المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[السابع من أركان الصلاة السجود مرتين في كل ركعة] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ١

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[خُطْبَةُ الْكِتَاب]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌[تَنْقَسِمُ الطَّهَارَةُ إلَى عَيْنِيَّةٍ وَحُكْمِيَّةٍ]

- ‌[اسْتِعْمَالُ وَاقْتِنَاءُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ]

- ‌بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ

- ‌[السَّبَبُ الْأَوَّل خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ أَسْبَاب الْحَدَث زَوَالُ الْعَقْلِ]

- ‌(الثَّالِثُ: الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ)

- ‌(الرَّابِعُ مَسُّ قُبُلِ الْآدَمِيِّ)

- ‌[مَا يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاسْتِنْجَاءِ وَآدَابِهِ]

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ

- ‌[شُرُوطُ الْوُضُوء]

- ‌[فَرَائِضُ الْوُضُوء]

- ‌[سُنَنُ الْوُضُوءِ]

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ

- ‌[شُرُوطُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَحُكْمِهِ]

- ‌[مَتَى تَبْدَاءُ مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[شُرُوطُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ] [

- ‌الْأَوَّل أَنْ يَلْبَسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَة]

- ‌[الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْخُفُّ صَالِحًا سَاتِرٌ مَحِلَّ فَرْضِهِ]

- ‌[يُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ كَوْنُهُ قَوِيًّا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ]

- ‌بَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْل]

- ‌[وَاجِبَاتُ الْغُسْل]

- ‌بَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌[أَنْوَاعِ النَّجَاسَات]

- ‌ النَّجَاسَةَ الْمُغَلَّظَةَ

- ‌[النَّجَاسَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ] [

- ‌[النَّجَاسَةَ الْمُخَفَّفَةَ]

- ‌[النَّجَاسَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌[أَسْبَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[بَيَانِ مَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[سُنَنُ التَّيَمُّمِ]

- ‌ أَحَدُهَا مَا يُبْطِلُهُ غَيْرُ الْحَدَثِ الْمُبْطِلِ لَهُ

- ‌[أَحْكَامُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[الْحُكْمِ الثَّانِي مَا يَسْتَبِيحُهُ بِالتَّيَمُّمِ]

- ‌[الْحُكْمِ الثَّالِثِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا]

- ‌بَابُ الْحَيْضِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

- ‌[أَقَلُّ الْحَيْضِ زَمَنِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ]

- ‌ أَحْكَامِ الْحَيْضِ

- ‌[الِاسْتِحَاضَةُ وَأَحْكَامِهَا]

- ‌[فَصْلٌ إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الدَّمِ لِسِنِّ الْحَيْضِ أَقَلَّهُ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَعْبُرْ أَكْثَرَهُ]

- ‌[إذَا جَاوَزَ دَمُ الْمَرْأَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُسَمَّى بِالْمُسْتَحَاضَةِ]

- ‌[الْمُسْتَحَاضَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الْمُبْتَدَأَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ]

- ‌ الْمُسْتَحَاضَةِ الثَّالِثَةِ وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ

- ‌ الْمُسْتَحَاضَةِ الْخَامِسَةِ: وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ

- ‌[الْمُسْتَحَاضَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ]

- ‌[الْمُسْتَحَاضَة غَيْر الْمُمَيَّزَة]

- ‌[أَقَلُّ النِّفَاسِ وَأَكْثَرُهُ وَغَالِبُهُ]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[حُكْمُ النِّفَاسِ هُوَ حُكْمُ الْحَيْضِ]

- ‌[وَقْتُ الظُّهْرِ]

- ‌«وَقْتُ الْمَغْرِبِ

- ‌[وَقْتُ الْعَصْرِ]

- ‌ وَقْتُ الْعِشَاءِ

- ‌(وَقْتُ الصُّبْحِ

- ‌ وَقَعَ بَعْضُ صَلَاتِهِ فِي الْوَقْتِ) وَبَعْضُهَا خَارِجَهُ

- ‌[الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ]

- ‌[جَهِلَ الْوَقْتَ لِغَيْمٍ أَوْ حَبْسٍ]

- ‌[صَلَّى بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّ صَلَاتَهُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْضُهَا]

- ‌[تَرْتِيبُ الْفَائِتِ مِنْ الصَّلَاة]

- ‌[إيقَاظُ النَّائِمِينَ لِلصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ]

- ‌[وَقْتُ زَوَالِ مَوَانِعِ وُجُوبِ الصَّلَاة]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ

- ‌ الْأَذَانِ (لِلْمُنْفَرِدِ) بِالصَّلَاةِ

- ‌[التَّثْوِيبُ فِي أَذَانَيْ الصُّبْحِ]

- ‌[تَرْتِيبُ الْأَذَانِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ الْإِسْلَامُ]

- ‌[كَرَاهَةُ الْأَذَانِ لِلْمُحْدِثِ]

- ‌[الْإِمَامَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَذَانِ]

- ‌[شُرُوطُ الْأَذَانِ]

- ‌ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقِبْلَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌ الْفَرْضَ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ مِنْ الْكَعْبَةِ إصَابَةُ عَيْنِهَا

- ‌[أَرْكَانُ الصَّلَاةُ]

- ‌[الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ النِّيَّةُ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ]

- ‌[الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةُ الْقِيَامُ]

- ‌[الرَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ]

- ‌[الْخَامِسُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة الرُّكُوعُ]

- ‌[السَّادِسُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة الِاعْتِدَالُ]

- ‌[السَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ]

- ‌[الثَّامِنُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ وَالْحَادِي عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة التَّشَهُّدُ وَقُعُودُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ]

- ‌[الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ السَّلَامُ]

- ‌[الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ]

الفصل: ‌[السابع من أركان الصلاة السجود مرتين في كل ركعة]

مُطْلَقًا لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَلَوْ سِرِّيَّةً كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (لَا مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَقْنُتْ إلَّا عِنْدَ النَّازِلَةِ، وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقُنُوتِ وَتَرْكِهِ، وَخَرَجَ بِالْمَكْتُوبَةِ النَّفَلُ وَلَوْ عِيدًا أَوْ اسْتِسْقَاءً وَالْمَنْذُورَةِ فَلَا يُسَنُّ فِيهَا، وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرَاهَتَهُ مُطْلَقًا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ.

(السَّابِعُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (السُّجُودُ) مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا عُدَّا رُكْنًا وَاحِدًا لِكَوْنِهِمَا مُتَّحِدَيْنِ كَمَا عَدَّ بَعْضُهُمْ الطُّمَأْنِينَةَ فِي مَحَلِّهَا الْأَرْبَعَةِ رُكْنًا وَاحِدًا لِذَلِكَ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ التَّطَامُنُ وَالْمَيْلُ، وَقِيلَ التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ (وَ) أَمَّا فِي الشَّرْعِ فَ (أَقَلُّهُ مُبَاشَرَةُ بَعْضِ جَبْهَتِهِ مُصَلَّاهُ) أَيْ مَا يُصَلِّي عَلَيْهِ مِنْ أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا بِكَشْفٍ إنْ أَمْكَنَ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك وَلَا تَنْقُرْ نَقْرًا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

وَلِخَبَرِ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ «شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا» أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا، فَلَوْ لَمْ تَجِبْ مُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِالْجَبْهَةِ لَأَرْشَدَهُمْ إلَى سِتْرِهَا وَاعْتَبَرَ كَشْفَهَا دُونَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ لِسُهُولَتِهِ فِيهَا وَلِحُصُولِ مَقْصُودِ السُّجُودِ وَهُوَ غَايَةُ التَّوَاضُعِ وَالْخُضُوعِ لِمُبَاشَرَتِهِ أَشْرَفَ مَا فِي الْإِنْسَانِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَاصِلِ فَطَلَبُ الْجَهْرِ إظْهَارًا لِتِلْكَ الشِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْذُورَةُ فَلَا يُسَنُّ فِيهَا) قَالَ حَجّ: أَمَّا غَيْرُ الْمَكْتُوبَاتِ فَالْجِنَازَةُ يُكْرَهُ فِيهَا مُطْلَقًا، وَالْمَنْذُورَةُ وَالنَّافِلَةُ الَّتِي تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَغَيْرُهَا لَا تُسَنُّ فِيهَا، ثُمَّ إنْ قَنَتَ فِيهَا لِلنَّازِلَةِ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ اهـ.

وَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: فَلَا يُسَنُّ، إذْ نَفْيُ السُّنِّيَّةِ عِبَارَةٌ عَنْ نَفْيِ الطَّلَبِ لَا طَلَبِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ فِيهَا) لَمْ يَقُلْ فِيهِمَا نَظَرًا لِلنَّفْلِ وَالْمَنْذُورَةِ بَلْ رَاعَى كَثْرَةَ الْأَفْرَادِ الَّتِي شَمَلَهَا النَّفَلُ.

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِمَا مُتَّحِدَيْنِ) فَإِنْ قُلْت: يُخَالِفُ هَذَا عَدُّهُمَا فِي شُرُوطِ الْقُدْوَةِ رُكْنَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ وَمَسْأَلَةِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ.

قُلْت: لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا يَظْهَرُ بِهِ فُحْشُ الْمُخَالَفَةِ، وَهِيَ تَظْهَرُ بِنَحْوِ الْجُلُوسِ وَسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَعُدَّا رُكْنَيْنِ ثَمَّ وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى الِاتِّحَادِ فِي الصُّورَةِ فَعُدَّا رُكْنًا وَاحِدًا ثُمَّ مَا ذُكِرَ تَوْجِيهٌ لِلرَّاجِحِ، وَإِلَّا فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُ حَجّ، وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ السَّجْدَتَيْنِ رُكْنًا وَاحِدًا هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَيَانِ وَالْمُوَافِقِ لِمَا يَأْتِي فِي مَبْحَثِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ أَنَّهُمَا رُكْنَانِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَسِيطِ اهـ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِاتِّحَادِهِمَا (قَوْلُهُ: التَّضَامُنُ وَالْمَيْلُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالرُّكُوعُ لُغَةً قَرِيبٌ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ فَسَّرُوهُ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ بِالِانْحِنَاءِ فَيُشَارِكُ السُّجُودَ فِي حُصُولِ الْمَيْلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ) عَطْفُ الْخُضُوعِ عَلَى التَّذَلُّلِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ سَجَدَ سُجُودًا تَطَامَنَ وَكُلُّ شَيْءٍ ذَلَّ فَقَدْ سَجَدَ اهـ.

وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُمَا قَوْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ السُّجُودَ وَمَعْنَاهُ لُغَةً التَّطَامُنُ حِسِّيًّا كَانَ أَوْ مَعْنَوِيًّا، فَإِنَّ قَوْلَهُ وَكُلُّ شَيْءٍ ذَلَّ يُفْهَمُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مُبَاشَرَةُ بَعْضِ جَبْهَتِهِ) وَيُتَصَوَّرُ السُّجُودُ عَلَى الْبَعْضِ بِأَنْ يَكُونَ السُّجُودُ عَلَى عُودٍ مَثَلًا، أَوْ يَكُونَ بَعْضُهَا مَسْتُورًا فَيَسْجُدَ عَلَيْهِ مَعَ الْمَكْشُوفِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بِكَشْفٍ إنْ أَمْكَنَ) أَيْ سَهُلَ بِحَيْثُ لَا يَنَالُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا تُنْقَرُ نَقْرًا) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ: «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك مِنْ الْأَرْضِ وَلَا تَنْقُرْ نَقْرَ الْغُرَابِ» اهـ فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ.

وَقَوْلُهُ نَقْرًا مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ لِأَنَّ الْمَصَادِرَ ثَلَاثَةٌ: إمَّا مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ لِفِعْلِهِ كَهَذَا، أَوْ مُبَيِّنٌ لِنَوْعِهِ كَضَرَبْتُهُ ضَرْبَ الْأَمِيرِ، أَوْ مُبَيِّنٌ لِعَدَدِهِ كَضَرَبْتُهُ ضَرْبَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: حَرَّ الرَّمْضَاءِ) الرَّمَضُ بِفَتْحَتَيْنِ شِدَّةُ وَقْعِ الشَّمْسِ عَلَى الرَّمَلِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَرْضُ رَمْضَاءُ بِوَزْنِ حَمْرَاءُ، وَقَدْ رَمِضَ يَوْمُنَا اشْتَدَّ حَرُّهُ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكَوَانَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[السَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ]

(قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك» ) هَذَا الدَّلِيلُ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعِي كَمَا لَا يَخْفَى، فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الطُّمَأْنِينَةِ الْآتِي

ص: 509

لِمَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ وَالنِّعَالِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَاكْتَفَى بِبَعْضِهَا وَإِنْ كَرِهَ لَصَدَقَ اسْمُ السُّجُودِ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِهَا نَحْوُ الْجَبِينِ وَهُوَ جَانِبُهَا وَالْخَدُّ وَالْأَنْفُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَاهَا.

أَمَّا إذَا اضْطَرَّ لِسِتْرِهَا بِأَنْ يَكُونَ بِهَا نَحْوُ جُرْحٍ بِهِ عِصَابَةٌ تَشُقُّ إزَالَتُهَا عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَرَّ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ فَيَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهَا وَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ إلَّا إنْ كَانَ تَحْتَهَا نَجَسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَعْرٍ نَبَتَ بِجَبْهَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا جَازَ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مَا نَبَتَ عَلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ بَشَرَتِهِ.

(فَإِنْ سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ) كَطَرَفِ كُمِّهِ الطَّوِيلِ أَوْ عِمَامَتِهِ (جَازَ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ وَإِنَّمَا ضَرَّ مُلَاقَاتُهُ لِلنَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا يُنْسَبُ إلَيْهِ مُلَاقِيًا لَهَا وَهَذَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مُلَاقٍ لَهَا، وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى قَرَارٍ لِلْأَمْرِ بِتَمْكِينِهَا وَبِالْحَرَكَةِ يَخْرُجُ الْقَرَارُ، فَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ فِي قِيَامِهِ أَوْ قُعُودِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ، فَلَوْ سَجَدَ عَلَيْهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا أَعَادَ السُّجُودَ وَخَرَجَ بِمُتَّصِلٍ بِهِ مَا لَوْ سَجَدَ عَلَى نَحْوِ سَرِيرٍ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ، وَيَصِحُّ السُّجُودُ عَلَى نَحْوِ عُودٍ أَوْ مِنْدِيلٍ بِيَدِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ بِأَنَّ اتِّصَالَ الثِّيَابِ بِهِ نِسْبَتُهَا إلَيْهِ أَكْثَرُ لِاسْتِقْرَارِهَا وَطُولِ مُدَّتِهَا بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَشْكَى وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلسَّلْبِ.

قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَأَشْكَاهُ أَيْضًا أَعْتَبَهُ مِنْ شَكْوَاهُ وَنَزَعَ عَنْ شِكَايَتِهِ وَأَزَالَهُ عَمَّا يَشْكُوهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ) أَيْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْبَعْضِ (قَوْلُهُ وَهُوَ جَانِبُهَا) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَنْحَدِرُ عَنْ سَطْحِ الْجَبْهَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَجّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اُضْطُرَّ لِسِتْرِهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِكَشْفٍ إنْ أَمْكَنَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُبَحْ التَّيَمُّمُ فِيمَا يَظْهَرُ) خِلَافًا لحج وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ تَحْتَهَا نَجَسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ) فَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ السِّتْرِ بَلْ لِلنَّجَاسَةِ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: بِجَبْهَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا) أَيْ وَإِنْ طَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَمْكَنَ السُّجُودُ عَلَى الْخَالِي مِنْهُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ طَالَ أَوْ قَصُرَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ) وَخَرَجَ بِهِ الشَّعْرُ النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ فَلَا يَكْفِي السُّجُودُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ شَعْرُ اللِّحْيَةِ وَالْيَدَيْنِ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا مَا عَدَا شَعْرَ الْجَبْهَةِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ) تَفْرِيعٌ يُعْلَمُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمُصَلِّي بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِهِ أَوْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ. قَالَ سم: وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ لِلْأَمَةِ كَثِيرًا، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَحْذِفُونَ الْقَيْدَ مِنْ الْكَلَامِ ثُمَّ يُفَرِّعُونَ عَلَيْهِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ تَقْيِيدَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ضَرَّ مُلَاقَاتُهُ) أَيْ مُلَاقَاةُ مَا لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ مِنْ الْمُتَّصِلِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ) أَيْ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ ضَرَّ، وَيَدْخُلُ فِيهِ السِّلْعَةُ النَّاتِئَةُ فِي الْبَدَنِ فَلَا يُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَيْهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ نَبَتَتْ فِي الْجَبْهَةِ لَا يُعْتَدُّ بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا، وَقِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّجُودِ عَلَى الشَّعْرِ النَّابِتِ بِالْجَبْهَةِ وَإِنْ طَالَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ هُنَا بِالْأُولَى كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ لِذَلِكَ بِتَبَعِيَّتِهِ لِلْجَبْهَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا مَا لَمْ تُجَاوِزْ مَحَلَّهَا، فَإِنْ جَاوَزَتْهُ كَأَنْ وَصَلَتْ إلَى صَدْرِهِ مَثَلًا فَلَا يُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَى مَا جَاوَزَ مِنْهَا الْجَبْهَةَ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِمَا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ إزَالَةِ مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ مِنْ تَحْتِ جَبْهَتِهِ حَتَّى لَوْ أَزَالَهُ ثُمَّ رَفَعَ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ لَمْ تَبْطُلْ وَحَصَلَ السُّجُودُ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءً أَنَّهُ يَسْجُدُ عَلَيْهِ وَلَا يَرْفَعُهُ.

فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ هَوِيِّهِ لِلسُّجُودِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَزَمَ أَنْ يَأْتِيَ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ ثُمَّ شَرَعَ فِيهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَان مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَعَادَ السُّجُودَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَعِيدَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَنَشَأَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْعُلَمَاءِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَامَّةِ فَيُعْذَرُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَخْفَى، حَتَّى لَوْ نُبِّهَ بَعْدَ الْقِيَامِ عَامِدًا فَأَرَادَ السُّجُودَ لَمْ يَجُزْ لِبُطْلَانِهَا بِمُجَرَّدِ قِيَامِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْدِيلٍ بِيَدِهِ) الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ يُمْسِكُهُ بِيَدِهِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ رَبَطَهُ بِهَا فَيَضُرُّ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بِأَنَّ اتِّصَالَ الثِّيَابِ إلَخْ خِلَافُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَضُرُّ سُجُودُهُ عَلَيْهِ رَبَطَهُ بِيَدِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَطُولِ مُدَّتِهَا) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 510

هَذَا وَلَيْسَ مِثْلُهُ الْمِنْدِيلَ الَّذِي عَلَى عِمَامَتِهِ وَالْمُلْقَى عَلَى عَاتِقِهِ لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ لَهُ، بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ، وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ فَالْتَصَقَ بِجَبْهَتِهِ وَارْتَفَعَ مَعَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ ثَانِيًا ضَرَّ، وَإِنْ نَحَّاهُ ثُمَّ سَجَدَ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا وَسَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَلَا يَجِبُ)(وَضْعُ يَدَيْهِ) أَيْ بَطْنِهِمَا، (وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدَمَيْهِ) فِي سُجُودِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29] وَلِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك» فَإِفْرَادُهَا بِالذِّكْرِ دَلِيلٌ عَلَى مُخَالَفَتِهَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ وَضْعُهَا لَوَجَبَ الْإِيمَاءُ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ وَضْعِهَا وَالْإِيمَاءُ بِهَا غَيْرُ وَاجِبٍ فَلَمْ يَجِبْ وَضْعُهَا، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وَضْعُ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ عَلَى مَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ وَهُوَ خِصِّيصٌ بِالْجَبْهَةِ، وَيُتَصَوَّرُ رَفْعُ جَمِيعِهَا كَأَنْ يُصَلِّي عَلَى حَجَرَيْنِ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ قَصِيرٌ يَنْبَطِحُ عَلَيْهِ عِنْدَ سُجُودِهِ وَيَرْفَعُهَا (قُلْت: الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِنْ كَانَتْ مَسْتُورَةً لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ» وَمَنْ لَازِمِ ذَلِكَ اعْتِمَادُهُ عَلَى بُطُونِهَا، وَمُرَادُهُ بِالْيَدَيْنِ بَطْنُ الْكَفِّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ سَجَدَ عَلَى طَرْفِ رِدَاءٍ عَلَى كَتِفَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِثْلُهُ) أَيْ فِي صِحَّةِ السُّجُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالْتَصَقَ بِجَبْهَتِهِ) وَمِنْهُ التُّرَابُ حَيْثُ مَنَعَ مُبَاشَرَةَ جَمِيعِ الْجَبْهَةِ مَحَلَّ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحَّاهُ ثُمَّ سَجَدَ لَمْ يَضُرَّ) فَلَوْ رَآهُ مُلْتَصِقًا بِجَبْهَتِهِ وَلَمْ يَدْرِ فِي أَيِّ السَّجَدَاتِ الْتَصَقَ، فَعَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ إنْ رَآهُ بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَجَوَّزَ أَنَّ الْتِصَاقَهُ فِيمَا قَبْلَهَا أَخَذَ بِالْأَسْوَإِ، فَإِنْ جُوِّزَ أَنَّهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَدْرٌ أَنَّهُ فِيهَا لِيَكُونَ الْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَةً إلَّا سَجْدَةً أَوْ فِيمَا قَبْلَهَا قَدْرُهُ فِيهِ لِيَكُونَ الْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَةً بِغَيْرِ سُجُودٍ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ احْتَمَلَ طُرُوُّهُ بَعْدَهُ فَالْأَصْلُ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ بَنَى وَأَخَذَ بِالْأَسْوَإِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ الْتَصَقَ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ يَعُدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ عَلَيْهِ) خِلَافًا لحج وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي فَتَاوِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَرُكْبَتَيْهِ) قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ: لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا تَحْدِيدَ الرُّكْبَةِ، وَعَرَّفَهَا فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهَا مِفْصَلُ مَا بَيْنَ أَسَافِلِ أَطْرَافِ الْفَخِذِ وَأَعَالِي السَّاقِ اهـ.

وَصَرِيحٌ مَا يَأْتِي فِي الثَّامِنِ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ الْمُنْحَدِرِ عَنْ آخِرِ الْفَخِذِ إلَى أَوَّلِ أَعْلَى السَّاقِ، وَعَلَيْهِ فَكَأَنَّهُمْ اعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ الْعُرْفَ لِبُعْدِ تَقْيِيدِ الْأَحْكَامِ بِحَدِّهَا اللُّغَوِيِّ لِقِلَّتِهِ جِدًّا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادُوا بِالْمِفْصَلِ مَا قَرَّرْنَاهُ وَهُوَ قَرِيبٌ، ثُمَّ رَأَيْت الصِّحَاحَ قَالَ: وَالرُّكْبَةُ مَعْرُوفَةٌ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمَدَارَ فِيهَا عَلَى الْعُرْفِ وَالْكَلَامُ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَامُوسَ إنْ لَمْ تُحْمَلْ عِبَارَتُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ اعْتَمَدَ فِي حَدِّهِ لَهَا بِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لَهُ الْخُرُوجُ عَنْ اللُّغَةِ إلَى غَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ التَّعْزِيرِ اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِصِّيصٌ) أَيْ مَخْصُوصٌ (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ) أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ) فِي الْمَحَلِّيِّ إسْقَاطُ عَلَى مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْجَبْهَةِ إلَخْ، وَلَعَلَّ فِي الْحَدِيثِ رِوَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَالرُّكْبَتَيْنِ) أَيْ فَلَوْ مَنَعَ مِنْ السُّجُودِ عَلَيْهِمَا مَانِعٌ كَأَنْ جُمِعَتْ ثِيَابُهُ تَحْتَ رُكْبَتَيْهِ فَمَنَعَتْ مِنْ وُصُولِ الرُّكْبَةِ لِمَحَلِّ السُّجُودِ وَصَارَ الِاعْتِمَادُ عَلَى أَعْلَى السَّاقِ لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ: بَطْنُ الْكَفِّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ كَفُّهُ مَقْلُوبًا هَلْ يَجِبُ وَضْعُ ظَهْرِ الْكَفِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الظَّهْرَ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الْبَطْنِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ الِانْقِلَابُ هَلْ يَجِبُ وَضْعُ الْبَطْنِ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ وَلَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا) ظَاهِرُهُ إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 511

وَالرَّاحَةُ وَبُطُونُ الْأَصَابِعِ دُونَ ظَهْرِهِ وَحَرْفِهِ وَرُءُوسِهَا.

وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ضَبْطُ الْبَاطِنِ بِمَا يَنْقُضُ مِنْهُ الذِّكْرُ، وَاكْتَفَى بِبَعْضِ كُلٍّ وَإِنْ كُرِهَ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ لِمَا سَبَقَ فِي الْجَبْهَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ وُجُوبِ وَضْعِ الْأَنْفِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْمُرَادُ بِالْقَدَمَيْنِ بُطُونُ أَصَابِعِهِمَا، فَلَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ سَقَطَ الْفَرْضُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، فَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الزَّنْدِ لَمْ يَجِبْ وَضْعُهُ وَلَا وَضْعُ رِجْلٍ قُطِعَتْ أَصَابِعُهَا لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَلَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ وَأَرْبَعُ أَيْدٍ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْجَبْهَتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا مُطْلَقًا، أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ كَوْنِ الْبَعْضِ زَائِدًا أَوْ لَا؟ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إنْ عَرَفَ الزَّائِدَ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الزَّائِدَ بِأَنْ عَلِمَ أَصَالَتَهَا كَفَى فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ سَبْعَةُ أَعْضَاءٍ مِنْهَا: أَيْ إحْدَى الْجَبْهَتَيْنِ وَيَدَيْنِ وَرُكْبَتَيْنِ وَأَصَابِعِ رِجْلَيْنِ لِلْحَدِيثِ.

(وَيَجِبُ أَنْ يَطْمَئِنَّ) لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ: أَيْ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي يَجِبُ وَضْعُهَا فِيهِ قِيَاسًا عَلَى الْجَبْهَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَضَعَهَا حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ حَتَّى لَوْ وَضَعَهَا ثُمَّ رَفَعَهَا ثُمَّ وَضَعَ الْجَبْهَةَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِمُعِينٍ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا.

قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ بِلَا كَفٍّ وَبِلَا أَصَابِعَ هَلْ يُقَدِّرُ لَهُمَا مِقْدَارَهُمَا وَيَجِبُ وَضْعُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ أَقُولُ: قِيَاسُ النَّظَائِرِ تَقْدِيرُ مَا ذُكِرَ كَمَا لَوْ خُلِقَتْ يَدُهُ بِلَا مِرْفَقٍ وَذَكَرَهُ بِلَا حَشَفَةٍ مِنْ أَنَّهُ يُقَدِّرُ لَهُمَا مِنْ مُعْتَدِلِهِمَا عَادَةً (قَوْلُهُ: دُونَ ظَهْرِهِ) أَيْ الْكَفِّ، وَالْأَوْلَى ظَهْرُهَا لِأَنَّ الْكَفَّ مُؤَنَّثَةٌ فِي الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى بِبَعْضِ كُلٍّ) فَائِدَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِبَعْضِ الْجَبْهَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا سَبَقَ فِي الْجَبْهَةِ) مِنْ قَوْلِهِ لَصَدَقَ اسْمُ السُّجُودِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الزَّنْدِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الزَّنْدُ مَوْصِلُ طَرَفِ الذِّرَاعِ فِي الْكَفِّ، وَهُمَا زَنْدَانِ الْكُوعُ وَالْكُرْسُوعُ.

ثُمَّ قَالَ: وَالْجَمْعُ زِنَادٌ بِالْكَسْرِ وَأَزْنُدُ وَأَزْنَادٌ اهـ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ) وَهَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا يُسْتَحَبُّ غُسْلُ مَا فَوْقَ مَا يَجِبُ غُسْلُهُ فِي الضَّوْءِ إذَا قُطِعَ مِنْ فَوْقِهِ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ يُسْتَحَبُّ غُسْلُهُ لَوْ كَانَ الْعُضْوُ سَلِيمًا فَبَقِيَ الِاسْتِحْبَابُ بِحَالِهِ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ وَضْعُ مَا فَوْقَ الْكَفَّيْنِ هُنَا وَمَوْضِعُ الْفَرْضِ قَدْ فَاتَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ حَتَّى لَا يَخْلُوَ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ، كَمَا قِيلَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إمْرَارُ الْمُوسَى تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِمَا ذُكِرَ حَيْثُ قَالَ: وَهَلْ يُسَنُّ فِيهِ نَظَرٌ؟ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُسَنَّ (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى سَنَنِ الْأَصْلِيِّ.

وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ النَّقْضِ بِمَسِّ الزَّائِدِ إذَا كَانَ عَلَى سَنَنِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يُعَامَلَ هُنَا مُعَامَلَةَ الْأَصْلِيِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ النَّقْضَ ثَمَّ بِالزَّائِدِ الْمُسَامِتِ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ الشَّهْوَةِ فَاحْتِيطَ فِيهِ، وَالْمَطْلُوبُ هُنَا وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ، وَالزَّائِدُ لَا يُسَمَّى بِوَاحِدٍ مِنْهَا فَلَمْ يَكْتَفِ بِوَضْعِهِ وَلَا يُعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَلِمَ) فَإِنْ اشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ وَضْعِ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا، وَيُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ لِيَتَحَقَّقَ اجْتِمَاعُ الْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ.

ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ اشْتَبَهَ الزَّائِدُ بِالْأَصْلِيِّ وَجَبَ السُّجُودُ عَلَى الْجَمِيعِ بِأَنْ يَسْجُدَ عَلَى بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْجَمِيعِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْخُرُوجُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِذَلِكَ م ر اهـ (قَوْلُهُ: وَيَدَيْنِ) أَيْ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَلَا يَكْفِي وَضْعُهُمَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا كَيَدٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ لَا تَكْفِي.

(قَوْلُهُ: حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ) أَيْ بِأَنْ تَصِيرَ السَّبْعَةُ مُجْتَمِعَةً فِي الْوَضْعِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

ثُمَّ لَوْ رُفِعَ بَعْضُهَا بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا كَذَلِكَ قَبْلَ رَفْعِ الْبَعْضِ الْآخَرِ لَا يَضُرُّ.

وَفِي فَتَاوَى الرَّمْلِيِّ الْكَبِيرِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ رحمه الله عَنْ مُصَلٍّ حَصَلَ أَصْلُ السُّجُودِ ثُمَّ طَوَّلَهُ تَطْوِيلًا كَثِيرًا مَعَ رَفْعِ بَعْضِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ مُتَعَمِّدًا هَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ لِكَوْنِهِ تَعَمَّدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَالرَّاحَةُ وَبُطُونُ الْأَصَابِعِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ هُمَا مُسَمَّى بَطْنِ الْكَفِّ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ: الْجَبْهَةِ، وَقَوْلُهُ لِمَا سَبَقَ: أَيْ فِيهَا مِنْ صِدْقِ الِاسْمِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَلِمَ أَصَالَتَهَا) سَكَتَ عَمَّا لَوْ اشْتَبَهَ الزَّائِدُ بِالْأَصْلِيِّ

ص: 512

أَوْ عَكَسَ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ تَابِعَةٌ لِلْجَبْهَةِ، أَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «إنَّ الْيَدَيْنِ تَسْجُدَانِ كَمَا تَسْجُدُ الْجَبْهَةُ، فَإِذَا سَجَدْتُمْ فَضَعُوهُمَا وَإِذَا رَفَعْتُمْ فَارْفَعُوهُمَا» فَبَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ (وَيَنَالُ مَسْجِدُهُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا مَحَلُّ سُجُودِهِ (ثِقَلُ رَأْسِهِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَثِقَلُ فَاعِلٌ، وَمَعْنَى الثِّقَلِ أَنْ يَكُونَ يَتَحَامَلُ بِحَيْثُ لَوْ فَرَضَ أَنَّهُ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ لَانْدَكَّ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِتَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَلَا يَكْتَفِي بِإِرْخَاءِ رَأْسِهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ كَانَ لَوْ أُعِينَ لَأَمْكَنَهُ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَنَحْوِهَا، هَلْ يَجِيءُ مَا سَبَقَ فِي إعَانَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ؟ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهُ انْتَهَى.

وَمَحَلُّ وُجُوبِ التَّحَامُلِ فِي الْجَبْهَةِ فَقَطْ فَلَا يَجِبُ بِغَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ تَبَعًا لِابْنِ الْعِمَادِ (وَأَنْ لَا يَهْوِيَ لِغَيْرِهِ) أَيْ السُّجُودِ بِأَنْ يَهْوِيَ بِقَصْدِهِ أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ (فَلَوْ سَقَطَ لِوَجْهِهِ) أَيْ عَلَيْهِ مِنْ اعْتِدَالِهِ (وَجَبَ الْعَوْدُ إلَى الِاعْتِدَالِ) لِيَهْوِيَ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الْهَوِيِّ فِي السُّقُوطِ، فَإِنْ سَقَطَ مِنْ هَوِيِّهِ لَمْ يُكَلَّفْ الْعَوْدَ بَلْ يُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ سُجُودًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِعْلَ شَيْءٍ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَحْسُوبٍ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ طَوَّلَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ اهـ.

وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ لِأَنَّ هَذَا اسْتِصْحَابٌ لِمَا طُلِبَ فِعْلُهُ (قَوْلُهُ فَإِذَا سَجَدْتُمْ فَضَعُوهُمَا) لَا يَظْهَرُ إيرَادُ هَذَا الْحَدِيثِ مُعَارِضًا لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ اعْتِبَارِ وَضْعِهِمَا حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ، بَلْ الظَّاهِرُ إيرَادُهُ فِي اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عَنْ الْأَرْضِ حَالَةَ جُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

وَقَدْ يُقَالُ: أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ الْمُبَادَرَةُ بِوَضْعِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ عِنْدَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ، فَلَوْ تَرَاخَى وَضْعُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ عَنْ بَعْضٍ اكْتَفَى بِهِ حَيْثُ اجْتَمَعَتْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَاطْمَأَنَّ بِهَا مُجْتَمِعَةً (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) أَيْ قَوْلُهُ إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ، وَقَوْلُهُ فَاعِلٌ: أَيْ قَوْلُهُ ثِقَلٌ فَاعِلٌ، وَفِي نُسْخَةٍ وَثِقَلٌ فَاعِلٌ (قَوْلُهُ: عَلَى قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ لَانْدَكَّ) وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ يَنْدَكَّ مِنْ الْقُطْنِ مَا يَلِي جَبْهَتَهُ عُرْفًا، وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَثَلًا عِدْلٌ مِنْ الْقُطْنِ لَا يُمْكِنُ انْكِبَاسُ جَمِيعِهِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الرَّأْسِ وَإِنْ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: هَلْ يَجِيءُ مَا سَبَقَ) أَيْ مِنْ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي مَجِيئِهِ مَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الِاسْتِعَانَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا حَيْثُ أَمْكَنَ وَأَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِيَامِ عَلَى مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ بِوُجُوبِ التَّحَامُلِ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ) أَيْ أَوْ بِقَصْدِهِمَا مَعًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بِقَصْدِهِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَقَطَ لِوَجْهِهِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ اعْتِدَالِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْهَوِيَّ وَهُوَ فِي الِاعْتِدَالِ فَسَقَطَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلِاعْتِدَالِ، وَلَكِنْ قَالَ ع: قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ هَوَى لِيَسْجُدَ إلَخْ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَصَدَ الْهَوِيَّ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ السُّقُوطُ قَبْلَ فِعْلِ الْهَوِيِّ.

كَذَا رَأَيْته فِي ابْنِ شُهْبَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ مُوَافِقٌ لِلنَّظَرِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ اعْتِدَالِهِ صَادِقٌ بِمَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَى السُّقُوطِ إرَادَةُ السُّجُودِ، وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْهَوِيَّ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْهَوِيِّ) أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ مَا قَدْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا سَقَطَ مِنْ الِاعْتِدَالِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِفِعْلِهِ غَيْرَ السُّجُودِ، وَعَلَيْهِ فَمُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ الصِّحَّةُ لَا عَدَمُهَا.

وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ انْتِفَاءُ الْفِعْلِ مِنْهُ وَهُوَ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ الْغَيْرِ، وَعِبَارَةُ حَجّ جَوَابًا عَنْ هَذَا الْإِيرَادِ.

قُلْت: يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْهَوِيَّ لِلْغَيْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَعَنْ الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْجَمِيعِ، لَكِنَّهُ جَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا عُلِمَتْ أَصَالَةُ الْجَمِيعِ

(قَوْلُهُ: فَبَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ) سَقَطَ قَبْلَهُ كَلَامٌ مِنْ النُّسَخِ، فَإِنَّهُ جَوَابٌ عَنْ حُكْمٍ جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ فِي التَّعَقُّبَاتِ الَّتِي مَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ عِبَارَتُهَا، وَإِلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْهَا الَّذِي هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ بَعْدَ مَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ: وَإِذَا رَفَعَ الْجَبْهَةَ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُ الْكَفَّيْنِ أَيْضًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَإِنَّ الْيَدَيْنِ تَسْجُدَانِ» الْحَدِيثَ الَّذِي أَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ بَيَانٌ

ص: 513

نَعَمْ إنْ سَقَطَ عَلَى جَبْهَتِهِ وَقَصَدَ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا أَوْ لِجَنْبِهِ فَانْقَلَبَ بِنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَطْ لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ فِيهِمَا فَيُعِيدُهُ بَعْدَ الْجُلُوسِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَقُومُ، فَإِنْ قَامَ عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، فَإِنْ انْقَلَبَ بِنِيَّةِ السُّجُودِ أَوْ لَا بِنِيَّةِ شَيْءٍ أَوْ بِنِيَّتِهِ وَنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى فِي الْأَخِيرَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَإِنْ نَوَى صَرْفَهُ عَنْ السُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَيْضًا لِزِيَادَتِهِ فَضْلًا فِيهَا عَامِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاةُ مَنْ قَصَدَ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الِافْتِتَاحَ وَالْهَوِيَّ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلِكَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمُ دُخُولِهِ فِيهَا ثَمَّ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فِيهَا هُنَا فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْهَا عَدَمُ قَصْدِهِ رُكْنَهَا وَلَا تَشْرِيكُهُ مَعَ غَيْرِهِ.

(وَأَنْ تَرْتَفِعَ أَسَافِلُهُ) أَيْ عَجِيزَتُهُ وَمَا حَوْلَهَا (عَلَى أَعَالِيهِ) مِنْ رَأْسِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا صَحَّ «عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ» ، فَلَوْ انْعَكَسَ أَوْ تَسَاوَيَا لَمْ يُجْزِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ارْتِفَاعِ ذَلِكَ لِمَيْلِهَا صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِنُدْرَتِهِ، وَالثَّانِي وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يَجُوزُ مُسَاوَاتُهُمَا لِحُصُولِ اسْمِ السُّجُودِ، فَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِهِ صَادِقٌ بِمَسْأَلَةِ السُّقُوطِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهُ وَقَعَ هَوِيُّهُ لِلْغَيْرِ وَهُوَ الْإِلْجَاءُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِجَنْبِهِ) اُنْظُرْ قَوْلَهُمْ لَوْ سَقَطَ لِجَنْبِهِ هَلْ الْجَنْبُ مِثَالٌ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثَالٌ، فَلَوْ سَقَطَ عَلَى ظَهْرِهِ وَقَفَاهُ جَرَى فِيهِ التَّفَاصِيلُ الْمَذْكُورَةُ فِي مَسْأَلَةِ السُّقُوطِ عَلَى الْجَنْبِ، وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِلضَّرُورَةِ مَعَ قِصَرِ الزَّمَنِ فَلْيُرَاجَعْ وَلِيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ فِيهِمَا) عَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْجُلُوسِ فِي الثَّانِيَةِ) قَالَ حَجّ: وَبَعْدَ أَدْنَى رُفِعَ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى صَرْفَهُ) أَيْ الِانْقِلَابِ (قَوْلُهُ: لِزِيَادَتِهِ فِعْلًا) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجِ هَذَا التَّعْلِيلِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَعَ تَعْلِيلِ أَنَّ نِيَّتَهُ الِاسْتِقَامَةُ فَقَطْ لَا يُجْزِيهِ مَعَهَا السُّجُودُ وَهُوَ قَوْلُهُ لِوُجُودِ الصَّارِفِ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ تُسْتَشْكَلُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي نِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ صَرْفٌ عَنْ السُّجُودِ فَقَدْ زَادَ فِعْلًا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ لِلِاسْتِقَامَةِ فَيُعْذَرُ فِي قَصْدِهَا وَبِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى السُّجُودِ فَاغْتُفِرَ قَصْدُهَا، بِخِلَافِ قَصْدِ الصَّرْفِ عَنْ السُّجُودِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَقَدْ يُشِيرُ إلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاةُ مَنْ قَصَدَ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الِافْتِتَاحَ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَضُرَّ هُنَا تَشْرِيكُهُ بَيْنَ الِاسْتِقَامَةِ وَالسُّجُودِ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ تَرْتَفِعَ أَسَافِلُهُ) أَيْ يَقِينًا، فَلَوْ شَكَّ فِي ارْتِفَاعِهَا وَعَدَمِهِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مُؤَثِّرٌ إلَّا بَعْضَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَيْ عَجِيزَتُهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِهَا تَغْلِيبٌ.

فَفِي الْمُخْتَارِ الْعَجُزُ بِضَمِّ الْجِيمِ مُؤَخَّرُ الشَّيْءِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ: أَيْ بِاعْتِبَارِ عَوْدِ الضَّمِيرِ فَيُقَالُ عَجُزُهُ كَبِيرٌ أَوْ كَبِيرَةٌ، وَلَا يُقَالُ عَجُزَتُهُ، وَهُوَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا وَجَمْعُهُ أَعْجَازٌ، وَالْعَجِيزَةُ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُ الْأَسَافِلِ عَلَى الْيَدَيْنِ، لَكِنْ فِي حَجّ تَنْبِيهٌ: الْيَدَانِ مِنْ الْأَعَالِي كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّ الْأَسَافِلِ، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ رَفْعُهَا عَلَى الْيَدَيْنِ أَيْضًا اهـ.

قَالَ سم عَلَيْهِ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْكَفَّانِ، وَنَقَلَ هُوَ عَنْهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعَالِي الرَّأْسُ وَالْمَنْكِبَانِ اهـ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ عَلَى أَعَالِيهِ وَمِنْهَا الْيَدَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسَاوَيَا لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ فِي الِانْعِكَاسِ قَطْعًا وَفِي الْمُسَاوَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: لِمَيْلِهَا) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ كَزَحْمَةٍ (قَوْلُهُ: صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَضِقْ، وَلَكِنْ لَمْ يُرْجَ التَّمَكُّنُ مِنْ السُّجُودِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُجْزِي قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَمَا لَوْ فَقَدَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ، فَإِنْ رَجَا ذَلِكَ وَجَبَ التَّأْخِيرُ إلَى التَّمَكُّنِ أَوْ ضِيقِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ) وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُ جَبْهَتِهِ أَوْ كَشْفُهَا لِنَحْوِ جِرَاحَةٍ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ يَكْثُرُ وُقُوعُهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِلْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ صَرْفَهُ عَنْ السُّجُودِ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْجُلُوسِ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَبَعْدَ أَدْنَى رَفْعٍ فِي الْأُولَى

ص: 514

ارْتَفَعَتْ الْأَعَالِي لَمْ يَجُزْ جَزْمًا كَمَا لَوْ أُكِبَّ عَلَى وَجْهِهِ وَمَدَّ رِجْلَيْهِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ السُّجُودُ مَعَهَا إلَّا كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ إلَّا بِوَضْعِ نَحْوِ وِسَادَةٍ وَجَبَ، أَنْ حَصَلَ مِنْهُ التَّنْكِيسُ وَإِلَّا سُنَّ، وَلَا يَجِبُ لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودِ السُّجُودِ حِينَئِذٍ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مِنْ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ الِاعْتِمَادُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لِأَنَّهُ يَأْتِي مَعَهُ بِهَيْئَةِ الْقِيَامِ. بِخِلَافِ هُنَا فَلَا يَأْتِي بِهَيْئَةِ السُّجُودِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ.

(وَأَكْمَلُهُ) أَيْ السُّجُودِ (يُكَبِّرُ) الْمُصَلِّي (لِهَوِيِّهِ) لِثُبُوتِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ (بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ لِوُرُودِ عَدَمِهِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِيهِ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ) وَقَدَمَيْهِ (ثُمَّ يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (ثُمَّ) يَضَعُ (جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ) مَكْشُوفًا لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا أَبُو دَاوُد، وَيُكْرَهُ مُخَالَفَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَعَدَمُ وَضْعِ الْأَنْفِ وَيَضَعُ الْجَبْهَةَ وَالْأَنْفَ مَعًا كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ يُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ وَضْعُ الْأَنْفِ كَالْجَبْهَةِ مَعَ أَنَّ خَبَرَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى الْجَبْهَةِ.

قَالُوا: وَتُحْمَلُ أَخْبَارُ الْأَنْفِ عَلَى النَّدْبِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ ضَعْفٌ لِأَنَّ رِوَايَاتِ الْأَنْفِ زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى.

وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَنْعِ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ إذَا لَوْ وَجَبَ وَضْعُهُ لَكَانَتْ الْأَعْظُمُ ثَمَانِيَةً فَيُنَافِي تَفْصِيلُ الْعَدَدِ مُجْمَلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ سَبْعَةُ أَعْظُمٍ (وَيَقُولُ) بَعْدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: (سُبْحَانَ رَبَّى الْأَعْلَى ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ (وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ) عَلَى ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَلَى الْمُقْتَدِينَ (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ) وَإِمَامُ مَنْ مَرَّ «اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت، وَبِك آمَنْت، وَلَك أَسْلَمْت، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ تَبَارَكَ: بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، قَالَ فِيهَا: وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ) اسْتِدْرَاكٌ يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْمَتْنِ بِالْقَادِرِ (قَوْلُهُ: إلَّا كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ) أَيْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَفَى بَعْدَ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْعِصَابَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِوَضْعِ نَحْوِ وِسَادَةٍ) الْوِسَادُ وَالْوِسَادَةُ بِكَسْرِ الْوَاوِ فِيهِمَا الْمِخَدَّةُ وَالْجَمْعُ وَسَائِدُ وَوَسَّدَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: إنْ حَصَلَ مِنْهُ التَّنْكِيسُ) قَالَ حَجّ: وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُمْ لَوْ عَجَزَ إلَّا أَنْ يَسْجُدَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ أَوْ صُدْغِهِ وَكَانَ بِهِ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ، وَجَبَ لِأَنَّهُ مَيْسُورُهُ اهـ لِأَنَّهُ هُنَا قَدَرَ عَلَى زِيَادَةِ الْقُرْبِ، وَثُمَّ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْوِسَادَةِ لَا الْقُرْبُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَعَ حُصُولِ التَّنْكِيسِ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ السُّجُودِ حِينَئِذٍ اهـ.

[فَرْعٌ] لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ التَّنْكِيسُ وَوَضْعُ الْأَعْضَاءِ فَهَلْ يُرَاعَى الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُرَاعَى التَّنْكِيسُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، بِخِلَافِ وَضْعِ الْأَعْضَاءِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سُنَّ) هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ بَعْدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَا عَجَزَ عَنْهُ مِنْ الْأَرْكَانِ يَأْتِي فِيهِ بِمَا يُمْكِنُهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَصُرَ زَمَنُهُ لِأَنَّ الْمَرَضَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا) أَيْ حَصَلَ تَنْكِيسٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا سُنَّ وَلَا يَجِبُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَقَدَمَيْهِ) أَيْ أَطْرَافَهُمَا (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ) أَيْ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ أَشَارَ عِنْدَ ذِكْرِ الْجَبْهَةِ إلَى أَنْفِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَوَضْعُهُ الْقَدَمَ إلَخْ نَصُّهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ» اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِثْلُهُ فَاسْتِفَادَةُ وُجُوبِ وَضْعِ الْأَنْفِ بِوَاسِطَةِ إشَارَتِهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِ لَا مِنْ اللَّفْظِ الْمُجَرَّدِ (قَوْلُهُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى) زَادَ حَجّ وَبِحَمْدِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ) أَيْ أَنْتَ مُنَزَّهٌ عَنْ سَائِرِ النَّقَائِصِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ خَبَرَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ) أَيْ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ الْمَذْكُورِ فِيهَا الْأَنْفُ بِدَلِيلِ

ص: 515

قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَكَذَا «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجُلَّهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك» .

وَيَأْتِي الْمَأْمُومُ بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ، وَخَصَّ الْوَجْهَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ وَفِيهِ بَهَاؤُهُ وَتَعْظِيمُهُ، فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ لِشَيْءٍ خَضَعَ لَهُ سَائِرُ جَوَارِحِهِ، وَلَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَيُكْثِرُ كُلٌّ مِنْ الْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ الدُّعَاءَ فِيهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا فِيهِ الدُّعَاءَ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُكِرَ،

وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ إذَا أَطَالَ إمَامُهُ سُجُودَهُ، وَتَخْصِيصُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الدُّعَاءَ بِالسُّجُودِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي الرُّكُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي السُّجُودِ آكَدُ (وَيَضَعُ يَدَيْهِ) فِي سُجُودِهِ (حَذْوَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (مَنْكِبَيْهِ) أَيْ مُقَابِلَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ (وَيَنْشُرُ أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً) وَمَكْشُوفَةً (لِلْقِبْلَةِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي النَّشْرِ الْبُخَارِيُّ، وَانْضَمَّ ابْنُ حِبَّانَ، وَكَوْنُهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ الْبَيْهَقِيُّ، وَيُسَنُّ رَفْعُ ذِرَاعَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ مُعْتَمِدًا عَلَى رَاحَتَيْهِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَيُكْرَهُ بَسْطُهُمَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ.

نَعَمْ لَوْ طَالَ سُجُودُهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى كَفَّيْهِ وَضَعَ سَاعِدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِحَدِيثٍ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُفَرِّقُ) الذَّكَرُ (رُكْبَتَيْهِ) وَيَكُونُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ قَدْرُ شِبْرٍ (وَيَرْفَعُ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) لِلِاتِّبَاعِ إلَّا فِي رَفْعِ الْبَطْنِ عَنْ الْفَخِذَيْنِ، وَإِلَّا فِي تَفْرِيقِ رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوعِ فَبِالْقِيَاسِ، وَقَوْلُهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ عَائِدٌ لِلْجَمِيعِ (وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى) وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَبْلَغَ تَنْزِيهٍ وَمُتَطَهِّرٌ مِنْهَا أَبْلَغَ تَطْهِيرٍ، وَلَعَلَّهُ يَأْتِي بِهِ قَبْلَ الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالتَّسْبِيحِ بَلْ هُوَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ) وَالْمُرَادُ بِهِ: أَيْ الرُّوحِ جِبْرِيلُ، وَقِيلَ مَلَكٌ لَهُ أَلْفُ رَأْسٍ لِكُلِّ رَأْسٍ مِائَةُ أَلْفِ وَجْهٍ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِائَةُ أَلْفِ فَمٍ فِي كُلِّ فَمٍ مِائَةُ أَلْفِ لِسَانٍ تُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى بِلُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ.

وَقِيلَ خَلْقٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ وَلَا تَرَاهُمْ، فَهُمْ لِلْمَلَائِكَةِ كَالْمَلَائِكَةِ لِبَنِي آدَمَ اهـ دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي) وَيَقُولُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (قَوْلُهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) كَالتَّأْكِيدِ لِمَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ كُلُّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَعُوذُ بِك مِنْك) مَعْنَاهُ أَسْتَعِينُ بِك عَلَى رَفْعِ غَضَبِك (قَوْلُهُ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك) تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ فِي أَذْكَارِ الرُّكُوعِ أَنَّهُ يَزِيدُ فِيهِ كَالسُّجُودِ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي،

وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ) أَيْ بِقَدْرِ رُكْنٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَتَعْظِيمُهُ) تَفْسِيرِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِهِ الدُّعَاءَ فَلْيُرَاجَعْ.

وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ سَجَدَ الْفَانِي لِلْبَاقِي.

أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ إخْبَارٌ مَحْضٌ، وَلَيْسَ الْفَانِي مَخْصُوصًا بِالْوَجْهِ حَتَّى يَكُونَ لَفْظُهُ مُسَاوِيًا لِلْوَارِدِ وَهُوَ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ إلَخْ كَمَا قِيلَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَاجِدٌ) عِبَارَةُ حَجّ: إذَا كَانَ سَاجِدًا فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ) أَيْ الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ: حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) عَبَّرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ عَنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِهِ: وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى مَوْضِعِهِمَا فِي رَفْعِهِمَا (قَوْلُهُ: قَدْرَ شِبْرٍ) أَيْ فَيُقَاسُ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَالْمُرَادُ بِالشِّبْرِ الشِّبْرُ الْوَسَطُ الْمُعْتَدِلُ (قَوْلُهُ: فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَكَذَا تَطْبِيقُ كَفِّهِ وَجَعْلُهُمَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ فَخِذَيْهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ: فِي الرُّكُوعِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا فِي رَفْعِ الْبَطْنِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فِي تَفْرِيقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: بَيْنَ قَدَمَيْهِ قَدْرُ شِبْرٍ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْقَدَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مَوْرِدُ النَّصِّ وَغَيْرُهُ قَاسَ عَلَيْهِمَا الرُّكْبَتَيْنِ

ص: 516