إذَا تَبَيَّنَ الْحَالُ تَبَيَّنَّا عَدَمَ صِحَّةِ الْوُضُوءِ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، وَهُوَ تَحَقُّقُ الْمُقْتَضِي.

ص: 155

فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْهُ: أَيْ فُرُوضِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ.

لَا يُقَالُ دَلَالَةُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةً فَيَكُونُ فَاسِدًا لِكَوْنِهِ يَقْتَضِي انْقِسَامَ الْوَاحِدِ سِتَّةً فَيَجْتَمِعُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ.

لِأَنَّا نَقُولُ: إمَّا أَنْ تَكُونَ الْقَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةً لَا كُلِّيَّةً أَوْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمَجْمُوعِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: رِجَالُ الْبَلَدِ يَحْمِلُونَ الصَّخْرَةَ الْعَظِيمَةَ: أَيْ مَجْمُوعُهُمْ لَا كُلُّ فَرْدٍ فَرْدٍ.

وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ تَقُومُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعَامِّ حُكْمٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَفْرَادِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى كَوْنِ أَفْرَادِ الْعَامِّ الْجَمْعِ أَوْ نَحْوِهِ آحَادًا أَوْ جُمُوعًا، فَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كُلًّا لَا كُلِّيَّةً وَلَا كُلِّيًّا، وَهُوَ الْمَحْكُومُ فِيهِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْأَفْرَادِ وَأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ شَرْعًا وَلَا عَقْلًا يَكُونُ مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ (سِتَّةٌ) وَلَمْ يَعُدَّ الْمَاءَ رُكْنًا هُنَا مَعَ عَدِّ التُّرَابِ رُكْنًا فِي التَّيَمُّمِ، لِأَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّيَمُّمِ.

وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ فِيهَا وَحْدَهُ بَلْ الْمَاءُ بِشَرْطِ امْتِزَاجِهِ بِالتُّرَابِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَحْسُنُ عَدُّ التُّرَابِ رُكْنًا لِأَنَّ الْآلَةَ جِسْمٌ وَالْفِعْلَ عَرَضٌ فَكَيْفَ يَكُونُ الْجِسْمُ جُزْءًا مِنْ الْعَرَضِ، وَالْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ هُنَا الرُّكْنُ (أَحَدُهَا نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) عَلَى النَّاوِي: أَيْ رَفْعٌ حُكْمُهُ كَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوُضُوءِ رَفْعُ الْمَانِعِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَدَثِ

(قَوْلُهُ: فَيَعُمُّ) أَيْ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِالْجَمْعِ (قَوْلُهُ: أَيْ فُرُوضِهِ) أَيْ جُمْلَةِ فُرُوضِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَحْكُومُ فِيهِ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْكُلِّيِّ، وَأَمَّا الْكُلِّيَّةُ فَهِيَ الَّتِي حُكِمَ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ، وَالْكُلُّ هُوَ الْحُكْمُ عَلَى جُمْلَةِ الْأَفْرَادِ، فَالثَّلَاثَةُ مُتَغَايِرَةٌ (قَوْلُهُ: يَكُونُ مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ) وَهِيَ أَنْ يَتَوَقَّفَ صِدْقُ الْكَلَامِ أَوْ صِحَّتُهُ عَلَى إضْمَارٍ فَيُقَدَّرَ هُنَا: أَيْ جُمْلَةَ فَرْضِهِ بِمَعْنَى: فُرُوضُهُ سِتَّةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَحْسُنُ إلَخْ) وَفِي سم عَلَى حَجّ.

وَأَقُولُ: هُوَ إشْكَالٌ سَاقِطٌ لِوُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّ هَذَا نَظِيرُ عَدِّهِمْ الْعَاقِدَ رُكْنًا لِلْبَيْعِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ الْعَقْدُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ جُزْءًا مِنْ الْعَقْدِ.

وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ هُنَاكَ بِمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا.

وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ التُّرَابِ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا أَنَّ ذَاتَه هِيَ الرُّكْنُ أَوْ الشَّرْطُ ضَرُورَةَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ، وَالْوُجُوبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ بَلْ بِالْأَفْعَالِ، بَلْ الْمُرَادُ بِالرُّكْنِ أَوْ الشَّرْطِ هُوَ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ أَوْ الْمَاءِ.

أَوْ يُقَالُ كَوْنُ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ وَالْغَسْلِ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْفِعْلُ عَرَضٌ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَسْحُ فِي التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا الرُّكْنُ) أَيْ وَمِنْ ثَمَّ تَعَرَّضَ الشَّارِحُ هُنَا لِلشُّرُوطِ وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعِ حُكْمِهِ) هَذَا إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حَيْثُ أُرِيدَ بِالْحَدَثِ الْأَسْبَابُ.

أَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِهِ الْمَنْعُ أَوْ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بَلْ لَا يَصِحُّ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا حَمَلَ الْحَدَثَ عَلَى الْأَسْبَابِ وَاحْتَاجَ لِتَقْدِيرِ مَا ذَكَرَ لِقَوْلِهِمْ فَإِنْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ أَوْ بَعْضَ أَحْدَاثِهِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَيَجْتَمِعُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِ فُرُوضِهِ فِي الْخَارِجِ سِتَّةً، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ كُلُّ فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهِ الْمَعْلُومِ فِي الْخَارِجِ أَنَّهَا سِتَّةٌ سِتَّةٌ، وَإِلَّا فَالْعِبَارَةُ لَا تَقْتَضِي هَذَا الْحَصْرَ قَبْلَ الْإِخْبَارِ بِسِتَّةٍ وَإِنَّمَا صَرِيحُهَا أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهِ الْغَيْرِ الْمَحْصُورَةِ سِتَّةٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْكُلِّيُّ أَمَّا الْكُلِّيَّةُ فَهِيَ الْمَحْكُومُ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مُطَابَقَةً، وَالْكُلُّ هُوَ الْمَحْكُومُ فِيهِ عَلَى جُمْلَةِ الْأَفْرَادِ كَمَا عُلِمَتْ كُلُّهَا مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا عَقْلًا) الْأَوْلَى أَوْ عَقْلًا (قَوْلُهُ: مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ) أَيْ وَهِيَ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الصِّدْقُ أَوْ الصِّحَّةُ فِيهَا عَلَى إضْمَارٍ، وَالْمُضْمَرُ هُنَا لَفْظُ جُمْلَةٍ أَوْ مَجْمُوعٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى النَّاوِي) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ الصَّبِيُّ الَّذِي يُوَضِّئُهُ وَلِيُّهُ لِلطَّوَافِ (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ) أَيْ فَالْمُرَادُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَسْبَابُ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَتَأَتَّى فِيهَا جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا

ص: 156

فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَقْصُودِ سَوَاءٌ أَنَوَى رَفْعَ جَمِيعِ أَحْدَاثِهِ أَمْ بَعْضِهَا وَإِنْ نَفَى بَاقِيَهَا فَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَالِطًا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ نَوَى رَفْعَ بَعْضِ حَدَثِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} [البينة: 5] وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ.

وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا شَرْعًا، وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ مَحْضَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهِ النِّيَّةُ، فَخَرَجَ بِالْعِبَادَةِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَنَحْوُهُمَا، وَبِالْفِعْلِيَّةِ الْقَوْلِيَّةُ كَالْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ، وَبِالْمَحْضَةِ الْعُدَّةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَلِأَنَّهُ طَهَارَةٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْأَسْبَابِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَاهُ) أَيْ رَفْعَ الْحَدَثِ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْله أَمْ بَعْضَهَا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا. فَإِنْ قُلْت: الْمُتَأَخِّرُ لَا يُسَمَّى حَدَثًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحَدَثَ هُوَ السَّبَبُ الَّذِي يُوجَدُ مِنْ الْمُتَوَضِّئِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَسَّ ثُمَّ بَالَ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْبَوْلِ حَدَثٌ.

قُلْت: أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِحَمْلِ الْأَحْدَاثِ الْمُتَعَدِّدَةِ عَلَى مَا لَوْ وُجِدَتْ مِنْهُ دَفْعَةٌ كَأَنْ مَسَّ وَلَمَسَ وَبَالَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.

قَالَ: فَيَتَقَيَّدُ قَوْلُهُمْ إذَا نَوَى بَعْضَ أَحْدَاثِهِ بِذَلِكَ حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ مُتَرَتِّبَةً فَنَوَى الْمُتَأَخِّرَ لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا.

وَأَقُولُ: فِي الْمِصْبَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ بِرَفْعِ الْبَعْضِ بَيْنَ وُجُودِهَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَةً.

وَعِبَارَتُهُ: وَالْحَدَثُ الْحَالَةُ الْمُنَاقِضَةُ لِلطَّهَارَةِ شَرْعًا وَالْجَمْعُ الْأَحْدَاثُ، إلَى أَنْ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمُنَاقِضَةُ لِلطَّهَارَةِ أَنَّ الْحَدَثَ إنْ صَادَفَ طَهَارَةً نَقَضَهَا وَرَفَعَهَا وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ طَهَارَةً فَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَجُوزَ أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَى الشَّخْصِ أَحْدَاثٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ جَنَابَةً كَمَا صَرَّحَ بِالتَّفْصِيلِ فِيهَا، بَلْ وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ كَالْحَيْضِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ قَصَدَ رَفْعَ الْحَدَثِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ مِنْ النَّوْمِ بِالْفِعْلِ حَتَّى لَوْ نَوَى الْحَدَثَ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ نَشَأَ مِنْ النَّوْمِ صَحَّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ كَامِلًا فِيمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ الصِّحَّةُ هُنَا وَيَكُونُ رَفْعُ الْبَعْضِ رَفْعًا لِلْكُلِّ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي النِّيَّةِ الْجَزْمُ؛ وَرَفْعُ الْبَعْضِ مَعَ إرَادَةِ بَقَاءِ الْبَعْضِ تَلَاعُبٌ لَا يَلِيقُ بِالنِّيَّةِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي وُقُوعِهِ الْجَزْمُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ، فَكَانَ إيقَاعُ بَعْضِهِ إيقَاعًا لِكُلِّهِ (قَوْلُهُ: وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ) قَالَ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فِيهِ شَيْءٌ مَعَ لَهُ اهـ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِخْلَاصَ بِمَعْنَى النِّيَّةِ لَا يَتَعَدَّى بِاللَّامِ، إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ عَلَيْهِ نَاوِينَ الدِّينَ لَهُ وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِخْلَاصِ بِمَعْنَى النِّيَّةِ تَقْدِيرُ لَفْظِهَا فِي الْكَلَامِ، بَلْ يَكْفِي مُلَاحَظَتُهَا مَعْنًى كَأَنْ يُقَالَ: مَعْنَى مُخْلِصِينَ مُخَصِّصِينَ لَهُ الدِّينَ: أَيْ قَاصِرِينَ الدِّينَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَنْسُبُونَهُ إلَى غَيْرِهِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ) قَدَّمَ الْآيَةَ لِكَوْنِهَا دَالَّةً عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً، وَالْحَدِيثُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّمَا صِحَّةُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّةِ، وَالْحَنَفِيَّةُ يَمْنَعُونَ هَذَا وَيُقَدِّرُونَ إنَّمَا كَمَالُ الْأَعْمَالِ.

وَالْجَوَابُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ تَقْدِيرَ الصِّحَّةِ أَقْرَبُ إلَى نَفْيِ الذَّاتِ مِنْ نَفْيِ الْكَمَالِ، لِأَنَّ مَا انْتَفَتْ صِحَّتُهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ، بِخِلَافِ مَا انْتَفَى كَمَالُهُ مَا فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا فَكَأَنَّ ذَاتَه مَوْجُودَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَصْلُ إلَخْ وَكَأَنَّهُ قِيلَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَحْضَةٌ) أَيْ وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ يَحْتَاجُ إثْبَاتُهَا لِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) أَيْ الْوُضُوءَ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَصْلُ أَيْضًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ كَمَا

ص: 157

مُوجِبُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُوجَبِهَا فَأَشْبَهَتْ التَّيَمُّمَ وَبِهِ خَرَجَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَالْكَلَامُ عَلَيْهَا مِنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:

حَقِيقَةُ حُكْمٍ مَحَلٌّ وَزَمَنْ

كَيْفِيَّةُ شَرْطٍ وَمَقْصُودٌ حَسَنْ

فَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ، وَشَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ، وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَزَمَنُهَا أَوَّلُ الْوَاجِبَاتِ، وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ، وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي، وَتَمْيِيزُهُ وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ، وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمُنَافِيهَا بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا، وَالْمَقْصُودُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ كَالْجُلُوسِ لِلِاعْتِكَافِ تَارَةً وَلِلِاسْتِرَاحَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مُوجِبُهَا) أَيْ أَثَرُهَا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُوجَبِهَا) الْأَوْلَى ضَبْطُ الْأُولَى بِالْكَسْرِ، وَالثَّانِيَةِ بِالْفَتْحِ.

وَالْمَعْنَى السَّبَبُ الَّذِي يُوجِبُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُوجَبِهَا: أَيْ مُحَصَّلِهَا، فَاللَّمْسُ مَثَلًا سَبَبٌ لِلطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ زَوَالُ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَدَثِ وَمُحَصَّلُهَا غَسْلُ الْأَعْضَاءِ، وَاللَّمْسُ لَيْسَ فِي مَحَلِّ ذَلِكَ الْغَسْلِ، وَلَوْ قَالَ مُوجِبُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ فَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ) لَمْ يُسْمَعْ جَمْعُهُ لُغَةً وَقَدْ جَمَعَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى قُصُودٍ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَكَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الْمَصْدَرِ مَوْقُوفٌ عَلَى السَّمَاعِ، فَإِنْ سُمِعَ الْجَمْعُ عَلَّلُوا بِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ عَلَّلُوا بِأَنَّهُ، مَصْدَرٌ: أَيْ بَاقٍ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِ، وَعَلَى هَذَا فَجَمْعُ الْقَصْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى السَّمَاعِ: أَيْ وَلَمْ يُسْمَعْ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفُقَهَاءَ ثِقَاتٌ فَذِكْرُهُمْ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى سَمَاعِهِ (قَوْلُهُ: قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا إلَخْ) اعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ فِي الْحَقِيقَةِ يُشْكِلُ بِنَحْوِ الصَّوْمِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي مُقَوِّمَاتِ الْحَقِيقَةِ مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا رَسْمًا اُعْتُبِرَ فِيهِ لَازِمٌ غَالِبِيٌّ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ حَقِيقَتُهَا لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ، أَوْ يَلْتَزِمُ أَنَّ السَّابِقَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَ كَنِيَّةٍ بَلْ هُوَ عَزْمٌ اكْتَفَى بِهِ لِلضَّرُورَةِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ) قَدْ يُرَدُّ أَنَّ النِّيَّةَ قَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً: أَيْ كَنِيَّةِ السِّوَاكِ الَّذِي لَيْسَ فِي ضِمْنِ عِبَادَةٍ.

لَا يُقَالُ كَلَامُهُ فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لَا مُطْلَقًا.

لِأَنَّا نَقُولُ: صَرِيحُ سِيَاقِهِ يَرُدُّ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ الْآتِي بِأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ هُنَا.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْوُجُوبُ غَالِبًا اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.

قُلْت: أَوْ أَنَّ الْوُجُوبَ بِمَعْنَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} [البينة: 5] الْآيَةَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ) نَعَمْ التَّلَفُّظُ مَنْدُوبٌ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ: أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ، بَلْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ فِي الْجَمِيعِ.

وَقَالَ حَجّ: أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مُوجِبِهِ: أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمُنَافِيهَا) تَقَدَّمَ عَدُّ الْإِسْلَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ شُرُوطِ الْوُضُوءِ، فَلَا يَحْسُنُ هُنَا عَدُّهُ مِنْ شُرُوطِ النِّيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا مَانِعَ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ قَدْ يَكُونُ شَرْطًا لِأَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَخِيرَةُ: أَيْ وَهِيَ تَحَقُّقُ الْمُقْتَضَى، وَالْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ وَعَدَمُ الصَّارِفِ وَمَعْرِفَةُ الْكَيْفِيَّةِ شُرُوطٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِلنِّيَّةِ. [تَنْبِيهٌ] قَالَ الْقَيْصَرِيُّ: يَنْبَغِي لِلْمُتَطَهِّرِ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ غَسْلِ يَدَيْهِ: أَيْ كَفَّيْهِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلُهُ الْآتِي وَالْيَدَيْنِ إلَخْ تَطْهِيرَهُمَا مِنْ تَنَاوُلِ مَا أَبْعَدَهُ عَنْ اللَّهِ وَنَفْضَهُمَا مِمَّا يَشْغَلُهُ عَنْهُ، وَبِالْمَضْمَضَةِ تَطْهِيرَ الْفَمِ مِنْ تَلْوِيثِ اللِّسَانِ بِالْأَقْوَالِ الْخَبِيثَةِ، وَبِالِاسْتِنْشَاقِ إخْرَاجَ اسْتِرْوَاحِ رَوَائِحِ مَحْبُوبَاتِهِ، وَبِتَخْلِيلِ الشَّعْرِ حَلَّهُ مِنْ أَيْدِي مَا يُهْلِكُهُ وَيُهْبِطُهُ مِنْ أَعْلَى عِلِّيِّينَ إلَى أَسْفَلَ سَافِلِينَ، وَبِغَسْلِ وَجْهِهِ تَطْهِيرَهُ مِنْ تَوَجُّهِهِ إلَى اتِّبَاعِ الْهَوَى وَمِنْ طَلَبِ الْجَاهِ الْمَذْمُومِ وَتَخَشُّعِهِ لِغَيْرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ مَنْدُوبًا فَمَعْنَى الْوُجُوبِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَزَمَنُهَا أَوَّلَ الْوَاجِبَاتِ) الْأَوْلَى أَوَّلُ الْعِبَادَاتِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي إلَخْ) ، وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ شُرُوطًا لِلنِّيَّةِ الَّتِي هِيَ رُكْنٌ لِلْوُضُوءِ أَنْ تَكُونَ شُرُوطًا لِلْوُضُوءِ، وَمِنْ ثَمَّ قَدَّمَهَا فِي شُرُوطِ الْوُضُوءِ فَلَا يَرِدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلِمَهُ بِالْمَنْوِيِّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِفَرْضٍ نَفْلًا (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمُنَافِيهَا) الْمُنَافِي هُنَا غَيْرُ

ص: 158

أُخْرَى، أَوْ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا كَالصَّلَاةِ تَكُونُ تَارَةً فَرْضًا وَأُخْرَى نَفْلًا، وَلَا تَتَعَيَّنُ النِّيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ بَلْ هِيَ (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ) شَيْءٍ (مُفْتَقِرٍ) صِحَّتُهُ (إلَى طُهْرٍ) أَيْ وُضُوءِ كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَطَوَافٍ، لِأَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ إنَّمَا يُطْلَبُ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، فَإِذَا نَوَاهَا فَقَدْ نَوَى غَايَةَ الْقَصْدِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ، وَكَوْنُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِنِيَّةِ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ لَهُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى بِهِ مَا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ فِعْلُهُ حَالًا كَالطَّوَافِ وَهُوَ بِمِصْرَ مَثَلًا، أَوْ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي نَحْوِ رَجَبٍ، وَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ مَثَلًا وَلَا يُصَلِّيَ بِهِ غَيْرَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى بِهِ رَفْعَ حَدَثِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، لِأَنَّ حَدَثَهُ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ إنَّهُ مَرْدُودٌ فَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ بَقِيَ بَعْضُ حَدَثِهِ الَّذِي رَفَعَهُ، وَفِيمَا رَدَّ بِهِ الْبَاقِيَ غَيْرَ الْحَدَثِ الْمَرْفُوعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ إذَا رَفَعَ غَيْرَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اللَّهِ، وَبِتَطْهِيرِ الْأَنْفِ مِنْ الْأَنَفَةِ وَالْكِبْرِ، وَالْعَيْنِ مِنْ التَّطَلُّعِ إلَى الْمَكْرُوهَاتِ وَالنَّظَرِ لِغَيْرِ اللَّهِ بِنَفْعٍ أَوْ ضُرٍّ، وَالْيَدَيْنِ تَطْهِيرَهُمَا مِنْ تَنَاوُلِ مَا أَبْعَدَهُ عَنْ اللَّهِ، وَالرَّأْسِ زَوَالَ التَّرَؤُّسِ وَالرِّيَاسَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْكِبْرِ، وَالْقَدَمَيْنِ تَطْهِيرَهُمَا مِنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى الْمُخَالَفَاتِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَحَلَّ قُيُودِ الْعَجْزِ عَنْ الْمُسَارَعَةِ فِي مَيَادِينِ الطَّاعَةِ الْمُبَلِّغَةِ إلَى الْفَوْزِ، وَهَكَذَا يَصْلُحُ الْجَسَدُ لِلْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْ الْقُدُّوسِ تَعَالَى، مُنَاوِيٌّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ لِلْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَيُّمَا رَجُلٍ قَامَ إلَى وُضُوئِهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ ثُمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ نَزَلَتْ خَطِيئَتُهُ مِنْ كَفَّيْهِ مَعَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ» إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ مُفْرَدَاتِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى وُضُوءٍ، لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهَا إذَا قَصَدَ فِعْلَ الْمَنْوِيِّ بِقَلْبِهِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى) أَيْ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَتْ الْمَرْأَةُ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ غَالِطَةً، فَإِنْ كَانَتْ عَامِدَةً لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهَا لِعَدَمِ تَأَتِّي ذَلِكَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي نَحْوِ رَجَبٍ) أَيْ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِفِعْلِهِ حَالًا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ كَذَا قِيلَ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ الْمُتَصَرِّفِينَ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيْنُهُ الصِّحَّةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَاجِزًا وَقْتَ النِّيَّةِ ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ الْقُدْرَةُ بَعْدُ إمَّا بِأَنْ صَارَ مُتَصَرِّفًا أَوْ اتَّفَقَ لَهُ مَنْ يُوَصِّلُهُ إلَى مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْمُتَصَرِّفِينَ لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا، وَمَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا.

هَذَا وَقَدْ عَلَّلَ ابْنُ حَجَرٍ الصِّحَّةَ فِيمَا لَوْ نَوَى مَا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ نِيَّةَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ مُتَضَمِّنَةٌ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ اهـ.

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ حَالًا أَوْ لَا لِأَنَّهُ وَإِنْ نَوَاهُ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ رَفْعُ الْحَدَثِ، فَتَقْيِيدُهُ بِمَا ذُكِرَ لَا يُنَافِي مَقْصُودَهُ لَكِنْ يُنَافِي الْأَخْذَ بِمُقْتَضَاهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الصَّلَاةَ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ إلَخْ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ، فَالْأَوْلَى الْأَخْذُ بِمَا قِيلَ مِنْ فَسَادِ النِّيَّةِ، وَيُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِمُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: الْبَاقِي) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ غَيْرُ.

وَالْمَعْنَى أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ غَيْرِ الْبَغَوِيّ رَفَعَ فِيهَا حَدَثًا بِتَمَامِهِ وَأَبْقَى غَيْرَهُ مِنْ الْأَحْدَاثِ، فَالْحَدَثُ الْبَاقِي غَيْرُ الْمَرْفُوعِ، وَحَيْثُ ارْتَفَعَ حَدَثٌ صَحَّ غَيْرُ الصَّلَاةِ الَّتِي عَيَّنَهَا بِرَفْعِ الْحَدَثِ الَّذِي رَفَعَهُ.

وَفِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ الَّذِي رَفَعَهُ بَعْضُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُنَافِي الْمُتَقَدِّمِ فِي شُرُوطِ الْوُضُوءِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا، فَالْمُنَافِي عَدَمُ الِاسْتِصْحَابِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الصَّرْفُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى بِهِ) أَيْ بِالْوُضُوءِ: أَيْ بِأَيِّ نِيَّةٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِمَا خَاصًّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ إلَخْ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ نِيَّتَهُ غَيْرُ رَفْعِ الْحَدَثِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا رُدَّ بِهِ) بِبِنَائِهِ لِلْمَجْهُولِ إذْ الْمَرْدُودُ بِهِ لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا إذَا نَوَى رَفْعَ بَعْضِ أَحْدَاثِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ

ص: 159

وَوَجَّهَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ النَّافِيَ فِيهِ كَالْمُتَلَاعِبِ، لِأَنَّ الْحَدَثَ إذَا ارْتَفَعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ هَذِهِ وَغَيْرَهَا فَصَارَ كَمَنْ قَالَ أُصَلِّي بِهِ وَلَا أُصَلِّي بِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِطُهْرٍ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ افْتِقَارِهِمَا إلَى طُهْرٍ وَهُوَ الْغُسْلُ، وَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِنِيَّتِهِمَا لِأَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ اسْتِبَاحَةَ، إذْ نِيَّةُ اسْتِبَاحَتِهِمَا تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ.

وَأَيْضًا فَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَقِرَاءَةٍ فَلَا فِي الْأَصَحِّ (أَوْ) نِيَّةِ (أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ) أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَوْ الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ وَإِنْ كَانَ النَّاوِي صَبِيًّا، أَوْ أَدَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ الْوُضُوءِ فَقَطْ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَجْلِهِ أَوْ الْوَاجِبَةِ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ أَوْ أَدَاءِ الطَّهَارَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنَّمَا صَحَّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ فَرْضِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ، مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ فِعْلَ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ.

وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا، وَأَيْضًا فَهُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يَطْرَأُ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاوِيَ لِرَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ وَجْهِهِ يَكْتَفِي مِنْهُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي غَيْرِ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ.

أَمَّا هُوَ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ.

قَالَ: غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ.

وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ تَخْرِيجَهُ عَلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ، لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّجْدِيدِ أَنْ يُعِيدَ الشَّيْءَ بِصِفَتِهِ الْأُولَى انْتَهَى.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَدَثِ، وَاَلَّذِي أَبْقَاهُ بَعْضٌ آخَرُ، وَالْحَدَثُ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ فَلَا يَصِحُّ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَوَاتِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ مَا رَدَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ بِوُضُوئِهِ مَا شَاءَ وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ مَا شَاءَ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَتِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ شَيْءٌ مِنْ حَدَثِهِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ صَلَاةٌ أَصْلًا اهـ (قَوْلُهُ: وَوَجَّهَهُ) أَيْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ: فَصَارَ كَمَنْ قَالَ أُصَلِّي بِهِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: أَوْ أَدَاءِ، الْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ الْفِعْلُ وَالْإِتْيَانُ لَا مُقَابِلُ الْقَضَاءِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.

قُلْت: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْعِبَادَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا.

وَالْوُضُوءُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا بِحَيْثُ يَكُونُ فِعْلُهُ فِيهِ أَدَاءً وَبَعْدَهُ قَضَاءً (قَوْلُهُ: أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ) أَمَّا نِيَّةُ الطَّهَارَةِ فَقَطْ فَلَا تَكْفِي كَنِيَّةِ الْغُسْلِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ عَنْ حَدَثٍ وَخُبْثٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ) أَيْ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ) وَمِثْلُهَا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ.

وَفِي كَلَامِ حَجّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ أَنَّهُ يَصِحُّ بِكُلِّ نِيَّةٍ مِمَّا مَرَّ حَتَّى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَالِاسْتِبَاحَةِ.

قَالَ: وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ أَرَادَ صُورَتَهُمَا، كَمَا أَنَّ مُعِيدَ الصَّلَاةِ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِبَعِيدٍ) قَالَ حَجّ: وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ أَرَادَ صُورَتَهُمَا، كَمَا أَنَّ مُعِيدَ الصَّلَاةِ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ، إلَى أَنْ قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِطْلَاقَ هُنَا كَافٍ كَهُوَ ثَمَّ اهـ: أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ مُلَاحَظَةُ الْإِعَادَةِ لِمَا هُوَ فَرْضٌ، وَلَا نِيَّةُ مَا هُوَ فَرْضٌ صُورَةً وَلَا مَا هُوَ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْفَرْقِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ هَذِهِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) أَيْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ إلَخْ) لَا يَتَأَتَّى فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيهِ فَرْضُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ. إلَخْ)

الْإِسْنَوِيُّ لَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ. وَإِنَّمَا ذَهَبَ إلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ، ثُمَّ بَحَثَ الِاكْتِفَاءَ بَعْدَ جَزْمِهِ بِالْأَوَّلِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى رَدِّ الْبَحْثِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: تَنْبِيهٌ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْأُمُورِ السَّابِقَةِ مَحَلُّهُ فِي الْوُضُوءِ غَيْرِ الْمُجَدَّدِ، أَمَّا الْمُجَدَّدُ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ.

وَقَدْ يُقَالُ: يُكْتَفَى بِهَا كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ، غَيْرَ أَنَّ ذَاكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ رَدًّا عَلَى الْبَحْثِ. فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ

ص: 160