الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ جَابِرٌ، وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ يُصَلُّونَهَا فِي جَمَاعَةٍ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: كُلُّ مَنْ اخْتَارَ التَّفَرُّدَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَقْطَعَ مَعَهُ الْقِيَامَ فِي الْمَسَاجِدِ، فَأَمَّا التَّفَرُّدُ الَّذِي يَقْطَعُ مَعَهُ الْقِيَامَ فِي الْمَسَاجِدِ فَلَا. وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: قِيَامُ رَمَضَانَ لِمَنْ قَوِيَ فِي الْبَيْتِ أَحَبُّ إلَيْنَا؛ لِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: «احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَوْ حَصِيرٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا. فَتَتَبَّعَ إلَيْهِ رِجَالٌ، وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ قَالَ ثُمَّ: جَاءُوا لَيْلَةً فَحَضَرُوا، وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ، فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، وَحَصَبُوا الْبَابَ، فَخَرَجَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا، فَقَالَ: مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلَنَا إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَجَمْعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ وَأَهْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَقَوْلُهُ لَهُ:«إنَّ الْقَوْمَ إذَا صَلَّوْا مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، كُتِبَ لَهُمْ قِيَامُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ» . وَهَذَا خَاصٌّ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، فَيُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ مَا احْتَجُّوا بِهِ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ لَهُمْ مُعَلَّلٌ بِخَشْيَةِ فَرْضِهِ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقِيَامَ بِهِمْ مُعَلَّلًا بِذَلِكَ أَيْضًا، أَوْ خَشْيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهُ النَّاسُ فَرْضًا، وَقَدْ أُمِنَ هَذَا أَنْ يُفْعَلَ بَعْدَهُ. فَإِنْ قِيلَ: فَعَلِيٌّ لَمْ يَقُمْ مَعَ الصَّحَابَةِ؟ قُلْنَا: قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَامَ بِهِمْ فِي رَمَضَانَ. وَعَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: مَرَّ عَلِيٌّ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَفِيهَا الْقَنَادِيلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. فَقَالَ نَوَّرَ اللَّهُ عَلَى عُمَرَ قَبْرَهُ، كَمَا نَوَّرَ عَلَيْنَا مَسَاجِدَنَا. رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ.
[فَصْلٌ يَقْرَأُ بِالْقَوْمِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا يَخِفُّ عَلَى النَّاسِ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ]
(1097)
فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ، رحمه الله: يَقْرَأُ بِالْقَوْمِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا يَخِفُّ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ، وَلَا سِيَّمَا فِي اللَّيَالِي الْقِصَارِ، وَالْأَمْرُ عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ النَّاسُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُسْتَحَبُّ النُّقْصَانُ عَنْ خَتْمِهِ فِي الشَّهْرِ؛ لِيَسْمَعَ النَّاسُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى خَتْمِهِ كَرَاهِيَةَ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ. وَالتَّقْدِيرُ بِحَالِ النَّاسِ أَوْلَى؛ فَإِنَّهُ لَوْ اتَّفَقَ جَمَاعَةٌ يَرْضَوْنَ بِالتَّطْوِيلِ وَيَخْتَارُونَهُ، كَانَ أَفْضَلَ. كَمَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ، قَالَ:«قُمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ. يَعْنِي السُّحُورَ.» وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يُطِيلُونَ الصَّلَاةَ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: