الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُونَ الْعَيْنِ أَجْزَأَ فِيهَا الذَّكَرُ كَالْأُضْحِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنَمٌ لَزِمَهُ شِرَاءُ شَاةٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُخْرِجُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، قِيَاسًا عَلَى شَاةِ الْجُبْرَانِ.
وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَصَّ عَلَى الشَّاةِ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِنَصِّهِ، وَلِأَنَّ هَذَا إخْرَاجُ قِيمَةٍ فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الشَّاةُ وَاجِبَةً فِي نِصَابِهَا، وَشَاةُ الْجُبْرَانِ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَدَلِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ بَدَلًا عَنْ الشَّاةِ الْوَاجِبَةِ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ.
[فَصْلُ أَخْرَجَ عَنْ الشَّاةِ بَعِيرًا]
(1695)
فَصْل: فَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ الشَّاةِ بَعِيرًا لَمْ يُجْزِئْهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَدَاوُد.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُجْزِئُهُ الْبَعِيرُ عَنْ الْعِشْرِينَ فَمَا دُونَهَا. وَيَتَخَرَّجُ لَنَا مِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخْرَجُ مِمَّا يُجْزِئُ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَالْعِشْرُونَ دَاخِلَةٌ فِيهَا، وَلِأَنَّ مَا أَجْزَأَ عَنْ الْكَثِيرِ أَجْزَأَ عَمَّا دُونَهُ، كَابْنَتَيْ لَبُونٍ عَمَّا دُونَ سِتَّةٍ وَسَبْعِينَ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَخْرَجَ غَيْرَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَلَمْ يُجْزِهِ، كَمَا لَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً، وَلِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِالشَّاةِ، فَلَمْ يُجْزِئ الْبَعِيرُ كَالْأَصْلِ، أَوْ كَشَاةِ الْجُبْرَانِ، وَلِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ وَجَبَتْ فِيهَا شَاةٌ فَلَمْ يُجْزِئْ عَنْهَا الْبَعِيرُ، كَنِصَابِ الْغَنَمِ، وَيُفَارِقُ ابْنَتَيْ لَبُونٍ عَنْ الْجَذَعَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْجِنْسِ.
[فَصْلُ تَكُونُ الشَّاةُ الْمُخْرَجَةُ كَحَالِ الْإِبِلِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ]
(1696)
فَصْلٌ: وَتَكُونُ الشَّاةُ الْمُخْرَجَةُ كَحَالِ الْإِبِلِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، فَيُخْرِجُ عَنْ الْإِبِلِ السِّمَانِ سَمِينَةً، وَعَنْ الْهُزَالِ هَزِيلَةً، وَعَنْ الْكَرَائِمِ كَرِيمَةً، وَعَنْ اللِّئَامِ لَئِيمَةً، فَإِنْ كَانَتْ مِرَاضًا أَخْرَجَ شَاةً صَحِيحَةً عَلَى قَدْرِ الْمَالِ، فَيُقَالُ لَهُ: لَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ صِحَاحًا كَمْ كَانَتْ قِيمَتُهَا وَقِيمَةُ الشَّاةِ؟ فَيُقَالُ: قِيمَةُ الْإِبِلِ مِائَةٌ وَقِيمَةُ الشَّاةِ خَمْسَةٌ، فَيَنْقُصُ مِنْ قِيمَتِهَا قَدْرُ مَا نَقَصَتْ الْإِبِلُ، فَإِذَا نَقَصَتْ الْإِبِلُ خُمْسَ قِيمَتِهَا وَجَبَ شَاةٌ قِيمَتُهَا أَرْبَعَةٌ. وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ شَاةٌ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْقِيمَةِ.
وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَا تُجْزِئُهُ مَرِيضَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَلَيْسَ كُلُّهُ مِرَاضًا، فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ اجْتِمَاعِ الصِّحَاحِ، وَالْمِرَاضُ لَا تُجْزِئُ فِيهِ إلَّا الصَّحِيحَةُ.
[مَسْأَلَةُ فَإِذَا صَارَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ]
(1697)
مَسْأَلَةٌ: (قَالَ: فَإِذَا صَارَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ) ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ وَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ، إلَى سِتِّينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ إحْدَى
وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ.
وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَالْخَبَرُ الَّذِي رَوَيْنَاهُ مُتَنَاوِلٌ لَهُ. وَابْنَةُ الْمَخَاضِ: الَّتِي لَهَا سَنَةٌ وَقَدْ دَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّهَا قَدْ حَمَلَتْ غَيْرَهَا، وَالْمَاخِضُ الْحَامِلُ، وَلَيْسَ كَوْنُ أُمِّهَا مَاخِضًا شَرْطًا فِيهَا، وَإِنَّمَا ذُكِرَ تَعْرِيفًا لَهَا بِغَالِبِ حَالِهَا، كَتَعْرِيفِهِ الرَّبِيبَةَ بِالْحِجْرِ، وَكَذَلِكَ بِنْتُ لَبُونٍ وَبِنْتُ الْمَخَاضِ أَدْنَى سِنٍّ يُوجَدُ فِي الزَّكَاةِ، وَلَا تَجِبُ إلَّا فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ خَاصَّةً.
وَبِنْتُ اللَّبُونِ: الَّتِي تَمَّتْ لَهَا سَنَتَانِ وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّهَا قَدْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا وَلَهَا لَبَنٌ.
وَالْحِقَّةُ: الَّتِي لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ اسْتَحَقَّتْ أَنْ يَطْرُقَهَا الْفَحْلُ، وَلِهَذَا قَالَ: طَرُوقَةُ الْفَحْلِ. وَاسْتَحَقَّتْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهَا وَتُرْكَبَ. وَالْجَذَعَةُ: الَّتِي لَهَا أَرْبَعُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ، وَقِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَجْذَعُ إذَا سَقَطَتْ سِنُّهَا، وَهِيَ أَعْلَى سِنٍّ تَجِبُ فِي الزَّكَاةِ، وَلَا تَجِبُ إلَّا فِي إحْدَى وَسِتِّينَ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.
وَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَ مَكَانَهَا ثَنِيَّةً جَازَ، وَهِيَ الَّتِي لَهَا خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي السَّادِسَةِ، وَسُمِّيَتْ ثَنِيَّةً، لِأَنَّهَا قَدْ أَلْقَتْ ثَنِيَّتَيْهَا. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَسْنَانِ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ، وَأَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي زِيَادٍ الْكِلَابِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ:" فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ابْنَةُ مَخَاضٍ " أَرَادَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي إبِلِهِ ابْنَةُ مَخَاضٍ أَجْزَأَهُ ابْنُ لَبُونٍ، وَلَا يُجْزِئُهُ مَعَ وُجُودِ ابْنَةِ مَخَاضٍ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ» .
فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ شَرَطَ فِي إخْرَاجِهِ عَدَمَهَا. فَإِنْ اشْتَرَاهَا وَأَخْرَجَهَا جَازَ، وَإِنْ أَرَادَ إخْرَاجَ ابْنِ لَبُونٍ بَعْدَ شِرَائِهَا لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي إبِلِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إبِلِهِ ابْنُ لَبُونٍ، وَأَرَادَ الشِّرَاءَ، لَزِمَهُ شِرَاءُ بِنْتِ مَخَاضٍ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُجْزِئْهُ شِرَاءُ ابْنِ لَبُونٍ؛ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَعُمُومِهِ.