الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْعَاجِزُ يَنْحَنِي قَدْرَ إمْكَانِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِانْحِنَاءِ أَصْلًا أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِطَرَفِهِ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ انْحَنَى قَدْرًا تَصِلُ بِهِ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ لَزِمَهُ إعَادَةُ الرُّكُوعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
وَالرَّاحَةُ بَطْنُ الْكَفِّ وَتَعْبِيرُهُ بِهَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَصَابِعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ التَّنْبِيهِ الِاكْتِفَاءَ بِهَا،
وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرُّكُوعِ كَوْنُهُ (بِطُمَأْنِينَةٍ) لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ الْمَارِّ، وَأَقَلُّهَا أَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ رَاكِعًا (بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ رَفْعُهُ) مِنْ رُكُوعِهِ (عَنْ هَوْيِهِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا: أَيْ سُقُوطِهِ، فَزِيَادَةُ الْهَوْيِ لَا تَقُومُ مَقَامَ الطُّمَأْنِينَةِ (وَلَا يُقْصَدُ بِهِ) أَيْ بِالْهُوِيِّ (غَيْرُهُ) أَيْ الرُّكُوعِ سَوَاءٌ أَقَصَدَهُ أَمْ لَا كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ لِانْسِحَابِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ (فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ فَجَعَلَهُ رُكُوعًا لَمْ يَكْفِ) لِوُجُودِ الصَّارِفِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْتَصِبَ لِيَرْكَعَ، فَلَوْ قَرَأَ إمَامُهُ آيَةَ سَجْدَةٍ ثُمَّ رَكَعَ عَقِبَهَا فَظَنَّ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ هَوَى لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فَهَوَى لِذَلِكَ مَعَهُ فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عَنْ السُّجُودِ هَلْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي الْقِيَامِ إذَا عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِمُعِينٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقِيَامِ إلَّا مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ أَوْ إلَّا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، أَوْ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ إلَّا بِمُعِينٍ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَقْدُورُهُ انْتَهَى.
وَمُخَالِفًا لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ.
ثُمَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ.
فَيَلْزَمُهُ أَوْ فِي الدَّوَامِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ زَمَنُ الرُّكُوعِ أَقْصَرَ مِنْ زَمَنِ الْقِيَامِ لَزِمَهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ بِالْمُعِينِ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الْقِيَامِ فَإِنَّ زَمَنَهُ أَطْوَلُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ حَيْثُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَوَامِهِ إلَّا بِمُعِينٍ (قَوْلُهُ: وَالرَّاحَةُ بَطْنُ الْكَفِّ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَالرَّاحَتَانِ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ مِنْ الْكَفَّيْنِ انْتَهَى، وَهِيَ أَوْلَى لِإِخْرَاجِهَا الْأَصَابِعَ صَرِيحًا وَبِخِلَافِ مَا عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ فَإِنَّ إخْرَاجَهَا إنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَعْبِيرُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا) هَذَا مَذْهَبُ الْخَلِيلِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ هَوِيَ يَهْوِي مِنْ بَابِ ضَرَبَ هَوِيًّا بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا، وَزَادَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ هَوَاءً بِالْمَدِّ سَقَطَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ، قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ، وَهَوَى يَهْوِي أَيْضًا هُوِيًّا بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ إذَا ارْتَفَعَ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْهُوِيَّ بِالضَّمِّ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى السُّقُوطِ وَالرَّفْعِ، وَبِالْفَتْحِ بِمَعْنَى السُّقُوطِ لَا غَيْرُ، وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ ثَمَّ لُغَةً هِيَ أَنَّ الْهَوِيَّ بِالْفَتْحِ السُّقُوطُ وَبِالضَّمِّ الِارْتِفَاعُ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَهُ وَغَيْرَهُ فَلَوْ هَوِيَ بِقَصْدِ الرُّكُوعِ وَقَتَلَ الْعَقْرَبَ مَثَلًا لَمْ يَضُرَّ، هَلْ يُغْتَفَرُ لَهُ الْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ، لَكِنْ نَقَلَ عَنْ فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَضُرُّ كَمَا لَوْ تَكَرَّرَ دَفْعُ الْمَارِّ بِأَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الدَّفْعِ مَطْلُوبًا انْتَهَى.
أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَفْعِ الْمَارِّ بِأَنَّ الدَّفْعَ شُرِعَ لِدَفْعِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ، فَرُبَّمَا فَاتَ بِهِ مَا شُرِعَ لِأَجْلِهِ مِنْ كَمَالِ صَلَاتِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ قَتْلَ الْحَيَّةِ مَطْلُوبٌ لِدَفْعِ ضَرَرِهَا فَأَشْبَهَ دَفْعَ الْعَدُوِّ وَالْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ فِي دَفْعِهِ لَا تَضُرُّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ) قَالَ حَجّ: أَوْ قَتَلَ نَحْوَ حَيَّةٍ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْتَصِبَ لِيَرْكَعَ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ أَيْضًا انْتَهَى، أَقُولُ: بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ) لِأَنَّ هَوِيَّهُ لِلتِّلَاوَةِ كَانَ مَشْرُوعًا وَعَوْدَهُ لِيَرْكَعَ وَاجِبٌ فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا يَبْطُلُ عَمْدُهُ، وَمُجَرَّدُ جَعْلِهِ رُكُوعًا بَعْدَ هَوِيِّهِ بِقَصْدِ التِّلَاوَةِ لَيْسَ فِعْلًا لِمَا يَبْطُلُ عَمْدُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَطْعُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ جَائِزٌ حَيْثُ قَطَعَهُ لِيَعُودَ إلَى الْقِيَامِ، وَإِرَادَةُ جَعْلِهِ لِلرُّكُوعِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ فِعْلٍ يَبْطُلُ عَمْدُهُ وَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عَنْ السُّجُودِ) فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِوُقُوفِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ إلَّا بَعْدَ أَنْ وَصَلَ لِلسُّجُودِ فَهَلْ يَقُومُ مُنْحَنِيًا حَتَّى لَوْ قَامَ مُنْتَصِبًا ثُمَّ رَكَعَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِزِيَادَتِهِ رُكُوعًا لِلِاعْتِدَادِ بِهَوِيِّهِ الْقِيَاسُ.
نَعَمْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمَذْكُورِ وِفَاقًا لَمْ ر
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِعْلِ الصَّلَاةِ جَمِيعِهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِأَصْلِ السُّنَّةِ فَتَأَمَّلْ
[الْخَامِسُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة الرُّكُوعُ]
(قَوْلُهُ: وَالرَّاحَةُ بَطْنُ الْكَفِّ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْأَصَابِعِ بِقَرِينَةِ
يُحْسَبُ لَهُ هَذَا عَنْ الرُّكُوعِ؟ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
نَعَمْ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْمُتَابَعَةِ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي الرَّوْضَةِ مَا يَشْهَدُ لَهُ فَقَالَ: لَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ سَهْوًا وَكَانَ قَدْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى نِيَّةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ انْتَهَى.
وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا قَامَ الْمُسْتَحَبُّ مَقَامَ الْوَاجِبِ فَلَأَنْ يَقُومَ الْوَاجِبُ عَنْ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: الْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَعُودُ لِلْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعُ لَا وَجْهَ لَهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَقَصَدَ أَنْ لَا يَسْجُدَ وَيَرْكَعَ فَلَمَّا هَوَى عَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ فَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ (وَأَكْمَلُهُ) أَيْ: الرُّكُوعِ (تَسْوِيَةُ ظَهْرِهِ وَعُنُقِهِ) كَالصَّفِيحَةِ لِلْإِتْبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَنَصْبُ سَاقَيْهِ) وَفَخِذَيْهِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ وَلَا يُثْنِي رُكْبَتَيْهِ وَالسَّاقُ مُؤَنَّثَةٌ (وَأَخْذُ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ) أَيْ بِكَفَّيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَتَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ) تَفْرِيقًا وَسَطًا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَسَطِ (لِلْقِبْلَةِ) أَيْ لِجِهَتِهَا لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ، وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يُوَجِّهَ أَصَابِعَهُ إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا مِنْ يَمْنَةٍ أَوْ يَسْرَةٍ، قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ.
وَفِيهِ إشَارَةٌ لِلْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ ابْنِ النَّقِيبِ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ وَلَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُ يَدَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَعَلَ الْمُمْكِنَ (وَيُكَبِّرُ فِي ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ) لِلرُّكُوعِ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ كَإِحْرَامِهِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْإِتْبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الرَّفْعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى الْفَوْرِ، وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ الْقِيَامِ مُنْتَصِبًا لِأَنَّ لَهُمْ تَرَدُّدًا فِي إجْزَاءِ الْهَوِيِّ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ، فَفِي الْعَوْدِ التَّخَلُّصُ مِنْ شُبْهَةِ التَّرَدُّدِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَامِدِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَعَمْ) أَيْ خِلَافًا لحج كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) قَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ ثَمَّ إنَّمَا قَامَ مَقَامَ الْوَاجِبِ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ شَمَلَتْهُ، كَمَا يَأْتِي فِي قِيَامِ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ مَقَامَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَوِيَّهُ لِلتِّلَاوَةِ لَمْ يَشْمَلْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لِلْمُتَابَعَةِ، فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَكْفِيَ كَمَا لَا تَكْفِي السَّجْدَةُ لِلتِّلَاوَةِ عَنْ سُجُودِ الصَّلَاةِ لَوْ نَسِيَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا قَامَ الْمُسْتَحَبُّ) أَيْ وَهُوَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فِي ظَنِّهِ، وَقَوْلُهُ مَقَامَ الْوَاجِبِ: أَيْ وَهُوَ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَصَدَ أَنْ لَا يَسْجُدَ وَيَرْكَعَ) مَعْنَاهُ وَقَصَدَ الرُّكُوعَ فَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ خَرَجَ بِهَوِيِّهِ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ بِأَنْ صَارَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقِيَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ الْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: وَالسَّاقُ مُؤَنَّثَةٌ) وَهِيَ مَا بَيْنَ الْقَدَمِ وَالرُّكْبَةِ وَجَمْعُهَا أَسْوُقٌ وَسِيقَانٌ وَسُوقٌ انْتَهَى عَمِيرَةٌ وسم عَلَى مَنْهَجٍ وَمِثْلُهُ فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ تَفْرِيقًا وَسَطًا لِلِاتِّبَاعِ) وَاعْتُبِرَ فِي التَّفْرِيقِ كَوْنُهُ وَسَطًا لِئَلَّا يَخْرُجَ بَعْضُ الْأَصَابِعِ عَنْ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَفْرِقَةُ أَصَابِعِهِ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: فَعَلَ الْمُمْكِنَ) وَلَوْ قَطَعَ مِنْ الزِّنْدِيقِ لَا يَبْلُغُ بِهِمَا الرُّكْبَتَيْنِ إذْ بِهِ يَفُوتُ اسْتِوَاءُ الظَّهْرِ انْتَهَى شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفُتْ اسْتِوَاءُ الظَّهْرِ نُدِبَ أَنْ يَبْلُغَ بِهِمَا الرُّكْبَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ الزَّنْدَيْنِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الزَّنْدُ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ اللَّحْمُ مِنْ الذِّرَاعِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَالْجَمْعُ زُنُودٌ مِثْلَ فِلْسٍ وَفُلُوسٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ فِي ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قُلْت يَجُوزُ قِرَاءَةُ يُكَبِّرُ بِنَصَبِ الرَّاءِ عَطْفًا عَلَى تَسْوِيَةٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَكْمَلَهُ أَنْ يُسَوِّيَ وَأَنْ يُكَبِّرَ انْتَهَى.
أَقُولُ: وَيَجُوزُ رَفْعُهُ إذْ هُوَ الْأَصْلُ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْلَهُ نَاصِبٌ صَرِيحًا (قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) قَدْ صَنَّفَ الْبُخَارِيُّ فِي ذَلِكَ تَصْنِيفًا رَدَّ فِيهِ عَلَى مُنْكَرِي الرَّفْعِ وَقَالَ: إنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَأَنَّ عَدَمَ الرَّفْعِ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِرّ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ.
قَالَ حَجّ: وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ: أَيْ غَيْرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَضْعَافِ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَ الْمُسْتَحَبُّ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ ذَاكَ شَمِلَتْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ وُقُوعِ الْفِعْلِ أَوْ الْقَوْلِ مِنْ الصَّلَاةِ عَنْ نَظِيرِهِ بِخِلَافِ هَذَا، عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ فِي صُورَةِ الرَّوْضَةِ قِيَامَ مُسْتَحَبٍّ مَقَامَ وَاجِبٍ كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ
وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ، فَإِذَا حَاذَى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ نَحْوُهُ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ.
قَالَ فِي الْإِقْلِيدِ: لِأَنَّ الرَّفْعَ حَالَ الِانْحِنَاءِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ انْتَهَى.
وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالنَّظَرِ لِلرَّفْعِ إذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُعْطَى الْمُشَبَّهُ حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْهَوِيَّ يُقَارِنُ الرَّفْعَ ضَعِيفٌ.
(وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) لِلِاتِّبَاعِ، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ:«لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] قَالَ صلى الله عليه وسلم: اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، وَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» وَوَجْهُ التَّخْصِيصِ أَنَّ الْأَعْلَى أَبْلَغُ مِنْ الْعَظِيمِ، فَجُعِلَ الْأَبْلَغُ فِي التَّوَاضُعِ لِلْأَفْضَلِ وَهُوَ السُّجُودُ، وَأَيْضًا فَقَدْ وَرَدَ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ قُرْبُ مَسَافَةٍ فَسُنَّ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى: أَيْ عَنْ قُرْبِ الْمَسَافَاتِ، زَادَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَبِحَمْدِهِ (ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمَرَّةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ ثُمَّ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعٌ ثُمَّ تِسْعٌ ثُمَّ إحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ الْأَكْمَلُ وَهَذَا لِلْمُنْفَرِدِ وَإِمَامُ مَنْ مَرَّ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الثَّلَاثِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ) عَلَى الثَّلَاثِ: أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِلتَّخْفِيفِ عَلَى الْمُقْتَدِينَ (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ) وَإِمَامُ مَنْ مَرَّ عَلَى ذَلِكَ «اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت، خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، زَادَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي» بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مَعَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ) أَيْ وَيَمُدُّهُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الِانْتِقَالَاتِ حَتَّى فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَيَمُدُّهُ عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي بَيْنَ اللَّامِ وَالْهَاءِ لَكِنْ بِحَيْثُ لَا تُجَاوِزُ سَبْعَ أَلِفَاتٍ لِأَنَّهَا غَايَةُ هَذَا الْمَدِّ وَمِنْ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ إلَى تَمَامِ قِيَامِهِ انْتَهَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) الْعُمْدَةُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ وَنَحْوِهَا مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» عَدَمُ ذِكْرِهَا لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ تَرْكَهَا لِلْعِلْمِ بِهَا كَمَا اعْتَذَرَ بِهِ أَئِمَّتُنَا عَنْ تَرْكِ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَك أَنْ تَقُولَ: عَدَمُ الذِّكْرِ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَنَأْخُذُ بِهِ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَقَدْ دَلَّ فِي التَّشَهُّدِ وَنَحْوِهِ دُونَ هَذِهِ الْأَذْكَارِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِلْأَفْضَلِ) وَهُوَ السُّجُودُ يُفِيدُ أَنَّ السُّجُودَ أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوعِ وَإِنْ كَانَ الرُّكُوعُ مِنْ خَصَائِصِنَا، ثُمَّ رَأَيْت ع نَقَلَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي السُّجُودِ عَنْ الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ ثُمَّ السُّجُودَ ثُمَّ الرُّكُوعَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَاجِدٌ) عِبَارَةُ حَجّ: إذَا كَانَ سَاجِدًا (قَوْلُهُ: زَادَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَبِحَمْدِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِمَرَّةٍ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ فَيُقْتَصَرُ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: لِلتَّخْفِيفِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: وَلَك أَسْلَمْت) إنَّمَا قَدَّمَ الظَّرْفَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لِأَنَّ فِيهَا رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ كَانُوا يَعْبُدُونَ مَعَهُ تَعَالَى غَيْرَهُ فَقَصَدَ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ الِاخْتِصَاصِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ لِلرَّدِّ عَلَى مُعْتَقِدِ الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَكْسِ: أَيْ أَوْ مُعْتَقِدِ الْعَكْسِ، وَأَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ خَشَعَ لِأَنَّ الْخُشُوعَ لَيْسَ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يَنْسُبُونَهَا إلَى غَيْرِهِ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِمْ فِيهَا (قَوْلُهُ: خَشَعَ لَك سَمْعِي) يَقُولُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَعَبَّدٌ بِهِ وِفَاقًا لَمْ ر وَخِلَافًا لِبَعْضِ النَّاسِ.
وَقَالَ حَجّ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى الْخُشُوعَ عِنْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا يَكُنْ كَاذِبًا مَا لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ بِصُورَةِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي) قَالَ حَجّ: وَيُسَنُّ فِيهِ: أَيْ كَالسُّجُودِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي انْتَهَى.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالنَّظَرِ لِلرَّفْعِ) إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ هَذَا أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَإِحْرَامِهِ رَاجِعٌ إلَى مَجْمُوعِ قَوْلِهِ وَيُكَبِّرُ فِي ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ.
إلَّا أَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فَقَطْ، فَهُوَ تَشْبِيهٌ نَاقِصٌ وَلَك أَنْ تَقُولَ: مَا الدَّاعِي إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِهِ قَصْرًا وَمِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى قَوْلِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ تَامًّا