الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْنَا؟ قَالَ: إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّهُ كَلَامُ آدَمِيٍّ، فَأَشْبَهَ تَشْمِيتَ الْعَاطِسِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ يَرُدُّ السَّلَامَ بِالْإِشَارَةِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى بْنُ جَمِيلٍ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَبَضَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى ذِرَاعِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ رَدًّا مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ. وَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَحَسَنٌ.
رُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَدَاوُد؛ لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ:«فَقَدِمْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْت عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَأَخَذَنِي مَا قُدِّمَ وَمَا حَدَثَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ قَالَ: وَإِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ» . فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ. وَقَدْ رَوَى صُهَيْبٌ، قَالَ:«مَرَرْت بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَكَلَّمْتُهُ فَرَدَّ إشَارَةً» .
قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ: وَلَا أَعْلَمُهُ إلَّا قَالَ إشَارَةً بِأُصْبُعِهِ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى قُبَاءَ، فَصَلَّى فِيهِ قَالَ: فَجَاءَتْهُ الْأَنْصَارُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، قَالَ: فَقُلْت لِبِلَالٍ: كَيْفَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي؟ قَالَ يَعْقُوبُ: هَكَذَا: وَبَسَطَ - يَعْنِي كَفَّهُ - وَجَعَلَ بَطْنَهُ أَسْفَلَ، وَظُهْرَهُ إلَى فَوْقُ.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: كِلَا الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ. رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد، وَالْأَثْرَمُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى.
[فَصْلٌ دَخَلَ قَوْمٌ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ يُصَلُّونَ]
(948)
فَصْلٌ: وَإِذَا دَخَلَ قَوْمٌ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ عَلَى الْقَوْمِ وَهُمْ يُصَلُّونَ، أَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى مُصَلٍّ. وَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَكَرِهَهُ عَطَاءٌ، وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِسْحَاقُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلِطَ الْمُصَلِّي فَرَدَّ عليه السلام. وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُصَلِّي، فَرَدَّ عليه السلام، فَرَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى تَجْوِيزِهِ احْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61] أَيْ عَلَى أَهْلِ دِينِكُمْ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَلَّمَ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِمْ إشَارَةً، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.
[فَصْلٌ إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي الْفَرِيضَةِ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ]
(949)
فَصْلٌ: إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي الْفَرِيضَةِ عَامِدًا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، رِوَايَةً، وَاحِدَةً. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ عَامِدًا أَنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ، وَأَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ الصَّوْمَ