الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ تَخَلَّفَ إمَامُ الْحَيِّ مِنْ الصَّلَاةِ لِغَيْبَةٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ عُذْرٍ، وَصَلَّى غَيْرُهُ، وَحَضَرَ إمَامُ الْحَيِّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَتَأَخَّرَ الْإِمَامُ، وَتَقَدَّمَ إمَامُ الْحَيِّ، فَبَنَى عَلَى صَلَاةِ خَلِيفَتِهِ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، فَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ، فَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ. وَالثَّانِي، لَا يَجُوزُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَدَمِ مُسَاوَاةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الْفَضْلِ.
[فَصْلٌ إذَا وُجِدَ الْمُبْطِلُ فِي الْمَأْمُومِ دُونَ الْإِمَام]
(1013)
فَصْلٌ: إذَا وُجِدَ الْمُبْطِلُ فِي الْمَأْمُومِ دُونَ الْإِمَامِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ مُحْدِثًا أَوْ نَجِسًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، أَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، أَوْ ضَحِكَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ تَرَكَ رُكْنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمُبْطِلَاتِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ الْإِمَامِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الصَّلَاةُ سِوَاهُ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ كَحُكْمِ الْإِمَامِ مَعَهُ عَلَى مَا فَصَّلْنَاهُ؛ لِأَنَّ ارْتِبَاطَ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالْمَأْمُومِ كَارْتِبَاطِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِالْإِمَامِ، فَمَا فَسَدَ ثَمَّ فَسَدَ هَاهُنَا، وَمَا صَحَّ ثَمَّ صَحَّ هَاهُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ رَجُلَيْنِ أُمّ أَحَدهمَا صَاحِبه فَشَمَّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا رِيحًا]
(1014)
فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ، رحمه الله، فِي رَجُلَيْنِ أَمَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَشَمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رِيحًا، أَوْ سَمِعَ صَوْتًا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مِنْ صَاحِبِهِ؛ وَكُلٌّ يَقُولُ لَيْسَ مِنِّي: يَتَوَضَّآنِ جَمِيعًا، وَيُصَلِّيَانِ؛ إنَّمَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْتَقِدُ فَسَادَ صَلَاةِ صَاحِبِهِ، وَأَنَّهُ صَارَ فَذًّا، وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ بِفَسَادِ صَلَاةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ بِفَسَادِ صَلَاةِ صَاحِبِهِ لِكَوْنِهِ صَارَ فَذًّا. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْمَنْصُورَةِ، يَنْوِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ، وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا قَضَى بِفَسَادِ صَلَاتِهِمَا إذَا أَتَمَّا الصَّلَاةَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَسْخِ النِّيَّةِ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُؤْتَمٌّ بِمُحْدِثِ، وَالْإِمَامَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَؤُمُّ مُحْدِثًا.
وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَلَعَلَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ، رحمه الله، إنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: يَتَوَضَّآنِ لِتَصِحَّ صَلَاتُهُمَا جَمَاعَةً. إذْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْتَمَّ بِصَاحِبِهِ أَوْ يَؤُمَّهُ مَعَ اعْتِقَادِ حَدَثِهِ، وَلَعَلَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ احْتِيَاطًا، أَمَّا إذَا صَلَّيَا مُنْفَرِدَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ يَقِينَ الطَّهَارَةِ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَالْحَدَثَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يَزُولُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ. (1015) فَصْلٌ: وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ، رحمه الله، فِي إمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ، فَشَهِدَ اثْنَانِ عَنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ، وَأَنْكَرَ الْإِمَامُ وَبَقِيَّةُ
الْمَأْمُومِينَ: يُعِيدُ، وَيُعِيدُونَ. وَهَذَا لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا إثْبَاتٌ يُقَدَّمُ عَلَى النَّفْيِ، لِاحْتِمَالِ عِلْمِهِمَا بِهِ، مَعَ خَفَائِهِ عَنْهُ وَعَنْ بَقِيَّةِ الْمَأْمُومِينَ. وَقَوْلُهُ:" يُعِيدُونَ ". لِأَنَّ الْمَأْمُومِينَ مَتَى عَلِمَ بَعْضُهُمْ بِحَدَثِ إمَامِهِمْ، لَزِمَتْ الْجَمِيعَ الْإِعَادَةُ عَلَى الْمَنْصُوصِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَخْتَصُّ الْإِعَادَةُ مَنْ عَلِمَ دُونَ غَيْرِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.