الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَكَاةٍ وَلَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، فَأَشْبَهَتْ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ. وَالثَّانِي، لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ أَشْبَهَتْ الزَّكَاةَ.
(1785)
فَصْلٌ: وَكُلُّ مَنْ حُرِمَ صَدَقَةَ الْفَرْضِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَقَرَابَةِ الْمُتَصَدِّقِ وَالْكَافِرِ وَغَيْرِهِمْ، يَجُوزُ دَفْعُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَيْهِمْ، وَلَهُمْ أَخْذُهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8] . وَلَمْ يَكُنْ الْأَسِيرُ يَوْمَئِذٍ إلَّا كَافِرًا، وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنهما، قَالَتْ:«قَدِمْتُ عَلَى أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، صِلِي أُمَّك» . وَكَسَا عُمَرُ أَخًا لَهُ حُلَّةً كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ إيَّاهَا.
وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَهْلِهِ، وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِسَعْدٍ: «إنَّ نَفَقَتَك عَلَى أَهْلِك صَدَقَةٌ، وَإِنَّ مَا تَأْكُلُ امْرَأَتُك صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[فَصْلُ حُرْمَة الصَّدَقَة عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم]
(1786)
فَصْلٌ: فَأَمَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّدَقَةَ جَمِيعَهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، فَرْضَهَا وَنَفْلَهَا؛ لِأَنَّ اجْتِنَابَهَا كَانَ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ وَعَلَامَاتِهَا، فَلَمْ يَكُنْ لِيُخِلَّ بِذَلِكَ، وَفِي حَدِيثِ إسْلَامِ سَلْمَانِ الْفَارِسِيِّ، أَنَّ الَّذِي أَخْبَرَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَصَفَهُ، قَالَ:«إنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» .
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ؟ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ. قَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا. وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ، فَأَكَلَ مَعَهُمْ.» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. «وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي لَحْمٍ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ: هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ» ، وَقَالَ عليه السلام:«إنِّي لَأَنْقَلِبُ إلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي فِي بَيْتِي، فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً، فَأُلْقِيهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ: «إنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» . وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَشْرَفَ الْخَلْقِ، وَكَانَ لَهُ مِنْ الْمَغَانِمِ خُمْسُ الْخُمْسِ وَالصَّفِيُّ، فَحُرِمَ نَوْعَيْ الصَّدَقَةِ فَرْضَهَا وَنَفْلَهَا، وَآلُهُ دُونَهُ فِي