الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَوَاءً، وَقِيمَةُ الْمُخْرَجِ مِنْ أَحَدِهِمَا اثْنَا عَشَرَ، وَقِيمَةُ الْمُخْرَجِ مِنْ الْآخَرِ خَمْسَةَ عَشَرَ، أَخْرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَنِصْفٌ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ مَعْزًا، وَالثُّلُثَانِ ضَأْنًا، أَخْرَجَ مَا قِيمَتُهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ ضَأْنًا، وَالثُّلُثَانِ مَعْزًا، أَخْرَجَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ.
وَهَكَذَا لَوْ كَانَ فِي إبِلِهِ عَشْرٌ بَخَاتِيٌّ، وَعَشْرٌ مُهْرِيَّةٌ، وَعَشْرٌ عَرَابِيَّةٌ، وَقِيمَةُ ابْنَةِ الْمَخَاضِ الْبُخْتِيَّةُ ثَلَاثُونَ، وَقِيمَةُ الْمُهْرِيَّةُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَقِيمَةُ الْعَرَابِيَّةِ اثْنَا عَشَرَ، أَخْرَجَ ابْنَةَ مَخَاضٍ قِيمَتُهَا ثُلُثُ قِيمَةِ ابْنَةِ مَخَاضٍ بُخْتِيَّةٍ، وَهُوَ عَشَرَةٌ، وَثُلُثَ قِيمَةِ مُهْرِيَّةٍ ثَمَانِيَةٌ، وَثُلُثَ قِيمَةِ عَرَابِيَّةٍ أَرْبَعَةٌ، فَصَارَ الْجَمِيعُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي أَنْوَاعِ الْبَقَرِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي السِّمَانِ مَعَ الْمَهَازِيلِ، وَالْكِرَامِ مَعَ اللِّئَامِ. فَأَمَّا الصِّحَاحُ مَعَ الْمِرَاضِ، وَالذُّكُورُ مَعَ الْإِنَاثِ، وَالْكِبَارُ مَعَ الصِّغَارِ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ أُنْثَى، عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ، إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ رَبُّ الْمَالِ بِالْفَضْلِ، وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا.
[فَصْلُ أَخْرَجَ عَنْ النِّصَاب مِنْ غَيْر نَوْعه مِمَّا لَيْسَ فِي مَاله مِنْهُ شَيْء]
(1723)
فَصْلٌ: فَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ النِّصَابِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ مِمَّا لَيْسَ فِي مَالِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْهُ مِنْ جِنْسِهِ، فَجَازَ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالُ نَوْعَيْنِ، فَأَخْرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا عَنْهُمَا. وَالثَّانِي، لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ، مِنْ غَيْرِ نَوْعِ مَالِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَفَارَقَ مَا إذَا أَخْرَجَ مِنْ أَحَدِ نَوْعَيْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ جَازَ فِرَارًا مِنْ تَشْقِيصِ الْفَرْضِ، وَقَدْ جَوَّزَ الشَّارِعُ الْإِخْرَاجَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فِي قَلِيلِ الْإِبِلِ وَشَاةِ الْجُبْرَانِ لِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
[مَسْأَلَة الْخُلْطَة فِي السَّائِمَة]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَإِنَّ اخْتَلَطَ جَمَاعَةٌ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ، أَوْ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ، وَكَانَ مَرْعَاهُمْ وَمَسْرَحُهُمْ وَمَبِيتُهُمْ وَمُحْلَبُهُمْ وَفَحْلُهُمْ وَاحِدًا، أُخِذَتْ مِنْهُمْ الصَّدَقَةُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْخَلْطَةَ فِي السَّائِمَةِ تَجْعَلُ مَالَ الرَّجُلَيْنِ كَمَالِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ فِي الزَّكَاةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبٌ مَشَاعٌ، مِثْلُ أَنْ يَرِثَا نِصَابًا أَوْ يَشْتَرِيَاهُ، أَوْ يُوهَبَ لَهُمَا، فَيُبْقِيَاهُ بِحَالِهِ، أَوْ خُلْطَةَ أَوْصَافٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمَيَّزًا، فَخَلَطَاهُ، وَاشْتَرَكَا فِي الْأَوْصَافِ الَّتِي نَذْكُرُهَا، وَسَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الشَّرِكَةِ، أَوْ اخْتَلَفَا، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِرَجِلٍ شَاةٌ، وَلِآخَرَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ، أَوْ يَكُونَ لِأَرْبَعِينَ رَجُلًا أَرْبَعُونَ شَاةً، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، نَصَّ عَلَيْهِمَا أَحْمَدُ وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ وَإِسْحَاقَ وَقَالَ مَالِكٌ إنَّمَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ نِصَابٌ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا أَثَرَ لَهَا بِحَالٍ؛ لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ دُونَ النِّصَابِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ، كَمَا لَوْ لَمْ يَخْتَلِطْ بِغَيْرِهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَا فِي نِصَابَيْنِ، أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ، فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» .
وَلَنَا مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ، فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي ذَكَرْنَا أَوَّلَهُ:«لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ". وَلَا يَجِيءُ التَّرَاجُعُ إلَّا عَلَى قَوْلِنَا فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ. وَقَوْلُهُ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ. إنَّمَا يَكُونُ هَذَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ، فَإِنَّ الْوَاحِدَ يَضُمُّ مَالَهُ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ، وَإِنْ كَانَ فِي أَمَاكِنَ، وَهَكَذَا لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ.
وَلِأَنَّ لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرًا فِي تَخْفِيفِ الْمُؤْنَةِ، فَجَازَ أَنْ تُؤَثِّرَ فِي الزَّكَاةِ كَالسَّوْمِ وَالسَّقْيِ، وَقِيَاسُهُمْ مَعَ مُخَالَفَةِ النَّصِّ غَيْرُ مَسْمُوعٍ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ خُلْطَةَ الْأَوْصَافِ يُعْتَبَرُ فِيهَا اشْتِرَاكُهُمْ فِي خَمْسَةِ أَوْصَافٍ: الْمَسْرَحُ، وَالْمَبِيتُ، وَالْمَحْلَبُ، وَالْمَشْرَبُ، وَالْفَحْلُ. قَالَ أَحْمَدُ: الْخَلِيطَانِ أَنْ يَكُونَ رَاعِيهُمَا وَاحِدًا، وَمُرَاحُهُمَا وَاحِدًا، وَشِرْبُهُمَا وَاحِدًا. وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَدُ فِي كَلَامِهِ شَرْطًا سَادِسًا، وَهُوَ الرَّاعِي.
قَالَ الْخِرَقِيِّ: " وَكَانَ مَرْعَاهُمْ وَمَسْرَحُهُمْ وَاحِدًا ". فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَرْعَى الرَّاعِيَ، لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِقَوْلِ أَحْمَدَ، وَلِكَوْنِ الْمَرْعَى هُوَ الْمَسْرَحُ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْمَرْعَى وَالْمَسْرَحُ شَرْطٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَحْمَدُ الْمَسْرَحَ لِيَكُونَ فِيهِ رَاعٍ وَاحِدٌ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، فِي " سُنَنِهِ "، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِي الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي " وَرُوِيَ " الْمَرْعَى ".
وَبِنَحْوٍ مِنْ هَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخُلْطَةِ إلَّا شَرْطَانِ: الرَّاعِي، وَالْمَرْعَى؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:" لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ ". وَالِاجْتِمَاعُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَيُسَمَّى خُلْطَةً، فَاكْتُفِيَ بِهِ. وَلَنَا، قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«وَالْخَلِيطَانِ: مَا اجْتَمَعَا فِي الْحَوْضِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ.» فَإِنَّ قِيلَ: فَلِمَ اعْتَبَرْتُمْ زِيَادَةً عَلَى هَذَا؟ قُلْنَا: هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى بَقِيَّةِ الشَّرَائِطِ، وَإِلْغَاءٌ لِمَا ذَكَرُوهُ، وَلِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ تَأْثِيرًا. فَاعْتُبِرَ كَالْمَرْعَى.
إذَا ثَبَتَ هَذَا فَالْمَبِيتُ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الْمُرَاحُ الَّذِي تَرُوحُ إلَيْهِ الْمَاشِيَةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 6] . وَالْمَسْرَحُ وَالْمَرْعَى وَاحِدٌ، وَهُوَ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ الْمَاشِيَةُ، يُقَالُ: سَرَحَتْ الْغَنَمُ، إذَا مَضَتْ إلَى الْمَرْعَى، وَسَرَحْتهَا، أَيْ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 6] . وَالْمَحْلَبُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُحْلَبُ فِيهِ الْمَاشِيَةُ، يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا، وَلَا يُفْرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِحَلْبِ مَاشِيَتِهِ مَوْضِعًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ خَلْطَ اللَّبَنِ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُرْفِقٍ، بَلْ مَشَقَّةٌ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى قَسْمِ اللَّبَنِ.
وَمَعْنَى كَوْنِ الْفَحْلِ وَاحِدًا، أَنْ لَا تَكُونَ فُحُولَةُ أَحَدِ الْمَالَيْنِ لَا تَطْرُقُ غَيْرَهُ. وَكَذَلِكَ الرَّاعِي، هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لِكُلِّ مَالٍ رَاعٍ، يَنْفَرِدُ بِرِعَايَتِهِ دُونَ الْآخَرِ.