الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَامَا خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا. كَمَا رَوَى أَنَسٌ «، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمْ، قَالَ: فَصَفَفْت أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا جَعَلَ الرَّجُلَ عَنْ يَمِينِهِ، وَالْغُلَامَ عَنْ يَسَارِهِ، كَمَا فَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ وَرَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَإِنْ وَقَفَا جَمِيعًا عَنْ يَمِينِهِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ وَقَفَا وَرَاءَهُ فَرَوَى الْأَثْرَمُ أَنَّ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ: مَا أَدْرِي. فَذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ أَنَسٍ. فَقَالَ: ذَاكَ فِي التَّطَوُّعِ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَصْلُحُ إمَامًا لِلرِّجَالِ فِي الْفَرَائِضِ فَلَمْ يُصَافَّهُمْ كَالْمَرْأَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُصَافَّ الرَّجُلَ فِي النَّفْلِ فَصَحَّ فِي الْفَرْضِ، كَالْمُتَنَفِّلِ يَقِفُ مَعَ الْمُفْتَرِضِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ مُصَافَّتِهِ صِحَّةُ إمَامَتِهِ، بِدَلِيلِ الْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ فِي الْجُمُعَةِ، وَالْمُفْتَرِضِ مَعَ الْمُتَنَفِّلِ، وَيُفَارِقُ الْمَرْأَةَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُصَافَّ الرِّجَالَ فِي التَّطَوُّعِ وَيَؤُمَّهُمْ فِيهِ فِي رِوَايَةٍ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِي ثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمْ امْرَأَةٌ: يَقُومُونَ مُتَوَاتِرِينَ، بَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ. وَلَنَا، حَدِيثُ أَنَسٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِيهِ، إلَّا الْحَسَنَ، وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَوْلَى، وَقَوْلُ الْحَسَنِ يُفْضِي إلَى وُقُوفِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ فَذًّا، وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ وَابِصَةَ وَعَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ. وَإِنْ اجْتَمَعَ رِجَالٌ وَصِبْيَانٌ وَخَنَاثَى وَنِسَاءٌ تَقَدَّمَ الرِّجَالُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى، ثُمَّ النِّسَاءُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى فَصَفَّ الرِّجَالَ، ثُمَّ صَفَّ خَلْفَهُمْ الْغِلْمَانَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (1149) فَصْلٌ: وَإِنْ وَقَفَتْ الْمَرْأَةُ فِي صَفِّ الرِّجَالِ كُرِهَ، وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهَا، وَلَا صَلَاةُ مَنْ يَلِيهَا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ يَلِيهَا وَمَنْ خَلْفَهَا دُونَهَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْوُقُوفِ إلَى جَانِبِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ. وَلَنَا، أَنَّهَا لَوْ وَقَفَتْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، فَكَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَعْتَرِضُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَائِمَةً وَهُوَ يُصَلِّي. وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ مَنْهِيٌّ قُلْنَا: هِيَ الْمَنْهِيَّةُ عَنْ الْوُقُوفِ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهَا، فَصَلَاةُ مَنْ يَلِيهَا أَوْلَى.
[مَسْأَلَةٌ صَاحِبُ الْبَيْتِ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ]
(1150)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَصَاحِبُ الْبَيْتِ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ ذَا سُلْطَانٍ) . وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا أُقِيمَتْ فِي بَيْتٍ، فَصَاحِبُهُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ وَأَفْقَهُ، إذَا كَانَ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ إمَامَتُهُمْ، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُمْ وَرَاءَهُ، فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَهُمْ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ
- صلى الله عليه وسلم:: «وَلَا يُؤَمَّنَّ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ، وَلَا فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. وَرَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ ذُو سُلْطَانٍ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ صَاحِبِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى الْبَيْتِ وَعَلَى صَاحِبِهِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ أَمَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَأَنَسًا فِي بُيُوتِهِمَا.
(1151)
فَصْلٌ: وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ الرَّاتِبُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى صَاحِبِ الْبَيْتِ وَالسُّلْطَانِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَتَى أَرْضًا لَهُ، وَعِنْدَهَا مَسْجِدٌ يُصَلِّي فِيهِ مَوْلًى لِابْنِ عُمَرَ، فَصَلَّى مَعَهُمْ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ، فَأَبَى، وَقَالَ: صَاحِبُ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ. وَلِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: «مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ» .
(1152)
فَصْلٌ: وَإِذَا أَذِنَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ هَؤُلَاءِ لِرَجُلٍ فِي الْإِمَامَةِ، جَازَ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَذِنَ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّقَدُّمِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ: صلى الله عليه وسلم " إلَّا بِإِذْنِهِ ". وَلِأَنَّ الْإِمَامَةَ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ نَقْلُهَا إلَى مَنْ شَاءَ، قَالَ أَحْمَدُ: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ» . أَرْجُو أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ فِي الْكُلِّ، وَلَمْ يَرَ بَأْسًا إذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ.
(1153)
فَصْلٌ: وَإِنْ دَخَلَ السُّلْطَانُ بَلَدًا لَهُ فِيهِ خَلِيفَةٌ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ خَلِيفَتِهِ، لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى خَلِيفَتِهِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ اجْتَمَعَ الْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ فِي بَيْتِ الْعَبْدِ فَالسَّيِّدُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ الْمَالِكُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَوِلَايَتُهُ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَيِّدُهُ مَعَهُمْ فَالْعَبْدُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا اجْتَمَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ وَأَبُو ذَرٍّ فِي بَيْتِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدَ وَهُوَ عَبْدٌ، تَقَدَّمَ أَبُو ذَرٍّ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: وَرَاءَك. فَالْتَفَتَ إلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَكَذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَتَأَخَّرَ، وَقَدَّمُوا أَبَا سَعِيدٍ، فَصَلَّى بِهِمْ وَإِنْ اجْتَمَعَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ، فَالْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالسُّكْنَى وَالْمَنْفَعَةِ.
(1154)
فَصْلٌ: وَالْمُقِيمُ أَوْلَى مِنْ الْمُسَافِرِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ إمَامًا حَصَلَتْ لَهُ الصَّلَاةُ كُلُّهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَإِنْ أَمَّهُ الْمُسَافِرُ احْتَاجَ إلَى إتْمَامِ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا. وَإِنْ ائْتَمَّ بِالْمُسَافِرِ جَازَ، وَيُتِمُّ الصَّلَاةَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ. فَإِنْ أَتَمَّ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ. وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَفْلٌ