الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْقَاضِي، أَنَّ الْقِيَامَ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الْجِنَازَةَ فَلْيَقُمْ حِينَ يَرَاهَا، حَتَّى تَخْلُفَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا: أَنَّ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكُ الْقِيَامِ لَهَا، وَالْأَخْذُ بِالْآخِرِ مِنْ أَمْرِهِ أَوْلَى، فَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ «أَنَّ يَهُودِيًّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ لِلْجِنَازَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ: هَكَذَا نَصْنَعُ. فَتَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقِيَامَ لَهَا»
[فَصْلٌ مِنْ يَتْبَع الْجِنَازَة اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ لَا يَجْلِس حَتَّى تُوضَع]
(1545)
فَصْلٌ: وَمَنْ يَتَّبِعُ الْجِنَازَةَ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ لَا يَجْلِسَ حَتَّى تُوضَعَ، مِمَّنْ رَأَى أَنْ لَا يَجْلِسَ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا رَوَى مُسْلِمٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا اتَّبَعْتُمْ الْجِنَازَةَ فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ» وَرَأَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَ عَلِيٍّ يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرَهُ إِسْحَاقُ وَالسَّبَبَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ، وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ عُمُومٌ، فَيَعُمُّ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، فَلَمْ يَجُزْ النَّسْخُ بِأَمْرِ مُحْتَمَلٍ، وَلِأَنَّ قَوْلَ عَلِيٍّ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَعَدَ. يَدُلُّ عَلَى ابْتِدَاءِ فِعْلِ الْقِيَامِ، وَهَا هُنَا إنَّمَا وُجِدَتْ مِنْهُ الِاسْتِدَامَةُ، إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَأَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْوَضْعِ وَضْعُهَا عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ.
وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ الْحَدِيثَ: «إذَا اتَّبَعْتُمْ الْجِنَازَةَ فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ بِالْأَرْضِ» وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ «حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ» وَحَدِيثُ سُفْيَانَ أَصَحُّ. فَأَمَّا مَنْ تَقَدَّمَ الْجِنَازَةَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْلِسَ قَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ إلَيْهِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَقَدَّمُونَ الْجِنَازَةَ، فَيَجْلِسُونَ قَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ إلَيْهِمْ، فَإِذَا جَاءَتْ الْجِنَازَةُ لَمْ يَقُومُوا لَهَا. لِمَا تَقَدَّمَ.
[مَسْأَلَةٌ أَحَقّ النَّاس بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّت]
(1546)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَأَحَقُّ النَّاسِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَنْ أَوْصَى لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ) هَذَا مَذْهَبُ أَنَسٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأَبِي بَرْزَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ سِيرِينَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: الْوَلِيُّ أَحَقُّ، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ تَتَرَتَّبُ بِتَرَتُّبِ الْعَصَبَاتِ، فَالْوَلِيُّ فِيهَا أَوْلَى، كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ.
وَلَنَا، إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ قَالَهُ أَحْمَدُ قَالَ: