الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَى الزِّيَادَةِ أُخْرَى، لِتَكُونَ نَافِلَةً.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَلَسَ فِي الرَّابِعَةِ بَطَلَ فَرْضُهُ، وَصَارَتْ صَلَاتُهُ نَافِلَةً وَلَزِمَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ، وَنَحْوَهُ قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَالَ قَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، فِي مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا: يُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى، فَتَكُونُ الرَّكْعَتَانِ تَطَوُّعًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي مَنْ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ «فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ وَالسَّجْدَتَانِ نَافِلَةً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَلَنَا: مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ زِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: لَا قَالُوا: فَإِنَّك قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا فَانْفَتَلَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» . وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَذْكُرُ كَمَا تَذْكُرُونَ وَأَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ» . وَفِي رِوَايَةٍ، فَقَالَ «فَإِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» رَوَاهُ كُلَّهُ مُسْلِمٌ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجْلِسْ عَقِيبَ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، وَلِأَنَّهُ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ قَامَ عَنْ ثَالِثَةٍ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِهَذَا، وَلَمْ يُضِفْ إلَى الْخَامِسَةِ أُخْرَى. وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ أَيْضًا، فَإِنَّهُ جَعَلَ الزَّائِدَةَ نَافِلَةً، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا بِجُلُوسٍ، وَجَعَلَ السَّجْدَتَيْنِ يَشْفَعَانِهَا، وَلَمْ يَضُمَّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافٌ لِمَا قَالُوهُ، فَقَدْ خَالَفُوا الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا، وَقَوْلُنَا يُوَافِقُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
[مَسْأَلَة نَسِيَ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ سَهْوِ]
(914)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ (فَإِنْ نَسِيَ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ سَهْوٍ وَسَلَّمَ، كَبَّرَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَتَشَهَّدَ، وَسَلَّمَ، مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ تَكَلَّمَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ) . الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي ثَلَاثَةِ فُصُولٍ: (915) الْفَصْلُ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إذَا نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ، ثُمَّ ذَكَرَهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ، سَوَاءٌ تَكَلَّمَ أَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَكَانَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ يَقُولَانِ: إذَا صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ، لَمْ يَبْنِ، وَلَمْ يَسْجُدْ. وَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ، سَقَطَ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَلِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُنَافِيهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَحْدَثَ.
وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَيْضًا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام تَكَلَّمَ، وَتَكَلَّمَ الْمَأْمُومُونَ، ثُمَّ
سَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ لِقَوْلِهِ فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ. وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ إتْمَامُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْكَلَامِ وَالِانْصِرَافِ، كَمَا فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، فَالسُّجُودُ أَوْلَى (916) الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ. وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَسْجُدُ فِيهَا، فَفِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، يَسْجُدُ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنْ خَرَجَ لَمْ يَسْجُدْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يُرْجَعُ فِي طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ إلَى الْعَادَةِ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجَعَ إلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَالسُّجُودُ أَوْلَى، وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ يَسْجُدُ وَإِنْ خَرَجَ وَتَبَاعَدَ وَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ جُبْرَانٌ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ كَجُبْرَانِ الْحَجِّ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ إنْ كَانَ لِزِيَادَةٍ وَإِنْ كَانَ لِنَقْصٍ أَتَى بِهِ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّهُ لِتَكْمِيلِ الصَّلَاةِ. وَلَنَا، أَنَّهُ لِتَكْمِيلِ الصَّلَاةِ، فَلَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ، كَرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا، وَكَمَا لَوْ كَانَ مِنْ نَقْصٍ وَإِنَّمَا ضَبَطْنَاهُ بِالْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الصَّلَاةِ وَمَوْضِعُهَا، فَاعْتُبِرَتْ فِيهِ الْمُدَّةُ، كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ. (917) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَتَى سَجَدَ لِلسَّهْوِ، فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لِلسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ.
فَإِنْ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ سَلَّمَ عَقِبَهُ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ تَشَهَّدَ، وَسَلَّمَ، سَوَاءٌ كَانَ مَحِلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ، أَوْ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ فَنَسِيَهُ إلَى مَا بَعْدَهُ. وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَقَالَ أَنَسٌ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ: لَيْسَ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَلَا تَسْلِيمٌ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِمَا تَسْلِيمٌ بِغَيْرِ تَشَهُّدٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: التَّسْلِيمُ فِيهِمَا ثَابِتٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَفِي ثُبُوتِ التَّشَهُّدِ نَظَرٌ وَعَنْ عَطَاءٍ: إنْ شَاءَ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ.
وَلَنَا، عَلَى التَّكْبِيرِ قَوْلُ ابْنِ بُحَيْنَةَ:«فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، كَبَّرَ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ.» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ.
وَأَمَّا التَّسْلِيمُ فَقَدْ ذَكَرَهُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فِي حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ، قَالَ فِيهِ «سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ثُمَّ سَلَّمَ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ» وَأَمَّا التَّشَهُّدُ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمْ فَسَهَا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ تَشَهَّدَ، ثُمَّ سَلَّمَ» ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَلِأَنَّهُ سُجُودٌ يُسَلِّمُ لَهُ، فَكَانَ مَعَهُ تَشَهُّدٌ، كَسُجُودِ