الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِرُخْصٍ، فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِك، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ، لَوْلَا ذَلِكَ مَا بَاعَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ بَعْدَ الْغَزْوِ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُ لِلْبَيْعِ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَأْخُذَهُ مِنْ عُمَرَ، ثُمَّ يُقِيمَهُ لِلْبَيْعِ فِي الْحَالِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَهُ لِلْبَيْعِ بَعْدَ غَزْوِهِ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ أَحْمَدُ نَحْوًا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ. وَسُئِلَ: مَتَى يَطِيبُ لَهُ الْفَرَسُ؟ قَالَ: إذَا غَزَا عَلَيْهِ. قِيلَ لَهُ: فَإِنَّ الْعَدُوَّ جَاءَنَا فَخَرَجَ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ فِي الطَّلَبِ إلَى خَمْسَةِ فَرَاسِخَ ثُمَّ رَجَعَ.
قَالَ: لَا، حَتَّى يَكُونَ غَزْوٌ. قِيلَ لَهُ: فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: إذَا بَلَغْت وَادِي الْقُرَى، فَشَأْنُك بِهِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، وَرَأَى أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ إذَا غَزَا عَلَيْهِ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمُ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالثَّوْرِيُّ. وَنَحْوُهُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا يَقُولُ: إنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِي مَكَانِهِ.
وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى أَنْ يُنْتَفَعَ بِثَمَنِهِ فِي غَيْرِ سَبِيلِ اللَّهِ، إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ: شَأْنَك بِهِ مَا أَرَدْت. وَلَنَا، حَدِيثُ عُمَرَ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا اشْتَرَطَ مَالِكٌ، فَأَمَّا إذَا قَالَ: هِيَ حَبِيسٌ.
فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْوَقْفِ، وَيَأْتِي شَرْحُ حُكْمِ الْأُضْحِيَّةِ فِي بَابِهَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ (7450) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَرْكَبُ دَوَابَّ السَّبِيلِ فِي حَاجَةٍ، وَيَرْكَبُهَا وَيَسْتَعْمِلُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا يَرْكَبُ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَهَا وَيَعْلِفَهَا، وَأَكْرَهُ سِيَاقَ الرَّمَكِ عَلَى الْفَرَسِ الْحَبِيسِ، وَسَهْمُ الْفَرَسِ الْحَبِيسِ لِمَنْ غَزَا عَلَيْهِ، وَلَا يُبَاعُ الْفَرَسُ الْحَبِيسُ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ، إذَا عَطِبَ يَصِيرُ لِلطَّحْنِ، وَيَصِيرُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ يُنْفَقُ ثَمَنُهُ عَلَى الدَّوَابِّ الْحَبِيسِ. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ فَرَسًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: يُسْتَحَبُّ شِرَاؤُهَا مِنْ غَيْرِ الثَّغْرِ، لِيَكُونَ تَوْسِعَةً عَلَى أَهْلِ الثَّغْرِ فِي الْجَلْبِ.
[مَسْأَلَةٌ لِلْإِمَامِ التَّصَرُّفُ فِي سَبَايَا الْحَرْبِ]
(7451)
مَسْأَلَةٌ وَإِذَا سَبَى الْإِمَامُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ، إنْ رَأَى قَتَلَهُمْ، وَإِنْ رَأَى مَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَطْلَقَهُمْ بِلَا عِوَضٍ، وَإِنْ رَأَى أَطْلَقَهُمْ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ، وَإِنْ رَأَى فَادَى بِهِمْ، وَإِنْ رَأَى اسْتَرَقَّهُمْ، أَيَّ ذَلِكَ رَأَى فِيهِ نِكَايَةً لِلْعَدُوِّ وَحَظًّا لِلْمُسْلِمِينَ فَعَلَ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَنْ أُسِرَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛
أَحَدُهَا، النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ، وَيَصِيرُونَ رَقِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ بِنَفْسِ السَّبْيِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَكَانَ عليه الصلاة والسلام يَسْتَرِقُّهُمْ إذَا سَبَاهُمْ. الثَّانِي، الرِّجَالُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوس الَّذِينَ يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، فَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِمْ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ؛ الْقَتْلُ، وَالْمَنُّ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالْمُفَادَاةُ بِهِمْ، وَاسْتِرْقَاقُهُمْ. الثَّالِثُ، الرِّجَالُ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، فَيَتَخَيَّرُ، الْإِمَامُ فِيهِمْ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ؛ الْقَتْلُ، أَوْ الْمَنُّ، وَالْمُفَادَاةُ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ. وَعَنْ أَحْمَدَ جَوَازُ اسْتِرْقَاقِهِمْ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَبِمَا ذَكَرْنَا فِي أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَعَنْ مَالِكٍ كَمَذْهَبِنَا. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ الْمَنُّ بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ فِعْلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، وَحُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، كَرَاهَةُ قَتْلِ الْأَسْرَى.
وَقَالُوا: لَوْ مَنَّ عَلَيْهِ أَوْ فَادَاهُ كَمَا صُنِعَ بِأُسَارَى بَدْرٍ. وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] . فَخَيَّرَ بَعْدَ الْأَسْرِ بَيْنَ هَذَيْنِ لَا غَيْرُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إنْ شَاءَ ضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّهُمْ، لَا غَيْرُ، وَلَا يَجُوزُ مَنٌّ وَلَا فِدَاءٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] . بَعْدَ قَوْلِهِ: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] . وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعِيَاضُ بْنُ عُقْبَةَ، يَقْتُلَانِ الْأُسَارَى.
وَلَنَا، عَلَى جَوَازِ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] . وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَنَّ عَلَى ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ، وَأَبِي عَزَّةَ الشَّاعِرِ، وَأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَقَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ سَأَلَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى، لَأَطْلَقْتهمْ لَهُ. وَفَادَى أُسَارَى بَدْرٍ، وَكَانُوا ثَلَاثَةً وَسَبْعِينَ رَجُلًا، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِأَرْبَعِمِائَةٍ، وَفَادَى يَوْمَ بَدْرٍ رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ، وَصَاحِبَ الْعَضْبَاءِ بِرَجُلَيْنِ.
وَأَمَّا الْقَتْلُ؛ فَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ رِجَالَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَهُمْ بَيْنَ السِّتِّمِائَةِ وَالسَّبْعِمِائَةِ، وَقَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، صَبْرًا، وَقَتَلَ أَبَا عَزَّةَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهَذِهِ قَصَصٌ عَمَّتْ وَاشْتَهَرَتْ، وَفَعَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّاتٍ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهَا.
وَلِأَنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ
قَدْ تَكُونُ أَصْلَحَ فِي بَعْضِ الْأَسْرَى، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ قُوَّةٌ وَنِكَايَةٌ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَبَقَاؤُهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ
، فَقَتْلُهُ أَصْلَحُ، وَمِنْهُمْ الضَّعِيفُ الَّذِي لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، فَفِدَاؤُهُ أَصْلَحُ، وَمِنْهُمْ حَسَنُ الرَّأْيِ فِي الْمُسْلِمِينَ، يُرْجَى إسْلَامُهُ بِالْمَنِّ عَلَيْهِ، أَوْ مَعُونَتُهُ لِلْمُسْلِمِينَ بِتَخْلِيصِ أَسْرَاهُمْ، وَالدَّفْعِ عَنْهُمْ، فَالْمَنُّ عَلَيْهِ أَصْلَحُ، وَمِنْهُمْ مَنْ