الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَنَا، مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَجُلًا مَاتَ، فَقَالَ: فَدَلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ فَأَتَى قَبْرَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ مَرَّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَأَمَّهُمْ وَصَلَّوْا خَلْفَهُ.» قَالَ أَحْمَدُ رحمه الله: وَمَنْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ يَرْوِي عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ سِتَّةِ وُجُوهٍ كُلُّهَا حِسَانٌ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ، فَيُسَنُّ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ، كَالْوَلِيِّ، وَقَبْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ شَهْرٍ.
[فَصْلٌ إذَا صُلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ مَرَّةً لَمْ تُوضَعْ لِأَحَدٍ يُصَلِّي عَلَيْهَا]
(1603)
فَصْلٌ: وَمَنْ صَلَّى مَرَّةً فَلَا يُسَنُّ لَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا. وَإِذَا صُلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ مَرَّةً لَمْ تُوضَعْ لِأَحَدٍ يُصَلِّي عَلَيْهَا. قَالَ الْقَاضِي: لَا يَحْسُنُ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَيُبَادَرُ بِدَفْنِهِ، فَإِنْ رُجِيَ مَجِيءُ الْوَلِيِّ أُخِّرَ إلَى أَنْ يَجِيءَ، إلَّا أَنْ يُخَافَ تَغَيُّرُهُ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا يَنْتَظِرُ بِهِ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي طَلْحَةَ بْنِ الْبَرَاءِ «اعْجَلُوا بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ» فَأَمَّا مَنْ أَدْرَكَ الْجِنَازَةَ مِمَّنْ لَمْ يُصَلِّ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَعَلَ ذَلِكَ عَلِيٌّ، وَأَنَسٌ، وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو حَمْزَةَ وَمَعْمَرُ بْنُ سَمِيرٍ.
[فَصْلٌ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى]
(1604)
فَصْلٌ: وَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، وَتُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى. نَصَّ عَلَيْهِمَا أَحْمَدُ وَقَالَ: وَمَا بَأْسٌ بِذَلِكَ، قَدْ فَعَلَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «انْتَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى قَبْرٍ رَطْبٍ، فَصَفُّوا خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ]
(1605)
فَصْلٌ: وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ فِي بَلَدٍ آخَرَ بِالنِّيَّةِ فَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ كَصَلَاتِهِ عَلَى حَاضِرٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَسَوَاءٌ كَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ. وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً أُخْرَى كَقَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ حُضُورَهَا، بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا مَعَ غَيْبَتِهَا عَنْهُ.
وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ نَعَى النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ الْيَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَصَلَّى بِهِمْ بِالْمُصَلَّى، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ، فَأُرِيَ الْجِنَازَةَ. قُلْنَا: هَذَا لَمْ يُنْقَلْ، وَلَوْ كَانَ لَأَخْبَرَ بِهِ.
وَلَنَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَثْبُتْ مَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ، وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ مَعَ الْبُعْدِ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِنْ رُئِيَ، ثُمَّ لَوْ رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَاخْتَصَّتْ الصَّلَاةُ بِهِ، وَقَدْ صَفَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهِمْ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَكُنْ بِالْحَبَشَةِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ، قُلْنَا: لَيْسَ هَذَا مَذْهَبَكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تُجِيزُونَ الصَّلَاةَ