الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَمَتَى عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ، صَارَ مَا كَانَ فِي يَدِهِ مِلْكًا لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ كَانَا نِصَابًا، أَوْ يَبْلُغُ بِضَمِّهِ إلَى مَا فِي يَدِهِ نِصَابًا، اسْتَأْنَفَ لَهُ حَوْلًا مِنْ حِينِ مَلَكَهُ، وَزَكَّاهُ، كَالْمُسْتَفَادِ سَوَاءً. وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ نُجُومَ كِتَابَتِهِ، وَبَقِيَ فِي يَدِهِ نِصَابٌ، فَقَدْ صَارَ حُرًّا كَامِلَ الْمِلْكِ، فَيَسْتَأْنِفُ الْحَوْلَ مِنْ حِينِ عِتْقِهِ، وَيُزَكِّيه إذَا تَمَّ الْحَوْلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يَحُول عَلَيْهِ الْحَوْل]
(1743)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ) وَرَوَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَاجَهْ، فِي " السُّنَنِ " بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» .
وَهَذَا اللَّفْظُ غَيْرُ مُبْقًى عَلَى عُمُومِهِ، فَإِنَّ الْأَمْوَالَ الزَّكَاتِيَّةَ خَمْسَةٌ: السَّائِمَةُ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَالْأَثْمَانُ؛ وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَقِيَمُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْحَوْلُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ زَكَاتِهَا. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، سِوَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْمُسْتَفَادِ. وَالرَّابِعُ: مَا يُكَالُ وَيُدَّخَرُ مِنْ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، وَالْخَامِسُ: الْمَعْدِنُ. وَهَذَانِ لَا يُعْتَبَرُ لَهُمَا حَوْلٌ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا اُعْتُبِرَ لَهُ الْحَوْلُ وَمَا لَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ، أَنَّ مَا اُعْتُبِرَ لَهُ الْحَوْلُ مَرْصَدٌ لِلنَّمَاءِ، فَالْمَاشِيَةُ مُرْصَدَةٌ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ، وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ مُرْصَدَةٌ لِلرِّبْحِ، وَكَذَا الْأَثْمَانُ، فَاعْتُبِرَ لَهُ الْحَوْلُ؛ فَإِنَّهُ مَظِنَّةُ النَّمَاءِ، لِيَكُونَ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ الرِّبْحِ، فَإِنَّهُ أَسْهَلُ وَأَيْسَرُ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا وَجَبَتْ مُوَاسَاةً، وَلَمْ نَعْتَبِرْ حَقِيقَةَ النَّمَاءِ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِهِ، وَعَدَمِ ضَبْطِهِ، وَلِأَنَّ مَا اُعْتُبِرَتْ مَظِنَّتُهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى حَقِيقَتِهِ، كَالْحُكْمِ مَعَ الْأَسْبَابِ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَكَرَّرُ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ، فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ ضَابِطٍ، كَيْ لَا يُفْضِيَ إلَى تَعَاقُبِ الْوُجُوبِ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ مَرَّاتٍ، فَيَنْفَدَ مَالُ الْمَالِكِ.
أَمَّا الزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ، فَهِيَ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهَا، تَتَكَامَلُ عِنْدَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْهَا، فَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهَا حِينَئِذٍ، ثُمَّ تَعُودُ فِي النَّقْصِ لَا فِي النَّمَاءِ؛ فَلَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ ثَانِيَةٌ، لِعَدَمِ إرْصَادِهَا لِلنَّمَاءِ، وَالْخَارِجُ مِنْ الْمَعْدِنِ مُسْتَفَادٌ خَارِجٌ مِنْ الْأَرْضِ، بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ، إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ كُلِّ حَوْلٍ، لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِلنَّمَاءِ، مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَثْمَانَ قِيَمُ الْأَمْوَالِ، وَرَأْسُ مَالِ التِّجَارَاتِ، وَبِهَذَا تَحْصُلُ الْمُضَارَبَةُ وَالشَّرِكَةُ، وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ لِذَلِكَ، فَكَانَتْ بِأَصْلِهَا وَخِلْقَتِهَا، كَمَالِ التِّجَارَةِ الْمُعَدِّ لَهَا.
(1744)
فَصْلٌ: فَإِنْ اسْتَفَادَ مَالًا مِمَّا يُعْتَبَرُ لَهُ الْحَوْلُ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، وَكَانَ نِصَابًا، أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مِنْ جِنْسِهِ
لَا يَبْلُغُ نِصَابًا، فَبَلَغَ بِالْمُسْتَفَادِ نِصَابًا، انْعَقَدَ عَلَيْهِ حَوْلُ الزَّكَاةِ مِنْ حِينَئِذٍ، فَإِذَا تَمَّ حَوْلٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ، لَمْ يَخْلُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ نَمَائِهِ كَرِبْحِ مَالِ التِّجَارَةِ وَنَتَاجِ السَّائِمَةِ، فَهَذَا يَجِبُ ضَمُّهُ إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ أَصْلِهِ، فَيُعْتَبَرُ حَوْلُهُ بِحَوْلِهِ.
لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ، فَأَشْبَهَ النَّمَاءَ الْمُتَّصِلَ، وَهُوَ زِيَادَةُ قِيمَةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَيَشْمَلُ الْعَبْدَ وَالْجَارِيَةَ. الثَّانِي، أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا عِنْدَهُ، فَهَذَا لَهُ حُكْمُ نَفْسِهِ، لَا يُضَمُّ إلَى مَا عِنْدَهُ فِي حَوْلٍ وَلَا نِصَابٍ، بَلْ إنْ كَانَ نِصَابًا اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا وَزَكَّاهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ. وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهِ حِينَ اسْتَفَادَهُ. قَالَ أَحْمَدُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: يُزَكِّيهِ حِينَ يَسْتَفِيدُهُ. وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُعْطِينَا وَيُزَكِّيه. وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ فِي مَنْ بَاعَ عَبْدَهُ أَوْ دَارِهِ، أَنَّهُ يُزَكِّي الثَّمَنَ حِينَ يَقَعُ فِي يَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ شَهْرٌ يُعْلَمُ، فَيُؤَخِّرَهُ حَتَّى يُزَكِّيَهُ مَعَ مَالِهِ. وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ؛ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهم.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ شُذُوذٌ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَلَا قَالَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي مَنْ بَاعَ دَارِهِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ، إذَا قَبَضَ الْمَالَ يُزَكِّيهِ. وَإِنَّمَا نَرَى أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الدَّرَاهِمَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ، وَصَارَتْ دَيْنًا لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِذَا قَبَضَهُ زَكَّاهُ لِلْحَوْلِ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ، كَسَائِرِ الدُّيُونِ.
وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، فَقَالَ: إذَا كَرَى دَارًا أَوْ عَبْدًا فِي سَنَةٍ بِأَلْفٍ، فَحَصَلَتْ لَهُ الدَّرَاهِمُ وَقَبَضَهَا، زَكَّاهَا إذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، مِنْ حِينِ قَبَضَهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْمُكْتَرِي فَمِنْ يَوْمِ وَجَبَتْ لَهُ فِيهَا الزَّكَاةُ. بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ إذَا وَجَبَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ، زَكَاةٌ مِنْ يَوْمِ وَجَبَ لَهُ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ، أَنْ يَسْتَفِيدَ مَالًا مِنْ جِنْسِ نِصَابٍ عِنْدَهُ، قَدْ انْعَقَدَ عَلَيْهِ حَوْلُ الزَّكَاةِ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ، مَضَى عَلَيْهَا بَعْضُ الْحَوْلِ، فَيَشْتَرِي أَوْ يَتَّهِبُ مِائَةً، فَهَذَا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهِ حَوْلٌ أَيْضًا.
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَضُمُّهُ إلَى مَا عِنْدَهُ فِي الْحَوْلِ، فَيُزَكِّيهِمَا جَمِيعًا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْمَالِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عِوَضًا عَنْ مَالٍ مُزَكًّى؛ لِأَنَّهُ يُضَمُّ إلَى جِنْسِهِ فِي النِّصَابِ، فَوَجَبَ ضَمُّهُ إلَيْهِ فِي الْحَوْلِ كَالنِّتَاجِ، وَلِأَنَّهُ إذَا ضُمَّ
فِي النِّصَابِ وَهُوَ سَبَبٌ، فَضَمُّهُ إلَيْهِ فِي الْحَوْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ أَوْلَى.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، مَضَى عَلَيْهَا نِصْفُ الْحَوْلِ، فَوَهَبَ لَهُ مِائَةٌ أُخْرَى، فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهَا إذَا تَمَّ حَوْلُهَا، بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَلَوْلَا الْمِائَتَانِ مَا وَجَبَ فِيهَا شَيْءٌ، فَإِذَا ضُمَّتْ إلَى الْمِائَتَيْنِ فِي أَصْلِ الْوُجُوبِ فَكَذَلِكَ فِي وَقْتِهِ، وَلِأَنَّ إفْرَادَهُ بِالْحَوْلِ يُفْضِي إلَى تَشْقِيصِ الْوَاجِبِ فِي السَّائِمَةِ، وَاخْتِلَافِ أَوْقَاتِ الْوَاجِبِ، وَالْحَاجَةِ إلَى ضَبْطِ مَوَاقِيتِ التَّمَلُّكِ، وَمَعْرِفَةِ قَدْرِ الْوَاجِبِ فِي كُلِّ جُزْءٍ مَلَكَهُ، وَوُجُوبِ الْقَدْرِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إخْرَاجِهِ، ثُمَّ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ فِي كُلِّ حَوْلٍ وَوَقْتٍ، وَهَذَا حَرَجٌ مَدْفُوعٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] .
وَقَدْ اعْتَبَرَ الشَّرْعُ ذَلِكَ بِإِيجَابِ غَيْرِ الْجِنْسِ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ، وَجَعَلَ الْأَوْقَاصَ فِي السَّائِمَةِ، وَضَمَّ الْأَرْبَاحَ وَالنِّتَاجَ إلَى حَوْلِ أَصْلِهَا مَقْرُونًا بِدَفْعِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِلَّةٌ لِذَلِكَ، فَيَجِبُ تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ إلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ. وَقَالَ مَالِكٌ كَقَوْلِهِ فِي السَّائِمَةِ؛ دَفْعًا لِلتَّشْقِيصِ فِي الْوَاجِبِ، وَكَقَوْلِنَا فِي الْأَثْمَانِ؛ لِعَدَمِ ذَلِكَ فِيهَا. وَلَنَا، حَدِيثُ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. وَرُوِيَ مَرْفُوعًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا أَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَالَ: الْمَوْقُوفُ أَصَحُّ، وَإِنَّمَا رَفَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَعَطَاءٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَالِمٍ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْمُسْتَفَادِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ أَصْلًا، فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ شَرْطًا، كَالْمُسْتَفَادِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَلَا تُشْبِهُ هَذِهِ الْأَمْوَالُ الزُّرُوعَ وَالثِّمَارَ، لِأَنَّهَا تَتَكَامَلُ ثِمَارُهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَلِهَذَا لَا تَتَكَرَّرُ الزَّكَاةُ فِيهَا، وَهَذِهِ نَمَاؤُهَا بِنَقْلِهَا، فَاحْتَاجَتْ إلَى الْحَوْلِ.
وَأَمَّا الْأَرْبَاحُ وَالنِّتَاجُ، فَإِنَّمَا ضُمَّتْ إلَى أَصْلِهَا؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهُ، وَمُتَوَلِّدَةٌ مِنْهُ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ عِلَّةَ ضَمِّهَا، مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْحَرَجِ، فَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ الْأَرْبَاحَ تَكْثُرُ وَتَتَكَرَّرُ فِي الْأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ، وَيَعْسَرُ ضَبْطُهَا، وَكَذَلِكَ النِّتَاجُ، وَقَدْ يُوجَدُ وَلَا يُشْعَرُ بِهِ، فَالْمَشَقَّةُ فِيهِ أَتَمُّ، لِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهِ، بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الْمُسْتَقِلَّةِ، فَإِنَّ الْمِيرَاثَ وَالِاغْتِنَامَ وَالِاتِّهَابَ وَنَحْوَ ذَلِكَ يَنْدُرُ وَلَا يَتَكَرَّرُ، فَلَا يَشُقُّ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنْ شَقَّ فَهُوَ دُونَ الْمَشَقَّةِ فِي الْأَرْبَاحِ وَالنِّتَاجِ، فَيَمْتَنِعُ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ.
وَالْيُسْرُ فِيمَا ذَكَرْنَا أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ التَّأْخِيرِ وَالتَّعْجِيلِ، وَمَا ذَكَرُوهُ