الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالسَّلَامِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. فَتِلْكَ سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً، تَطَوُّعُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّهَارِ، وَقَلَّ مَنْ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا.»
[فَصْل النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ]
(1049)
فَصْلٌ: فَأَمَّا النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فَتُشْرَعُ فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ، وَفِي النَّهَارِ فِيمَا سِوَى أَوْقَاتِ النَّهْيِ، وَتَطَوُّعُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ تَطَوُّعِ النَّهَارِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ. وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أُمِرَ بِذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] . وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَكَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ مَفْرُوضًا؛ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1]{قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} [المزمل: 2]{نِصْفَهُ} [المزمل: 3] ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} [المزمل: 20] الْآيَةَ.
[فَصْلٌ أَفْضَلُ التَّهَجُّدِ جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِر]
(1050)
فَصْلٌ: وَأَفْضَلُ التَّهَجُّدِ جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرُ؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ، قَالَ:«قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَصَلِّ مَا شِئْتَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ دَاوُد، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ» . وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي «صِفَةِ تَهَجُّدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَامَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ - فَوَصَفَ تَهَجُّدَهُ حَتَّى قَالَ: ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَ الْمُؤَذِّنُ» . وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَيُحْيِي آخِرَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إلَى أَهْلِهِ قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ نَامَ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ النِّدَاءِ الْأَوَّلِ وَثَبَ، فَأَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ تَوَضَّأَ. وَقَالَتْ: مَا أَلْفَى عِنْدِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّحَرُ الْأَعْلَى فِي بَيْتِي إلَّا نَائِمًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: «فَمَا يَجِيءُ السَّحَرُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ وِتْرِهِ» ، وَلِأَنَّ آخِرَ اللَّيْلِ يَنْزِلُ فِيهِ الرَّبُّ تبارك وتعالى إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَنْزِلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إذَا أَغْفَى - يَعْنِي بَعْدَ التَّهَجُّدِ - فَإِنَّهُ لَا يَبِينُ عَلَيْهِ أَثَرُ السَّهَرِ، وَإِذَا لَمْ يُغْفِ يَبِينُ عَلَيْهِ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ:«سَأَلْت عَائِشَةَ: أَيَّ حِينٍ كَانَ يُصَلِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: كَانَ إذَا سَمِعَ الصَّارِخَ قَامَ، فَصَلَّى.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1051)
فَصْلٌ: وَيَقُولُ عِنْدَ انْتِبَاهِهِ مَا رَوَاهُ عُبَادَةُ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا اُسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، قُبِلَتْ صَلَاتُهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيُّومُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ؛ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِكَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي مُسْلِمٍ: «أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ. وَفِيهِ: أَنْتَ إلَهِي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ» . وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَعَنْهَا.
قَالَتْ: «كَانَ - تَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ كَبَّرَ عَشْرًا، وَحَمَدَ عَشْرًا، وَسَبَّحَ عَشْرًا، وَهَلَّلَ عَشْرًا، وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمُقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (1052) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَسَوَّكَ؛ لِمَا رَوَى حُذَيْفَةُ، قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ رَقَدَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَيْقَظَ، فَسَوَّكَ وَتَوَضَّأَ» . وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنَّا نُعِدُّ لَهُ - تَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ،