الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدِّهِ، فَمَا دُونَهُ أَوْلَى. فَأَمَّا حَدِيثُ مَعْنٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ ذُنُوبٌ كَثِيرَةٌ، فَأُدِّبَ عَلَى جَمِيعِهَا، أَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْأَخْذُ، أَوْ كَانَ ذَنْبُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى جِنَايَاتٍ أَحَدُهَا: تَزْوِيرُهُ، وَالثَّانِي: أَخْذُهُ لِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، وَالثَّالِثُ: فَتْحُهُ بَابَ هَذِهِ الْحِيلَةِ لِغَيْرِهِ، وَغَيْرُ هَذَا. وَأَمَّا حَدِيثُ النَّجَاشِيِّ، فَإِنَّ عَلِيًّا ضَرَبَهُ الْحَدَّ لِشُرْبِهِ، ثُمَّ عَزَّرَهُ عِشْرِينَ لِفِطْرِهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ بِتَعْزِيرِهِ حَدًّا.
وَقَدْ ذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى هَذَا، وَرَوَى أَنَّ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي رَمَضَانَ يُحَدُّ، ثُمَّ يُعَزَّرُ لِجِنَايَتِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ. وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ، مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى، أَنْ لَا يَبْلُغَ بِنَكَالٍ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَوْطًا.
[فَصْلٌ وَسَائِلُ التَّعْزِيرِ]
(7375)
فَصْلٌ: وَالتَّعْزِيرُ يَكُونُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ وَالتَّوْبِيخِ. وَلَا يَجُوزُ قَطْعُ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا جَرْحُهُ، وَلَا أَخْذُ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ يُقْتَدَى بِهِ؛ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ أَدَبٌ، وَالتَّأْدِيبُ لَا يَكُونُ بِالْإِتْلَافِ.
[فَصْلٌ التَّعْزِيرُ فِيمَا شُرِعَ فِيهِ التَّعْزِيرُ وَاجِبٌ إذَا رَآهُ الْإِمَامُ]
(7376)
فَصْلٌ: وَالتَّعْزِيرُ فِيمَا شُرِعَ فِيهِ التَّعْزِيرُ وَاجِبٌ، إذَا رَآهُ الْإِمَامُ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي لَقِيت امْرَأَةً. فَأَصَبْت مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَطَأَهَا، فَقَالَ:" أَصَلَّيْت مَعَنَا؟ " قَالَ: نَعَمْ. فَتَلَا. عَلَيْهِ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] . وَقَالَ فِي الْأَنْصَارِ: " اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ " وَقَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حُكْمٍ حَكَمَ بِهِ لِلزُّبَيْرِ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِك. فَغَضِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُعَزِّرْهُ عَلَى مَقَالَتِهِ. وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَلَمْ يُعَزِّرْهُ