الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَنَا «، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى وَيَدَعُ مَسْجِدَهُ» ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وَلَا يَتْرُكُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَفْضَلَ مَعَ قُرْبِهِ، وَيَتَكَلَّفُ فِعْلَ النَّاقِصِ مَعَ بُعْدِهِ، وَلَا يَشْرَعُ لِأُمَّتِهِ تَرْكَ الْفَضَائِلِ، وَلِأَنَّنَا قَدْ أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ النَّاقِصَ، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ الْكَامِلَ، وَلَمْ يُنْقَلُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى الْعِيدَ بِمَسْجِدِهِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَلِأَنَّ هَذَا إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ.
فَإِنَّ النَّاسَ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ يَخْرُجُونَ إلَى الْمُصَلَّى، فَيُصَلُّونَ الْعِيدَ فِي الْمُصَلَّى، مَعَ سَعَةِ الْمَسْجِدِ وَضِيقِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي الْمُصَلَّى مَعَ شَرَفِ مَسْجِدِهِ، وَصَلَاةُ النَّفْلِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ شَرَفِهِ، وَرَوَيْنَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: قَدْ اجْتَمَعَ فِي الْمَسْجِدِ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَعُمْيَانُهُمْ فَلَوْ صَلَّيْتَ بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: أُخَالِفُ السُّنَّةَ إذًا، وَلَكِنْ نَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى، وَأَسْتَخْلِفُ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ أَرْبَعًا.
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا خَرَجَ أَنْ يُخْلِفَ مَنْ يُصَلِّي بِضَعَفَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ]
(1403)
فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا خَرَجَ أَنْ يُخْلِفَ مَنْ يُصَلِّي بِضَعَفَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا فَعَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَرَوَى هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه لَوْ أَمَرْتَ رَجُلًا يُصَلِّي بِضَعَفَةِ النَّاسِ هَوْنًا فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ؟ قَالَ: إنْ أَمَرْتُ رَجُلًا يُصَلِّي أَمَرْتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ لَهُمْ أَرْبَعًا. رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَرُوِيَ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُودٍ، فَصَلَّى بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ.
(1404)
فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْخُرُوجَ، مِنْ مَطَرٍ، أَوْ خَوْفٍ، أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّوْا فِي الْجَامِعِ، كَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ «أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَصَلَّى بِهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ.
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ إلَى الْعِيدِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلَّا الْإِمَامَ]
(1405)
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ إلَى الْعِيدِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلَّا الْإِمَامَ فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ كَذَلِكَ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّ الْإِمَامَ يُنْتَظَرُ وَلَا يَنْتَظِرُ، وَلَوْ جَاءَ إلَى الْمُصَلَّى وَقَعَدَ فِي مَكَان مُسْتَتِرٍ عَنْ النَّاسِ، فَلَا بَأْسَ. قَالَ مَالِكٌ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ مَنْزِلِهِ قَدْرَ مَا يَبْلُغُ مُصَلَّاهُ، وَقَدْ حَلَّتْ الصَّلَاةُ، فَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّبْكِيرُ، وَالدُّنُوُّ مِنْ الْإِمَامِ.