الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتِغْفَارِهِ ". وَرُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ، «أَنَّهَا قَالَتْ: إنْ كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْعِتْقِ فِي الْكُسُوفِ» . وَلِأَنَّهُ تَخْوِيفٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، لِيَكْشِفَهُ عَنْ عِبَادِهِ (1468) فَصْلٌ: وَمُقْتَضَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ عَلَى كُلِّ صِفَةٍ رُوِيَتْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَقَوْلِهِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، إلَّا أَنَّ اخْتِيَارَهُ مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا.
قَالَ أَحْمَدُ، رحمه الله: رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ، فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَيَقُولُ: سِتُّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعُ سَجَدَاتٍ. فَذَهَبَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. وَكَذَلِكَ حُذَيْفَةُ.
وَهَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: تَجُوزُ صَلَاةَ الْكُسُوفِ عَلَى كُلِّ صِفَةٍ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَسَجْدَتَيْنِ، فِي كُلّ رَكْعَةٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرَوَيْنَا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُمَا صَلَّيَا هَذِهِ الصَّلَاةَ. وَحُكِيَ عَنْ إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ: وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا كَانَ يَزِيدُ فِي الرُّكُوعِ إذَا لَمْ يَرَ الشَّمْسَ قَدْ انْجَلَتْ، فَإِذَا انْجَلَتْ سَجَدَ، فَمِنْ هَاهُنَا صَارَتْ زِيَادَةُ الرَّكَعَاتِ، وَلَا يُجَاوِزُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِنَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ صَلَاة الْكُسُوف سُنَّة]
(1469)
فَصْلٌ: وَصَلَاةُ الْكُسُوفِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهَا، وَأَمَرَ بِهَا، وَوَقْتُهَا مِنْ حِينِ الْكُسُوفِ إلَى حِينِ التَّجَلِّي، فَإِنْ فَاتَتْ لَمْ تُقْضَ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ قَالَ: إذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ حَتَّى تَنْجَلِيَ» . فَجَعَلَ الِانْجِلَاءَ غَايَةً لِلصَّلَاةِ. وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا سُنَّتْ رَغْبَةً إلَى اللَّهِ فِي رَدِّهَا، فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ حَصَلَ مَقْصُودُ الصَّلَاةِ.
وَإِنْ انْجَلَتْ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَتَمَّهَا، وَخَفَّفَهَا. وَإِنْ اسْتَتَرَتْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِالسَّحَابِ، وَهُمَا مُنْكَسِفَانِ، صَلَّى؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُسُوفِ. وَإِنْ غَابَتْ الشَّمْسُ كَاسِفَةً، أَوْ طَلَعَتْ عَلَى الْقَمَرِ وَهُوَ خَاسِفٌ، لَمْ يُصَلِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ وَقْتُ الِانْتِفَاعِ بِنُورِهِمَا. وَإِنْ غَابَ الْقَمَرُ لَيْلًا، فَقَالَ الْقَاضِي: يُصَلِّي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ وَقْتُ الِانْتِفَاعِ بِنُورِهِ وَضَوْئِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ؛ لِأَنَّ مَا يُصَلِّي لَهُ قَدْ غَابَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ غَابَتْ الشَّمْسُ.
وَإِنْ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْكُسُوفُ قَائِمٌ لَمْ يَزِدْ، وَاشْتَغَلَ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ.