الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَائِشَةُ: إذَا وَضَعْتَ الزَّادَ وَالْمَزَادَ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ. وَكَانَ طَاوُسٌ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى أَرْبَعًا. وَلَنَا، مَا رَوَى أَنَسٌ، قَالَ:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى مَكَّةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ أَحْمَدُ حَدِيثَ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ الرَّابِعَ وَالْخَامِسَ وَالسَّادِسَ وَالسَّابِعَ، وَصَلَّى الْفَجْرَ بِالْأَبْطَحِ يَوْمَ الثَّامِنِ» فَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى إقَامَتِهَا. قَالَ: فَإِذَا أَجْمَعَ أَنْ يُقِيمَ كَمَا أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَصَرَ، وَإِذَا أَجْمَعَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ.
قَالَ الْأَثْرَمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَذْكُرُ حَدِيثَ أَنَسٌ فِي الْإِجْمَاعِ عَلَى الْإِقَامَةِ لِلْمُسَافِرِ. فَقَالَ: هُوَ كَلَامٌ لَيْسَ يَفْقَهُهُ كُلُّ أَحَدٍ. وَقَوْلُهُ: أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَشْرًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِصُبْحِ رَابِعَةٍ وَخَامِسَةٍ وَسَادِسَةٍ وَسَابِعَةٍ. ثُمَّ قَالَ: وَثَامِنَةِ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَتَاسِعَةٍ وَعَاشِرَةٍ. فَإِنَّمَا وَجْهُ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ حَسَبُ مُقَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وَمِنًى، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي غَيْرُ هَذَا.
فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ، وَصَلَاةُ الصُّبْحِ بِهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ تَمَامُ إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً يَقْصُرُ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَامَ إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً يَقْصُرُ، وَهِيَ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي خِلَافِ قَوْلِ مَنْ حَدَّهُ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.
وَقَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ: لَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ مُخَالِفًا فِي الصَّحَابَةِ، غَيْرُ صَحِيحٍ، فَقَدْ ذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِيهِ عَنْهُمْ، وَذَكَرْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَفْسِهِ خِلَافَ مَا حَكَوْهُ عَنْهُ. رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ، وَلَمْ أَجِدْ مَا حَكَوْهُ عَنْهُ فِيهِ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إقَامَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَجْهُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجْمِعْ الْإِقَامَةَ. قَالَ أَحْمَدُ: أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ زَمَنَ الْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ حُنَيْنًا، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ إجْمَاعُ الْمُقَامِ. وَهَذِهِ هِيَ إقَامَتُهُ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ قَصَدَ بَلَدًا بِعَيْنِهِ فَوَصَلَهُ غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بِهِ هَلْ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ]
(1281)
فَصْلٌ: وَمَنْ قَصَدَ بَلَدًا بِعَيْنِهِ، فَوَصَلَهُ غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بِهِ مُدَّةً يَنْقَطِعُ فِيهَا حُكْمُ سَفَرِهِ، فَلَهُ الْقَصْرُ فِيهِ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ لَمْ يُجْمِعْ عَلَى إقَامَةٍ تَزِيدُ عَلَى إقَامَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَا، وَهُوَ أَنْ يَقْدَمَ رَابِعَ ذِي الْحِجَّةِ: فَلَهُ الْقَصْرُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي أَسْفَارِهِ يَقْصُرُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَحِينَ قَدِمَ مَكَّةَ وَأَقَامَ بِهَا مَا أَقَامَ كَانَ يَقْصُرُ فِيهَا، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ عَائِشَةَ وَالْحَسَنِ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَبَيْنَ أَنْ يُرِيدَ بَلَدًا آخَرَ، كَمَا فَعَلَ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.