الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَةٌ إذَا فَرَغَ الْغَاسِل مِنْ غَسَلَ الْمَيِّت نَشْفِهِ بِثَوْبِ]
(1516)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيُنَشِّفُهُ بِثَوْبٍ، وَيُجَمِّرُ أَكْفَانَهُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا فَرَغَ الْغَاسِلُ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ، نَشَّفَهُ بِثَوْبِ لِئَلَّا يَبُلَّ أَكْفَانَهُ، وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ:" فَإِذَا فَرَغْتِ مِنْهَا، فَأَلْقِي عَلَيْهَا ثَوْبًا نَظِيفًا ". وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَجَفَّفُوهُ بِثَوْبٍ. وَمَعْنَى تَجْمِيرِ أَكْفَانِهِ تَبْخِيرُهَا بِالْعُودِ، وَهُوَ أَنْ يُتْرَكَ الْعُودُ عَلَى النَّارِ فِي مِجْمَرٍ، ثُمَّ يُبَخَّرُ بِهِ الْكَفَنُ حَتَّى تَعْبَقَ رَائِحَتُهُ، وَيَطِيبَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُرَشَّ عَلَيْهِ مَاءُ الْوَرْدِ، لِتَعْلَقَ الرَّائِحَةُ بِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا جَمَّرْتُمْ الْمَيِّتَ فَجَمِّرُوهُ ثَلَاثًا» وَأَوْصَى أَبُو سَعِيدٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ أَنْ تُجَمَّرَ أَكْفَانُهُمْ بِالْعُودِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يُجَمَّرُ الْمَيِّتُ. وَلِأَنَّ هَذَا عَادَةُ الْحَيِّ عِنْدَ غُسْلِهِ، وَتَجْمِيرِ ثِيَابِهِ، أَنْ يُجَمِّرَ بِالطِّيبِ وَالْعُودِ، فَكَذَلِكَ الْمَيِّتُ.
[مَسْأَلَةٌ يُكَفَّنُ الرَّجُل فِي ثَلَاثِ لَفَائِف بِيض]
(1517)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ، يُدْرَجُ فِيهَا إدْرَاجًا، وَيُجْعَلُ الْحَنُوطُ فِيمَا بَيْنَهَا) الْأَفْضَلُ عِنْدَ إمَامِنَا، رحمه الله، أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْهَا. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْكَفَنِ أَبْيَضَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ. وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبِيضَ، فَإِنَّهُ أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ، وَكَفِّنُوا فِيهِ مَوْتَاكُمْ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُكَفَّنَ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَقَمِيصٍ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ الْمُغَفَّلِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كُفِّنَ فِي قَمِيصِهِ. وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ قَمِيصَهُ، وَكَفَّنَهُ بِهِ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
وَلَنَا، قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها:«كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي كَفَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَائِشَةُ أَقْرَبُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَعْرَفُ بِأَحْوَالِهِ وَلِهَذَا لَمَّا ذُكِرَ لَهَا قَوْلُ النَّاسِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي بُرْدٍ، قَالَتْ: قَدْ أُتِيَ بِالْبُرْدِ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُكَفِّنُوهُ فِيهِ، فَحَفِظَتْ مَا أَغْفَلَهُ غَيْرُهَا. وَقَالَتْ أَيْضًا: «أُدْرِجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حُلَّةٍ يَمَنِيَّةٍ كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ نُزِعَتْ عَنْهُ،