الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَنَا، أَنَّ نِيَّةَ صَلَاةِ الْوَقْتِ قَدْ وُجِدَتْ، وَهِيَ أَرْبَعٌ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ تَرْكُ رَكْعَتَيْنِ رُخْصَةً، فَإِذَا أَسْقَطَ نِيَّةَ التَّرَخُّصِ، صَحَّتْ الصَّلَاةُ بِنِيَّتِهِمَا، وَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَلِأَنَّ الْإِتْمَامَ الْأَصْلُ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ تَرْكُهُ بِشَرْطٍ، فَإِذَا زَالَ الشَّرْطُ عَادَ الْأَصْلُ إلَى حَالِهِ.
[فَصْلٌ إذَا قَصَرَ الْمُسَافِرُ مُعْتَقِدًا لِتَحْرِيمِ الْقَصْرِ]
(1247)
فَصْلٌ: وَإِذَا قَصَرَ الْمُسَافِرُ مُعْتَقِدًا لِتَحْرِيمِ الْقَصْرِ، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ، فَلَمْ يَقَعْ مُجْزِئًا، كَمَنْ صَلَّى يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُحْدِثٌ، وَلِأَنَّ نِيَّةَ التَّقَرُّبِ بِالصَّلَاةِ شَرْطٌ، وَهَذَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَاصٍ، فَلَمْ تَحْصُلُ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ.
[مَسْأَلَة الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ لَا يُقْصَرَانِ]
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ لَا يُقْصَرَانِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ) . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ لَا يُقْصَرَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ، وَأَنَّ الْقَصْرَ إنَّمَا هُوَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ، وَلِأَنَّ الصُّبْحَ رَكْعَتَانِ، فَلَوْ قُصِرَتْ صَارَتْ رَكْعَةً، وَلَيْسَ فِي الصَّلَاةِ رَكْعَةٌ إلَّا الْوَتْرَ، وَالْمَغْرِبُ وِتْرُ النَّهَارِ، فَلَوْ قُصِرَ مِنْهَا رَكْعَةٌ لَمْ تَبْقَ وِتْرًا، وَإِنْ قُصِرَتْ اثْنَتَانِ صَارَتْ رَكْعَةً، فَيَكُونُ إجْحَافًا بِهَا، وَإِسْقَاطًا لَأَكْثَرِهَا.
وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ:«افْتَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، إلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، فَلَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ، فَأَقَامَ بِهَا، وَاِتَّخَذَهَا دَارَ هِجْرَةٍ، زَادَ إلَى كُلِّ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إلَّا صَلَاةَ الْغَدَاةِ؛ لِطُولِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا، وَإِلَّا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ لِلْخُطْبَةِ، وَإِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، فَافْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ إلَّا هَذِهِ الصَّلَاةُ، فَإِذَا سَافَرَ صَلَّى الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ.»
[مَسْأَلَة لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُتِمّ وَيَقْصُرَ كَمَا لَهُ أَنْ يَصُومَ وَيُفْطِرَ]
(1249)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يُتِمَّ وَيَقْصُرَ، كَمَا لَهُ أَنْ يَصُومَ وَيُفْطِرَ) . الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ الْمُسَافِرَ إنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ أَتَمَّ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ تَوَقَّفَ، وَقَالَ: أَنَا أُحِبُّ الْعَافِيَةَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ الْإِتْمَامُ فِي السَّفَرِ: عُثْمَانُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ رضي الله عنهم وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: لَيْسَ لَهُ الْإِتْمَامُ فِي السَّفَرِ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَأَوْجَبَ حَمَّادٌ الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ أَتَمَّ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إنْ كَانَ جَلَسَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ حَتْمٌ، لَا يَصْلُحُ غَيْرُهُمَا.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا فَهُوَ كَمَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ بِدَلِيلِ قَوْلِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. وَرُوِيَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: رَكْعَتَانِ، فَمَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ، وَلِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ يَجُوزُ تَرْكُهُمَا إلَى غَيْرِ بَدَلٍ، فَلَمْ تَجُزْ زِيَادَتُهُمَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ الْمَفْرُوضَتَيْنِ، كَمَا لَوْ زَادَهُمَا عَلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ.
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، كَسَائِرِ الرُّخَصِ. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ:«قُلْت لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] ، فَقَالَ عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ، وَلَيْسَ بِعَزِيمَةٍ، وَأَنَّهَا مَقْصُورَةٌ. وَرَوَى الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:«خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُمْرَةِ رَمَضَانَ، فَأَفْطَرَ وَصُمْت، وَقَصَرَ وَأَتْمَمْت، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَفْطَرْت وَصُمْت، وَقَصَرْت وَأَتْمَمْت. فَقَالَ: أَحْسَنْت» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، فِي " مُسْنَدِهِ ". وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ. وَلِأَنَّهُ لَوْ ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ صَلَّى أَرْبَعًا، وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ، وَالصَّلَاةُ لَا تَزِيدُ بِالِائْتِمَامِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَفِي إجْمَاعِ الْجُمْهُورِ مِنْ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ، فَأَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً أَنْ يَلْزَمَهُ أَرْبَعٌ، دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ، إذْ لَوْ كَانَ فَرْضُهُ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَرْبَعٌ بِحَالٍ.
وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُتِمُّ فِي السَّفَرِ وَيَقْصُرُ» . وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنَّا - أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُسَافِرُ، فَيُتِمُّ بَعْضُنَا، وَيَقْصُرُ بَعْضُنَا، وَيَصُومُ بَعْضُنَا، وَيُفْطِرُ بَعْضُنَا، فَلَا يَعِيبُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، بِدَلِيلِ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ كَانَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ عَلَيْهِ، بِدَلِيلِ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُتِمُّ الصَّلَاةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ
وَأَتَمَّهَا عُثْمَانُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَسَعْدٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ: كَانَتْ عَائِشَةُ وَسَعْدٌ يُوفِيَانِ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ، وَيَصُومَانِ، وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سَعْدٍ، أَنَّهُ أَقَامَ بِعَمَّانَ شَهْرَيْنِ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي أَرْبَعًا. وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: أَقَمْنَا مَعَ سَعْدٍ بِبَعْضِ قُرَى الشَّامِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً يَقْصُرُهَا سَعْدٌ وَنُتِمُّهَا. وَسَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: كُنْت أُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ. فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ.
فَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ: فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ. فَإِنَّمَا أَرَادَتْ أَنَّ ابْتِدَاءَ فَرْضِهَا كَانَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أُتِمَّتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، فَصَارَتْ أَرْبَعًا. وَقَدْ صَرَّحَتْ بِذَلِكَ حِينَ شَرَحَتْ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ تُتِمُّ الصَّلَاةَ، وَلَوْ اعْتَقَدَتْ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ لَمْ تُتِمَّ.
وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ قَوْلِهَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ فَرْضِ الصَّلَاةِ فِي سِنِّ مَنْ يَعْقِلُ الْأَحْكَامَ، وَيَعْرِفُ حَقَائِقَهَا، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، أَوْ كَانَ فَرْضُهَا فِي السَّنَةِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا، فَإِنَّهَا فُرِضَتْ بِمَكَّةَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ حِينَ مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم -
ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَفِي حَدِيثِهِ مَا اُتُّفِقَ عَلَى تَرْكِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَالْخَوْفُ رَكْعَةٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ مَا أَرَادَتْ عَائِشَةُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْفَرْضِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ مَنْ أَتَمَّ بِالْإِعَادَةِ.
وَقَوْلُ عُمَرَ: تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ. أَرَادَ بِهَا تَمَامٌ فِي فَضْلِهَا غَيْرُ نَاقِصَةِ الْفَضِيلَةِ. وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُورَةِ الرَّكَعَاتِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَالْإِجْمَاعُ، إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِرِوَايَتِهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهَا مَقْصُورَةٌ، وَيُشْبِهُ هَذَا مَا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إنِّي وَصَاحِبٌ لِي كُنَّا فِي سَفَرٍ، وَكَانَ صَاحِبِي يَقْصُرُ وَأَنَا أُتِمُّ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنْتَ كُنْت تَقْصُرُ وَصَاحِبُك يُتِمُّ؛ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ،
أَرَادَ أَنَّ فِعْلَهُ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِك. ثُمَّ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ أَصْلَ الْفَرْضِ رَكْعَتَانِ لَمْ يَمْتَنِعْ جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ، وَيُخَالِفُ زِيَادَةَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ زِيَادَتُهُمَا بِحَالٍ. (1250) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْقَصْرُ وَالْفِطْرُ أَعْجَبُ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رحمه الله . أَمَّا الْقَصْرُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِتْمَامَ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلَّذِي قَالَ لَهُ: كُنْت أُتِمُّ الصَّلَاةَ وَصَاحِبِي يَقْصُرُ: أَنْتَ الَّذِي كُنْت تَقْصُرُ وَصَاحِبُك يُتِمُّ. وَشَدَّدَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى مَنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ صَلَاةِ السَّفَرِ، فَقَالَ: رَكْعَتَانِ، فَمَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ: سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ: كَيْفَ صَلَاةُ السَّفَرِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ إمَّا أَنْتُمْ تَتَّبِعُونَ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرْتُكُمْ، وَإِمَّا لَا تَتَّبِعُونَ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ فَلَا أُخْبِرُكُمْ؟ قُلْنَا: فَخَيْرُ مَا اُتُّبِعَ سُنَّةُ نَبِيِّنَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهَا.» رَوَاهُ سَعِيدٌ.
قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ بِشْرٍ. وَلَمَّا بَلَغَ ابْنَ مَسْعُودٍ أَنَّ عُثْمَانَ صَلَّى أَرْبَعًا اسْتَرْجَعَ، وَقَالَ:«صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمْ الطُّرُقُ، وَوَدِدْت أَنَّ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ» . وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَّا الشَّافِعِيَّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، قَالَ: الْإِتْمَامُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَعَدَدًا، وَهُوَ الْأَصْلُ، فَكَانَ أَفْضَلَ، كَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ. وَلَنَا، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدَاوِمُ عَلَى الْقَصْرِ» ، بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَخْبَارِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «صَحِبْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْت أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْت عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ