الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُدَّةً تُبْطِلُ حُكْمَ السَّفَرِ، لَمْ يَبْطُلْ حُكْمُ سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ عَشْرًا بِمَكَّةَ وَعَرَفَةَ وَمِنًى، فَكَانَ يَقْصُرُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ كُلِّهَا.
وَرَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوَرِّقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، قُلْتُ: إنِّي رَجُلٌ تَاجِرٌ، آتِي الْأَهْوَازَ، فَأَنْتَقِلُ فِي قُرَاهَا مِنْ قَرْيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ، فَأُقِيمُ الشَّهْرَ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: تَنْوِي الْإِقَامَةَ؟ . قُلْتُ: لَا. قَالَ: لَا أَرَاك إلَّا مُسَافِرًا، صَلِّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ. وَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ فِي بَلَدٍ بِعَيْنِهِ، فَأَشْبَهَ الْمُتَنَقِّلَ فِي سَفَرِهِ مِنْ مَنْزِلٍ إلَى مَنْزِلٍ.
[فَصْلٌ دَخَلَ بَلَدًا فَقَالَ إنْ لَقِيتُ فُلَانًا أَقَمْتُ وَإِنْ لَمْ أَلْقَهُ لَمْ أُقِمْ هَلْ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ]
(1287)
فَصْلٌ: وَإِذَا دَخَلَ بَلَدًا، فَقَالَ: إنْ لَقِيتُ فُلَانًا أَقَمْتُ، وَإِنْ لَمْ أَلْقِهِ لَمْ أُقِمْ. لَمْ يَبْطُلْ حُكْمُ سَفَرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالْإِقَامَةِ، وَلِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِحُكْمِ السَّفَرِ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِحَرَامٍ.
[فَصْلٌ لَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ نَازِلًا وَسَائِرًا عَلَى الرَّاحِلَةِ]
(1288)
فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ نَازِلًا وَسَائِرًا عَلَى الرَّاحِلَةِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ.» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ، وَأَنَسٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ. وَرَوَتْ أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا، فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ.» رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْوَتْرَ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ عَلَى بَعِيرِهِ وَلَمَّا نَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَبْلَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
فَأَمَّا سَائِرُ السُّنَنِ وَالتَّطَوُّعَاتِ قَبْلَ الْفَرَائِضِ وَبَعْدَهَا، فَقَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِالتَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ بَأْسٌ.
وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَافِرُونَ، فَيَتَطَوَّعُونَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ وَبَعْدَهَا. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ، وَأَنَسٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ كَثِيرٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَتَطَوَّعُ مَعَ الْفَرِيضَةِ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، إلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدِ