الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ حِسَانٍ «، أَنَّهُ كَبَّرَ فِي الْعِيدِ سَبْعًا فِي الْأُولَى، وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ.» مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي وَاقِدٍ، وَعَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ قَوِيٍّ وَلَا ضَعِيفٍ خِلَافُ هَذَا، وَهُوَ أَوْلَى مَا عُمِلَ بِهِ. وَحَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَعْرُوفُ عَنْهَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى سَبْعًا وَخَمْسًا سِوَى تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى ضَعِيفٌ، يَرْوِيهِ، أَبُو عَائِشَةَ جَلِيسٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ.
(1415)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي حَالِ تَكْبِيرِهِ حَسَبَ رَفْعِهِمَا مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ: لَا يَرْفَعُهُمَا فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهَا تَكْبِيرَاتٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ؛ فَأَشْبَهَتْ تَكْبِيرَاتِ السُّجُودِ. وَلَنَا، مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ.» قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدْخُلُ فِيهِ هَذَا كُلُّهُ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي الْجِنَازَةِ وَفِي الْعِيدِ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا تَكْبِيرَ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ يَقَعُ طَرَفَاهَا فِي حَالِ الْقِيَامِ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ.
[مَسْأَلَةٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْعِيدِ]
(1416)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَسْتَفْتِحُ فِي أَوَّلِهَا، وَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ، وَإِنْ أَحَبَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهُ وَسَلَّمَ وَإِنْ أَحَبَّ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ. وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ سِوَى التَّكْبِيرَةِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا مِنْ السُّجُودِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ)
قَوْلُهُ: " يَسْتَفْتِحُ ". يَعْنِي يَدْعُو بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ عَقِيبَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، ثُمَّ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ ثُمَّ يَقْرَأُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ الِاسْتِفْتَاحَ بَعْدَ التَّكْبِيرَاتِ.
اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْتَاحَ تَلِيهِ الِاسْتِعَاذَةُ، وَهِيَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَتَعَوَّذُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ؛ لِئَلَّا يَفْصِلَ بَيْنَ الِاسْتِفْتَاحِ وَالِاسْتِعَاذَةِ. وَلَنَا، أَنَّ الِاسْتِفْتَاحَ شُرِعَ لِيَسْتَفْتِحَ بِهِ الصَّلَاةَ، فَكَانَ فِي أَوَّلِهَا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَالِاسْتِعَاذَةُ شُرِعَتْ لِلْقِرَاءَةِ، فَهِيَ تَابِعَةٌ لَهَا، فَتَكُونُ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ بِهَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] .
وَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ.» وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ تَلِي الِاسْتِفْتَاحَ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ، فَلَزِمَ أَنْ يَلِيَهُ مَا يَكُونُ فِي أَوَّلِهَا، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَأَيًّا مَا فَعَلَ كَانَ جَائِزًا.
وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الِاسْتِفْتَاحِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ فَعَلَ هَذَا بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ، فَإِنْ قَالَ مَا ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ قَالَ غَيْرَهُ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. أَوْ مَا شَاءَ مِنْ الذِّكْرِ، فَجَائِزٌ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: يُكَبِّرُ مُتَوَالِيًا، لَا ذِكْرَ بَيْنَهُ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ لَنُقِلَ، كَمَا نُقِلَ التَّكْبِيرُ، وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ مِنْ جِنْسٍ مَسْنُونٍ، فَكَانَ مُتَوَالِيًا، كَالتَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
وَلَنَا، مَا رَوَى عَلْقَمَةُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا مُوسَى، وَحُذَيْفَةَ، خَرَجَ عَلَيْهِمْ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ قَبْلَ الْعِيدِ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُمْ: إنَّ هَذَا الْعِيدَ قَدْ دَنَا، فَكَيْفَ التَّكْبِيرُ فِيهِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ تَبْدَأُ فَتُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً تَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ، وَتَحْمَدُ رَبَّكَ، وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ تَدْعُو وَتُكَبِّرُ، وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَدْعُو وَتُكَبِّرُ، وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَدْعُو وَتُكَبِّرُ، وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَدْعُو وَتُكَبِّرُ، وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَدْعُو وَتُكَبِّرُ، وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَرْكَعُ، ثُمَّ تَقُومُ فَتَقْرَأُ وَتَحْمَدُ رَبَّكَ، وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ تَدْعُو وَتُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَرْكَعُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مُوسَى: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، فِي " سُنَنِهِ "
وَلِأَنَّهَا تَكْبِيرَاتٌ حَالَ الْقِيَامِ فَاسْتُحِبَّ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا ذِكْرٌ، كَتَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ، وَتُفَارِقُ التَّسْبِيحَ، لِأَنَّهُ ذِكْرٌ يَخْفَى وَلَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ. وَقِيَاسُهُمْ مُنْتَقِضٌ بِتَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ.
قَالَ الْقَاضِي: يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِقَدْرِ آيَةٍ، لَا طَوِيلَةٍ وَلَا قَصِيرَةٍ.
وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. (1417) فَصْلٌ: وَالتَّكْبِيرَاتُ وَالذِّكْرُ بَيْنهَا سُنَّةٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا وَلَا سَهْوًا، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، فَإِنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ، وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ، لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ، كَالِاسْتِفْتَاحِ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهَا وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ يَعُودُ إلَى التَّكْبِيرِ.
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي مَحَلِّهِ، فَيَأْتِي بِهِ كَمَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَهَذَا لِأَنَّ مَحَلَّهُ الْقِيَامُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا يَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ وَيُكَبِّرُ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقِرَاءَةَ، لِأَنَّهُ قَطَعَهَا مُتَعَمِّدًا بِذِكْرٍ طَوِيلٍ. وَإِنْ كَانَ الْمَنْسِيُّ شَيْئًا يَسِيرًا احْتَمَلَ